إبحث عن موضوع

قصة نصف هلال

مسكت علبة سجايري والولاعة، طلعت سيجارة وولعتها وانا باصص قصادي بشرود، كنت مش موجود؛ روحي مش فيا، عقلي جوة راسي أه.. لكن كل تفكيري واحساسي مش معايا!
فوقت فوقة بسيطة على صوت طه صاحبي...
-ايه يا عم هلال.. دي خامس سيجارة تولعها من وقت ما قعدت معاك، وياترى بقى دي السيجارة الكام اللي تشربها النهاردة؟
خدت نَفس تاني أعمق وخرجته بزهق...
-التلاتين.. او أكتر، مش فاكر اوي!
قام طه وقف وجه قعد جنبي، حط إيده على كتفي وطبطب عليا...
-مش مستاهلة، مافيش حاجة في الدنيا تستاهل إنك تموت نفسك بالبطيء.
دمعت عينيا غصب عني..
-بس دي مش حاجة، دي كانت كل حاجة.. انا عملت كل اللي اقدر عليه، حاولت اصالحها ووقفت على رجلي من تاني، بس هي.. هي برضه مارجعتش!
-رَوق يا صاحبي.. رَوق، أكيد ربنا شايلك الأحسن.
خلصت السيجارة وطفيتها وانا بحاول اطفي معاها ناري وحرقة قلبي...
-الوجع اللي جوايا ماحدش حاسس ولا هيحس بيه غيري، انا بموت يا طه، ومش من وقت ما اتخطبت لأ، انا بموت من وقت ما استوعبت إنها خلاص مابقتش في حياتي، مخي مش قادر يستوعب إنها بسهولة كده طلبت مني الطلاق، وبرضه مش قادر اصدق إنِ يومها طلقتها، ماهو الألم والحزن اللي كنت فيهم بعد الحادثة، خلوني مستني منها إنها تفضل جنبي، وعشان كده بمجرد ما اتخلت عني وطلبت الطلاق، كرامتي وجعتني وطلقتها.. بس الظاهر كده إن ألم ووجع بعدها عني، كانوا أقسى وأكبر بكتير من ألم ووجع كرامتي.
شدني طه من إيدي وقال لي بابتسامة...
-يلا عشان اعزمك على أكلة سمك من اللي بتحبها.
قومت وقفت وبصيت له بحزن...
-لأ.. ماليش نفس، بس انا هنزل معاك عشان عايزك توصلني، انا مش هعرف اسوق وانا في الحالة دي.
قام وقف هو كمان وبص لي باستغراب..
-اوصلك فين؟!
روحت ناحية باب الشقة وفتحته..
-الفرح يا طه.. عايز اروح فرح ابتهال.
قرب مني وحاول يشدني عشان يدخلني الشقة ويقفل الباب..
-انت اتجننت.. فرح ايه اللي عايز تروحه، انت عاوز تجيب لنفسك مصيبة، لا يا هلال.. انا مش هخليك تأذي نفسك ولا تعمل مشكلة مع حد.
شديت دراعي منه ورديت عليه بعصبية...
-مش هتنيل اعمل مشكلة، انا مش هخلي حد يشوفني أساسًا، انا بس عايز اشوفها لأخر مرة قبل ما تتجوز.. عايز اعرف هي فرحانة بالجوازة دي ولا لأ.
حاول طه بعد كده إنه يمنعني، لكني بعد ما أقنعته إنِ مش هعمل مشاكل وإنه هيبقى واقف معايا، وافقني وساق العربية ووداني عند القاعة اللي فيها الفرح.. وهناك.. وقفت بعيد وبصيت عليها، كانت قاعدة جنبه مبسوطة اوي.. عينيها كان فيها لمعة وسعادة عمري ما شوفتهم وهي معايا، ماقدرتش احبس دموعي لما افتكرت كل حاجة كانت مت بيننا من حوالي ٣ سنين..
