إبحث عن موضوع

تل العمارنة الجزء الاول

"إن موت البعض لا يُعتبر نهاية... بل إنه مجرد بداية.. بداية للعنتهم"
كل حاجة ابتدت بالفرح.. بس الفرح اتقلب لكابوس .. كابوس مش عارف هصحى منه امتى، ولا عارف حتى هصحى منه ولا لأ... طب انا مين؟!

احمد شحاتة

ده أنا

عايش في محافظة القاهرة

بشتغل مهندس وحالتي الاجتماعية أعزب

ساكن مع أمي وابويا بعد ما أختي الوحيدة اتجوزت وسافرت هي جوزها اسكندرية عشان يعيشوا هناك، وده لأن جوزها جت له شغلانة في شركة محترمة مقرها في اسكندرية، عمومًا مش ده موضوعي ولا دي حكايتي.. انا حكايتي بتبدي بمكالمة تليفون...

يومها رجعت من الشغل تعبان وموبايلي كان فاصل، حطيته عالشاحن ودخلت اتغديت مع امي وابويا وبعد كده عملت كوباية شاي وروحت فتحته، لما فتحت التليفون لقيت رسايل بتقول أن في رقم غريب اتصل بيا حوالي ١٠ مرات!

حاولت الاتصال بالرقم لكنه كان مشغول، قلقت وفضل تفكيري يودي ويجيب لحد ما لقيت الرقم بيتصل بيا، رديت بسرعة أول ما اتصل...

-الو.

رد عليا صوت شاب...

-أيوة يا شحتة.. كيفك يا مشمهندس.

أول ما سمعت الجملة دي فضلت اضحك..

-سعد الجرجاوي.. ازيك يا واد، فينك وفين أراضيك.

رد عليا المُتصل وهو بيضحك..

-انا تمام يا ابو عمو وموجود في بلدنا اهو.

لما قال لي كده رديت عليه وانا على وشي ابتسامة سعادة..

-يارب دايمًا يا حبيبي، إلا قولي صحيح.. انت جيبت رقمي منين؟!

-الواد عبد الرحمن اداهولي واداني كمان بقية ارقام الشلة واحد واحد، انا بجمع ارقامكوا عشان اعزمكوا على فرحي الخميس اللي بعد الجاي.

-الف الف مبروك يا حبيبي.. هجيلك طبعًا، انت اتصلت بمين غيري انا وعبده؟!

-اتصلت بيك وبعبد الرحمن زي ما قُلتلك وبالواد حسام وبعمر.. وكلكوا قولتوا انكوا هتيجوا.

-اه طبعًا هنيجي.. احنا مهما فاتت أيام مش هلاقي اغلى من لمتنا، هي أه الدنيا خدت كل واحد فينا وانشغلنا، إنما عمرنا ما نستغنى عن بعض أبدًا يا غالي.

