إبحث عن موضوع

طمع الطالح

كنت راجع من الجامع بعد صلاة العشاء في ليلة شتاء كلمة تلج دي متوصفش أي حاجة عن برودة الجو ليلتها، كنت ماشي بمحاذاة الترعة اللي بمجرد ما طريقها بيخلص بوصل لبيتنا اللي موجود في مكان متقدرش تقول عليه قرية
 أو أرياف، ولا تقدر تقول عليه مدينة، هو بمعنى بسيط ريف داخل المدينة، مكان فيه اراضي زراعية محفوفة بمباني وعماير وبعض الأبراج السكنية..
 تقدر تقول منطقة غريبة فعلا، وبقت أغرب من الليلة السودا دي..

اول ما وصلت للعمارة اللي أنا ساكن فيها المكونة من 3 طوابق، لقيت واحد خارج زي المجنون من وراها وبيجري بأقصى سرعة عنده، كأنه بيهرب من وَحش ضاري بيطارده وبيحاول يفترسه، فضل يجري وهو بيبص وراه وفجأة توازنه اختل ووقع على الأرض، ومقامش تاني!!!...

من اليوم ده والحياة أصبحت جحيم، كل يوم حد بيموت، او بيت بيتحرق، او طفل بيختفى أو ست بتتجنن، ومع كل يوم جديد بيجي، كل شخص في المكان اللي انا ساكن فيه بيبقى مستنى دوره انه يحصل له حاجة شنيعة سواء بالموت أو الضياع...

بعد ما الراجل وقع على الأرض جريت عليه أشوف مين ده وايه حصله؟.. لما مالقيتش فيه أي نبض وبصيت على ملامح وشه الثابته المذعورة، اتأكدت انه مات، صرخت بأعلى صوت عندي بطلب المساعدة وفعلا الناس اتلمت حواليا في دقايق بسيطة، واللي منزلش فوقف يتفرج في البلكونات والشبابيك، فجأة سكون الليل اتحول لساعة في وسط النهار، وأثناء ما كان كل واحد بيقول كلمته وتخمينه حوالين الشخص الميت اللي مفيش حد اتعرف عليه نهائي، كسر ضجيج الناس صوت واحدة من الجيران بتصرخ وهي بتقول ان فيه حفرة خلف العمارة بتاعتنا وباين كده فيها واحد تاني ميت!!، معظمنا جري بدون تفكير للمكان المذكور، ولقينا فعلا حفرة كبيرة خلف العمارة اللي أنا ساكن فيها، وزي ما الست قالت، لقينا جثة تانية لراجل غريب عن البلد زي الأول بالظبط!!، ميت عنيه مبرقة تكاد تخرج من وشه، وكأنه شاف حاجة مفيش عقل يقدر يستوعبها!!، البلد اتقلب فجأة، والسكون اللي اتعودنا عليه انتهى، واتبدل بضجيج وزحمة محدش عاش فيها قبل كده حتى أثناء النهار، وبما إن الموقف أصبح خارج حدود خيالنا فبلغنا الشرطة، اللي بعد حضور أفرادها إكتشفوا ان الحفرة دي هي مخرج لممر تحت الأرض بيوصل لمنور العمارة اللي أنا ساكن فيها، ولقوا 6 جثث لرجاله داخل الممر والمنور!!!!، وكل الجثث غرباء عن بلدنا، وعلى وشوشهم كلهم نفس علامات الرعب والذعر، ملامحهم جامدة ووشوشهم صفراء، من شئ بشع فاق نطاق خيالهم شافوه قبل موتهم مباشرة!!!...

الشرطة بدأت فترة تحقيق وتحري دامت 3 شهور، قفلت مخارج أثنائهم مخارج ومداخل البلد، انتهوا بدون نتيجة!!، كل اللي حصل ان محدش من سكان البلد كلها خرج براها نهائي او اي غريب او قريب دخلها، وكل اللي الشرطة وصلتله هو حفرتين، واحدة جوه المنور، وواحدة خارج العمارة من الخلف، وممر تحت الأرض بيربط الحفرتين ببعض، وانتهى دور الشرطة لحد كده، ومعاه انتهى أي تخمين منطقي ممكن يفسرلنا سبب موت ال8 أشخاص دول، او هما مين.. في حد مثلا من أهل البلد على صلة بيهم؟، اشمعنا البيت اللي انا ساكن فيه بالذات، وأسئلة كتير ملهاش أي اجابة، ليه ومين وازاي واشمعنا؟، مجرد مهاترات ملهاش أي معنى أو نتيجة!!!...

