إبحث عن موضوع

قصة بيت نشأت

اللي فاهم إن الجن والأعمال صعب إنهم يأذوا الأنسان او يأثروا على حياته، احب اقول له انه غلطان.. ولما احكي الحكاية اللي هحكيه دي، هتفهم انا ليه بقول كده...
في البداية خليني اقولك إن اسمي مش مهم، يكفي بس إنك تعرف إني شاب من محافظة من محافظات وجه بحري الزراعية، عندي حاليًا ٢٠ سنة... لكن الحكاية بدأت من حوالي ١٦ سنة، وقتها والدي كان بيشتغل في المعمار، يعني كان من العمال اللي بيهدوا أي بيت قديم، او بيبنوا أي بيت جديد.. كنا زي أي أسرة عادية، مستوانا المادي ماكنش أحسن حاجة، لكننا كنا مستورين بسبب شغل ابويا والحمد لله، بس في يوم وليلة كده.. بدأ استقرار العيلة يتلاشى شوية بشوية، او بالتحديد يعني من وقت ما ابويا استلم شغلانة جديدة هو والعمال اللي بيشتغلوا معاه، والشغلانة دي كانت عبارة عن إنهم هيهدوا مبنى قديم في قرية جنبنا، وهيبنوا مكانه عمارة جديدة..
بس قبل ما اكمل واقولك ابويا واللي معاه حصل لهم ايه، خليني اقولك في الأول إن المبنى اللي المفروض كانوا هيهدوه ده.. من قبل ما يهدوه بفترة كبيرة اوي كان بيت عيلة كبيرة؛ والعيلة دي.. كانت عايشة فيه لحد ما كبيرهم مات، وبعد موته على طول، ابتدت ما بينهم الخلافات بقى على تقسيم البيت ودخلوا مع بعض في مشاكل كبيرة اوي بسبب الورث... وفي خلال المشاكل دي، فضل المبنى او البيت اللي كان قديم بالمناسبة يعني، فضل مقفول ومهجور لأن كل واحد منهم سابه وعاش في مكان لوحده من بعد موت الكبير اللي كان مجمعهم..
واستمرت المشاكل ما بين أفراد العيلة دي، لحد ما انتهت باتفاقهم على بيع البيت وتقسيم حقه ما بينهم زي ما شرع ربنا بيقول.. وهنا بقى البيت ده اتعرض للبيع واشتراه مقاول كبير، او بالتحديد يعني، استاذ نشأت المقاول اللي ابويا كان بيشتغل معاه، ف المقاول ده قرر إنه يهد البيت القديم، وبعد كده يبني على حتة الأرض اللي تحته، عمارة جديدة يأجر شققها، وبكده يبقى الراجل استفاد، وفي نفس الوقت كل العمال اللي شغالين معاه هم كمان استفادوا..
ولحد هنا بقى بتنتهي حكاية البيت مؤقتًا، وبنرجع تاني لابويا والعمال زمايله اللي ابتدوا في هدم البيت، واللي من بعده طبعًا كانوا ناويين يحفروا ويرموا الأساس ويبنوا العمارة اللي قولتلك عليها، لكنهم اول ما بدأوا يهدوا البيت، بدأت تحصل لهم حاجات غريبة ومش مفهومة، وبدأت الحاجات الغريبة دي بحاجة حصلت لواحد من العمال بعد ما كانوا بدأوا شغل في البيت بيوم.. او بالظبط يعني في تاني يوم من شغلهم في الهدم.
يومها العامل الشاب ده.. راح لابويا وهم بيفطروا الصبح او قبل ما يبدأوا شغل يعني، وقعد جنبه وقال له وهو باين على ملامحه الأرق والتعب...
-بقولك ايه يا عم طه.. انا مش مرتاح للمرمة دي من أولها، قلبي مقبوض كده وحاسس إن وراها مصيبة.
ساب ابويا الأكل وبص للعامل الشاب ده وقال له..