خلصت كلام مع سعد وبعد ما عرفت منه العنوان بالتفصيل، اتصلت بالاربعة الباقيين واتفقت معاهم إننا هنروح الفرح سوا لأن كلنا من نفس المحافظة تقريبًا... لما كلمت اصحابي وأكدت عليهم افتكرت أيام الجامعة؛ أفتكرت وقت ما كنا احنا الخمسة قريبين من بعض أيام الدراسة في كلية الهندسة.. وازاي كانت بتجمعنا المذاكرة بالليل في شقة الواد سعد اللي كان واخدها في حلوان لأنه كان مغترب، افتكرت هندسة القاهرة ويوم التخرج.. يوم التخرج اللي من بعده واحنا بدأنا نبعد عن بعض شوية بشوية، لحد ما اتصالنا بقى محدود اوي أو يكاد يكون مُنعدم، بس اهو.. القدر جمعنا تاني.. أو تقدر تقول كده فرح سعد اللي في محافظة المنيا هو اللي هيجمعنا سوا زي زمان، المهم اتصلت ببقية الشلة واتفقنا إننا هنروح لسعد يوم الفرح الصبح ونقضي معاه معظم اليوم، وبعد كده نحضر الفرح ونرجع تاني عالقاهرة بالليل.. كل واحد مننا عمل حسابه وخد أجازة من شغله كام يوم، اتقابلنا من بدري يومها، وكل واحد فينا كان واخد معاه الحاجات اللي بيحتاجاها ضروري اوي يعني زي الموبايلات واللابتوب وبعض اللبس اللي ممكن نحتاجه لو اضطرينا نبات في المنيا، سلمنا على بعض وروحنا ركبنا القَطر اللي نزلنا في محطة المنيا، ومن هناك ركبنا معدية وبعدين خدنا مواصلات لحد ما وصلنا للقرية اللي منها سعد، لما وصلنا ماكنش صعب اوي إننا نوصل لبيته اللي معظم القرية كانت عارفاه، وده لأنها قرية صغيرة وأهلها قليلين، وعشان كده بعد دقايق من المشي والسؤال عن البيت قدرنا نوصل بسهولة، لما وصلنا لبيت عيلة سعد، لفت نظرنا مظاهر الفرح والتجمعات العائلية، بس وسط الزحمة اللي كانت موجودة قدرنا نوصل لاخو سعد، أول ما شافنا عرفنا من هيئتنا وخدنا ودانا لأوضته.. دخلتله أنا وحسام وعمر وعبد الرحمن، أول ما شافنا قام من مكانه ورحب بينا جدًا جدًا، وطبعًا قبل أي كلام خلانا ناكل لأننا جايين من سفر وبعد كده دخلنا أوضة من أوض البيت مرفق بيها حمام وقال لنا ناخد شاور، وبعد كده نبقى نغير هدومنا ونلبس الجلاليب اللي اداهالنا، عرفنا من شكل الجلاليب أنها جديدة وأن سعد جايبهالنا مخصوص عشان شكلنا يبقى شبه معظم الناس اللي هيكونوا موجودين في الفرح، بصراحة كده انا والشباب كنا فرحانين اوي بالأجواء وباللبس وبكل حاجة حوالينا، دخل كل واحد فينا خد دش وبعد كده غيرنا هدومنا وقعدنا بقى مع سعد عشان نساعده في التحضير للفرح لحد ما الليلة ابتدت.. كتب كتاب وبعده قعدة أكل وبعدها الفرح وبعدين الزفة، بعد ما الزفة خلصت اكتشفنا أن الساعة بقت ١٠ ونص بالليل، واللي عرفناه من سعد بعد الزفة أن الوقت ده في القرية أو في المركز ده تحديدًا مابيكونش فيه مواصلات، أو بمعنى أصح ومن الأخر كده أحنا مش هينفع نروح عالقاهرة إلا الصبح!

لما عرفنا من سعد أن مرواحنا شِبه مستحيل بصينا لبعض بقلق لأننا مش عارفين هنبات فين، بس قبل ما أي حد فينا يسأل أي سؤال، كان سعد مجاوب علينا وقايل لنا إنه كان عامل حسابه ومجهز لنا الاستراحة اللي على أول البلد.. والاستراحة دي هي عبارة عن بيت من دورين بتمتلكه عيلة سعد، والبيت ده عادة يعني بيكون مقفول لأنه بيعتبر استراحة للضيوف لما بيبقوا من برة البلد ومابيتفتحش إلا عند اللزوم، المهم بعد ما اتفقنا واستقرينا اننا هنبات في البيت ده خدنا (علي) أبن عم سعد وودانا للبيت، وكان معانا اخو سعد اللي كان شايل العشا بتاعنا، وبعد شوية مشي كتار وصلنا للبيت اللي بأمانة يعني ماكنش شكله يخوف ولا كان فيه أي حاجة غريبة تدعو للرعب، سلمنا على حارس البيت اللي عرفنا أن أسمه (عم عطا) وبعد كده دخل علي فتح باب البيت ودخلت جواه انا والشباب، لما دخلت البيت حسيت أن قلبي اتقبض وحسيت بخنقة غريبة حاولت اداريها لما بدأت اتكلم واهزر عشان اخرج نفسي من الجو الغريب اللي حسيت بيه فجأة كده.. هزرت مع الشباب شوية واحنا بنحط حاجتنا في الأوض اللي هننام فيها واللي بالمناسبة يعني كلها في الدور التاني، بعد كده اتكلمنا مع علي اللي قال لنا انه هيعدي علينا الصبح بالفطار وقال لنا كمان إننا لو احتاجنا أي حاجة هنلاقي عم عطا الغفير قاعد برة طول الليل.. طمنناه وقولنا له إننا تمام وبدأنا بقى نقعد نتعشى بعد ما مشي هو واخو سعد، اتعشينا وبعد ما خلصنا أكل قعدنا كلنا في الدور الأول للبيت.. والدور الأول ده كانت الأوض اللي فيه معظمها مقفولة إلا الحمام والمطبخ، أما الدور التاني اللي بيفصل بينه وبين الدور الأول سلم زي نظام الفلل كده، كان كله أوض نوم ودي الأوض اللي كل واحد فينا اختار واحدة منهم عشان ينام فيها، ظبطنا كل حاجة واتعشينا وشربنا الشاي وقعدنا نرغي شوية لحد ما حسينا بملل ف خرجنا قعدنا مع عم عطا الغفير قصاد البيت...

