إبحث عن موضوع

اصوات الليل

حكايتي بتبتدي من حوالي ٢٠ سنة، بالتحديد من وقت ما اتجوزت جوزي جواز صالونات، بس بالرغم من أن جوازنا كان جواز صالونات، إلا إنه كان شخص طيب جدًا وبصراحة كده حبيته بعد الجواز وعيشت معاع أول سنتين من جوازنا في سعادة وهنا، خصوصًا بقى بعد ما خلفت منه أبني الأولاني وكمان بقيت حامل في ابني التاني، وفي الوقت اللي بقيت حامل فيه في ابني التاني.. جوزي قال لي إنه مش عارف يعيش بعيد عني انا وابنه، ولو هتسألني هو ليه كان بعيد، ف انا هقولك إنه كان شغال في دولة من دول الخليج.. يعني كان بيسافر كتير جدًا، بس ما بين كل فترة والتانية، كان بيرجع يقعد معانا وبعد كام أسبوع كان بيرجع يسافر تاني..

المهم أن جوزي في نهاية السنة التانية من جوازنا ووقت ما كنت حامل في ابني التاني زي ما ذكرت، في الوقت ده بقى واثناء ما كان جوزي في أجازة وموجود هنا في مصر.. قال لي اننا لازم نخلص ورق سفري لانه رتب حياته هناك على أن انا هروح اعيش معاه انا وابنه، وفعلًا بدأنا في أجراءات السفر وكنا خلاص هنسافر والحياة من وجهة نظري كانت هتبتدي تبقى أجمل.. لكن للأسف، مش كل اللي احنا عايزينه بيحصل ولا كل اللي بنتمناه بيتحقق..

انا وجوزي ماسافرناش لأننا وقت ما كنا بنجهز ورق السفر، جوزي فجأة كده تعب واشتكى من ألم قوي جدًا جدًا في معدته، ولما روحنا المستشفى عشان نعرف سبب الألم اللي جاله فجأة ده، الدكتور طلب مننا أشعة وتحاليل عالمعدة.. وللأسف، التحاليل والأشعة أثبتوا أن جوزي مُصاب بكانسر في القاولون!

وقتها جوزي طبعًا نفسيته تعبت وبدأ في مرحلة الانهيار من بعد ما عرف انه مصاب بمرض خطير زي ده، لكن انا وقتها طمنته وقولتله اني هفضل جنبه في رحلة علاجه لحد ما يقوم بالسلامة وبالفعل ده اللي حصل وبدأنا رحلة العلاج اللي أرهقتنا جدًا جدًا واحتاجت لمصاريف كتيرة اوي ف اضطرينا اننا نبيع الدهب بتاعي، ولما فلوس الدهب ماكفتش.. اضطرينا كمان اننا نبيع الشقة اللي كنا عايشين فيها ونروح نقعد عند حمايا في شقته اللي في منطقة من مناطق القاهرة، وفي الوقت ده كان جوزي محجوز معظم الوقت في المستشفى وانا طبعًا كنت معاه وجنبه باستمرار، وفي نفس الوقت كنت باخد بالي من ابني الأولاني وابني التاني اللي اتولد بعد مرض جوزي بكام شهر، وضيف على ده كله بقى أن انا كمان كنت برعى حمايا اللي للأسف هو كمان كان مريض وقعيد، وماكنش له حد يرعاه غيري لأني بقيت عايشة انا وهو في نفس البيت، ومن عند بيت حمايا بقى بتبدأ المصايب...

انا لما عيشت مع حمايا في شقته اللي في الدور الأرضي في عمارة من العمارات القديمة، كنت برعاه وباخد بالي منه وكمان كنت بروح لجوزي المستشفى وافضل قاعدة معاه لوقت طويل، ولما كنت برجع من المستشفى كنت باخد ابني الكبير من عند جارتي.. جارتي اللي الله يباركلها كانت بتروح تجيب ابني من الحضانة وبتفضل مخلياه معاها لحد ما برجع من المستشفى انا وابني الصغير، وطبعًا لما كنت برجع من المستشفى كنت بنضف الشقة وبشوف حمايا لو كان محتاج حاجة، وكمان كنت براعي أولادي عشان من تاني يوم أبدأ أعمل اللي كنت بعمله في اليوم اللي قبله...