-مصيبة ايه ياض عبد الغني، ربنا ما يجيب مصايب ولا حاجة، دي بأذن الله هتبقى شغلانة ١٠٠ على ١٠٠.. وبعدين يعني حتى لو البيت اللي احنا بنهده ده كان وراه مشاكل ودم وورث زي ما بنسمع عنه يعني، ف احنا مالناش دعوة، احنا ناس جايين نهد بيت قديم ونبني مكانه مساكن جديدة عشان الناس يعيشوا فيها، تقوم انت بقى قايل لي مصيبة ومش عارف ايه.. يا ابني مالكش دعوة بكلام الناس عن البيت وركز في شغلك وبس، قال مصيبة قال.. جك مصيبة اما تخبطك في نفوخك.
قال له ابويا كلامه ده وهو بيهزر وبيضحك معاه، لكن ملامح عبد الغني ماتغيرتش وفضل قلقان ومتوتر وهو بيرد على ابويا برد غريب..
-لا يا عم طه، انا مش بقول حاسس إن المكان ده فيه مصيبة بسبب كلام الناس لأ.. انا بقول كده لأننا من ساعة ما اشتغلنا فيه وانا عنيا مش قادرة تدوق طعم النوم.
استغرب ابويا من كلام عبد الغني اكتر وقال له وهو بيركز معاه اوي..
-من ساعة ما اشتغلنا فيه!.. يا ابني احنا لسه بادئين شغل من امبارح بس!
ف رد عليه عبد الغني وهو بيبلع ريقه وبيقول له برضه بقلق وبخوف..
-ايوة معاك حق يا عم طه، اهو امبارح ده بقى، او ليلة امبارح يعني.. كانت أسود ليلة عيشتها في حياتي، انا ماعرفتش انام، طول الليل كنت سامع صوت خبط ورزع في بيتي، ولما كنت بخرج من أوضة النوم عشان اشوف ايه اللي بيخبط برة ده، ماكنتش بلاقي حاجة.. وفضل الخبط والرزع شغال لدرجة إني صحيت مراتي عشان تسمع معايا الأصوات اللي كنت سامعها، بس اول ما صحيتها الأصوات دي سكتت.. ولما جت تنام تاني، الأصوات اشتغلت من تاني، وفضلت على الحال المنيل ده طول الليل لحد ما الفجر آذن.. ومع أذان الفجر، قومت اتوضيت وصليت وبعد كده لبست وعديت على عصام اخويا في بيته وجيبته وجينا.
ضحك ابويا بعد كلام عبد الغني وقال له..
-انت يا واد انت اتخبلت ولا جرى في نفوخك حاجة!.. بقى عشان كنت سامع خبط عندك في البيت طول الليل، تقوم قايل إن الشغلانة فيها مصيبة، ما جايز يكون الخبط والرزع ده بسبب قطة ولا فار ولا أي حاجة دخلت البيت بالغلط، وبعدين هو ايه علاقة الأصوات وعدم نومك.. بشغلك في هدم البيت!
وهنا بقى كان رد عبد الغني اللي خلى ابويا ملامحه تتغير من الابتسامة للقلق..
-لا له علاقة، ما انا عايش بقالي سنين في البيت وعمر ما حصل معايا اللي حصل امبارح ده، وكمان اخويا عصام لما حكيتله على قلة نومي واللي كنت بسمعه طول الليل، قال لي إنه هو كمان ماعرفش ينام وإنه حِلم بكوابيس كلها كانت عند البيت المقطوع ده.
بص ابويا لعصام اخو عبد الغني، واللي كان بيشتغل معاهم برضه في نفس المكان وقال له بصوت عالي...
-واد يا عصام.. كوابيس ايه اللي شوفتها امبارح بالليل دي؟!
بصوا كل اللي قاعدين لابويا باستغراب، لكن عصام بقى بص لاخوه وقال له...
-حكيت أوام.. ده انت مابيتبلش في بوقك فولة!
ف رد عليه واحد من اللي قاعدين وسأله..
-كوابيس ايه ياض، هو انت بتحلم زينا؟!
ضحكوا كل اللي قاعدين على كلام الراجل اللي كان اسمه عم عرفة، ماعدا عصام.. عصام اللي وشه اتقلب وساب الأكل اللي كان بياكله وقال لهم بنرفزة..