                     

                       ************
أنا وجدي المُرشدي

رجل عندي ٣٥ سنة

كنت عايش في محافظة من محافظات الدلتا

حالتي الاجتماعية أعزب وبشتغل مُزارع
بدأت حكايتي من يوم ما قابلت نرجس؛ كانت ست متجوزة لكنها مابتخلفش.. حبيتها وهي كمان حبتني، حاولت كتير تطلق من جوزها لكنه كان رافض لأنه بيحبها، أو بمعنى أصح لأنها جميلة، وفي نفس الوقت هو كمان ماكنش بيخلف.. ف لو سمع كلامها وطلقها مش هيلاقي واحدة تقبل بيه إلا لما تكون ظروفها نفس ظروفه؛ وعشان كل اللي حكيته ده جوز نرجس مارضيش يطلقها، وفي نفس الوقت هي كانت بتحبني وانا كمان كنت بحبها، وبما إنها مالهاش أهل وانا كمان ماليش أهل.. ف اتفقنا على الهرب من البلد خالص..

خدت تحويشة العُمر اللي كنت محوشها واتفقت انا وهي على ليلة هربنا فيها برة البلد، مشيت انا وهي وروحنا على محافظة المنيا او بالتحديد يعني في مكان جنب قرية متطرفة بالقرب من تل العمارنة؛ لما وصلنا البلد كان مستحيل اننا نتجوز لأنها ست متجوزة، وعشان كده اشتريت حتة أرض وبنيت عليها بيت وعيشت فيه انا ونرجس بعد ما اتجوزنا جواز شفوي.. يعني مالأخر كده قولتلها زوجتك نفسي وهي قالتلي قبلت زواجك ومشيت الدنيا، ماحسبتهاش ولا اهتميت بأن اللي انا عملته ده كان حرام ولا حلال؛ انا كل اللي كان يهمني هو أن انا وهي نعيش بعض في مكان بعيد عن عيون الناس، وهو ده فعلًا اللي حصل وفضلنا عايشين سوا في البيت البسيط اللي انا بنيته، حياتنا كانت ماشية زي بقية الخلق.. كنت بنزل القرية كل فترة والتانية عشان القط رزقي، اشتغلت شغلانات كتير لحد ما قدرت اشيل قرشين اشتريت بيهم بقرة، وعشان اخلي البقرة دي تبقى حامل وتجيب لي مواشي اقدر اربيهم وابيعهم، ف انا عملت حاجة حلوة اوي.. انا روحت لواحد من أهل القرية وأخدت منه عجل ذكر عشان يقضي ليلة مع البقرة.. وفي الليلة دي العجل هيخليها حامل وبعد كده ابقى ارجعه لصاحبه تاني؛ بس في الليلة اللي جيبت فيها العجل وحطيته مع البقرة في حتة الأرض اللي ورا البيت، صحيت انا ونرجس على صوت العجل وهو بيتألم، لما خرجت عشان اشوفه لقيت البقرة واقفة بعيد عنه ولقيته غارز برجل من رجليه جوة الأرض.. او بالظبط كده في حتة فاضية من الأرض رجله غرزت فيها، قربت من العجل ولما خرجت رجله بالراحة كده، اكتشفت أن حتة الأرض دي تحتها فراغ!