ماكنتش بنام يا أستاذ محمد.. هو بس يادوبك كنت بنام كام ساعة بالليل كده، ومن الصبح بدري كنت بصحى اودي ابني الحضانة وارجع انضف حمايا واشوفه لو محتاج أي حاجة وبعد كده اخد بعضي واروح المستشفى اللي فيها جوزي.. جوزي اللي حالته اتدهورت مع الوقت لدرجة ان الدكاترة شالوا له جزء كبير من القاولون، وده لأن المرض بقى في مرحلة متأخرة وبسببها بقت حياة جوزي في خطر، وبالرغم من كل اللي حكيته لحضرتك ده.. إلا إني فضلت واقفة على رجلي وفضلت عايشة ومستحملة، كنت بستحمل كل حاجة وأي حاجة إلا أن انا ماعرفش انام الكام ساعة اللي كنت بنامهم بالليل، ولو هتسألني ليه ماكنتش بعرف انام!.. ف انا هقولك اني يادوب بس كنت اغمض عيني من هنا، والأصوات الغريبة والخبط يبدأوا من هنا، ده كمان غير صوت حمايا اللي كان بيفضل ينده عليا طول الليل، ولما كنت اقوم من النوم كنت بلاقيه نايم ومابيندهش ولا أي حاجة، وضيف بقى على كل اللي قولتهولك ده هو الصوت اللي كنت بسمعه كل يوم بالليل جاي من برة الشقة... يوميًا ومن أول الساعة ٢ بعد نص الليل، كنت بسمع أصوات خطوات على السلالم.. كانت خطوات لواحدة ست واضح جدًا انها لابسة جزمة بكعب لأن صوت خبط رجلها على السلالم كان بيبقى واضح اوي.

في الأول قولت انا ماليش دعوة وجايز تكون دي واحدة من سكان العمارة ف ماكنتش بهتم، وكنت بكمل نومي بعد ما صوت الخطوات بيروح، لكن بيني وبينك كده انا مع الوقت بدأت ازهق، وعشان كده قررت ان انا انقل نومي من الأوضة اللي جنب الباب للأوضة اللي في اخر الشقة، او بالتحديد يعني أوضة الضيوف.. أوضة الضيوف اللي رتبتها وجهزت نفسي أن انا هنام فيها، بس اول ليلة ليا في الأوضة دي وأثناء ما كنت نايمة على الكنبة اللي عملت حسابي اني هنام عليها ونقلتها تحت الشباك، صحيت من نومي ليلتها برضه على صوت ماية بتترش من بلكونة شقة من الشقق اللي في العمارة.. ولأن شقة حمايا كانت في الدور الارضي زي ما قولت ولأن العمارة كانت من العمارات القديمة زي ما قولت برضه، ف الشباك بتاع الأوضة كان من الشبابيك العالية اللي بتكون من دورين، يعني انا كنت بقفل الدور الأول او التحتاني من الشباك، والجزء الفوقاني مابقفلوش وبسيبه مفتوح عشان يدخل هوا، وعشان كده وفي الليلة اللي نمت فيها في الأوضة انا ماصحتش على صوت رش ماية وبس لأ.. انا كمان صحيت لما لقيت الماية دي غرقت وشي لما دخلت من الجزء الفوقاني من الشباك، طبعًا يومها انا فضلت صاحية وقولت أن انا مش هتكلم مع حد.. لحد ما ابقى اقابل جارتي اللي شقتها قصاد شقتنا، ولما اشوفها بقى هبقى احكيلها على اللي حصل لي وانا نايمة واعرف منها مين قليل او قليلة الذوق اللي رشوا ماية قبل الفجر بالطريقة اللي خلت الشباك كله يتغرق لدرجة ان الماية تدخل لي جوة وانا نايمة تحته، المهم يومها قومت الصبح وديت ابني الحضانة وبعد كده رجعت فطرت حمايا وخدت ابني وروحت المستشفى لجوزي، في اليوم ده فضلت قاعدة طول النهار مع جوزي لحد ما الليل جه.. ومع هدوء الليل في المستشفى، جوزي قال لي انه عاوز يخرج الليلة دي ويقضيها معانا في البيت.. وبعد كده يبقى يرجع تاني يوم الصبح، لما قال لي كده انا روحت قولت للدكتور المعالج لحالته وهو سمح لنا بده بس على شرطين.. أولهم أن انا اخد بالي منه واغيرله على الجرح اللي في معدته كويس جدًا، والشرط التاني أن انا ارجعه الساعة ٩ الصبح بالظبط، وده اللي انا عملته.. خدت جوزي يومها معايا في تاكسي وروحنا على الشقة، بس قبل ما ندخل الشقة خبطت على جارتي عشان اخد منها ابني اللي كان طول النهار معاها، لما خبطت عليها فتحت لي الباب وسلمت عليا وعلى جوزي وبعد كده دخلت تجيبلي الولد من شقتها، لكنها اول ما خرجت بالولد وأول ما خدته منها، بدأت اسمع أصوات خطوات الست اللي كانت متعودة تنزل من عالسلم بطريقتها المستفزة، وقتها انا حسيت ان جارتي اتاخدت كده وكمان جوزي وهو واقف بص لي بخوف، انا مافهمتش بصراحة نظاراتهم ولا فهمت هم مالهم اتخضوا كده ليه.. وعشان كده وقتها بصيتلهم باستغراب وقولتلهم..