-اه بحلم يا عم عرفة، بحلم يا عم طه.. وكمان شوفت كوابيس كنت فيها قصاد البيت المشؤوم ده، وقصادي كان في واحدة ست بتحفر وبتدفن قطط ميتة، وبسبب الكوابيس دي ماعرفتش انام، لأني كل ما كنت بغمض عيني.. كنت بشوف نفس اللي بشوفه، واخرتها قومت من النوم وفضلت قاعد لحد الفجر، ارتاحتوا كده يا جدعان؟
كل اللي قاعدين ملامحهم اتبدلت وظهر عليهم القلق، إلا عم عرفة اللي فضل يضحك وهو بيرد على عصام..
-ابقى خف في المحشي قبل ما تنام، وكمان ابقى اتأكد إنك متغطي كويس وانت نايم.. قال قطط ميتة وواحدة ست بتدفنهم قال، كتكوا نيلة جيل مهبب.
سكت عصام واخوه وكمان ابويا وكل اللي قاعدين، ماحدش رد على سخافة عم عرفة وفضلوا كلهم ساكتين لحد ما خلصوا أكل وقاموا يشتغلوا..
اشتغلوا لوقت طويل جدًا لحد ما جه معاد الغدا، وساعتها لموا كلهم فلوس من بعض واتفقوا على إن عصام واخوه هم اللي هيروحوا يجيبوا الأكل.. وفعلًا راحوا سوا زي ما بيعملوا كل حاجة سوا، وبعد عشر دقايق بالظبط، جه راجل غريب ناحية البيت وقال للعمال اللي كانوا بيشتغلوا فيه..
(الحقوا يا عالم.. الجدع اللي شغال معاكوا اللي اسمه عصام، خبطته عربية برة على الطريق العمومي واخوه قاعد عمال يولول جنبه، ولما سألناه هو منين.. قال لنا على إسمه وأسم اخوه وقال لنا كمان إنه بيشتغل معاكوا هنا في هدم البيت ده)
طبعًا كل اللي واقفين أول ما سمعوا الكلام ده، سابوا الشغل اللي في إيديهم وراحوا جري ورا الراجل اللي خدهم للمكان اللي اتخبط عنده عصام.. راحوا كلهم إلا شاب صغير إسمه (محمود) وده خلوه واقف جنب العدة اللي بيهدوا بيها عشان ماتتسرقش..
ولما راحوا وشافوا عصام وهو جثة على الأرض وهدومه مليانة دم، وكمان شافوا اخوه عبد الغني اللي كان قاعد جنبه، شالوه من قدامه وحاولوا يبعدوه عن جثة اخوه عشان يهدى شوية لأنه كان منهار، وبعدها على طول عربية الأسعاف كانت جت، وخدت جثة عصام اللي طبعًا كان مات، لكن وسط ده كله بقى، عبد الغني كان بيقول وهو بيعيط على اخوه اللي العربية فرمته..
(هي الولية اللي شافها في الحلم، هي اللي موتته.. هو قال لي إنه شايفها على الناحية التانية من الشارع وهو بيعدي، البيت ده نجس.. البيت ده نجس.. منه لله اللي جابنا نشتغل فيه.. منه لله)
كانوا كل العمال واقفين بيتفرجوا على حال عبد الغني وهم بيضربوا كف بكف، لحد ما اتدخل ابويا وقال لعم عرفة...
-بقولك ايه يا عرفة، روح انت وناصر للواد محمود وخلوه يلم العدة وشطب النهاردة على كده، وبعد ما تلموا وتقفلوا اليوم وتعدوا على أهل عبد الغني وعصام وتبلغوهم باللي حصل، ابقوا تعالوا لي على المشرحة، ما احنا لازم نقف مع الواد هو وأهله ونستلم معاه جثة اخوه وكمان ندفنه، انت مش شايف شكله عامل ازاي يا ولداه.
هز عم عرفة راسه لابويا، وخد بعضه هو وناصر اللي كان برضه بيشتغل معاهم، وراحوا عشان يلموا العدة مع محمود، اما ابويا بقى، فركب عربية مع عبد الغني وراحوا على المشرحة عشان يستنوا خروج جثة اخوه عصام من هناك، وفي نفس الوقت ده، المفروض إن عم عرفة والاتنين اللي معاه، كانوا هيروحوا يبلغوا أهل عصام باللي حصل له وبعد كده يروحوا على المشرحة، بس الغريب بقى.. إن ابويا وهو واقف مع عبد الغني قصاد باب المشرحة، لقى عم عرفة جاي بيجري عليه وهي هدومه غرقانة دم!