خطوبتنا، حبنا، تجهيزنا للشقة وبعد كده جوازنا.. الحادثة اللي عملتها بعد الجواز بتلات شهور وخلتني مريض وعاجز لمدة سنة تقريبًا، شكلها وهي بتعيط وبتتخلى عني، وبتطلب مني الطلاق وانا نايم على السرير في المستشفى، دموعي اللي نزلت يومها وانا بطلقها عشان ماوقفتش جنبي.. خروجي من المستشفى ووقوفي على رجليا من تاني، رفضها ليا بعد ما خفيت.. وكمان افتكرت كل ليلة قضيتها لوحدي وانا بحاول انساها، وفي النهاية افتكرت اخر مكالمة جمعت ما بيننا، وقالتلي فيها إنها هتتخطب وهتتجوز وان انا لازم ابعد عن حياتها...
فوقت من توهاني في شريط الذكريات اللي مر قصاد عيني، على ملامحها وهي بتبص للعريس بكل حب، وقتها بصيت لطه وقولتله بكسرة..
-رَوحني يا طه... وصلني لحد البيت وامشي انت.
هز لي راسه وفعلًا وصلني لحد البيت، حاول انه يطلع يقعد معايا لكني رفضت وقولتله إنِ محتاج ابقى لوحدي..
فات على اليوم ده حوالي أسبوع أو أكتر، ماكنتش بخرج من البيت، شغلي في شركتي كنت بديره بالتليفون، حتى الأكل والسجاير والبقالة كنت بطلبهم دليفري، بقيت مُنعزل بشكل انا نفسي ماكنتش اصدقه، لحد ما في يوم، قعدت قصاد اللابتوب وبدأت اقلب في المواقع، وقتها لَفت نظري صورة لشخص شكله مريض مرض شديد اوي، وتحت الصورة بالظبط كان مكتوب الأتي...
(صورة لشاب على مشارف الموت.. ضحية أخرى من ضحايا السحر والأعمال)
عديت الصورة وكنت هكمل تقليب، بس فجأة سرحت لما جت في بالي فكرة!
ابتهال.. وجعتني وكسرت قلبي ودمرت حياتي، انا هعمل لها سحر وهأذيها، بس.. بس لأ... انا بحبها وماقدرش اشوفها وهي بتتأذي، دي لو ماتت ولا جرالها حاجة، انا ممكن اموت وراها، بس لقيتها.. جوزها، انا هأذي جوزها، علشان لما يتأذي تبقى مكسورة، وقتها بقى هدخل تاني في حياتها وهحاول اقرب منها، طب انا هروح لمين يعمل لي عمل؟! طب وانا اروح ليه!.. ما كل حاجة موجودة على النت...
بحثت بسرعة على كتب سحر، حملت كتاب والتاني والتالت لحد ما وصلت لحوالي ٢٠ كتاب، قريتهم كلهم، كنت بدور فيهم على أسوء عمل او شيطان ممكن احضره وأذي بيه جوز ابتهال، لحد ما في كتاب من الكتب لقيت اللي بدور عليه.. عزيمة وطلسم لتحضير شيطان موكل بالأذى والخراب، نفذت شروط العزيمة وجيبت بخورها وجهزت نفسي لأول ليلة قمرية عشان اعمل فيها جلسة التحضير..
في الوقت ده ابويا كان بيتصل بيا وبيحاول يقرب مني، بس انا كنت ببعد.. وحجتي هي إنِ محتاج ابقى لوحدي، ومع مرور الأيام، جت الليلة المنشودة.....
ضلمت أوضة من أوض شقتي، شيلت السجاد من على الأرض وطلعت كيس دم كنت مشتريه من مستشفى، رسمت بالدم اللي جواه دايرة وجواها نجمة خماسية، بعد كده جيبت الجمجمة اللي كنت مشتريها من تربي معدوم الضمير وولعت خمس شموع وحطيتهم حوالين الدايرة، وأخر حاجة عملتها هي إن انا جيبت مبخرة صغيرة وحطيت فيها حتة فحم مولعة، وعليها حطيت البخور المطلوب، ووقفت عند راس النجمة ومسكت الكتاب اللي كنت طبعت صفحاته وابتديت اقرا منه....
