إبحث عن موضوع

قصة وأد

بحكم شغلي كمهندس في شركة مقاولات.. فانا اتعودت اتنقل من محافظة للتانية، لكن المرة دي بقى وقبل ما اتنقل لواحدة من محافظات الصعيد، وده يعني عشان الشركة اللي انا شغال فيها، خدت أراضي هناك والمفروض إنها هتبني عليها مصانع وبيوت، فانا عرفت قبل ما اروح المحافظة دي من مديري في الشغل، إن انا هقعد هناك لشهور، والكلام ده عرفته منه لما جه وقال لي قبل ما اسافر..
-شوف يا بشمهندس معتصم، انت بالرغم من أنك شاب وسنك أصغر من مهندسين كتير شغالين في الشركة، إلا إنك شاطر وذكي وقلبك على الشغل، وكمان عمرك ما اشتغلت في مشروع إلا وبسم الله ما شاء الله يعني طلع من تحت إيدك زي الفل، وعشان كده بقى يا بطل خليني اقولك إن مشروع الصعيد انت هتشتغل على جزء كبيرة منه، وبأذن الله بعد ما تخلصه في المعاد المحدد، هتقدر ترجع القاهرة تاني وكمان تقدر تاخد أجازة لفترو.
لما مديري في الشغل قال لي كده انا ماتضايقتش اوي، عادي يعني.. انا متعود تملي على السفر، بس الحاجة الوحيدة اللي كنت شايل همها هي المكان اللي هقعد فيه طول فترة شغلي في المشروع، وعشان كده وقتها سألته..
-ماشي ياريس، انا ماعنديش أي مشكلة في أنِ اشتغل في المشروع حتى لو من بدايته لنهايته، بس انا في حاجة مهمة اوي بالنسبة لي على الأقل يعني وعاوز اعرفها؛ هو انا هقعد فين طول الفترة دي؟
جاوبني المدير وهو بيبصلي وبيبتسم اوي وكأنه واثق من كل كلمة هيقولها..
-يا راجل ماتقلقش، الشركة واخدة عمارة من خمس أدوار لكل اللي هيشتغلوا في المشروع.
لما المدير قال لي كده اطمنت شوية، لكني برضه كنت قلقان، ماهو معنى كلامه ده إن انا أكيد مش هقعد لوحدي، وهيبقى معايا في المكان اللي هقعد فيه عمال ومهندسين، وعشان كده بقى انا ماكنتش مرتاح اوي، وده ببساطة لأني بحب اكون لوحدي وانا شغال.. يعني تقدر تقول أن انا بحب اقعد لوحدي بالليل مع الرسومات وكوباية الشاي ومابحبش حد يزعجني، لكني بعد ما سمعت كلام المدير قولت بيني وبين نفسي إن انا هحاول اتأقلم مع الناس اللي انا هقعد معاهم، او على الأقل يعني هخليهم يوفروا لي شوية من الهدوء اللي بحب اقعد اشتغل فيه بالليل، لكن في الحقيقة بقى كل كلامي ده ماحصلش، انا بعد ما سافرت واستلمت شغلي في المشروع وكمان استلمت الشقة اللي هقعد فيها، اتفاجأت بأنها هتبقى شقة مشتركة ما بيني وما بين ٣ مهندسين واربع عمال.. يعني الأوضة اللي انا هنام فيها هيبقى فيها تلاتة غيري، وده لأن الشقة الواحدة أوضتين، وفعلًا اللي عملت حسابه حصل.. انا ماعرفتش اخد راحتي بالليل وانا بشتغل على الرسومات بسبب الدوشة اللي بيعملوها المهندسين او العمال، ولا حتى عرفت انام كويس عشان اعرف اصحى فايق لما انزل للموقع اللي بيتم فيه المشروع.. فعلى طول ومن غير أي تفكير، كلمت مديري في الشغل وقولتله إن انا مش واخد راحتي وإن انا عاوز اقعد في مكان لوحدي طول الفترة اللي هشتغل فيها في المشروع، حتى لو هاخد المكان ده على حسابي مش على حساب الشركة، ولأن مديري راجل جميل بصراحة وبيحبني، فهو وافق وقال لي إنه هيخلي حد من المقاولين او السماسرة اللي في البلد يأجرلي بيت في مكان هادي وبسعر كويس لمدة كام شهر، وده طبعًا هيكون على حسابي.. مش على حساب الشركة.