بص له ابويا من فوق لتحت وسأله بلهفة..
-في ايه يا عرفة، ايه الدم اللي على هدومك ده، وبعدين فين أهل عصام!
بلع عم عرفة ريقه وقال لابويا وهو شوية بشوية هيعيط..
-ماروحتش.. ماروحتش لأهل عصام، انا أول ما روحت انا وناصر لمحمود، لقيناه واقع على الأرض ودماغه مفتوحة، الدم كان مالي المكان حواليه، وجنب دماغه بالظبط، لقينا القَدوم اللي كنا سايبينه في الدور التاني للبيت، الظاهر كده إن القدوم اتزحلق ووقع على نفوخه، ف احنا أول ما شوفنا منظره ده، شيلته انا وناصر وجيبناه على المستشفى اللي جنب المشرحة.
أول ما عرفة قال كده، بص له عبد الغني بقرف..
-القَدوم اتزحلق برضه، ولا اللي في البيت هم اللي رموه فوق نفوخه عشان يموتوه!
يتبع
(ده الجزء الأول من قصة بيت نشأت)

بيت نشأت
٢ 
المفروض إن عم عرفة والاتنين اللي معاه، كانوا هيروحوا يبلغوا أهل عصام باللي حصل له وبعد كده يروحوا على المشرحة، بس الغريب بقى.. إن ابويا وهو واقف مع عبد الغني قصاد باب المشرحة، لقى عم عرفة جاي بيجري عليه وهي هدومه غرقانة دم!
بص له ابويا من فوق لتحت وسأله بلهفة..
-في ايه يا عرفة، ايه الدم اللي على هدومك ده، وبعدين فين أهل عصام!
بلع عم عرفة ريقه وقال لابويا وهو شوية بشوية هيعيط..
-ماروحتش.. ماروحتش لأهل عصام، انا أول ما روحت انا وناصر لمحمود، لقيناه واقع على الأرض ودماغه مفتوحة، الدم كان مالي المكان حواليه، وجنب دماغه بالظبط، لقينا القَدوم اللي كنا سايبينه في الدور التاني للبيت، الظاهر كده إن القدوم اتزحلق ووقع على نفوخه، ف احنا أول ما شوفنا منظره ده، شيلته انا وناصر وجيبناه على المستشفى اللي جنب المشرحة.
أول ما عرفة قال كده، بص له عبد الغني بقرف..
-القَدوم اتزحلق برضه، ولا اللي في البيت هم اللي رموه فوق نفوخه عشان يموتوه.
زعق ابويا في عبد الغني..
-رموا ايه ونيلة ايه دلوقتي، خلينا نشوف المصايب اللي نازلة ترف على دماغنا دي.
وكمل كلامه وهو بيبص لعم عرفة..
-طب والواد فين دلوقتي يا عرفة وحالته ايه؟!
قعد عم عرفة على كرسي من الكراسي اللي قدام المشرحة بتعب وهو بيقول لابويا...
-الواد دلوقتي في الرعاية المركزة، الدكاترة بيقولوا إنه هيقعد فيها كام يوم لأن اصابته جامدة وكمان في غيبوبة، انا بعتت ناصر البلد عندنا عشان يبلغ أهل محمود وعصام ويخليهم يجوا لنا على هنا.
حمد ابويا ربنا على إن محمود كان لسه عايش، وبعد كلامهم ده بشوية، جه ناصر ومعاه أهل عصام وعبد الغني، وفي نفس الوقت برضه، أهل محمود كانوا دخلوا له المستشفى عشان يطمننوا عليه.. وبعد ساعات، او بالظبط يعني بعد ما تصريح الدفن طلع والشرطة قبضت على الواد اللي كان سايق العربية اللي خبطت عصام، عبد الغني وأهله وابويا وعم عرفة وناصر، خدوا جثته وراحوا دفنوه وبعد كده راحوا عشان يطمننوا على محمود اللي كان لسه في غيبوبة، واللي عرفوه من كلام الدكتور إن الغيبوبة دي هتطول شوية والله أعلم هيفوق منها امتى.. ف مشيوا وسابوه وراحوا حضروا عزا عصام وبعدين راحوا قعدوا مع المقاول صاحب البيت اللي في أول كلامهم معاه، ابويا اتعصب عليه اوي وهو بيقول له....