(صليل صليل.. طليل طليل.. صليل صليل.. طليل طليل.. أحضر يا صاحب الدم والعهد، أحضر وألا سلسلتك بكلماتي وأحرقتك بحروف من نيران.. أحضر أحضر في التو والحين)
قولت العزيمة سبع مرات زي ما كانت مكتوبة، وفي نهاية المرة السابعة حسيت برعشة غريبة في جسمي، بعدها ابتديت احس بالأرض بتتهز رجلي هزة خفيفة، ومع الهزة دي نور الشمع انطفى!!!
ثواني من السكوت انتهوا بصوت هوا قوي وكأني واقف في صحرا، جمدت قلبي وقولت بصوت عالي...
(في ايه... انا فين؟)
فجأة ولعت الشموع من تاني، ومع رجوع النار للشموع لقيته قصادي، بصيت له بخوف وبلعت ريقي بالراحة، ماكنش جن ولا شيطان ولا عفريت.. ده كان.. انا!
نسخة تانية مني لقيتها واقفة قصادي وبتبتسم، حطيت الكتاب على الأرض بالراحة وبصيت له بقلق..
(انت مين؟!)
رد عليا ونفس الابتسامة على وشه..
(انا اللي انت ناديت عليه فلبى الندا.. حضرتني ليه؟!)
ابتسمت انا كمان ورديت عليه بسعادة...
(خالد مدكور.. او خالد ابن بُثينة، جوز مراتي.. لا لا.. جوز طليقتي، ابتهال... عاوزه يتجنن، حياته تبوظ، او ياريت يموت خالص)
قعد الشخص اللي شبهي ده على ركبه، فلقيت نفسي انا كمان بقعد نفس قعدته، كنت قاعد عند راس النجمة، وهو كان قاعد قصادي بالظبط، ربع إيديه وقال لي بثقة...
(انا مش من سلطتي الأذية، ولا من سلطتي الموت، لكن انا هساعدك وهقولك تعمل ايه عشان تخلص منه)
ركزت معاه، قال لي على خطة ماتخرش الماية، خطة اقدر عن طريقها ادمر حياة خالد بكل سهولة، وبعد ما خلص كلامه وفهمته واستوعبته كويس، انطفت نيران الشموع وولعت من تاني، وطبعًا اختفى في العدم زي ما ظهر منه...
شيلت كل حاجة ورميتها، وحرقت الورق ومسحت الكتب من على اللاب ونضفت الأوضة، وبعد ما كل حاجة انتهت، اتصلت ب طه صاحبي وخليته يجيلي البيت، وفعلًا بعد نص ساعة كان قاعد قصادي...
يتبع
(ده الجزء الأول من قصة نصف هلال.. )
محمد_شعبان
نصف_هلال

نصف هلال
(٢) 
(انا مش من سلطتي الأذية، ولا من سلطتي الموت، لكن انا هساعدك وهقولك تعمل ايه عشان تخلص منه)
ركزت معاه، قال لي على خطة ماتخرش الماية، خطة اقدر عن طريقها ادمر حياة خالد بكل سهولة، وبعد ما خلص كلامه وفهمته واستوعبته كويس، انطفت نيران الشموع وولعت من تاني، وطبعًا اختفى في العدم زي ما ظهر منه...
شيلت كل حاجة ورميتها، وحرقت الورق ومسحت الكتب من على اللاب ونضفت الأوضة، وبعد ما كل حاجة انتهت، اتصلت ب طه صاحبي وخليته يجيلي البيت، وفعلًا بعد نص ساعة كان قاعد قصادي...