واللي المدير قال عليه حصل، بعد يومين بالظبط من مكالمتي معاه، جالي واحد من السماسرة اللي في البلد بعد ما نائب مدير المشروع كلمه بُناءًا على تعليمات المدير.. والراجل بصراحة كان شخص محترم جدًا، خدني معاه وروحنا شوفنا بيت في مكان هادي في أخر البلد، البيت ده كان من دور واحد، قبله في بيوت كتير، وبعده حتة أرض صحرا!
المكان كان مناسب اوي بالنسبة لي، وكمان سعر إيجاره كان يعتبر ملاليم، فوافقت على طول وكتبت عقد الإيجار وبعد كده روحت السكن لميت حاجتي واللوح بتاعتي والرسومات اللي انا شغال عليها واتنقلت للبيت، وشهادة لله يعني البيت كان نضيف وكمان قلبي كان مطمن كده وانا قاعد فيه.
بعدها استمرت حياتي في البيت لمدة كام يوم زي الفل، بالنهار بكون في الموقع وبتيجي ست طيبة كده تنضفلي البيت وانا مش موجود، وبالليل بكون قاعد في الجو الهادي عشان اشتغل على الرسومات الفنية بتاعت المشروع، لكن هنقول ايه، دوام الحال من المحال.. انا من بعد ما عيشت في البيت كام يوم كويسين والحياة كانت هادية وجميلة، كل ده اتغير تمامًا لما في الليلة وانا قاعد شغال على لوحة قدامي وجنبي كوباية الشاي، فجأة ومن غير أي سابق أنذار سمعت من برة البيت صوت طفل رضيع بيعيط!
استغربت بصراحة من الصوت وخصوصًا إن المنطقة هادية جدًا وتقريبًا دي كانت اول مرة اسمع فيها صوت حد من وقت ما سكنت، بس الصوت اللي انا سمعته ماكنش صوت أي حد، ده صوت طفل رضيع عمال يعيط بصوت عالي اوي؛ لدرجة إن صوت عياطه كان مستفز اوي، وقتها قومت بسرعة وروحت ناحية باب البيت اللي بمجرد ما فتحته الصوت بقى أبعد، يعني تقدر تقول إن الطفل اللي بيعيط او بيزن ده كان قصاد الباب بالظبط، واول ما فتحت.. الطفل ده مشي وراح عند الأرض الفاضية اللي جنب البيت!
بصراحة كان شيء غريب ومالوش أي تفسير، انا فضلت واقف لمدة دقايق قصاد باب البيت وانا باصص على الأرض الفاضية اللي جاي منها صوت الطفل، مسحت المكان بعيني كويس لكني مالقتش حد، الأرض كانت فاضية تمامًا ومافيهاش لا طفل ولا أي حد!