-بقولك ايه يا أستاذ نشأت، احنا عملنا اللي علينا لحد كده، شوفلك بقى عمال جداد يكملوا هدم البيت النجس ده ولا تجيب اوناش تهده ولا تعمل اللي تعمله، احنا بالعربي كده مش هنشتغل فيه من تاني.
لكن صاحب البيت بص له باستغراب..
-انت بتقول ايه يا طه، اجيب مين يعني.. هو انا بشتغل مع عمال غيركوا!.. وبعدين يا سيدي لو على الاوناش والجرارت، ف انت عارف إن الشارع بتاع البيت ضيق ومافيش لا نوش ولا جرار ولا أي حاجة تقدر إنها تدخل فيه وتوصل لمكان الهدم من أساسه، استهدوا بالله كده يا رجالة وارجعوا كملوا شغلكوا وانا هزود لكوا اليومية.
لما صاحب البيت قال كلامه ده، اتدخل عم عرفة وقال لابويا ولناصر..
-جرى ايه يا جدعان، ما البشمهندس عداه العيب اهو.. احنا هنروح نكمل شغلنا عادي وبأذن الله ماحدش فينا هيحصل له أي حاجة، وبعدين ما عصام.. أهله خدوا فلوس محترمة من أستاذ نشأت، وكمان لما قضية السواق اللي خبطه تخلص، هياخدوا منه او من أهله هو كمان تعويض، ده غير محمود اللي برضه أهله خدوا مبلغ محترم، ثم إن كل اللي حصل معاهم ده، حوادث.. اه حوادث عادية ممكن تحصل مع أي حد شغال في مهنتنا دي.
اتعصب ابويا اكتر على عرفة..
-حوادث عادية ايه، انت ماسمعتش الواد عصام قبل ما يموت قال لاخوه ايه، وقبلها كان بيقول لنا هو حِلم بإيه، وبعدين لو موضوع عصام ده كان حادثة، تقدر تقول لي بقى القَدوم اللي وقع فوق نفوخ محمود ده وكان هيجيب أجله، كان عبارة عن ايه يا عرفة.. حادثة برضه؟!
هنا اتدخل نشأت وقال لابويا...
-اه حادثة يا عم طه، القَدوم اتزحلق من الدور اللي فوق ووقع على دماغ محمود بالصدفة، ولا انت بقى هتصدق في كلام عصام الله يرحمه عن القطط والست والحاجات الغريبة اللي شافها في كوابيسه دي، يا راجل استهدى بالله كده وشوف أكل عيشك، انت عندك عيال عايز تربيهم باليومية اللي بتاخدها من شغلك.
فكر ابويا في كلام البشمهندس او المقاول نشأت، وبعدها نفذه.. ولو هتسأل نفسك ازاي ينفذه ويرجع الشغل بعد كل اللي حصل ده، ف خليني انا اجاوبك واقولك إن العامل اللي بيشتغل باليومية، ماعندوش رفاهية إنه يقعد من الشغل بالأيام لحد ما يدور على شغلانة تانية وكده.. لأ، العامل بينزل من بيته وبيشقى وبيتعب من أول طلعة النهار لحد المغربية، عشان ياخد يومية محترمة تكفي مصاريف بيته وعياله.. وبسبب حَوجة ابويا للفلوس، رجع هو وعرفة وناصر للبيت من تاني، وابتدوا يكملوا فيه أعمال الهدم، ولأنهم كانوا قليلين، ف عم عرفة جاب معاه ٢ عمال تانيين عشان يساعدوهم، وخليني اقولك برضه إنهم قبل ما يشتغلوا في هدم البيت، اتفقوا إنهم هينجزوا وهيخلصوه بسرعة، وده يعني عشان لو في أي أذى جاي من البيت ولا حاجة، مايطولهمش ويخلصوا قبل ما حد فيهم يجرى له أي حاجة، وعشان كده كلهم قرروا إنهم يفضلوا مطبقين في الشغل لمدة أيام او لحد ما يهدوا البيت خالص..
