إبحث عن موضوع

ضحية سعار

انا شاب مصري.. بشتغل محاسب في شركة مقاولات شهيرة جدًا، عايش مع أمي وابويا بعد ما اختي واخويا اللي اكبر مني اتجوزوا، ولأن امي ماحدش عايش معاها غيري من بعد جواز اخواتي زي ما ذكرت، ف في يوم قالتلي أن خالتي اللي عايشة لوحدها تعبت جدًا.. وعشان كده المفروض أن انا كنت اخدها بالعربية بتاعتي واوديها لخالتي عشان تقعد معاها وتاخد بالها منها، وفعلًا ده اللي حصل يومها.. خلصت شغلي وروحت البيت وبعد كده خدت امي بعد ما اتأكدت أن ابويا مش محتاج لحاجة وروحنا لخالتلي.. خالتي اللي للأسف ربنا مارزقهاش بأولاد لأنها مابتخلفش وعشان كده عايشة لوحدها في منطقة متطرفة من مناطق القاهرة، المهم أن انا خدت امي بالعربية يومها وروحنا لخالتي اللي فعلًا كانت تعبانة اوي، وبسبب تعبها ده أمي قالت انها هتبات معاها، وقالت أن انا كمان هفضل موجود معاهم عشان لو احتاجوا حاجة او حصل أي ظرف طاريء يعني يلاقوني جنبهم.. ولأني مابعرفش انام كويس في أي مكان غير سريري، ف انا ليلتها اطمنت على خالتي واطمنت ان امي نايمة جنبها وبعد كده دخلت المطبخ عملتلي فنجان قهوة وخدت علبة سجايري ووقفت في بلكونة أوضة من أوض الشقة، كنت سرحان في حاجة كنت بقراها على الموبايل وانا بدخن السيجارة وبشرب القهوة لحد ما فجأة سمعت صوت كلاب بتنبح بشراسة.. والصوت ده كان جاي تحديدًا من ناحية الشارع، وقتها سيبت الموبايل من إيدي وبصيت ناحية الشارع اللي ماكنش فيه غير مجموعة من الكلاب.. بس اللي لفت نظري ساعتها مش كلاب ونباحهم المستمر.. انا اللي لفت نظري الحاجة او الحد اللي كانوا بينبحوا عليه، الكلاب دي كانت ملمومة حوالين ولد صغير وعمالين يهاجموه بكل وحشية وكأنهم هياكلوه، وفي نفس الوقت الولد ده كان بيحاول يجري منهم لكنهم كانوا مستمرين في الجري وراه لحد ما لحقوه وقدروا انهم يزنقوه عند حيطة من حيطان العمارة اللي قصاد العمارة اللي فيها شقة خالتي، والولد ده اول ما الكلاب زنقته عند الحيطة قعد عالأرض وابتدي يبكي ويصرخ والكلاب برضه كانت ملمومة حواليه وعمالة تهاجمه، المنظر بصراحة هزني وخلاني رميت السيجارة من إيدي بسرعة وخدت مفتاح بتاع الشقة من على الترابيزة اللي في الصالة، ونزلت جري على الشارع عشان انقذ الولد من الكلاب اللي كانت عمالة تعض فيه، نزلت جري للشارع وأول ما نزلت جيبت طوبة من عالأرض وبدأت اهوش بيها الكلاب عشان تبعد لحد ما بعدوا فعلًا عن الولد وطلعوا يجروا بعيد عن المكان اللي انا كنت واقف فيه، بعد ما عملت كده والكلاب مشيت.. روحت ناحية الولد اللي كان قاعد على الأرض وقولتله وانا بقرب منه..

-انت كويس يا حبيبي..!

لما قولتله كده رد عليا وهو بيعيط..

-لا مش كويس.. عضوني في رجلي وانا مش قادر اتحرك.

أول ما الولد قال لي كده.. انا حسيت ان قلبي بيتقطع لأنه صعب عليا اوي، ف قربت منه اكتر وحاولت اطمنه..

-طب ماتخافش.. انت ساكن فين؟!

شاور بإيده ناحية اخر الشارع وقال لي بنفس نبرة صوته وهو بيتألم..

-ساكن في أخر الشارع.. انا تعبان اوي.. ااه.

أول ما اتألم بقوة لدرجة انه صرخ من شدة الألم، انا ماحستش بنفسي الا وانا بطلع جري للشقة عشان اخد مفاتيح عربيتي وانزل للشارع تاني عشان اشيله واروح بيه اي مستشفى، بس لما طلعت الشقة وجيبت المفتاح، وبعدين نزلت للشارع تاني مالقتش الولد!

دورت عليه في كل مكان لدرجة أن انا روحت وجيت في الشارع مرتين تلاتة وبرضه مالقيتهوش، وقتها جه في بالي أن أهله سمعوا صراخه مثلًا ونزلوا له، أو هو مشي أو..

بس هو هيمشي ازاي وهو أصلًا ماكنش قادر يقوم يمشي على رجله اللي الكلاب عضوه فيها!

فضلت واقف في الشارع كده لدقايق وانا تايه ومش فاهم أي حاجة لحد ما لقيت من بعيد، مجموعة كلاب جايين بيجروا ناحيتي، مجموعة من الكلاب فضلوا يقربوا مني اكتر واكتر وهم بينبحوا بصوت عالي.. ساعتها بصراحة انا خوفت لدرجة إنهم قبل ما يقربوا مني، خدت بعضي وطلعت جري عالشقة اللي أول ما طلعتها دخلت قعدت على كرسي من كراسي الصالون وانا باخد نفسي بالعافية لحد ما لقيت امي خرجت من الأوضة اللي كانت نايمة فيها وهي بتقول لي..