انسحبت الشرطة بعد آخر محاولة ليها لما حفروا في باطن الأرض لأكتر من 6 متر، كان آخر تخمين لوجود حل ان دول عصابة آثار وجايين يسرقوا مقبرة ما مدفونة تحت البيت، لكن الشرطة ملقتش غير انها كل ما تحفر أكتر مبتلاقيش الا أرض أكتر صلابة، فانسحبوا وقالوا هيكملوا باقي التحقيقات عشان يوصلوا للناس اللي ماتت دي او حد من ذويهم، ومن هنا انتهى دور الشرطة، وابتدى الجحيم!!..

اول ما الشرطة انسحبت وبدأت الحياة ترجع لطبيعتها بدأنا نتناسى اللي حصل، الحياة دايماً مستمرة والنسيان حقيقة ثابتة لإستكمال الحياة، وبعد انسحاب الشرطة بليلة واحدة، البلد كلها انتفضت على صرخة مدوية شقت سكون الليل!، كانت صرخة الست أم ابراهيم اللي شافت جثة الراجل داخل الحفرة، كالعادة الناس اتجمعت داخل شقة أم ابراهيم، ولقيناها واقعة على الأرض بتتشنج في حالة هستيرية، عنيها بيضا بالكامل، وعماله تتكلم بصوت غليظ جدا كأنها راجل مش ست!!، وابنها وجوزها مكتفينها وبرغم قوتهم الا انهم بالكاد قادرين يسيطروا عليها!!، وبعد ما الأمور استقرت والست هديت تماماً وجوزها نقلها لأوضتها بدأ يحكى وقال:

كانت نايمة وقامت من نومها دخلت المطبخ، وخرجت منه معاها سكينة وهجمت عليا عشان تموتني!!، ربنا ألهمني وقدرت اتفادى الضربة، حاولت اكتفها وضربتها بالقلم فصرخت ووقعت في الارض وابراهيم جه جري من اوضته وساعدني نسيطر على حالتها اللي شوفتوها عليها دي من شوية، ومعرفش ده ايه؟ وليه عملت كده؟!، عموماً انا هجيب بكرة الشيخ مرعى امام الجامع يقرأ الرقية الشرعية في البيت، ويحصنه، اللي حصل لها ده فعل جن ومس مش حاجة طبيعية أبداً..

أهل البلد المجتمعين كلهم وافقوا على اقتراح وتخمين ابو ابراهيم، دي قناعتهم اللي مش ممكن تتغير، أي حاجة غريبة هي من فعل الجن، ومفيش أي تفسير علمي ومنطقي نهائي!!، يعني مش حالة نفسية أو صرع او مرض، لا ده جن، ومس شيطاني!!!، في النهاية انا الوحيد اللي عندي رأي مخالف لأراء كل الناس، وبما انه رأي ملوش لازمة في نظرهم فده خلاني أسكت واحتفظ بيه لنفسي وبس، وقولت يمكن يكون جن فعلا وظني يخيب...

في النهاية الناس مشيت وانا معاهم، ورجع السكون يسود البلد من تاني...

 تاني يوم بعد صلاة العشاء، رجعت صرخة ام ابراهيم وشقت سكون الليل، زي اليوم اللي قبله، معظم أهل البلد اتجمعوا داخل شقة أم براهيم، ولقيناها متشنجة على الأرض وعنيها بيضاء بالكامل وبتقول بصوت غليظ مرعب:
البوابة ... البوابة اتفتحت .. والعشيرة حضرتك بالكامل، كل اللي جاي جحيم وموت وخراب..
فضلت تردد الجملة دي كتير جدا، وكل مرة صوتها بيبقى مرعب أكتر، حاول الشيخ مرعي يقابل كلامها انه يعلي صوته بقراءة القرآن، الا انها ساعتها قدرت تقوم من موضعها وتزُق جوزها وابنها اللي كنا فاكرين انهم أحكموا تكتيفها، ورفعت ايدها وضربت الشيخ بالقلم وأثر القلم ده الشيخ نزف دم من بؤقه!!!..