ومع رجوعهم للشغل من تاني، نهار أول يوم مشي طبيعي جدًا لحد ما الليل جه، ومع دخول الليل عليهم، فرشوا كراتين كبيرة في أرضية الدور الأرضي وناموا عليها مؤقتًا، لحد ما النهار يطلع ويبقوا يكملوا شغلهم.. بس ليلتها أول ما ابويا حط راسه على كرتونه من الكراتين، سمع من الدور الأول صوت واحدة ست بتصَرخ!
قام ابويا مفزوع من مكانه وصحى عم عرفة اللي كان نايم جنبه..
-عرفة.. عرفة.. قوم يا عرفة في مصيبة في الدور اللي فوقينا.
قام عرفة وهو متضايق اوي لأن ابويا صحاه..
-في أيه يا طه، مصيبة أيه بس يا أخي؟!
ركز ابويا وهو بيبص لفوق..
-ششش.. سامع يا عرفة، سامع صوت الولية اللي بتصَرخ فوق بصوت واطي دي؟
سكت عم عرفة وركز هو كمان مع الصوت عشان يرد على ابويا وهو جسمه بيتنفض من الخضة..
-يا وقعة سودة يا طه، ده انا مش بس سامع صوت صراخ المَرة اللي فوق، ده انا كمان سامع صوت خطوات رايحة وجاية فوقينا.
رد عليه ابويا وهو بيشده من دراعه عشان يقومه..
-صدقتني.. صدقتني لما قولتلك إن البيت ده متعفرت وفيه حاجة مش مظبوطة، الواد عصام كان عنده حق، احنا لو قعدنا هنا اكتر من كده هنحصله يا عرفة، قوم يلا نلم العدة وهدومنا ونرجع بيوتنا، احنا عندنا عيال.
قام عرفة بالراحة وهو مخضوض ورجليه مش شايلاه..
-معاك حق، احنا نشتغل الصبح وبس، بياتنا هنا مش نافع، احنا ممكن نتلبس ولا...
قطع كلام عم عرفة صوت ناصر اللي قام من على الكرتونة اللي كان نايم عليها وهو بيصرخ فجأة، وطلع يجري على الدور اللي فوق، ف بسرعة ومن غير أي تفكير، طلع ابويا جري ورا ناصر.. وبمجرد طلوعه على السلم ووصوله لبداية الدور الأول، لمح فجأة بسبب نور القمر.. واحدة ست شكلها أقل حاجة ممكن تتقال عليه إنها شيطانة..
كانت لابسة جلابية سودة مليانة تراب، وشعرها كان منكوش وعينيها كانت سودة وبتنور زي عيون القطط في الضلمة!
اتلجم ابويا في مكانه لثواني، بعدهم رجع لورا بخطوات بطيئة، لكنه بمجرد ما رجع.. حس فجأة بحاجة او بحد بيزقه في صدره بقوة.. ف وقع من على السلم، ووراه على طول وقعت حيطة من الحيطان اللي بتبقى حوالين السلم، او زي ما بيقولوا كده يعني الدرابزين.. وهنا بقى كانت المصيبة الكبيرة لأن حيطة الدرابزين وقعت على رجل ابويا وعجنتها..
صحيوا العمال اللي كانوا نايمين واللي بالمناسبة يعني كان منهم ناصر اللي عم عرفة قال بعد كده إنه ماصحيش ولا جري من الأساس، ايوة.. اللي ابويا وعم عرفة شافوه في الأول ده كان خيالات او تهيؤات.. ماهو الجن او الشياطين، مش بيأذوك أذى مباشر ولا بيموتوك، هم بيصورولك حاجات ماحصلتش عشان تأذي نفسك بيها.. بالظبط زي ما حصل مع ابويا اللي بعد كده رجليه الاتنين اتبتروا بعد ما الدرابزين وقع عليهم وبقى قعيد، وبرضه مع محمود اللي لما فاق من الغيبوبة مابقاش بيتكلم مع حد وبقى تايه في ملكوت الله.. وكمان مع عم عرفة؛ عم عرفة اللي مخه خَف هو كمان وبقى بيكلم نفسه من بعد اللي حصل لحد ما مات، اما بقى عن البيت وعن اللي حصل فيه.. ف من بعد اللي حصل مع ابويا ليلتها، وأعمال الهدم وقفت طبعًا لحد ما نشأت جاب عُمال جداد وهدوا البيت، واللي ابويا عرفه بقى بعد كده.. إن العمال دول في ناس منهم اتأذوا برضه، والأغرب بقى من ده كله إنهم لقوا تحت الأرض بتاعته هياكل عظمية وأعمال وبقايا قطط مدفونة ومتحللة!
