ام النخيل
عم احمد البسطاويسي عنده البداية و النهاية، عنده حكايات عن الجن و العفاريت و عن اساطير زمان، مين احمد البسطاويسي؟
هو رجل عمره عدى ال ٦٠ بحوالي كام سنة، رجل قعيد و تقريبًا مابيخرجش من بيته لأن بنته اللي عايشة معاه هي اللي بترعاه و بتجيب له اي حاجة بيحتاجها، عم احمد جاري في المنطقة من سنين...في الحقيقة كنت شايفه رجل قعيد و عجوز أنما لما اشتغلت صحفي تحت التمرين في جورنال و بدأت اجمع مقالات عن الاساطير و عن الحاجات الغريبة اللي حصلت زمان؛ والدي نصحني أن انا اروح للرجل ده لأنه بير حكاوي مابيخلصش، و فعلًا سمعت كلام ابويا و روحتله، الفرق ما بين بيته و بيتنا اللي ف حي الجمالية حوالي ٣ دقايق مشي و لذلك خرجت من البيت و بعد دقايق كنت بخبط على بابه، وقتها فتحتلي بنته اللي عارفاني و رحبت بيا لما عرفت أن انا جاي اطمن على عم احمد و دخلتني عنده الأوضة و راحت تعمل لنا شاي زي ما هو قال لها، رحب بيا جدًا و بعد كده بص لي بصة غريبة مافهمتش معناها الا لما قال...
- واد يا راضي...انت جايلي ليه و ماتقوليش عشان تسأل عليا و الشويتين دول، شكلك بيقول أنك عاوز حاجة.
وقتها ضحكتله و قولتله بخجل و انا بحاول اقول الحقيقة بشكل شيك...
- بصراحة اه....انا لسه مستلم شغل في الجورنال قريب... بقيت صحفي تحت التمرين، و المطلوب مني أ انا اجمع مجموعة مقالات عن الحوادث و الاساطير الغريبة اللي حصلت في مصر زمان و لما قولت لابويا اجيب حكايات منين قال لي اجيلك؛ ف بصراحة جيتلك عشان تحكيلي عن حكايات انت تعرفها عن الجن و العفاريت و المقابر و النداهة و الحاجات الغريبة دي يعني...
قطع كلامي لما قال...
- و عن ام النخيل...!
وقتها بصيتله و انا عنيا بتلمع و رديت عليه بابتسامة...
- مين ام النخيل يا عم احمد..؟!
رد عليا و قال...
- خد ورقة و قلم من درج الكومودينو اللي جنبي و اكتب اللي هحكيهولك عشان تبقى...
قطع كلامه بنته اللي دخلت بالشاي و حطته على الترابيزة الصغيرة اللي كانت قصادي و انا قاعد جنبه عالسرير و بعد ما عملت كده طلب منها انها تخرج و تقفل علينا الباب و فعلًا نفذت كلام ابوها و خرجت و قفلت الباب وراها، وقتها بصيت لعم احمد و انا ماسك الموبايل بتاعي و قولتله...
- الورقة و القلم دول كانوا زمان يا عم احمد، دلوقتي شغل الصحافة كله بقى اليكتروني و بدل ما اكتب..انا هسجل كلامك و لما اروح هكتبه على اللاب و ابعته لمديري.
وقتها بص لي باستغراب و قال...
- هتكتبه ع الهباب ازاي يا ابني...و بعدين هباب ايه اللي هتكتب عليه كفى الله الشر !
وقتها ضحكت غصب عني بصوت عالي و قولتله...
- لا يا عم احمد مش هباب انا قولت لاب...يعني لاب توب أو بالعربي كمبيوتر محمول.
وقتها بص لي بقرف و قال...
- طب ما تقول كمبيوتر...كتكم البلا جيل لسانه ملووح.
ضحكت و طلبت منه انه يحكي و بالفعل اتعدل في قعدته و بدأ يحكي...