-انتوا مالكوا اتخضيتوا كده ليه.. هي الست دي مستفزة كده ومتعودة تنزل كل يوم بالليل بالطريقة دي، ده انا حتى امبارح نقلت مكان نومي من الأوضة اللي جنب الباب وجنب أوضة حمايا.. لأوضة الضيوف، وكمان لما نقلت لأوضة الضيوف ماعرفتش انام بسبب الماية اللي كانت بتدلق على الشباك من شقة من شقق العمارة.. هم الجيران اللي في العمارة كلهم كده مستفزين؟!

لما قولت كلامي ده، جوزي ارتبك وجارتنا بصت لي بملامح فيها خوف ورعب ملهمش تفسير وقالتلي وهي بتدخل شقتها..

-استني.. انا هاجي افهمك كل حاجة.

دخلت جارتي شقتها وبعد ما دخلت سمعت صوت قرأن اشتغل من جوة الشقة، بعد كده لقيتها خرجت تاني وقالتلي..

-تعالوا اتفضلوا.. ادخلوا اقعدوا عندي طيب.

وقتها انا بصيت لها باستغراب..

-لا شكرًا.. جوزي تعبان ولازم يدخل الشقة لأن زي ما انتي عارفة حالته وكده، ما تيجي حضرتك عندنا الشقة وبالمرة تفهمينا هو في ايه بالظبط.

لما قولتلها كده بصت لي وقفلت باب شقتها وهي بتقولي..

-انا هاجي افهمك كل حاجة وجوزك طبعًا هيأكد على كلامي لأنه شاف اللي حصل.

قالتلي جارتي كده وانا كنت باصة لها باستغراب ومش فاهمة معنى كلامها، وكمان ماكنتش فاهمة هي ليه أصوات الخطوات بتاعت الست دي سكتت لما القرأن اشتغل!

وعشان كده فتحت باب شقتي ودخلت انا والولاد وجارتي.. جارتي اللي ساعدتني وسندت معايا جوزي لحد ما دخلنا بيه الأوضة اللي جنب الباب وبعد كده دخلت اطمنت على حمايا ونيمت الولاد وقعدت انا وهي وجوزي في الأوضة، وقتها بدأت كلامها لما قالت لي..

-ماتناميش في الأوضة اللي جوة دي تاني.. نامي في الأوضة اللي احنا قاعدين فيها دي وشغلي قرأن.. لما تعملي كده مش هتسمعي أي حاجة صدقيني.

بصيتلها بعدم فهم وبعد كده بصيت لجوزي اللي كان شكله مرهق وتعبان اوي وبعدين قولتلها..

-مش هسمع حاجة ازاي يعني.. هو في ايه يا ست سعاد، فهميني هو في ايه بالظبط، ولا تفهمني انت طيب!

قولت كده وانا ببص لجوزي، لكن جارتي وقتها اتدخلت..

-انا هحكيلك يا حبيبتي.. هحكيلك كل حاجة لأن من الواضح ان جوزك تعبان ومش قادر يتكلم.

وفعلًا.. بعد ما قالتلي كده ابتدت تحكي وتقول...