أول حاجة جت في بالي وقتها أن ده مدخل لمقبرة فرعونية لأن المنطقة دي كلها مقابر، وعشان كده تاني يوم الصبح خدت جزء من الدهب بتاع نرجس وروحت بيعته، وبعدين خدت فلوسه وروحت اديتها للرجل صاحب العجل وقولتله أن انا عاوز اشتريه، في الأول الرجل استغرب لكنه أول ما شاف الفلوس وسمع وعدي بأن انا هديله الباقي كمان اسبوعين، رضي ومسألش أي أسئلة مالهاش عازة، يومها بعد ما خلصت مع الرجل واشتريت العجل عشان مايقوليش بقى هو اتعور في رجله ازاي وندخل في سين وجيم مالهمش أي لازمة، المهم رجعت البيت.. رجعت وقعدت مع نرجس اللي قولتلها إننا هنحاوط حتة الأرض اللي العجل وقع فيها دي بسور من الطوب اللي بنينا منه البيت، وبعد ما نبني السور هنبدأ نحفر في الأرض، واهو يمكن نلاقي أثارات تخلينا نعيش عيشة الأغنيا والملوك...

                  **************** 
لما خرجنا برة البيت لقينا عم عطا قاعد على الدكة الخشب اللي كان قاعد عليها لما وصلنا، وقصاده كان مولع نار، وكان قاعد بيشرب كوباية شاي وشيشة.. أول ما شافنا جايين ناحيته قام من مكانه ورحب بينا..

-أهلًا أهلًا باصحاب البشمهندز.. نورتوا المنيا يا شباب مصر.

سلمنا عليه وقولنا له اننا خارجين نقعد معاه شوية لأننا مش جايلنا نوم وحاسين بملل، لما قولناله كده دخل الأوضة بتاعته اللي قصاد الاستراحة وجاب لنا كراسي قعدنا عليها، لما قعدنا بدأ عبد الرحمن الكلام معاه لما قال..

-عم عم عم عطا.. هو صح صح صحيح ف ف في حاجة اسمها لعنة فراعنة.. بما أنكوا يعني قريبين من منطقة تل العمارنة والأثار و و وكده، ف أكيد انت سمعت عن الكلام ده.

لما عبد الرحمن قال لعم عطا كده، ضحك وقال له..

-لعنة فراعنة ايه بس يا بشمهندز.. دلوقتي في المحمول والانترنت والدنيا بقت عمار، اللعنات مابقتش موجودة.. لكن اللي موجود هي جتتهم وأسرارها اللي مايعلمهاش إلا المولى عز وجل.

لما عم عطا قال كده، سأله عُمر..

-إلا صحيح يا عم عطا.. انت عمرك ما شوفت مقبرة فرعونية؟!

رد عليه عم عطا..

-شوفت كتير.. جتت متحنطة وأثارات ومقابر.. كلهم سواسية، انا رجل يا ابني عديت ال ٦٠ وياما عيشت وشوفت.. بس اللي لا عيشته ولا شوفته هي اللعنة اللي بتقولوا عليها دي.

لما قال كلامه ده بص له عبد الرحمن وقال له..

-أيه أكتر مق مقبرة شوفتها وخوفت منها.. يا يا يا عم عطا!

رد عليه عم عطا..

-عمري ما خوفت من أيتوها حاجة، بس المقبرة اللي نفسي اعيش واشوفها هي مقبرتها.

بصينا لبعض باستغراب وبعد كده بصينا لعم عطا، وقُلنا كلنا في صوت واحد..

(مقبرة مين؟!)

لما سألناه السؤال ده رد علينا..

-مقبرة الملكة نفرتيتي.. أجداد اجدادي بيقولوا إنها موجودة قريب من هنا، بس الزمن بقى أكيد نقل مكانها وخلاها في حتة مش معروفة، ناس كتير دوروا عليها بس مالقولهاش أثر.

وقتها عبد الرحمن اتكلم وقال لعم عطا..

-از از ازاي.. المفروض إنها ملكة، يعني مقبرتها تبقى موجودة في وادي الملوك.. مش هنا في تل العمارنة!

اتعدل عم عطا في قعدته كده وقال لعبد الرحمن..

-انت شكلك قاري وفاهم يا بشمهندز.

رد عليه عبد الرحمن..

-أ أ أه.. انا بحب التاريخ وو وبحب القراية، ومهتم اوي بفترة القدماء المصريين.