الله.. طب الصوت ده جاي منين او ايه سببه؟
وقفت مستغرب وانا بسأل نفسي، هل اروح ابص في الأرض وادور كويس، ولا اقفل بابي عليا واكمل شغلي وماشغلش بالي باللي بيحصل برة؟
وفي الحقيقة مالحقتش افكر كتير... انا اتصرفت بتلقائية اول ما سمعت من عند حتة الارض دي ومع صوت عياط الطفل، صوت نباح كلاب مرعب اوي اوي.. صوت كان بيدل على أن الكلاب اللي بتنبح دي كلاب مسعورة او بتاكل حد، وانا من الأخر كده بترعب من الكلاب اساسًا، فبسرعة ومن غير أي تفكير، دخلت البيت وقفلت الباب ورايا ورجعت قعدت مكاني جري، حاولت استعيذ بالله عشان اكمل شغل لكني ماعرفتش لسببين؛ أولهم القلق والتوتر اللي حسيت بيه بسبب الموقف اللي اتعرضتله، وتانيهم اصوات عياط الطفل والكلاب اللي فضلت مستمرة لحد أذان الفجر تقريبًا، ففضلت قاعد في مكاني وماخرجتش من البيت ولا روحت ناحية الأرض عشان اشوف الكلاب دي بتنبح على ايه او ايه السبب اللي بيخلي الصوت ده يخرج منها.. انا أجبن من كده بكتير، وعشان كده فضلت قاعد في مكاني لحد ما سمعت أذان الفجر ومعاه كان صوت الكلاب وصوت عياط الطفل هو كمان اختفى، ومع اختفاءهم اطمنت شوية وبدأت اروح في النوم عشان اصحى الصبح على صوت رنة المنبه واروح الموقع.
وده كان اول يوم اسمع فيه اصوات او تحصلي فيه حاجات غريبة، لكن الاصوات والحاجات اللي مالهاش تفسير ماوقفتش لحد هنا، انا تاني يوم على طول بعد ما رجعت من الموقع ودخلت خدت دش وقعدت اشتغل، وعلى الساعة ١١ بالليل كده ووقت ما الدنيا كانت هُس هُس، فجأة سمعت برة البيت صوت نباح كلاب.. الصوت كان قريب اوي لدرجة إنك لو كنت قاعد مكاني وسمعته زي ما انا سمعته بالظبط، كنت هتقول إن الكلاب اللي بتنبح دي واقفة قصاد الباب بالظبط!
وقتها الرعب ابتدى يتمكن مني، انا مابخفش من اي حاجة في حياتي قد ما بخاف من الكلاب، صوتها بيرعبني وبيخلي جسمي كله يقشعر حرفيًا، لكن بالرغم من خوفي ورعبي من الصوت اللي كنت سامعه، إلا إنِ جمدت قلبي وروحت بخطوات بطيئة ناحية باب البيت، بصيت من العين السحرية الأول عشان اتأكد إذا كان في كلاب ولا لأ، بس لما بصيت مالقتش حاجة، قصاد البيت ماكنش في كلاب ولا حتى أي حاجة غريبة، إنما المختلف بقى لما بصيت من العين السحرية وقربت من الباب، هو صوت عياط الطفل اللي ابتديت اسمعه!
يتبع
(ده الجزء الأول )
#محمد_شعبان
#وأد
وأد
٢ 

وقتها الرعب ابتدى يتمكن مني، انا مابخفش من اي حاجة في حياتي قد ما بخاف من الكلاب، صوتها بيرعبني وبيخلي جسمي كله يقشعر حرفيًا، لكن بالرغم من خوفي ورعبي من الصوت اللي كنت سامعه، إلا إنِ جمدت قلبي وروحت بخطوات بطيئة ناحية باب البيت، بصيت من العين السحرية الأول عشان اتأكد إذا كان في كلاب ولا لأ، بس لما بصيت مالقتش حاجة، قصاد البيت ماكنش في كلاب ولا حتى أي حاجة غريبة، إنما المختلف بقى لما بصيت من العين السحرية وقربت من الباب، هو صوت عياط الطفل اللي ابتديت اسمعه!