-ايه يا عم هلال.. عاش من شافك مبسوط وبتضحك، ايوة كده يا وحش، انسى بقى وعيش حياتك.
سيبته بيتكلم وطلعت دفتر الشيكات، كتبت رقم في شيك وكتبته بأسم طه واديتهوله وانا بقول له بجدية...
-الشيك ده تروح تصرفه وتعمل اللي هقولك عليه بالظبط، عشان انت لو ماعملتوش، هجيب غيرك يعمله وهياخد نفس المبلغ اللي هديهولك، وماتنساش إن انت صاحبي ومحتاج لفلوس، ف انت أولى من الغريب.
بص في الشيك وقال لي وهو مصدوم...
-نص مليون!.. هعمل بيهم أيه دول؟!
رديت عليه وانا بقوم اقف وبروح ناحية المطبخ...
-مش كلهم ليك، انت هتاخد ١٠٠ الف.. وال ٤٠٠ هتعمل بيهم اللي انا هطلبه منك، هدخل اعمل لنا اتنين قهوة عشان اجي اشرحلك على رواقة.
دخلت عملت القهوة وبعد كده خرجت شرحتله كل حاجة، وبعد ما خلصت كلامي رد عليا وهو مرتبك...
-بس بس.. بس انا اخاف لا يحبسني ولا حاجة، وبعدين انت بتقول عربون وعقود، طب ما ممكن ي...
قاطعته..
-ماتخافش، هو كده كده مش هيلحق يدور عليك ولا انت ليك دخل اصلًا، انت هتمضي معاه العقود وهتاخد الوصل وهتمضيلي على توكيل، وهو بقى هيجهزلك البضاعة اللي هتطلبها منه من المخازن، بس وقت ما هيتصل بيهم في المخازن عشان يجهزوا البضاعة، هيكتشف إن المخازن اتحرقت، ها.. هتنفذ ولا اجيب حد بدالك؟!
اتردد طه في الأول، بس لأنه غلبان وعلى قد حاله ومحتاج لكل جنيه من ال١٠٠ ألف اللي هياخدهم، وافق ونفذ..
راح صرف الشيك وطلع على مكتب توريد الملابس بتاع خالد وطلب منه شحنة ملابس تمنها ٤٠٠ ألف جنيه، وبعد ما طلبها وقال له إنه هيستلم اول دفعة منه بعد يومين، اتصل خالد بالمخازن وقال لهم إنهم يجهزوا البضاعة المطلوبة، وساعتها رد عليه أمين المخازن وقال له إن حصلت حريقة كبيرة بسبب عُقب سيجارة رماه حد من العمال مش معروف هو مين، وطبعًا العامل وأمين المخازن كانوا واخدين مني مبلغ محترم..
خالد أول ما سمع إن المخازن وَلعت، جت له جلطة اتنقل بسببها للمستشفى.. وهناك وبعد ما طه عمل لي توكيل وبقيت انا اللي المفروض اطالب بتمن وصل الأمانة اللي مضاه خالد على نفسه، واللي طبعًا اداه لطه.. وطه كان المفروض هيديهوله من تاني لما يسلمه البضاعة، بس الحقيقة انا اللي كنت مرتب كل ده عشان انا اللي اطالبه بالفلوس بعد ما احرقله المخازن وكمان ابعت حد يسرق الفلوس اللي خدها من الخزنة بتاعت الشركة.. بس هو للأسف كان مرمي في أوضة من أوض الرعاية في المستشفى اللي روحتها بعد ما تعب، وقصاد الأوضة كانت واقفة ابتهال وهي بتعيط، قربت منها وقولتلها وانا بضحك...