لما عبد الرحمن قال كده، رد عليه عم عطا..

-طب حيث كده بقى خليني اقولك أن نفرتيتي مش مدفونة في وادي الملوك.. نفرتيتي جوزها أعدمها ودفنها هنا في تل العمارنة لأن دي كانت البلد اللي بيحكم منها مصر كلها.

وقتها عدل عبد الرحمن نضارته وقال له..

-عد عد عدمها.. عدمها ليه؟!

لما سأل عبد الرحمن السؤال ده جاوبه عم عطا..

-عشان قتلت مراته التانية بعد ما جابت له الواد.. دي حكاية كل البر هنا عارفها.

بص لنا عبد الرحمن باستغراب وبعد كده بص لعم عطا وقال له وهو مبرق..

-يعني اللي قتل ام ام ام الملك توت هي نفرتيتي!

بص له عم عطا وخد نفس من الشيشة اللي قصاده وبعد كده قال..

-بالظبط كده.. ولما جوزها عرف عدمها ودفنها في مدافن بعيدة عن مدافن الملوك، دفنها بالقرب من هنا.

كنت قاعد بسمع الحوار وانا مش فاهم حاجة لحد ما حسيت أن انا تعبان وعايز انام، وقتها بصيت لكل اللي قاعدين وقولتلهم..

-طب يا جماعة من غير قطع كلامكوا يعني، انا تعبان اوي وعاوز انام.. حد هيجي معايا؟!

لما قولت كده حسام قال لي انه هيجي معايا ووافقنا نفس الرأي عمر، أما عبد الرحمن بقى ف خد رقم تليفون عم عطا وبعد كده دخل معانا البيت عشان ننام...
                  ********************
استمرينا في الحفر انا ونرجس لشهور.. تعبنا اوي لأننا كنا بنحفر كل ليلة بأدوات الزراعة، حفرنا بالفاس والجاروف كل ليلة لمدة شهور لحد ما أخيرًا لقيناها، كانت حفرة مليانة تماثيل بس مش دهب، تماثيل من الحجارة لونها أسود، منهم اللي على شكل قطة واللي على شكل واحدة ست، ماكنتش فاهم التماثيل دي أصلها ايه ولا تتباع بكام، بس في الليلة اللي لقينا فيها التماثيل دي كملنا حفر لحد ما لقينا جزء من بوابة حديد، ساعتها نرجس قالتلي نوقف حفر لحد كده، وقالتلي كمان أن انا أخد واحد من التماثيل دي واحاول اشوف له أي صرفة، وبفلوسه هنقدر نجيب أدوات احسن نحفر بيها عشان نقدر نوصل للبوابة كلها، وبعد ما نبقى نحفر بقى، نبقى نتواصل مع اللي هيشتري مني التمثال ونعرض عليه اللي احنا لقيناه..

بصراحة كلام نرجس كان عين العقل، وعشان كده خدت تمثال من التماثيل دي وحطيته جنب سريري لحد ما النهار يطلع، ومع طلعة النهار هبقى اخده واخبيه جوة هدومي واركب المعدية وانزل المحافظة، وهناك هحاول اتواصل مع اي حد عشان الاقي صرفة للتمثال.. التمثال اللي هينقلني انا ونرجس في حتة تانية خالص.

   

                    ******************

لما دخلنا البيت وطلعنا الدور التاني، دخلت انا الأوضة اللي في النص ودخل حسام في الأوضة اللي جنبي، ودخل عبد الرحمن في الأوضة اللي جنب حسام وعمر دخل في الأوضة الأخيرة.. أول ما دخلت أوضتي وقفلت الباب ريحت جسمي عالسرير من تعب اليوم وبدأت اسرح في الفراغ، لحد ما غصب عني عيني غفلت...