نظرات الذهول والرعب سيطرت على الناس، واللي حصل ده خلاني أرجع في كلامي اللي قولته لنفسي امبارح، واضح فعلا اننا قدام حالة غريبة تفوق خيالنا، واضح اننا بنتعرض لجن او مس شيطاني زي ما أبو ابراهيم قال!!!..

بعد ما تم السيطرة تاني على أم ابراهيم واخماد ثورتها، والشيخ مرعي غسل آثار الدم من على وشه، كلنا مشينا وكل واحد رجع بيته وهو في نفسه أسئلة كتير ملهاش أي اجابة نهائي!!!...

فاتت ليلة تانية غريبة ومخيفة، وعدى اليوم اللي بعده في سلام لحد ما صلاة العشاء خلصت، وأثناء رجوعنا من الجامع، لمحنا نار وحريقة كبيرة!!!، النار بتزيد بطريقة رهيبة، من بعيد، جرينا كلنا عشان نحاول نطفيها وكل واحد فينا مش مصدق اللي عينه شايفاه!!، فضلنا نحاول اخماد الحريق أكتر من 4 ساعات لحد ما قوتنا خارت وضعفت، وساعتها المطافي جت، ومع وصول المطافي النار انطفت ... انطفت لوحدها من غير تدخل المطافي نهائي!!!، وده ساب على ملامحنا استغراب كبير وخوف في قلوبنا أكبر!!!، الناس بقت واقفة بتضرب كف على كف، الشرطة جت وملقتش أي سبب منطقي للحريق اللي حصل في ملحق لأحد بيوت البلد، تقدر تقول عليه المكان اللي أهل البيت ده بيربوا فيه حيواناتهم الأليفة، اللي ماتت كلها للأسف بفعل الحريق!!!..

كالعادة مفيش سبب منطقي لأي شئ بيحصل، لا عندنا ولا عند الشرطة، حاولت أسأل الظابط المسؤول ان كانوا وصلوا لأي حاجة تخص كل الأحداث اللي فاتت وموت 8 أشخاص، لكنه مردش عليا، ونظرات عنيه بتقول:
ان اللي بيحصل ده أغرب من الخيال والعقل!!!..

بعد ساعات من الحيرة كالعادة انفضت الشرطة والناس وكل واحد رجع لبيته او حال سبيله...

ومع كل ليلة جديدة ولمدة أسبوع بعد الحريق كان بيحصل حاجة مخيفة ومريبة، أصاب الزعر أو المس الشيطاني اكتر من سيدة وبنت على نهج أم ابراهيم اللي حالتها أصبحت يرثى لها!!، حصل 3 حرايق، فيه طفلين أختفوا ومحدش عرف هما راحوا فين، و4 رجالة ماتوا منهم أبو ابراهيم اللي ادبح بفعل هجمة من هجمات زوجته عليه لما صابتها نوبة شيطانية من اللي بتجيلها!!..

حالة البلد بقت صعبة جدا، الخوف على ملامح كل الناس طول الوقت، الكل بقى خايف وملتزم بيته عشان ميفقدش حياته أو حياة حد غالي عنده، أما الشرطة فبحثها وتحرياتها نتيجتها دايما لا شئ!!.. 

رجاله البلد اتجمعوا بعدها ما قبل العشاء، اقترح الحاج سمير اقتراح غريب ميقلش غرابة عن الأحداث اللي بيتحصل وقال:

مفيش قدامنا غير اننا نلجأ للشيخ صالح، هو الوحيد اللي هيبقى عنده حل لكل اللي بنشوفه ده...

الكل ارتسمت على ملامحه علامات الاستغراب والمفاجأة وقالوا في نفس واحد:
عايزنا نلجأ لدجال وساحر؟!،.. رد عليهم بسخرية:
خلاص ابقوا حلوها انتوا بقى...

مكنش فيه غير الحل ده!!، مفيش حل منطقي ممكن يتقدم من الأساس لأن اللي بيحصل خارج حدود استيعاب العقل البشري أصلاً .... رجعنا كلنا وافقنا وقولنا للحاج سمير: 
تمام ... نروح للراجل ده يمكن يكون عنده حل..