-غريبة الدنيا... من كام شهر بس كنت بتحايل عليكي عشان ترجعيلي، والنهاردة جوزك مرمي بين الحياة والموت، ولو فاق من اللي هو فيه.. هحبسه بسبب وصل أمانة تمنه زمانه اتسرق من شركته، بصي.. ماتشغيليش نفسك بموضوع الوصل ده، خليكي انتِ في اللي هتعمليه، استنيه لما يفوق وادخلي ارسميله الدمعتين واطلبي منه الطلاق زي ما عملتي معايا من حوالي تلات سنين.
بصت لي بذهول والدموع في عينيها...
-انت مش بني أدم يا هلال... وانا ماسيبتكش عشان عملت حادثة، انا سيبتك عشان اللي حصل قبل الحادثة.. فاكر اللي حصل يومها يا هلال!
سرحت بخيالي وافتكرت كل اللي حصل يومها...
*****************
(قبل أكثر من ثلاثة أعوام في منزل هلال..)
وقفت ابتهال قصادي وقالتلي بصوت عالي...
-انت ايه يا أخي، شيطان!.. ده احنا بقالنا ٣ شهور وكام أسبوع متجوزين، لحقت تزهق مني للدرجة دي؟.. وبعدين انا قصرت معاك في أيه عشان تخونني، ولا انت اللي طبعك كده.. خاين؟
قربت منها وحطيت إيدي على بوقها...
-ششش... اخرسي خالص، الجيران هيسمعونا، وبعدين دي دي كانت نزوة، واحدة كنت بكلمها زمان وكلمتني عشان....
شالت إيدي من على بوقها وزقتني بعصبية...
-وانت كل اللي يهمك الجيران، مش هامك مراتك اللي ماكملتش معاها اربع شهور جواز، والله يا أخي ما عارفة اقولك ايه.. يعني لولا إن انا مسكت موبايلك بالصدفة وقلبت فيه وشوفت الرسايل والمواعيد اللي ما بينكم، ماكنتش هعرف وكنت هفضل مُغفلة.. طلقني يا هلال، طلقني وألا هفضحك وهلم عليك الناس.
وفضلت تقول لي طلقني طلقني بصوت عالي، الدم وقتها غَليِ في عروقي وماحستش بنفسي إلا وانا بضربها وبنزل جري من البيت وباخد عربيتي وبسوق بسرعة جنونية، ماكنتش عارف انا رايح على فين ولا هعمل ايه.. كنت مصدوم وجسمي ماكنتش قادر اتحكم فيه، لحد ما فوقت من صدمتي على خبطة قوية اتخبطتها عربيتي في عربية كانت قصادي، مالحقتش افرمل ولا اعمل أي حاجة غير إنِ اتفرج على المشهد وانا جوة العربية وهي عمالة تتقلب!
***************
فوقت من سَرحاني على صوت ابتهال...
-انا ماسيبتكش عشان بقيت عاجز.. وبعدين الدكاترة كده كده طمنونا وقالوا لنا إنك هتقوم بالسلامة بس بعد فترة، جايز اكون غلطانة لما سيبتك وانت محتاجلي، لكن انا ماكنتش قادرة اشوفك او ابقى جنبك بعد اللي عملته فيا حتى وانت تعبان، وعشان كده طلبت الطلاق، وحتى لما خفيت وبقيت كويس وحاولت ترجع لي، مابقتش طايقاك.. مانكرش إن انا حاولت كتير بيني وبين نفسي عشان اصفالك واحاول ارجعلك او حتى اقنع نفسي بأنك اتغيرت، بس مع الأسف.. ماقدرتش، قلبي زي ما حبك في الأول، كرهك بنفس مقدار حبه ليك.. خالد مالوش ذنب يا هلال، هو ظهر في حياتي بعد ما انت كنت انتهيت بالنسبة لي، وعلى فكرة.. هو مش زيك، وانا أه حبيته لأني لقيت معاه اللي مالقيتوش معاك، الأمان يا هلال.. الأمان اللي كنت مستحيل هقدر اعيش فيه مع خاين زيك، حتى لو توبت وربنا هداك، ف انا نفسي كنت هفضل عايشة في شك وحيرة، مش بعيد بسببهم كانت حياتنا اتحولت لجحيم.. انا مش هعمل معاه زي ما عملت معاك، انا مش هسيبه.. مش هسيبه وهفضل جنبه طول ماهو محافظ عليا.