الصوت برضه المرة دي كان معاه نفس صوت الكلاب اللي ابتدى يبعد اول ما قربت من الباب، وزي ما حصل الليلة اللي فاتت حصل برضه في الليلة دي، أصوات الكلاب والطفل فضلوا شغالين من بالليل لحد الفجر، وانا طبعًا لا كان عندي الجراءة إن انا اروح ناحية الارض واشوف الأصوات دي سببها ايه، ولا حتى كان عندي الجراءة إن انا افتح الباب زي ما حصل في الليلة اللي فاتت، انا دخلت ليلتها البيت وفضلت قاعد فيه وانا بحاول اجمع تركيزي عشان اكمل شغلي.. بس انا كنت هكمل ازاي والأصوات لسه مستمرة؟.. فعشان اطمن نفسي واحاول اخرج من مود القلق والرعب اللي انا فيه، شغلت الراديو اللي كان معايا على إذاعة القرأن الكريم وعليته شوية، وقتها الأصوات حسيت إن هي قَلت، هي ماسكتتش خالص.. هي بس بقت اوطى، او تقدر تقول كده إنها بقت أبعد عن ما كانت.
كملت شغلي ليلتها وكالعادة نمت على الكنبة اللي في صالون البيت لحد الصبح، وكالعادة برضه مع طلوع النهار، المنبه رَن في المعاد اللي دايمًا بظبطه عليه، عشان اصحى والبس هدومي واروح الموقع... لكن يومها لما روحت الموقع ماكنتش مركز، وده ببساطة لأنِ كان بقالي يومين مابنامش كويس، ولما سألني واحد من المهندسين عن سبب شكلي المرهق وقلة تركيزي، حكيتله على اللي بيحصل معايا بقاله يومين، فضل يسمعني بتركيز لحد ما خلصت كلامي وبعد كده قال لي..
-شوف يا بشمهندس معتصم، الصعيد مليان بلاوي، والأراضي الفاضية عمومًا يعني في أي مكان، ممكن تكون مسكونة بأشباح او جن.. وعشان كده نصيحتي ليك إنك ماتهتمش بأي حاجة تسمعها، انت كل يوم بالليل تقفل بابك على نفسك بالترباس وتشغل إذاعة القرأن الكريم وتعليها، وبأذن الله مش هتسمع حاجة تاني، واياك يا بشمهندس.. اياك تخرج ورا أي صوت تسمعه بالليل، جايز يكون جن ولا عفريت وبسببه ممكن لا قدر الله تشوف حاجة انت ماتحبش او تشوفها، او جايز كمان تكون أصوات الكلاب دي، أصوات كلاب مسعورة عادي يعني وعايشة في الارض المهجورة، بس ممكن لما تروح ناحيتهم تتعرض منهم للعض او ممكن مثلًا يطلع عليك حد من المطاريد او الحرامية.. فانا نصيحتي ليك إنك لا تهتم بالأصوات، ولا تهتم بأي حاجة تحصل برة بيتك، خليك في مكانك وشغل قرأن زي ما عملت بس ابقى عليه شوية، وبأذن الله لما تعمل كدخ مش هتشوف ولا هتسمع حاجة.
وفعلًا كلام البشمهندس زميلي كان واقعي وعقلاني جدًا، فعشان كده اول ما روحت البيت، قفلت الباب على نفسي من جوة وشغلت إذاعة القرأن الكريم ودخلت خدت دش وبعد كده خرجت اتعشيت وعملتلي كوباية شاي وقعدت اشتغل زي كل يوم، اشتغلت حوالي تلات ساعات وانا مشغل الراديو جنبي ومعليه، لكن فجأة ووسط ما انا مركز مع صوت القرأن وسرحان في الشغل اللي في إيدي، فجأة صوت الراديو ابتدى يوش وكأنه باظ، سيبت اللي في إيدي ومسكت الراديو وابتديت اخبط عليه، مرة والتانية والتالتة لحد ما سكت خالص، ركنته جنبي واول ما جيت اكمل شغل تاني، طلع من الراديو نفس صوت الكلاب اللي انا بسمعه، ومعاه نفس صوت الطفل اللي بيعيط!
لما حصل كده.. بعدت عن الراديو وانا خايف منه.. ده ده.. ده زي ما يكون الراديو بينقل الأصوات اللي برة البيت!