-مالك يا ابني.. في ايه، انا سمعت صوت باب الشقة وهو بيتقفل مرتين، انت ايه اللي نزلك الساعة دي؟!

لما سألتني جاوبتها وقولتلها على اللي حصل معايا وعن اللي شوفته، بس بعد ما حكيتلها لقيتها قالتلي وهي مستغربة وكأنها يعني مش مصدقاني..

-طب والواد ده هيكون راح فين وانت بتقول انه ماكنش قادر يمشي، ايه.. الكلاب خطفته مثلًا؟!

رديت عليها وانا كمان مستغرب ومش فاهم اللي حصل..

-ماعرفش يا ماما.. ماعرفش، انا حكيتلك اللي حصل بالظبط، وبعدين الموقف كله أصلًا حصل في حوالي خمس دقايق، يعني الولد ماكنش لحق يجري.

لما قولتلها كده ردت عليا..

-طب هيكون راح فين يعني، وبعدين لو زي ما انت بتقول كده وكلامك مظبوط، أن في ولد صغير الكلاب كانت هتاكله في الشارع وانت بعدتهم عنه وطلعت عشان تجيب مفتاح العربية وتاخده لاقرب مستشفى، تقدر تقولي بقى الولد ده ايه اللي هينزله من بيتهم الساعة دي.. ده احنا قُرب الفجر يا ابني.

بعد ما امي قالت كلامها ده، روحت انا ناحية بلكونة الصالة اللي وقفت فيها وانا بشاور على الشارع وبقولها بعصبية..

-اهو يا ماما.. الكلاب اهي واقفة في الشارع وعمالة تهوهو زي ما انتي شايفة.

فعلًا الكلاب كانت واقفة تحت العمارة وعمالة تنبح بصوت عالي اوي، قربت امي من البلكونة وبصت ناحية الكلاب اللي كانوا بينبحوا وهم بيبصوا على حاجة او على حد في الشارع.. والحد ده مش موجود او ماحدش شايفه غيرهم، وقتها أمي أول ما بصت وقبل ما تقول اي كلمة، أذان الفجر كان ابتدى يأذن.. ومع بداية الأذان الكلاب سكتت وابتدوا يمشوا واحد ورا التاني لحد ما وصلوا لأخر الشارع وبعد كده اختفوا، ساعتها امي بصت لي وهي بتضحك عشان تطمنني وقالت..

-خش اتوضى وصلي الفجر وابقى شغل قرأن، وبعد كده لما تشوف كلاب بالمنظر ده في الشارع بالليل ماتنزلهمش.

بصيت لها بعدم فهم، ف كملت كلامها..

-يا حبيبي انت اللي شوفته ده عفريت.. وارد يكون الولد ده بسم الله الرحمن الرحيم وانت ربنا سترها معاك ومأذاكش.. ادخل صلي وبعد كده اقرأ قرأن ونام عشان عندك شغل الصبح بدري.

بصراحة ماردتش عليها لأن ماكنش عندي كلام اقوله، انا سمعت كلامها ودخلت اتوضيت وصليت الفجر، وبعد كده قعدت اقرأ قرأن في الأوضة اللي كنت واقف في بلكونتها لحد الصبح، ومع طلوع النهار خدت بعضي ونزلت عالشغل، وبعد ما اليوم خلص، روحت لشقة خالتي لأن امي قالتلي انها لازم ترجع شقتنا عشان تجيب هدوم ليها وبعدين ابقى ارجعها تاني، بس لما وصلت لشقة خالتي.. أمي قالتلي أن خالتي لما عرفت منها اللي حصل معايا، قالتلها أن اللي شوفته ده مش بني أدم.. ده عفريت!

وكان تفسيرها للكلام اللي قالته، أن من كام يوم.. كان في ولد صغير من أطفال الشوارع.. الكلاب اتلموا عليه بالليل في نفس المكان اللي شوفت فيه الولد اللي شوفته وفضلوا يعضوا فيه لحد ما الجيران اتلموا وانقذوه منهم وخدوه عالمستشفى، بس للأسف الناس بيقولوا أن الولد ده مات والدكاترة ماقدروش ينقذوه لأنه كان متصاب أصابات جامدة اوي، وكمان صحته نفسها كانت تعبانة، ف الدكاترة ماقدروش يعملوا له حاجة ومات!

بعد ما امي قالت كلامها ده وبعد ما خالتي هي كمان أكدت عليه لما سألتها، انا خدت امي ووصلتها لشقتنا وبعد كده رجعتها لخالتي تاني وروحت على بيتنا.. بس قبل ما اروح قولت لامي انها لو احتاجتني في أي حاجة تبقى تتصل بيا، وانا هبقى اروحلها لأني مش هبات في شقة خالتي ولا هقعد في المنطقة دي تاني بالليل مهما حصل، ومن يومها يا أستاذ محمد وانا مابقتش ابات عند خالتي انشالله لو السما هتنطبق عالأرض..

(دي كانت حكاية بعتهالنا احد المتابعين.. حضراتكوا مصدقينه ولا لأ؟!)

تمت

#محمد_شعبان

ليست هناك تعليقات