كلام ابتهال نزل عليا زي الماية الساقعة، فوقتني وحسستني قد ايه انا كنت أناني وظالم.. ظلمتها زمان، وظلمتها هي وجوزها أكتر دلوقتي..
سيبتها ومشيت وروحت البيت، فضلت قاعد مع نفسي لمدة أيام، كملت وحدتي وانعزالي.. بس الجديد بقى المرة دي، إن الكوابيس والأصوات المرعبة اللي سمعتها يوم حضرت الشيطان اللي حضرته ده، مابقتش بتفارقني.. واستمرت حالتي بالشكل ده لحد ما في يوم لقيت باب شقتي بيخبط، فتحت الباب وماتفاجأتش لما شوفت طه وابويا.. ابويا اللي دخل وشدني بكل قوة وقفل الباب وراه..
-مابتتنيلش ترد على تليفونك ليه، انا طه حكالي على كل حاجة، ايه اللي انت هببته ده يا مجنون، قولتلك مليون مرة إنه خلاص.. موضوع ابتهال ده نصيب... موضوع واتقفل.
بص طه في الأرض لما بصيتله وقال لي بإحراج..
-خالد فاق وخرج من المستشفى، وعلى فكرة.. ابتهال ماحكيتلوش على حاجة، انت لازم تصلح غلطك وتعوضه عن اللي حصل، اما انا.. ف انا مش عايز الفلوس اللي خدتها، دي فلوس حرام.
بصيت له باستغراب اوي..
-حرام!.. ولما قبلت وخدتها ماكنتش عارف إنها حرام، قال وبيقولوا على اللي حضرته شيطان قال، ده كبني أدمين.. غلبتوا الشياطين بأفعالكوا.
أول ما قُلت كده، ضربني ابويا بالقلم وقال لي بغضب..
-شيطان ايه اللي حضرته، انت اتجننت رسمي خلاص ولازم تروح لدكتور نفساني.. ماهو الظاهر كده إن انا كنت غلطان لما سيبتك تعيش لوحدك، طب قول لي.. قول لي يا أخي بزمتك ودينك، عاجبك شكلك اللي بقى عامل زي المدمنين ده؟
قاطعته وانا بحاول اشرحله اللي بمر بيه...
-يا بابا افهم، انا تعبان يا بابا.. انا تعبان صدقني.
زقني بكل قوة ودخلني أوضة النوم..
-بلا بابا بلا زفت، اتنيل البس عشان هتنزل معايا، هنروح لدكتور نفسي اعرفه..
وكمل كلامه وهو بيبص لطه...
-وانت.. روح شوف خساير خالد بقد ايه وتعالى قول لي، انا هتصرف وهعوضه، وكمان هفضل متابع حالته من بعيد لحد ما ربنا يتم شفاه على خير.
سمع طه كلام ابويا وراح عرف الخساير بكام، وفعلًا بعتت له تمن البضاعة اللي اتحرقت وقطعت وصل الأمانة وكمان طه رجع لابويا الفلوس اللي خدها مني.. اما انا بقى، ف انا روحت عيشت مع ابويا وفي نفس الوقت كنت بتابع مع الدكتور النفسي اللي وداني عنده.. واللي في أول جلسة بيني بينه وبعد ما حكيتله على اللي كل اللي حصل معايا، ابتسم في وشي وقال لي بعد الجلسة...