حاولت اقرا قرأن او اقول أي أية من الايات اللي انا حافظها، لكني قبل ما اقول اي حاجة، فجأة سمعت خبط قوي على الباب وكأن في حد هيكسره عليا من برة!
وقفت في مكاني وانا رجليا شايلاني بالعافية، تخيل لما تبقى واقف في بيتك وقصادك راديو خارج منه أصوات كلاب وطفل بيعيط، وقصادك على الناحية التانية باب البيت اللي في حد بيخبط عليه بكل قوة وكأنه هيكسره عليك، تخيل لو انت مكاني هتعمل ايه، هل هتروح ناحية الراديو وتمسكه تكسره عشان يسكت، ولا هتروح تفتح الباب وتشوف مين اللي بيرزع عليه بالشكل ده؟
في الحقيقة انا مالحقتش اعمل اي حاجة، لا لحقت امسك الراديو ولا لحقت اروح ناحية الباب، ولا حتى لحقت اقرا قرأن، وده ببساطة لأن وسط الضغط ده كله، فجأة وبدون أي مقدمات نور البيت كل اتقطع، ومع قطع النور، سمعت صوت باب الشقة بيتفتح بالراحة وبصوت مزعج اوي عشان اشوف قصاد البيت بالظبط المكان متبدل.. ده مش المكان اللي قصاد بيتي، ده زي ما يكون مكان صحراوي جوة حتة الأرض اللي جنب البيت، كان مكان مضلم شوية لكني كنت قادر اشوفه كويس بسبب نور غريب كان متسلط عليه، شوفت في المكان ده تلات كلاب بيلفوا حوالين مكان ما في الارض، كان مكان مش متساوي وأعلى شوية من الأرض، وكأن المكان ده كان حفرة وحد ردمها بعشوائية، بحيث إنها بقت أعلى من كل الأرض اللي حواليها، والغريب بقى وسط ده كله هو صوت الكلاب والطفل اللي كانوا قريبين اوي اوي وكنت سامعهم بكل وضوح.. حاولت ابلع ريقي واقرا قرأن وانا واقف متسمر في مكاني بس برضه ماعرفتش.. انا كنت متكتف ولساني معقود، لا انا قادر اتحرك ولا قادر اتكلم ولا حتى قادر ابعد عيني عن المكان اللي قصاد الباب، واستمر الوضع على كده لمدة دقايق، انتهوا بأن انا سمعت صوت الباب وهو بيتقفل بكل قوة ومعاه حسيت بصداع رهيب خلاني غصب عني غمضت عيني!
غمضت لفترة مش عارف قد ايه، فَتحت بعدها لقيت نفسي نايم على المكتب واللوحة اللي كنت شغال عليها قصادي، وجنبي الراديو اللي كان شغال كويس جدًا والنور هو كمان كان شغال، ده حتى باب البيت كان مقفول بالترباس زي ماهو!.. معنى كده إن انا نعست وانا شغال وكل اللي شوفته ده كان مجرد حلم!.. طب حلم من امتى، من اول ما الراديو عطل ولا من أول ما النور اتقطع ولا..!
مالحقتش اسأل نفسي كتير لأني فجأة سمعت صوت الباب بيخبط، اتسمرت في مكاني من الرعب، حسيت إن الدم اتجمد في عروقي وحسيت ببرد غريب!
صوت الخبط على الباب ماكنش قوي زي ما سمعته في الحلم، ده كان صوت خبطات عادية وكأن في حد بيخبط عادي جدًا على الباب، حاولت اتماسك من الخضة اللي كنت فيها وشجعت نفسي وانا بقول بصوت عالي ومهزوز..
-مممين.. ممين اللي على الباب؟
كنت متوقع إن ماحدش يرد عليا او إن اللي يرد عليا مثلًا هو صوت الكلاب او صوت الطفل اللي بيعيط، بس اللي رد عليا كان صوت راجل قال لي بلكنة صعيدية..