(تيك.. تيك.. تك.. تك.. تك.. تك.. تك)

فجأة سمعت صوت طبل أو خبط حواليا، الصوت المزعج ده خلاني فتحت عيني عشان اشوف قصاد السرير اللي انا نايم عليه اغرب مشهد شُفته في حياتي؛ شُفت راجل شكله غريب، أو بالتحديد يعني راجل لابس لبس فرعوني.. لبس زي اللي بنشوف القدماء المصريين لابسينه في المنحوتات والرسومات الجدارية بتاعتهم، المهم بقى أن الغريب ماكنش لبس الراجل ولا شكله لأ، الشيء الغريب هو اللي الراجل ده كان بيعمله، الراجل ده كان واقف وماسك بإيده الشمال شعر واحدة ست راكعة تحت رجله، وبالأيد اليمين كان ماسك حاجة أو ألة حديد (عرفت بعد كده أن اسمها المقمعة) رفعها لفوق وقبل ما ينزل بيها على دماغ الست قال لها بلهجة ضعف وحزن..

(ذلك العقاب.. عقاب كل من ارتكب خطيئة القتل.. فليلعنك أتون.. أفعل ذلك مُرغمًا لأنني أحبك.. وفي الوقت ذاته قلبي يعتصر حزنًا عليها.. فلتلقي مصيرك المحتوم)

أول ما قال كلمة محتوم نزل بالمقمعة الحديد اللي كانت في أيده على دماغ الست بقوة، ضربها كذا ضربة ورا بعض لحد ما راسها اتكسرت، المشهد كان غريب ومش مفهوم، بس اللي خلاني ركزت واستغربت مع اللي انا شايفه أكتر، هو أن الراجل ده بعد ما عمل كده، رمى الحديدة دي من إيده ووطى جنب جثة الست وحضنها وهو بيعيط!

ماكنتش فاهم هو بيعمل كده ليه ولا كنت فاهم هو دخل الأوضة ازاي ولا أيه اللي انا شايفه ده من أصله، وعشان كده لقيت نفسي غصب عني وتلقائيًا كده بقول وانا ببص ناحيته باستغراب وبخوف..

-انت مين ودخلت هنا ازاي؟!

لما قُلتله كده التفت ناحيتي، بس اللي فهمته لما ركزت مع نظرته أنه مابيبصليش انا.. ده كان بيبص لحاجة أو لحد ورايا، لفيت راسي ببطء وبحذر عشان اشوف هو بيبص لمين ومين اللي واقف ورايا ده، بس لما بصيت ورايا مالقتش حد، ف رجعت بصيت ناحية الراجل ده تاني، وأول ما رجعت بصيت ناحيته مالقتهوش ولا لقيت الست ولا لقيت المقمعة الحديد اللي كانت واقعة على الأرض، فضلت ابص حواليا لثواني كده وانا مش فاهم أي حاجة لحد ما فجأة سمعت صوت جاي من تحت السرير اللي انا نايم عليه؛ كان صوت أشبه بصوت الأنين أو الصراخ المكتوم، الصوت خلاني قومت من على السرير ونزلت بالراحة عشان اشوف مين اللي بيآن تحت السرير ده، بس أول ما نزلت وحطيت رجلي على الأرض، حسيت بأيد مسكت في رجلي وشدتني منها بقوة لورا عشان اقع على وشي، لما وقعت حسيت بألم رهيب في راسي.. بس الألم اللي كنت حاسس بيه مامنعنيش عن أني ابص تحت السرير واشوف مين اللي مسك في رجلي ووقعني عالأرض بالشكل ده، ولما بصيت ناحية السرير من تحت.. لمحت عيون بتلمع جوة الضلمة وفجأة لقيت العيون دي بتقرب مني، ومع قربها اكتشفت أن الشخص او الحد اللي تحت السرير ده بيخرج وجاي ناحيتي.. لما الشخص ده خرج وبدأ يجي ناحيتي اتعدلت وبقيت نايم على ضهري وانا باصص له ومش قادر اتحرك سنتيمتر لورا.. كنت حاسس إن انا متكتف وجسمي مابيتحركش أو انا اللي فقدت القدرة على التحكم فيه، ومش بس كده.. انا كمان فقدت القدرة على الصراخ أو الكلام لما لقيت الشخص اللي طلع من تحت السرير ده مش مجرد شخص.. ده هي الست اللي الراجل لسه مموتها قصادي من شوية، كان شكلها مرعب وراسها اللي كانت متكسرة وبينزل منها دم كثيف كان شكلها مقزز لأبعد الحدود، فضلت تقرب مني تقرب مني.. لحد ما مسكت رجليا بإيديها الاتنين، جسمي كله كان بيترعش والألم اللي كنت حاسس بيه في راسي ابتدى يروح بسبب خوفي، حاولت انادي على حد من اصحابي لكني برضه ماقدرتش.. صوتي ماكنش طالع ولساني ماكنش راضي يطاوعني ولا يتحرك، حاولت ابعد نفسي او ارجع لورا بس برضه ماكنتش قادر، فضلت متسمر في مكاني وهي فضلت تقرب مني وتمشي إيديها الباردة على جسمي لحد ما بسرعة رهيبة لقيت وشها بقى في وشي.. وشها اللي كان لونه أسود وملامحها اللي ماكانش باين منها غير عيونها اللي كان لونها أحمر زي الدم.. كل الحاجات دي خلوني بدأت اخرج أصوات آنين عشان أي حد يسمعني ويجي ينقذني لكن مافيش.. انا خلاص الموت بالنسبة لي بقى قريب زي قُرب الست دي مني، ماهتمتش هي برعبي ولا بفزعي وقربت من وداني وهمست بكلمة ماسمعتهاش كويس أول مرة، لكن تاني مرة لما قالتها بصوت عالي وبزعيق سمعتها..

