إبحث عن موضوع

حكايات الموتي

أنا بسمع الميتين في القبور و بعرف حكاياتهم.. !
*************

الأمر بدأ معايا لما رحت لشيخ أحكي له إني بشوف أحلامي بتتحقق, و بحس بالحاجة قبل وقوعها و لما ببص لشخص من أول مرة و بيجي لي إنطباع انه وحش, حتى لو كان شيخ, بيطلع ف الآخر شخص مش كويس بالفعل..

الشيخ قال لي إن دي نعمة من عند ربنا, و حافظ عليها و داوم ع صلاتك و إن شاء الله ربنا هيكرمك بالخير دايما, و هيكون لك أضعاف ما تشعر به الآن..

بس الموضوع وصل معايا لأبعد مما كنت أتصور.. انا بقيت بحس بقلوب الناس, بعرف مين قلبه مضغوط و مين ف حياته سعيد و مين مهموم, بعرف العِلَّة في مريض من غير ما يشكي, بحس إنها عندي..

بقيت بسمع ناس أعرفهم بينادوا عليا, عايزين يتكلموا معايا, كنت بسمع الصوت جوا راسي, و لما بحاول أتصل بيهم بلاقي أول رد منهم:
( إحنا حالا كنا جايبين ف سيرتك و عايزين نتكلم معاك)

الموضوع موقفش عند كدة, الموضوع تطور أكتر, و ف يوم كنت رايح المقابر أزور والدي الله يرحمه.. وقفت قدام تُربته و بدأت أقرأ الفاتحة, و بعد شوية و انا مندمج ف الدعاء, سمعت صوت انا عارفه كويس جدا و مهما طال بيا الزمن مستحيل هنساه, الصوت كان بيقول لي:
- وحشتني قوي يا بني.
ده كان صوت أبويا.. !

اتصدمت من مدى وضوح الصوت.. ف الأول خوفت, لكن مع الوقت الموضوع بقى عادي, و بقيت متعود عليه, بقيت باجي المقابر كل يوم عشان أتكلم مع أبويا, و أطمنه عليا و أسمع صوته..

و انا طالع من المقابر ف آخر الزيارة كنت بسمع أهلها بيتكلموا, بيحكوا حكاياتهم.. منهم:
- مكنتش أتصور ابدًا إن ولادي ينسوني بالسرعة دي, دنا عملت كل حاجة عشانهم, تعبت ف حياتي كتير عشان أبني لهم مستقبلهم, و ف الآخر نسوني و اتلهوا ف الدنيا, شكل الفلوس اللي سيبتها لهم دي كانت ع قد ما هي نفعتهم, ع قد ما هي حرمتني شوفتهم.

(صوت صبي صغير)
- أمي قتتلتني بدم بارد لما شوفتها مع واحد غريب ف اوضة النوم, دبحتني  بمنتهى البرود عشان خافت اقول لأبويا.

(صوت أنثوي)
- الناس مش بتسيب حد ف حاله, هروني سحر و أعمال سفلية و بلاوي سودا, و كل ده عشان خاطر انا كنت شاطرة ف دراستي و بطلع الأولى دايما ع دفعتي.. لحد ما فاض بيهم الكيل و قرروا يجيبوا الآخر, قرروا يقتلوني, و عملوا نفسهم حنينين عليا و جايبين لي شربات عشان أفرح معاهم بنجاحي, و أتاري الشربات ده فيه سم.. بس ده مكنش هيبقى موجع قوي لو جه من حد غير دول, لو كان جه من حد غير أخوات أمي.

حكايات كتير ملهاش أول من آخر, حكايات محزنة و حكايات فرحة, بس دايما الفرح قليل..

رجعت اليوم ده من المقابر متأخر شوية, كانت الشمس غربت و الليل فرش رداءه الأسود ع الكون..

مكنش فيه صوت ف الشارع غير صوت الكلاب الضالة.. عديت من جنب فيلا (عادل بيه) الفخمة اللي ببص له عليها كل يوم و بقول:
(اللهم زِدهُ و أرزقنا مثله بالحلال)
بس الراجل ده له حكاية خلتني أكره و أوقف الدعاء اللي كنت بدعيه خالص, أصحاب البلد بيقولوا إنه بيتاجر ف الأعضاء, بيخطف الأطفال و بيسرق أعضائهم و بعدها يرميهم, و الأمر ده طلع لما الناس صحت الصبح لقت طفلين رُضَّع ميتين و راسهم متهشمة, و محطوطين ف كيس بلاستيك أسود و مرميين قدام الفيلا.. !

بسرعة بلغوا الشرطة و جت فضلت تحقق معاه, و للأسف ممسكوش عليه حاجة, و اتقفلت القضية ضد مجهول.. و بعدها هو اتنقل من البلد بعد ما الكل الناس بدئت تشُك فيه و تخاف ع عيالها منه..

هزيت دماغي بأسى و انا ببص للفيلا و بدعي إن ربنا ينتقم منه..

- ألحقنا..
سمعت صوت طفولي بيتكلم باستغاثة.. فضلت أبص حواليا مش شايف حد.. مشيت خطوتين, لقيت الصوت اتكرر تاني:
- متسبناش..