-ايوة.. انا جارك اللي ساكن في البيت اللي جنبك على طول.
بلعت ريقي وحمدت ربنا، قومت بسرعة من مكاني وفتحت الباب، كان راجل لابس جلابية وكان شكله مريح إلى حد ما، بصيت له باستغراب وسألته..
-ايوة.. خير؟!
بص لي من فوق لتحت وبعد كده بص جوة البيت..
-يا مراحب، سمعت إنك بشمهندس من مصر ولسه مأجر البيت جديد.
رديت عليه وانا لسه برضه باصص له باستغراب..
-ايوة.. ده صحيح، بس خير يعني.. حضرتك عمال تبص جوة البيت وكأن في مصيبة جوة، هو في حاجة؟!
جاوبني وهو بيبصلي بثبات..
-يا بشمهندس احنا مش عارفين ننام، الصوت اللي بيطلع كل ليلة من عندك من البيت، بيقلقنا بصراحة لأنه بيبقى عالي اوي.
لما قال لي كده، بصيت جوة البيت وقولتله وانا ببص على الراديو..
-تقصد صوت القرأن يعني.. حاضر هبقى اوطيه، حاجة تانية؟!
لكنه بص لي باستغراب وبقلق..
-قرأن ايه.. انا اقصد صوت الكلاب والعيل اللي بيعيط، هو انت معاك عيال جوة؟!
بصيت له بنظرة مليانة خوف وقلق وانا ببلع ريقي بصعوبة..
-لا ماعنديش عيال ولا حتى عندي كلاب، انا عايش لوحدي، بس انا فعلًا زيك.. انا كمان بسمع صوت كلاب ومعاهم صوت طفل صغير بيبكي، بس انا بسمع الأصوات دي من حتة الأرض الفاضية اللي جنب البيت.
سكت الراجل ومابقاش عارف يقول لي ايه، شوفت وقتها في عينيه نظرة معناها إنه مش مصدقني او إنه شايفني بكدب عليه عشان اخبي مصيبة انا بعملها، وقتها خرجت ووقفت قصاد باب البيت وهو واقف جنبي، بصيت ناحية الأرض وساعتها شوفتهم، تلات كلاب.. نفس التلات كلاب اللي شوفتهم في الحلم، كانوا عمالين يلفوا حوالين مكان ما في الأرض وهم ساكتين، بصيت للراجل وشاورتله عليهم..
-هم دول اللي بيطلع منهم الصوت ده، اما عن صوت الطفل، فانا ماعرفش ايه سببه ولا حتى اعرف عنه اي حاجة، انا مش من هنا والمفروض إن انا قاعد في حالي ولوحدي في مكان هادي زي ده عشان اعرف اشوف شغلي، بس من بعد ما خدت البيت ده بأيام وانا حياتي مش مظبوطة، لا عارف اشتغل ولا عارف اعمل اي حاجة بسبب الاصوات اللي بسمعها كل ليلة وانت فاكرها خارجة من بيتي، انا حقيقي مش مرتاح.. وحقيقي برضه ماعرفش الاصوات دي سببها ايه، مش جايز يكون مثلًا جن وساكن الأرض دي؟!