قال بنبرة إنتصار:

كنت عارف انكوا هتوافقوا وبعتلوا يجي من امبارح وقال جاي النهارده بعد العشاء...

عدت كام ساعة وبعد صلاة العشاء لقينا شخص في آخر الستينات من عمره داخل علينا المسجد، ومش من أهل البلد، ضهره فيه انحناء ووشه مجعد وملامح الزمن راسمة خريطة ليها على ملامحه، قصير القامة ولحيته خفيفة وبيضاء، اول ما الحاج سمير شافه ابتسم وانتفض من مكانه وفضل يقول:
أهلا .. أهلا وسهلا ... يا ألف مرحبا بالشيخ صالح اللي نور بلدنا .. الليلة عيد والله..

كلام مجاملات روتيني قديم لا يرتقى لأكتر من كده، وبعد الترحاب والمجاملة، الشيخ سيد اقترح عليه يستضيفه في بيته لكنه رفض وفضل المكوث في الجامع وسألنا عن اللي بيحصل وحصل وطلب نحكي بالتفصيل، وبناءاً عليه كل واحد حكى اللي شافه لوحده او شافه والكل شاهد عليه وبعد ما خلصنا كلام بدأ الشيخ صالح كلامه وقال:

الموضوع فعلا صعب جدا، انا بمجرد ما دخلت البلد حسيت بقوة غريبة في المكان، وزادت أكتر لما دخلت حيز البيوت والأراضي الزراعية المحيطة بالجامع، وده خلاني أسأل أهل المعرفة عن السبب اللي خلاني أحس بوجود القوة دي، وجات لي الاجابة وانا داخل المسجد..

بص لي وكمل كلامه وهو بيقول:
فيه مقبرة تحت أرض البيت اللي سيادتك ساكن فيه و..

قاطعته وقولت له:
ما الشرطة حفرت ومالقتش حاجة!!..

ابتسم بسخرية وكمل كلامه:
اصبر واسمع..

هي مش مقبرة واحدة، هي مقبرة فرعونية اتبنت بجانب مقابر عشيرة من الجن، وخليني أقولك إن للجن موتى وبيدفنوا زي أي شئ كان حي وبعدها مات بأمر الله، الناس اللي حفروا في منور البيت دول مفيش حد هيقدر يوصل لأي معلومات عنهم، والأشخاص دول دخلوا البلد هنا عن طريق حد موجود في وسطنا هنا، وهو عارف كل اللي بقوله ده كويس بس بيكدب نفسه، وعشيرة الجن دي بتقوم بتضليل الباحثين عنهم، وهتفضل مكملة في أعمالها من موت وحرق وخطف لحد ما تعاهدوهم انكوا مش هتقربوا منهم نهائي، وقدامكوا حل من اتنين:

يا أما تهاجروا وتسيبوا البلد نهائي، او يعني تسيبوا الحيز اللي مبني فوق المقبرة الخاصة بيهم، او اللي ساعد الأشخاص اللي حاولوا الحفر يموت ودمه يبقى هو ميثاق العهد بينهم وبينكوا ويدفن في نفس مكان الحفر...

رديت عليه بسرعة:
نهاجر ازاي؟!، ده فيه 10 عماير في المكان ده .. انت عارف فيه كام أسرة هتفقد بيتها وحتى مش هيعرفوا يبيعوه بسبب ان الأحداث اللي حصلت وبتحصل سمعت في كل مكان!!.. وانت لازم تقول مين اللي ساعد ال8 أشخاص انهم يوصلوا للمكان ده ويحفروا وكان عارف الكارثة دي..

قام الشيخ صالح من موضعه وكلنا قومنا وراه ووقفنا وكمل كلامه وقال:

مقدرش أقول، لإني في الحقيقة معرفش هو مين تحديداً، كل اللي اتقالي من أهل المعرفة انه موجود هنا حالياً، عموماً هو هيظهر هيظهر .... متقلقش..

مشي لحد باب الجامع ووقف وقال وهو مبتسم:
على فكرة الجن هما اللي خفوا المقبرة عن الشرطة، زي ما هما خفوا مقبرتهم، عشان بس محدش يحاول يوصل للمقبرة الفرعونية دي تاني، والشخص اللي كان وما زال بيحاول يعرف ان ده أمر مستحيل يحصل ونتيجته أسوء من اللي بيحصلكوا ده بأضعاف مضاعفة...