(الموووت)

لما قالت كلمتها دي حسيت بأن حد بيضغط على راسي بقوة ف غمضت عيني وبدأت احاول احرك جسمي شمال ويمين لحد ما فجأة حسيت بخبطة قوية اوي، ومع الخبطة دي فتحت عيني وساعتها اكتشفت إن انا كنت نايم وبحلم ووقعت من عالسرير، بس انا لما وقعت وقعت على وشي، وقتها سمعت صوت جاي من تحت السرير، بس المرة دي بقى الصوت كان أعلى وده خلاني بصيت ناحية تحت السرير، عشان الاقي فجأة الست دي خرجت بسرعة رهيبة وجت خبطت في وشي، غصب عني وبحركة لا أرادية كده حطيت إيدي على وشي عشان احمي نفسي، بس ماحصلش أي حاجة ولا حسيت بخبطة ولا بأي حاجة غريبة.. أنا فعلًا ماحستش بحاجة غريبة بس الأغرب من اللي كنت ممكن احس بيه، هو ان انا لما شيلت أيدي من على وشي لقيت نفسي نايم على سريري زي ما انا!

يعني ايه؟!

يعني انا كنت بحلم وخرجت من حلم ودخلت في حلم تاني، ولا كل اللي شوفته ده كان حلم واحد؟

في الحقيقة ماكنتش لاقي اجابة للسؤال ده زي ما انا ماكنتش لاقي تفسير للي شوفته في الحلم الغريب اللي حلمت بيه، قومت من عالسرير وانا بستعيذ بالله من الشيطان الرچيم وبعد ما شربت ماية من أزازة كنت جايبها جنبي، خرجت من الأوضة وروحت ناحية أوض الشباب، لما خرجت قولت بيني وبين نفسي اشوف لو أي حد منهم صاحي اسهر معاه لأني خلاص كده مش هعرف انام تاني في البيت ده بعد الكابوس اللي شوفته، ومن حسن حظي أن انا لقيت أوضة عبد الرحمن بابها مفتوح، لما دخلت عليه الأوضة لقيته قاعد مشغل اللاب توب بتاعه وبيتفرج على حاجة.. من صوت اللاب عرفت إنه كالعادة يعني بيتفرج على فيديو من فيديوهات ناشيونال جيو جرافيك، أصل عبد الرحمن ده بيحب المعلومات والقراية من زمان بس هو يعني عنده مشكلة في النطق بتخليه بيتهته في الكلام، ده احنا حتى في الكلية كنا مسمينه عبقرينو من كتر حبه في القراية، واللي بالمناسبة يعني كانت سبب في إنه يفضل لابس نضارة نظر، المهم دخلت على عبد الرحمن الأوضة وقولتله..

-عبده.. انت لسه صاحي؟!

لما قولتله كده وقف الفيديو وقال لي بطريقة كلامه المتقطعة اللي اتعودت عليها من سنين، لأنه عنده مشكلة في النُطق زي ما قولت..

-أااه.. أاااه صصاحي يا يا شحتة.. تعالى اتفففرج معايا.. بشوف فيديو حلو اوي عن المص مص مصريين القدماء.

لما قال لي كده قعدت جنبه عالسرير..