- حكاية ام النخيل دي بقى حصلتي لما كنت بشتغل في الصعيد.
وقتها شغلت مسجل الموبايل و قولتله...
- احكي يا عم احمد انا جاهز.
بدأ يحكي و يقول...
أيام ما كنت شاب كنت بشتغل في بلدنا في الصعيد، انا أصلًا من الصعيد بس ابويا و امي و اخواتي كانوا عايشين هنا في الجمالية تحديدًا في البيت ده، البيت اللي انا ورثته منهم و اتجوزت فيه و لسه عايش فيه لحد دلوقتي، في الوقت اللي بقولك عليه ده روحت اشتغل مع عمي في الزراعة لأنه كان رجل غني و كان بيشتري اراضي و يزرعها، ف في الوقت ده هو اشترى أرض مليانة نخل و كانت الناس بتقول أنه اشتراها بسعر رخيص لكنها أرض مش تمام و لما سألت عن سبب انها مش تمام قالوا لي أنها أرض مسكونة بعفريتة اسمها (ام النخيل) سموها كده لأنها بتظهر وسط النخل، و لما سألت الناس عن أصل حكاية العفريتة دي قالوا لي على عنوان واحد فلاح كان شغال في الأرض و هو حكى لي أنه كان شغال في الأرض ف مرة و كان بيلم البلح و شاف العفريتة دي في مرة، و من يومها ساب الأرض و مارجعلهاش تاني و لما راح سأل رجل كبير في البلد حكى له حكاية الست دي من اولها، الست دي يا ابني كانت متجوزة رجل من عيلة كبيرة و الرجل ده كان بيسافر يشتغل في العراق و بيقعد فترات كبيرة لكنها كانت ست مشيها بطال... ده الكلام اللي اتحكى لي و الله أعلم برضه، المهم الرجل ده قال لي أن الرجل العجوز قال له أن جوزها ف مرة غاب لمدة سنة و نص تقريبًا لكن المصيبة ان الست دي بقت حامل و لما أهل الرجل عرفوا ولاد عمه فضلوا يدوروا عليها لحد ما لقوها و حطوها ف شوال و جابوها للأرض دي لأنها كانت بتاعتهم و دبحوها؛ و عشان يخفوا الموضوع عن الحكومة قطعوها هي و اللي كان ف بطنها حتت و رموها في الأرض دي عشان الكلاب المسعورة و الديابة ياكلوها و فعلًا ده اللي حصل و ماحدش قدر يفتح بقه لأن الناس وقتها قالوا أن ده حقهم لأنها زانية و اللي ف بطنها كان ابن حرام، المهم اللي عملوا العملة دي بعد مرور حوالي شهر من اللي حصل كانوا بيلاقوهم شاب ورا التاني مشنوقين على الشجر و النخل اللي مزروع في الأرض باحبال طويلة، ماتوا واحد ورا التاني و العيلة وقتها قالت أن اللي عمل في الشباب دول كده قطاع طرق او عيلة تانية ليهم معاهم تار لكن الناس كلها عرفت بعد كده أنهم كان بيطلعلهم عفريتة الست اللي قطعوها هي و ابنها و هي اللي خلتهم يموتوا نفسهم او هي اللي قتلتهم والله أعلم، المهم أن الخبر انتشر و الناس بقت بتخاف تقرب من الأرض دي و العيلة وقتها عرضت الأرض للبيع لأنها خلاص بقت أرض ملعونة لكن ماحدش اشتراها رغم سعرها القليل لحد ما جه عمي الفلحوص و اشتراها و اتحدى الكل و كان المطلوب مني انا بقى أني اشتغل فيها، بصراحة يا ابني انا غريزتي و عدم تصديقي خلوني اروح ابص عالأرض و فعلًا روحت؛ كانت ارض مليانة نخل و شجر بس النخل كان شكله مقبض و يخوف، لكن برضه اتحديت نفسي و مشيت في الأرض شوية لحد ما وصلت عند نصها تقريبًا و وقفت...وقفت لما سمعت صوت صريخ لطفل !