وعلى فكرة انا مش دجال ولا حاجة، انا بس ربنا ألهمني بإتصال بأهل المعرفة، وهما اللي بيقولولي بعض من بواطن الأمور...

خلص كلامه وسابنا ومشي، سابنا في حيرة وشك وكل واحد فينا بيبص للتاني وأصابع الاتهام ساكنة عيون وقلب كل شخص فينا، لكن محدش كان عنده جرأة يتهم التاني بحاجة وهو مفيش أي دليل ضده، في الأخير سمعة الشيخ صالح ده سبقاه ومهما قال وحلف فهو هيفضل مُدعي وكداب...

خرجنا من الجامع وكسر الحاج سمير الصمت وقال:

صحيح راجل دجال ... انتوا كان عندكوا حق.. كلام فاضي ومفيش عيل صغير يصدقه أبداً..

ساد الصمت أكتر ومفيش حد عقب على كلام الحاج سمير خالص ومشينا عشان كل واحد يرجع بيته، وساعتها تليفون الحاج سمير رن واول ما فتح ملامح وشه اتبدلت بالكامل ولونه بقى أصفر وباهت، فضل مبلم ومتخشب مطرحه وعنيه مبرقة من أثر المكالمة!!..

لما الخط اتقفل بدأ يبص لكل واحد فينا والدموع بقت فياضة من عنيه وبدأ يصرخ ويقول بحسرة:
ابني اللي اتمنيته سنين من الدنيا مات!!، انا السبب، انا اللي قتلت ابني وجريت ورا وهم ومحفظتش النعمة اللي ربنا ادهالي بعد ما اتمنيت الولد ل35 سنة كاملين وربنا اداني، مشيت ورا الجن والعفاريت والدجل عشان افتح مقبرة فرعونية وفي الآخر ابني اللي اتمنيته من الدنيا مات .. وانا السبب في موته!!..
انا اللي ساعدت ال8 الأغراب على دخول البلد والتنقيب على المقبرة ... أنا السبب .. أنا السبب...

قال كده وهو بيجري من فاجعة خبر موت ابنه وكلنا جرينا وراه في اتجاه بيته، ولما وصلنا لقينا ابنه اللي في سن 10 سنين ميت على سريره وعلى ملامحه خوف وزعر ميتوصفوش بأي كلام نهائي!!!..

اترمى الحاج سمير على الأرض بالقرب من السرير اللي مش عالي عن الأرض كتير وحضن ابنه المتوفى وقال وهو منهار من العياط:

قعدت سنين وسنين مبخلفش ولما خلفت اديني قلبي بيتحسر عليك وانت ميت في حضني!؛، انا السبب في موتك يا ابني سامحني، سامح ابوك اللي جري ورا الدجل والعفاريت وضيعك قبل ما يضيع نفسه. ..

حاولنا نهديه ونقومه، والموضوع كان سهل جدا لأن الراجل كان منهار تماما ومفيهوش أي قوة يقاوم حد، ولما خرجنا لبره قعد وقال:

الشيخ صالح ده أنا كنت متفق معاه على فتح المقبرة، وقال هيساعدنا من غير ما يظهر في الصورة عشان الشرطة عنيها عليه، فجبت أنا الرجالة وبدأنا الحفر، وفي الليلة المشؤومة اختلفنا، وهو وعد انه هيدمر كل حاجة، والنصيب اللي طلبه وشوفناه اكبر من حقه هياخده اضعاف والموت هيكون مصيرنا اللي مفيش مفر منه ..

الراجل ده مش مجرد دجال . .. ده الشيطان بعينه، وانا بعت له يجي وطلبت منه فعلا يجي وينهي كل الخراب اللي بيحصل لنا ده، ويقدم حل نقدر نخرج بيه من اللي وصلناله وخصوصاً انه أخد المقبرة فعلا، وهو اللي خفاها ومفيش مقبرة تابعة لعشيرة جن ولا حاجة، لأنه هو أكتر شر من الجن نفسهم!!، لكنه استعمل خبثه ووقعنا في بعض، هو وافقني وجه فعلا لكني غلطت لما اعتقدت ان واحد زي ده ممكن يبقى ليه كلمة ووعد، وآدي النتيجة، انا السبب في كل حاجة...