خلينا نبدأ بالماية اللي سمعتيها بتترش على الشباك، ودي بقى حكايتها مالهاش دعوة خالص بالصوت اللي بتسمعيه عالسلم... الماية دي حكايتها بتبدأ من سنين كتير اوي، وقتها جوزي كان لسه عايش وكمان حماتك كانت عايشة وجوزك واخوه كانوا لسه صغيرين، في الوقت ده بقى كانت العمارة اللي قصاد عمارتنا مليانة سكان وماكانِتش فاضية زي دلوقتي، العمارة دي فضيت ومابقاش حد يسكن فيها بسبب اللي حصل، واللي حصل هو أن في يوم المنطقة كلها صحيت الصبح على صوت هبدة او خبطة قوية على الأرض، ولما خرجت انا وحماتك الله يرحمها وبقية الجيران عشان نعرف سبب الهبدة دي ايه، اكتشفنا ان الست اللي كانت ساكنة في الدور الخامس في العمارة اللي قصادنا، رمت نفسها من الدور الخامس.. الدم كان مغرق الأرض والست راسها كانت متكسرة قصادنا، وطبعًا لما ده حصل.. الجيران اتلموا والاسعاف جت خدت جثتها والبوليس اخد جوزها اللي قال انها رمت نفسها بسبب خلاف ما بينهم، لكن مش دي المشكلة يا بنتي.. المشكلة ان الدم بتاع الست كان مغرق الأرض والشباك بتاع الأوضة اللي جوة دي لأنها وقعت قصاده بالظبط.. وعشان حماتك تشيل الدم، جابت ماية وغسلت الشباك وكمان الناس غسلوا الدم اللي كان مغرق الدنيا قصاد الشباك زي ما قولتلك.. ومن يومها بقى وكل اللي بينام او بيقعد في الأوضة دي بالليل، بيسمع صوت ماية بتترش وكمان صوت صرخات الست.. صوت صرخات الست اللي مع الوقت مابقاش يتسمع زي ما كان في الأول، ومن يوم اللي حصل ده وحماتك خلت الأوضة اللي جوة دي عبارة عن صالون، وحطت فيها كنبة وكام كرسي كده ومابقتش تدخلها بالليل خالص.. لا هي ولا ولادها ولا حتى حماكي، لأنها كانت بتقولي انها بتسمع فيها أصوات صرخات الست وكانت كل ما تقعد فيها بالليل كانت بتسمع صوت ماية بتترش او بتدلق على الشباك.. اما بقى العمارة.. ف العمارة كل اللي كانوا ساكنين فيها سابوها ومشيوا بعد ما اتعرف ان الرجل هو اللي رمى الست ومش هي اللي انتحرت زي ما قال، ولما الناس سابوها ومشيوا وصاحبها حب يأجر الشقق اللي فيها.. ماحدش كان بيستحمل يقعد في أي شقة من شققها لمدة شهر بسبب الأصوات اللي كانوا بيسمعوها سكان الشقق، وكمان بسبب عفريت او شبح الست اللي كان ومازال على فكرة بيظهر في العمارة، ودي بقى كانت حكاية الماية اللي سمعتيها وانتي نايمة تحت الشباك.. اما بقى عن صوت خطوات الست اللي بتسمعيه كل ليلة عندنا في العمارة هنا... ف ده بقى له حكاية تانية خالص..

من حوالي ١٠ سنين كده وبعد ما حماتك اتوفت وقبل ما حماكي يتعب ويبقى قعيد، وقتها كان جوزك واخوه عايشين هنا وماكنوش لسه سابوا في البيت، في الوقت ده بقى وفي ليلة من الليالي، كل سكان العمارة صحيوا على صوت صرخات واحدة ست جاي من عالسلم، ولما الناس فتحوا الأبواب وخرجوا عشان يشوفوا مين اللي بتصرخ دي، اكتشفنا كلنا أن البنت اللي اسمها ماجدة اللي عايشة هي وابوها وامها واخوها في الدور التالت ولعت في نفسها وكانت نازلة تجري عالسلم وهي محروقة، طبعًا السكان اتلموا وطفوها بالبطاطين اللي خرجوها معاهم، لكن للأسف كل ده كان من غير أي فايدة.. ماجدة عقبال ما راحت المستشفى كانت ماتت، وبعد ما ماتت بقى عرفنا انها ولعت في نفسها لأنها كانت بتحب شاب اتقدملها واهلها رفضوه.. اهلها اللي بعد موتها سابوا الشقة وعزلوا، ولحد النهاردة على فكرة الشقة مقفولة وماحدش سكن فيها بسبب برضه ان لما أي حد بيسكنها، كان بيشوف شبح ماجدة المحروقة وكمان بيسمع صوت صراختها، ده غير طبعًا صوت خطواتها بالجزمة اللي كعبها عالي اللي كانت متعودة تلبسها.. الصوت ده بقى يا بنتي من يوم اللي حصل وهو كل ليلة بيتسمع عالسلم، بداية من الساعة ٢ بعد نص الليل، لحد أذان الفجر.. بس خليني اقولك ان كل اللي في العمارة هنا لما بيشغلوا قرأن ماحدش بيشوف حاجة ولا حد بيسمع حاجة.. نامي يا بنتي في الأوضة هنا وشغلي قرأن وبأذن الله مش هتسمعي حاجة، انا بعمل كده كل ما بسمع صوت الخطوات دي.. عيشي يا بنتي واستحملي زي ما احنا عايشين ومستحملين، احنا ماحدش فينا يقدر يسيب شقته لأن الشقق هنا غالية اوي واحنا واخدين شققنا دي من زمن الزمن، وكمان كل واحد من اللي عايشين هنا له ذكريات مع الشقة اللي واخدها ومستحيل انه يسيب الذكريات دي ويمشي عشان خطوات واحدة ست نازلة بكعب عالي بالليل او حتى علشان شوية بيترشوا بماية عالشباك.. عيشي يا بنتي واعملي زي ما انا عاملة من يوم موت جوزي الله يرحمه.