قولت الجملة الأخيرة دي بُناءًا على كلام البشمهندس زميلي، ومع نطقي لكلمة جن، الراجل بص لي وبرق وطلع يجري على بيته وهو عمال يستغفر ربنا، كأني مثلًا ساحر او دجال او الجن اللي بتكلم عنهم دول يبقوا قرايبي مثلًا، بعدها واول ما الراجل مشي.. كنت عاوز اروح ناحية الكلاب واشوفهم هم بيلفوا حوالين ايه، لكن انا برضه ماكنش عندي الشجاعة إن انا اروح ناحيتهم بالليل، وعشان كده دخلت البيت وفضلت قاعد فيه لحد ما النهار طلع، ومع ضوء اول شعاع شمس، خرجت من البيت وبصيت ناحية الأرض، حمدت ربنا إن انا مالقتش الكلاب، فاتمشيت بالراحة ناحية المكان اللي الكلاب كانوا بيلفوا حواليه، ومع وصولي عنده، لاحظت إن الأرض فيه مش متساوية زي ما شوفت في الحلم، الأرض كان بارزة لفوق شوية وكأنها حفرة وفي حد رادمها بطريقة غريبة، ماعرفش في الوقت ده ايه اللي خلاني ابتديت احفر في الأرض، زيحت التراب بإيدي وفضلت ازيح فيه بكل قوة.. حسيت إن في حاجة بتحركني، انا كنت بحفر وكأني كنت متأكد اني هلاقي حاجة، وتأكدي ده كان بيزيد لأني كل ما كنت بحفر كنت بشم ريحة وحشة اوي، وفي وقت ما انا عمال احفر ومن وسط التراب، ظهر طرف لحتة قماش بيضا، فاستمريت في الحفر اكتر واكتر والريحة البشعة عمالة بتزيد لحد ما شوفت اللي خلاني طلعت جري على مركز الشرطة عشان ابلغ عن اللي شوفته، انا شوفت جثة لطفل او طفلة مدفونة في المكان ده، كانت مدفونة وهي متغطية بحاجة كده زي البطاطين اللي بيتلف بيها الأطفال الرضع.
ومع بلاغي للحكومة عن اللي شوفته وبعد ما عرفتهم عليا واديتلهم بطاقتي، جم معايا وشافوا اللي انا شوفته، بعدها اتنقلت من البيت خالص وسيبت المشروع كله ورجعت القاهرة تاني، فضلت فترة الكوابيس مابتفارقنيش وانا ماعرفش كل اللي حصل لي ده حصل ازاي، بس بعدها بفترة عرفت من حد من المهندسين اللي شغالين في المشروع، إن الجثة اللي انا لقيتها دي هي جثة لطفلة صغيرة ابوها ساكن بعيد عن المنطقة خالص، امها مخلفة له ولدين.. ولما جابت له البنت دي، شاف انها عار بحسب معتقاداته يعني، وخلى امها نايمة بالليل وشال البنت وكتم نفسها وموتها، بعد كده راح دفنها في حتة الارض دي قبل ما انا اخد البيت بكام يوم، ولو هتسألني الشرطة عرفت منين.. فانا هقولك من خرزة زرقة ام البنت كانت ملبسهالها واندفنت معاها، ولما الشرطة حققت وسألت عن الخرزة دي، عرفوا إن في ست مبلغة إن بنتها اختفت من بيتها بالليل، وكانت شاكة يعني إنها ممكن تكون اتخطفت من الجن زي ما الاساطير او الحكايات بتقول، او ممكن يكون حرامي خطفها، لكن الأم عمرها ما كانت هتشك في جوزها إلا لما البوليس قبض عليه وبدأ يستجوبه، وساعتها ارتبك وابتدى يتلجلج في الكلام لحد ما في النهاية انهار واعترف بعملته السودة اللي عملها، عملته اللي الله اعلم انا ازاي كنت السبب في كشفها، انا لحد النهاردة وبالرغم من أن الكوابيس خفت كتير عن الاول وبدأت استعيد حياتي الطبيعية من تاني، إلا إني لحد النهاردة مش عارف ليه انا كنت بسمع الاصوات دي، لكنها في النهاية جايز تكون دي علامات من ربنا عشان اكون سبب في كشف الجريمة، ولا جايز دي حاجة تانية مالهاش أي تفسير، الله أعلم.. بس الأكيد إن انا كنت السبب في إن راجل زي ده يتكشف جريمته ويتقدم للمحكمة اللي أكيد هتعدمه على وأد بنته بالشكل البشع ده.
تمت 

#محمد_شعبان
#وأد

ليست هناك تعليقات