حسيت إن الموضوع ف حاجة غلط.. قلت بصوت مسموع:
- مين هنا ؟
جالي الصوت من ناحية باب الفيلا:
- إحنا بس محتاجين مساعدتك.

بصيت ناحية باب الفيلا, لقيت طفلين صغيرين ف حدود خمس سنين, جسمهم عريان بالكامل, فقلت لهم و انا واقف ف مكاني:
- انتوا مين ؟

واحد فيهم اتكلم:
- إحنا بس عايزين نوصَّل الحقيقة المخفية.
هزيت دماغي باستغراب, فواحد منهم قال:
- إحنا هنفهمك.. هات ايدك.
و لقيت واحد منهم مادد لي ايده, ف الأول خوفت أقرَّب, لكني تغاضيت عن الخوف ده لما واحد منهم قال لي بوِد:
- متخافش.

قربت منهم و مسكت ايده.. حسيت فجأة إني لمست عمود كهربا, جسمي اتنفض كله و حسيت إن روحي اتسحبت مني.. و اتنلقت لعالم تاني..

لمكان ضلمة بالكامل, مقفول من كل حتى إلا من شباك صغير عليه سلك مصدي جاي من وراه ضوء القمر المنتصف..

و صدر الصوت من المجهول, صوت خلاني اتفزع بعد هنية صمت و اندهاش للي حصل لي لما لمست ايد الطفل العريان..

كان صوت واحدة بتصرخ..
بس صراخها كان مكتوم.. بصيت ناحية مصدر الصوت, كانت واحدة ف ريعان شبابها, كانت رافعة رجليها الأتنين وضع رقم سبعة بس تانية كبتها.. من الآخر كانت ف وضع الولادة..!

و كانت بالفعل بتولد, عمالة تصرخ صراخها المكتوم, و كانت حاطة حاجة ف بوقها بتعُض فيها.. حاولت اساعدها لكن واحد من الطفلين اللي ماسك ايدي هز لي دماغه بالرفض..

وقفت مكاني أبص عليها.. و بعد وقت كتير, كانت وضعت طفلين..
فضلت تعيط بعدها و هي نايمة ع ضهرها, و كان باين عليها الإرهاق الشديد..

فجأة المكان اتبدِّل و بقينا ف الشارع, و ع ضوء القمر المُنتصف كانت ماشية ف الشارع بالخطوة السريعة و شايلة بين دراعتها كيس بلاستك أسود صادر منه صوت طفلين بيعيطوا..

فضلت ماشية بسرعة لحد ما وصلت قدام مكان فخم, عبارة عن فيلا, فيلا (عادل بيه) الفخمة..

حطيت الكيس ع الأرض, و سابته و مشت, و بعدها بثواني رجعت و هي معاها حجر ضخم, و بكل قوتها ضربت أول طفل ع دماغه, فتهشمت جمجمته, و كذلك عملت مع التاني.. !

منظر ف منتهى القسوة و البشاعة.. مقدرتش أبص له و بصيت بعيد بسرعة قبل ما أفقد الوعي..

و فجأة الست اختفت, و اختفى معاها الكيس الأسود و الأطفال الرُضَّع الميتين..

و لقيت نفسي واقف قدام الفيلا, و قدام مني الطفلين العريانين.. لقيت واحد فيهم قال:
- ساعدنا.
هزيت دماغي ليهم و مشيت..

بعد تلات ايام كنت عرفت إن الست اللي شوفتها ف الرؤية دي نامت مع واحد ف الحرام, بعد ما وعدها الجواز, و لما حملت منه سابها و طفش, و هي بعدها قررت متجهضش نفسها, بس عملت الأسوأ بقتلها الروحين..

وصلت لها بعد ما عرفت انها غيرت عنوانها و راحت بلد تانية.. كانت عايشة لوحدها و بتصرف ع نفسها بعد ما طفشت من بيت أهلها..

طلبت أقعد معاها, ف البداية رفضت, بس ف الآخر وافقت.. و قلت لها ع كل حاجة, ف الأول كدبت عليا, لكن بعدها استسلمت للأمر الواقع لما حكيت لها عن موهبتي.. و بدأت ف العياط الهيستيري..

و بعدها رجعت معايا البلد و راحت زارت أولادها اللي كان سهل عليها ألاقي مدفنهم لما سألت أهل القبور عنهم و كانوا بيردوا عليا و بيدلوني..

و هناك قدام القبر فضلت تعيط كتير و تطلب منهم السماح, و كل شوية تبص لي و تسألني هل سامحوها ولا لأ.. و كانت إجابتي إنهم لسه مسامحوهاش, فترجع تعيط تاني و تنوح..

بس الحاجة الوحيدة اللي كنت مخبيها عليها, إن أولادها كانوا بيقسموا إنهم هينتقموا منها و هيخلوها تتمنى الموت في كل ثانية.. و هتكون نهايتها انتحار بعد جنون هيطول..

*تمت*
.
.
.
قصص_الواقع
.

ليست هناك تعليقات