اول ما الحاج سمير خلص كلامه قولت في نفسي:
كده كل الأمور اتضحت، والحاج سمير اكيد لو الشرطة حضرت دلوقتي هيعيد نفس الكلام اللي قاله قدامنا ده تاني وهيعترف وبدون تردد اتصلت على الشرطة في نفس اللحظة، وبعد نص ساعة كان الظابط المسؤول ومعاه قوة من القسم في البلد عندنا، وفعلا الحاج سمير عمل زي ما انا توقعت واعترف للظابط على كل شئ، وحكاله كل التفاصيل ...

وبناءاً عليه الظابط أمر قوته انهم يتبعوه لبيت الشيخ صالح، او الدجال الشيطان صالح اللي اسمه عكس أفعاله، وبمجرد ما نزلنا كلنا للشارع وبدأوا يستعدوا انهم يرحوا يقبضوا على الدجال الساحر دهؤ سمعت صوت صرخة مدوية انا عارفه كويس جدا، كان صوت أمي!!..

ولقيتها خارجة من البلكونة بتقول فيه قتيل في المنور!!..

دخلنا نجري على عمارتنا ودخلنا المنور، ووقفنا كلنا في ذهول ورعب ومفاجأة ميتوصفوش، القتيل كان الشيخ صالح!!!!..

ساعتها تعالت ضحكات هستيرية من الحاج سمير وهو بيقول:

اعترافي قتله ... اعترافي نقض العهد وقتله!!، السحر اتقلب على الساحر، وزي ما بدأ اللعنة بدمه نهاها بدمه، الشيطان ملوش عهد، وهو الشيطان بعينه...

الشرطة عملت كاردون حوالين العمارة، ولما سألوا أمي شافت ده ازاي قالت:
انها كانت في البلكونة اللي بتنشر فيها وبتطل على مدخل المنور، وهي بتنشر لقت جثة على الأرض..

ولما استجوبوا الحاج سمير تاني قال:

ان العهد مع للشيطان بيكون بالدم، ولما السر بيتعرف نهاية ده بيكون بالدم برضه، فصالح بدأ تعاونه معاهم بدمائه، وقدم كل قرابين الدم ليهم عشان يساعدوه، بس هو كان عارف ان موتي مش في صالحه، لاني كنت معاونةليه زمان قبل نا يقوى بالشكل ده وسره عندي، وكنت معاون ليه زمان، وحاول يموتني عن طريق انه يوقعني ويكشفني لأهل البلد فيموتوني، لكنه أكيد غلط، هو اه ساحر ودجال بس غلط، اللعنة اللي كان عاملها بالاتفاق مع الجن ملهاش أسس معرفة بموت مين، ومن حظه السئ وحظ أهل البلد الحلو انه المرة دي، قتل اب*ني، وده خلاني افوق لنفسي، وافتش السر، واللعنة تتقلب عليه، وزي ما قال، اللعنة هتنتهي بدم اللي بدأها، في اشارة عليا، لكن في الحقيقة هو اللي بدأ اللعنة مش انا ....

مر النهارده 10 سنين على الحادثة العجيبة المريبة اللي فوق تصور وخيال البشر انهم يعيشوها ويصدقوها، من اليوم ده مبقاش فيه أي حاجة غريبة بتحصل نهائي، الأمور استقرت وبقت أفضل وأفضل، زوجة الحاج سمير هاجرت من البلد واختفت فجأة، والحاج سمير مات في السجن بعد سنة واحدة بس من الليلة اللي اتقبض عليه فيها ومات فيها ابنه...

 عرفنا ان طمع الإنسان ممكن يغمي عنيه عن كل حاجة كويسة ربنا بيقدمهاله ويبقى عايز أكتر وأكتر مهما كان السبيل اللي هيمشيه لتحقيق طمعه، حتى لو وصل بيه الأمر انه مش بس يخسر نفسه لا ده كمان هيخسر ربنا ويكفر يتعاون مع الجن والشياطين لتحقيقه أطماعه!!..

تمت...

"طمع الطالح"

#فهد_حسن

ليست هناك تعليقات