-شغل يا سيدي شغل.. هي كده كده مافيهاش نوم الليلة دي.

لما قولت لعبد الرحمن كلامي ده، شَغل الفيديو وقعدت اتفرج معاه.. الفيديو كان بيتكلم عن مقابر وادي الملوك وعن اكتشافات جثث الملوك اللي لقوها فيها، ماكنتش فاهم حاجة من الكلام اللي بيتقال لأن كان معظمه بيتكلم عن حد اسمه (أتون) وحد تاني أسمه (آمون) وشوية أسماء فرعونية وتاريخ أسرة من أسر الملوك اللي اكتشفوها، فضلت بتفرج لدقايق كده لحد ما بصيت لعبد الرحمن اللي كان مركز اوي مع الفيديو..

-بقولك ايه يا عبقرينو، انا مش فاهم أي حاجة من الكلام اللي بيتقال ده.. ما تشغل لنا يا عم أي فيلم أجنبي ولا أي حاجة تسلينا بدل الجثث والميتين اللي عمالين نتفرج عليهم دول.. مش هيبقى انت والكابوس وعم عطا، الله يباركلك انا مش ناقص.

ضحك عبد الرحمن وبعد كده قلع نضارته ووقف الفيديو وبعدين قال لي..

-عاو عاو عاوز تعرف أيه يا شحاتة، وانا هقوولك.

بصيتله بابتسامة غباء كده..

-مين أتون ومين أمون، ومين الملك اللي ابنه غَير أسمه ده... انا مش فاهم أي حاجة من الكلام اللي اتقال ولا فاهم أي حاجة من كلام عطا.

بص لي عبد الرحمن بتركيز..

-أتون ده.. هو الأله اللي كان بيعبده.. اخ اخناتون.. وابنه هو اللي غَير أسمه، من توت ع ع عنخ أتون.. لتوت ع ع عنخ أمون... عشان رجع يعُبد الأله أمون.

لما عبد الرحمن قال لي كده ضربت كف بكف..

-لا حول ولا قوة إلا بالله.. دول كانوا ملاحدة يا عم، شوية يعبدوا الأله ده وشوية يعبدوا الأله ده.. وبعدين مين الملك الاعرج اللي بيقولوا عليه في الفيديو ده.

ضحك عبد الرحمن ضحكة سخرية كده..

-ددد ده يا ابني الملك توت عنخ أمون اللي عم عطا قالك قصادنا أن نفرتيتي قت قت قتتلت امه، بيقولوا إنه كان عنده عرج في رجله بسبب جواز القرايب، وفي في اقوال تانية بتقول إنه بقى أعرج لأنه وقع من على عجلة حربية وهو...

قطع كلام عبد الرحمن صوت حسام اللي كان واقف قصاد باب الأوضة لما قال..

-توت عنخ أمون مين اللي كان اعرج يا مهبوش يا ابن المهابيش، انت اي حاجة بتتفرج عليها او بتسمعها على القناة اللي بتشوفها دي يبقى كلام موثوق منه.

وقتها اتعصب عبد الرحمن اوي وقال لحسام..

-انا مابخرفش، وكل الكلام اللي انا قولته ده صحيح وبأثباتات علمية، انت اللي جاهل وماتعرفش تاريخ الملك أخناتون ولا ابنه تتتتتوت ولا أي حاجة عن ال ال ال...

فجأة سكت عبد الرحمن لما الكهربا اتقطعت والدنيا ضلمت من حوالينا، مع قطعة النور المفاجأة دي سمعنا صوت عُمر صاحبنا وهو بيصرخ في أوضته..!

يتبع

(دي قصة تل العمارنة اللي بتأسف لحضارتكوا جدًا إنها هتنزل على جزئين لأنها طويلة جدًا.. ده الجزء الأول والجزء التاني بكرة في نفس المعاد بأذن الله، وعشان تلاقوا القصة بسهولة ف انا عملتلها هاشتاج بأسم #تل_العمارنة لما تدوسوا عليه هتلاقوا القصة بأجزاءها لما تنزل.. ويبقى السؤال المهم.. القصة عجباكوا.. اكملها؟!)

#محمد_شعبان

#محمد_جويلي

#تل_العمارنة

ليست هناك تعليقات