وقتها الدم اتجمد ف عروقي و اتخشبت مكاني لحد ما حسيت بحد بيتنفس ورا ضهري، ساعتها لفيت و بصيت ورايا و شوفت اللي عمري ما كنت اتمنى أن انا اشوفه..
شوفت ست شايلة عيل صغير مش باين لا هو ولا وشها بسبب شعرها اللي كان نازل على وشها و على العيل اللي كانت شايلاه، بس المرعب أكتر بقى أنها كانت بتنزف دم مش طبيعي من بطنها اللي كانت مفتوحة و كان خارج منها أعضاءها الداخلية، بصراحة أول ما شوفت المنظر ده و سمعت معاه صراخ الطفل اللي كان مزعج و مخيف بخلاف صراخ أي طفل تاني و اللي لا يمكن انساه لحد ما اموت؛ خدت بعضي و جريت... رجعت على هنا و حرمت انزل البلد من أصله و بعد كده عرفت أن حتة الأرض دي شالوا منها النخل و باعوه و الأرض بقت بور و اتهجرت و ماحدش بقى بيقرب نواحيها و لحد هنا خلصت معرفتي بالموضوع لأني مانزلتش البلد ألا بعدها بفترة وقت موت عمي و لما نزلت حتى ما سألتش عن الأرض بسبب اللي شوفته لأني كنت ما صدقت نسيت.
وقتها قولت لعم احمد...
- و الأرض دي طيب ماتعرفش أيه مصيرها دلوقتي ؟
رد عليا عم احمد...
- والله يا ابني ما اعرف، انا بس حكيت اللي شوفته و عرفته و صدقني مهما كان اللي حصل بعد كده ف هو اكيد مش خير لأن الأرض زي ما قولتلك اصبحت بور و مهجورة.
خلصت كلام مع احمد و روحت كتبت الحكاية اللي سجلتها منه و بعد فترة نزلت مكتوبة في مقال، كل ده كان كويس و اتحسب لي عند رئيس التحرير إنما اللي مش كويس هو أن عم احمد مات بعد ما المقال نزل بيومين و اللي مش كويس أكتر أن انا بقيت بشوف الست اللي حكى لي عليها في مراية الحمام، بس كل ده كان يعدي و ممكن نقول أن موت عم احمد صدفة و أن اللي انا بشوفها في مراية الحمام تهيؤات، إنما الموضوع مابقاش ينفع يعدي خصوصًا أن انا اتأكدت من كلام عم احمد الله يرحمه لما روحت للمحافظة اللي فيها الأرض و روحت زورتها عشان اتأكد و اعرف الكلام ده كدب ولا حقيقة، الأرض لما روحتها لقيتها بور و لقيت أهل البلد كلهم بيأكدوا نفس كلام عم احمد و كل اللي حكوا لي قالوا عن صوت بكاء الطفل المزعج اللي سمعته انا كمان لما روحت شوفت الارض و اللي بسببه مشيت على طول و ماوقفتش اكتر من دقايق في المكان و اللي بسببه كمان لازلت لحد النهاردة بصحى من النوم مفزوع لما بسمعه و لما بقوم من النوم بشوفها ف مراية أوضتي..
في الحقيقة ماعرفش هفضل لحد امتى اصحى كل ليلة على صوات صراخ الطفل المزعج ده و كمان ماعرفش برضه لحد امتى هفضل اشوفها في كل مرايات البيت بتظهر و بتختفي فجأة...الظاهر ان ام النخيل بقت قدري زي ما هي بقت قدر كل اللي سمع او قرا الحكاية...!
تمت
(مأخوذة عن قصة حقيقية)
#محمد_شعبان
التعليقات على الموضوع