(انت بتقول إنه جن والمفروض إنه موكل بالأذى وقالك إن مش من سلطته الأذية، وكمان نسخة تانية منك!.. اممم.. ما عشان كده انا هقولك إنه كدب يا هلال.. كدب ووهم.. كل اللي انت عيشت فيه ده كان كدب ووهم، انت لا حضرت جن ولا حضرت شيطان ولا أي حاجة من كل التخاريف دي، وده لأن أولًا كده معظم الكتب اللي موجودة على النت بتبقى مضروبة، وثانيًا.. مش أي حد يقدر يحضر جن ويتعامل معاهم، ده لو هنفترض إن ده بيحصل فعلًا يعني، وهنا بقى نيجي للسؤال المهم، اللي شوفته ده يبقى مين!... ده انت يا هلال، ده شَرك... ما انت مخك من كتر قعدتك لوحدك وانعزالك مع كتب السحر، وكمان في ظل حالتك النفسية السيئة بسبب جواز ابتهال، خلقت لنفسك عالم واتخيلت حاجات كلها مش موجودة، لكن خليني اقولك برضه إنك مش لازم تسيب نفسك لكل ده، ساعدني وتابع معايا في الجلسات والعلاج وانا مش هسيبك.. وبأذن الله هتنسى وهتعيش وربنا هيغفرلك لما تطلب منه المغفرة على اللي عملته بقلب صادق، وبعدين مش انت بتقول إنه قال لك على خطة ماتخرش الماية، طب ماهو يبقى انت او عقلك الباطن.. وده معناه يا سيدي إن مخك شغال وبيدور على أي مخرج من الاكتئاب، ف عشان كده حط خطة وساعدك في تنفيذها كمان، اسمع كلامي يا هلال وحاول تعيش كأنسان جواه الخير زي ما جواه الشر، واياك تستلم لشرك وتعيش كنُص بني أدم..)
سمعت كلام الدكتور ومشيت على العلاج اللي كتبهولي وبقيت بتابع معاه في الجلسات، ومع الوقت حالتي اتحسنت ورجعت شغلي، وكمان خالد بقى كويس وربنا كرمه وجدد مخازنه ولحد النهاردة ماعرفش مين اللي عمل فيه كده ولا مين اللي بعت له فلوس التعويض في شنطة قصاد باب بيته وهو تعبان، وبرضه ابتهال ماقالتلوش لأنها ده ببساطة انسانة أصيلة وتستحقه، وحتى الكوابيس اللي كنت بشوفها والحاجات اللي كنت بتخيلها، مابقتش بشوفها ولا بقت بتحصل لي وحياتي ابتدت تتحسن، لحد ما في يوم نمت فيه وانا مش واخد علاجي وكنت قبلها بفكر في ذكرياتي مع ابتهال في الفترة اللي اتجوزتها فيها..
ليلتها صحيت من النوم على نفس الصوت.. نفس صوت الهوا اللي سمعته يوم ما كنت بحضر اللي حضرته ده!
صحيت وانا ببص حواليا بخوف، صوت الهوا ابتدى يعلى وكأني واقف في صحرا!
مديت إيدي بالراحة وفَتحت نور الأباچورة اللي جنبي، وساعتها اتفزعت لما شوفت في المراية اللي قصاد سريري انعكاسي وانعكاس حد واقف جنبي، هو هو نفس الشخص اللي شبهي بالمللي ده، بصيت ناحيته وانا جسمي كله بيرتجف لكني مالقتوش، هو ماكنش ظاهر غير في المراية وبس، كانت على وشه نفس الابتسامة المرعبة، ومعاها بص لي في المراية وقال لي بكل برود..
(ضحك عليك لما قال لك إن انا انت.. انا مش بس مجرد شر، انا شيطانك يا هلال.. نصك التاني اللي وقت ما هتحتاجه في أي شر هتلاقيه.. انا مابمشيش يا هلال.. انا جوة دمك... انا مابمشيش...)
ومع كلمة مابمشيش دي.. انطفى نور الأباچورة ورجع من تاني عشان يختفي فجأة زي ما ظهر فجأة!
تمت
محمد_شعبان
نصف_هلال

ليست هناك تعليقات