لكن خليني اقولك إن في النهاية البيت ده اتهد، وفضل مكانه حتة أرض.. نشأت ماعرفش يبنيها نهائيًا، وده لأنه كل ما كان بيحاول يبنيها، كان بيحصل له هو أو أي حد من أهله أي حاجة.. يعني ساعات كان بيتعب، وساعات مراته كانت بتحصل لها تشنجات، وده كل ما كان بيحاول يرمي الأساس او يبني العمارة على الأرض، وعشان كده بقى وبعد ما اقتنع بأن الأرض هي السبب في كل البلاوي اللي بتحصل له هو كمان، قرر إنه يسيبها زي ماهي لحد ما البيوت اللي حواليها اتشالت والمكان ده كله الحكومة خدته وبنت مكانه طريق، ومن حسن حظ نشأت إن ده حصل.. لأن الحكومة اديتله مقابل للأرض.. الأرض اللي لولا الطريق اللي اتعمل عليها، كانت هتفضل زي ماهي، لا منه عارف يبنيها ولا منه حتى عارف يبيعها بسبب السمعة اللي طالعة عليها من زمان.. ومن عند السُمعة اللي كانت طالعة على الأرض بقى، ف انا اقدر اجاوبك على السؤال اللي محيرك من وقت ما سمعت الحكاية.. مين الست اللي عصام وابويا شافوها دي، وايه علاقتها بالقطط اللي لقوها مدفونة تحت الأرض؟.. انا هقولك...
الست دي يا سيدي في ناس بيقولوا إنها دجالة جت ودفنت أعمال تحت البيت وقت ما كان في عليه مشاكل وكده عشان تأذي حد من العيلة الأصلية اللي كانت بتمتلك البيت، وفي ناس تانية بتقول إن الست دي واحدة دجالة برضه، لكنها مالهاش علاقة باللي كان بيحصل من مشاكل على البيت.. وإنها بس مجرد واحدة مشعوذة ودجالة.. لقت بيت مهجور، ف استغلته وبقت بتدفن جثث قطط وأعمال تحته، بس الناس اللي بيقولوا كده.. بيقولوا إنهم شافوها بالليل وماقدروش يمسكوها ولا حتى قدروا يعرفوا هي مين..
ولحد هنا الحكاية بتخلص، وابويا من وقتها وهو قعيد، وعمي الله يباركله هو اللي كان بيصرف علينا لحد ما انا واخواتي شدينا حيلنا ونزلنا اشتغلنا وبقينا بنشيل مصاريف ابويا ومصاريف البيت.. وصدقني... انا ماكدبتش عليك في ولا كلمة من اللي حكتها، وكل اللي انا بتمناه منك لما تسمع او تقرا الحكاية دي، هو إنك تدعي لابويا بالصبر على البلاء وتدعيلنا بالرزق الحلال من رب العباد عز وجل، وكمان في نفس الوقت.. بتمنى من كل اللي هيقرا الحكاية إنه يدعي من كل قلبه على الدجالة اللي كانت السبب في اللي حصل لعصام ولمحمود ولعم عرفة ولابويا...
تمت
(تلك قصة حقيقية رواها لي أحد المتابعين، ولم أقم بتغيير أي حدث من احداثها، فالقصة كما حدثت، نُقلت لك.. واما عن الدجالة التي دفنت الأعمال وجثث القطط، فلم تُعرف هويتها حتى الأن، وذلك ما يُدعم صدق القصة.. 
محمد_شعبان
بيت_نشأت

ليست هناك تعليقات