بعد ما الست خلصت كلامها، انا كنت باصة لها وانا في حالة ذهول، والاغرب من كلامها بقى كان رد فعل جوزي.. جوزي اللي كان باصص لها وهو بيهز دماغه وكأنه بيآمن على الكلام اللي هي بتقوله!

بصراحة كده انا بعد ما سمعت الكلام ده، ومن تاني يوم بقيت بعمل زي ما هي قالت.. اتعودت دايمًا اشغل قرأن في البيت.. ومن وقت ما بقيت بعمل كده وانا مابقتش بسمع أصوات الخطوات، وطبعًا الأوضة اللي في أخر الشقة دي مابقتش بدخلها بالليل، لا انا ولا أي ولد من أولادي.. أما بقى بالنسبة لحمايا، ف هو زي ما قولتلك قبل كده، رجل قعيد ومابيقدرش يتكلم كلمتين على بعض بسبب مرضه ومعظم الوقت كان نايم على سريره اللي في أوضته، ومع مرور الوقت وتأقلمي على عيشتي في الشقة اللي حواليها المصايب دي من كل حتة.. مرض جوزي ابتدى يزيد وقعادي معاه في المستشفى بقى اكتر واكتر لحد ما في يوم اتوفى!

اتوفى جوزي وانا من يومها فضلت قاعدة مع حمايا لأن اخو جوزي كان عايش برة مصر، ومن بعد موت جوزي بكام شهر كده اتوفى حمايا هو كمان، وانا بقى سيبت الشقة دي خالص وروحت عيشت مع والدتي اللي بالمناسبة يعني ماكنش من الأصول أن انا اروح اعيش عندها واسيب جوزي وحمايا وهم مالهمش حد يرعاهم غيري..

والنهاردة وبعد مرور سنين على اللي حصل بحكيلك حكايتي، بحكيلك والعمارة دلوقتي اتهدت واتبنى مكانها برج هي والعمارة اللي كانت قصادها، بحكيلك حكايتي والنهاردة اولادي بقوا شباب وماحدش منهم يعرف حاجة من اللي حكيته، لأني ممكن لما احكيلهم مايصدقوش، ف رجاء خاص يا استاذ محمد.. ياريت لو حضرتك هتحكي حكايتي دي.. احكيها من غير ذكر أسماء أو غير في الأسماء خالص وياريت بلاش تذكر أسماء المنطقة اللي كانت فيها العمارة عشان الناس اللي ساكنين فيها مايعرفوش الحكاية ومايتأذوش ولا يخافوا من شققهم لما يعرفوا.. ولو حضرتك حابب تقول حاجة بخصوص المنطقة عشان المصداقية وكده، ف انت ممكن تقول ان العمارة كانت في حي قديم وعتيق من أحياء القاهرة، ورجاء اخير بتمناه من حضرتك ومن كل اللي هيقروا الحكاية.. ادعوا لجوزي بالرحمة وادعوا لكل اللي حكاياتهم اتذكرت هم كمان بالرحمة وشكرًا جزيلًا لحضرتك..

(دي كانت حكاية بعتتها احدى المتابعات وانا بس أعادت صياغتها عشان تنفع تبقى قصة، أما بقى مصداقية القصة من عدمها فالعهدة على الراوي...)

تمت

#محمد_شعبان

ليست هناك تعليقات