إبحث عن موضوع

رواية وحدك حبيبتي الحلقة الخامسة

الصفعة 2

كان الوضع مع ممدوح على النقيض تماماً ، لقد جلس بين رفاقه يضحكون فى مرح ولا مبالاة ، وكأنه لم يكن حزيناً بائساً حتى أسبوع واحد مضى ، كان رفاقه قد اكتملوا بعد وصول عادل وكمال من الأسكندرية ، بينما بقى معه أشرف طيلة الفترة الماضية حيث لم يستطع تركه وحيداً وهو على حافة الجنون . لقد ظل حائراً بين خيارين كلاهما أكثر مرارة من الآخر ، أما أن يقتل والده أو يقتل نفسه ، أخيراً و بوحى من أشرف قرر أن يضحى ولو مرة واحدة من أجل والده الذى ضحى من أجله مراراً ، خاصة وأن هذا الأخير قد وافق على شروطه كاملة ، بالرغم من أن معظمها فوق أن يقبله عقل ، حتى أن ممدوح نفسه شعر بالدهشة لكون والده وافق عليها ، لكن يبدو أن سعادة والده بموافقته على الزواج من العروس التى اختارها له كانت كفيلة بتذليل كل العوائق الأخرى التى ابتدعها ممدوح للهروب من هذه الزيجة .
قال ممدوح موجهاً حديثه إلى كمال وعادل :
- هذه البلهاء نجوى .. ألم تعلم كيف تمت هذه الزيجة ؟
ـ لقد أخبرناها بكل ما قاله أشرف عن ظروف والدك
غمغم أشرف :
- أنا أيضاً اتصلت بها هاتفياً وأخبرتها بحالتك النفسية السيئة التى منعتك من التحدث إليها
زفر ممدوح ساخطاً :
- ولماذا لم تأت إذاً ؟
هز كمال رأسه فى أسى قائلاً :
- أنها حزينة جداً ، لا أظنها ستأتى الليلة ، لقد أخبرتنى محبطة بأنها لا تستطيع أن تراك عريساً لغيرها
ـ كان يجب أن تأتى ، لقد حدثت أبى عن حتمية وجودها بالقرب منى .. وقد وافق على ذلك
أجابه كمال قائلاً :
- أعذرها يا ممدوح ، كانت تأمل أن تتزوجها
هتف ممدوح فى مزيج من القسوة والاستنكار :
- ماذا ؟ أتزوجها ! أتزوج امرأة أمضيت معها خمس سنوات !
هتف كمال غاضباً :
- ولمَ لا ؟ أنت تعلم أنها تحبك ، وأنها على استعداد تام للتضحية بكل شئ من أجلك ، ألم تضحى من قبل بزوج ثرى هائماً بها لتكون معك !
ـ هل تسمى تركها لهذا الكهل الذى امتص شبابها يوماً بعد الآخرتضحية ؟!! ثم أننى أخبرتها منذ البداية بأننى لن أتزوج أبداً وهى وافقت على أن تبق معى

عاد كمال يلومه فى عناد :
- لكنك تزوجت الآن ، كان يجب أن تكون هى العروس
نظر إليه ممدوح ساخراً :
- تكون هى العروس !! بالله كفى بلاهة ، أيها العاطفى .. ما تكتبه على الورق شئ وما يحدث فى الواقع شئ آخر
تلفت كمال حوله ليستغيث برفاقه قائلاً :
- لماذا تصمتان هكذا ! ؟ لماذا لا تقولا شيئاً لهذا المتحجر ؟
أجابه عادل فى هدوء :
- وماذا تريدنا أن نقول له ؟
صاح كمال مستنكراً :
- أيعنى هذا أنك تؤيده الرأى ؟ وأنت يا أشرف ، لا تقل أنت أيضاً ............
قاطعه أشرف قائلاً :
- قل لى أولاً أيها الرومانسى ، لماذا نتزوج ؟
حدق فيه كمال طويلاً قبل أن يغمغم :


ـ نتزوج حتى نستقر ، ننجب أطفالاً ، نجد امرأة نبكى بين ذراعيها .........
قاطعه ممدوح ساخراً :
- امرأة نبكى بين ذراعيها ، أهذا مطلع قصيدة جديدة لك ؟
قابل تعليقه عاصفة من الضحك قبل أن يقول عادل :
- وهل لا نجد الآن من نبكى بين ذراعيها أيها الأحمق ؟
عاد ممدوح ليعلق ساخراً :
- وما حاجتنا إلى البكاء ما دمنا لن نتزوج بعد !
تأملهم كمال ساخطاً وقد عادوا للضحك من جديد ، فربت أشرف على كتفه قائلاً :
ـ اسمع واعقل أيها الرومانسى ، نحن لا نتزوج إلا من أجل الأطفال
نظر إليه كمال فى ألم أقرب إلى البلاهة ، فتنهد قبل أن يردف ساخطاً :
ـ لهذا يجب أن تكون الأم مدرسة كما قال زميلك أحمد شوقى
غمغم عادل متهكماً :
- زميلك ...! وأين هذا البائس المغمور من أحمد شوقى العظيم !
عاد وا للضحك من جديد فصاح كمال فى انفعال شديد :
ـ يا لكم من قساة ، متحجرى القلوب ، تأكلون المرأة لحماً وتلقون بها عظاماً
علق عادل ضاحكاً :
- حمداً لله أننا نترك عظاماً ، فهن لا يتركن شيئاً
حدجه كمال بنظرة مستنكرة قبل أن يلتفت إلى ممدوح قائلاً :
ـ وأنت أيها الزعيم .. هل زوجتك مدرسة كما قال أحمد شوقى ؟
ضحك ممدوح فى طرب قائلاً :
- بل زوجتى جامعة
علق أشرف بصوت مختنق من الضحك :
ـ رائع ، اطلب منها أن تصدر لنا زميلاتها لنكون جامعة خاصة
عاد كمال يسأل ممدوح فى دهشة :
- عجباً ، تبدو راضياً عن هذه الزيجة ؟
أجابه ممدوح فى شئ من الجدية :
- يمكنك أن تقول أننى استسلمت للأمر الواقع ، ربما لست فى حاجة إلى امرأة ، لكننى وحتماً فى حاجة إلى طفل أو أكثر ، حتى وإن لم أكن أشعر بهذا فى الوقت الحالى
ثم أطلق تنهيدة طويلة قبل أن يكمل ساخطاً :
- هذا الطفل أيضاً سيشبع رغبة والدى الملحة ، سيجد شيئاً يشغله عنى فيتركنى وشأنى ، أحيا حياتى كما أريد
ـ وهذه المسكينة التى تزوجتك ، هل لاحظت أنك لم تذكرها فى مخططك حتى الآن !
أجابه فى مزيج من الغطرسة والسخط :
- هذه المصيبة يكفيها جداً أن تكون زوجتى
هز كمال رأسه وهو يبتسم فى مرارة قائلاً :
- هل تحدثت معها ؟
أجابه فى لامبالاة :
- أنا لم أرها حتى الآن
هتف كمال مستنكراً :
- ماذا !!
ـ رؤيتها لن تغير فى الأمر شيئاً ، كل ما يهمنى كونها مثقفة وتستطيع أن تربى أطفالى تربية حسنة
ـ أهذا كل ما يهمك فى شريكة حياتك ؟
صاح به ممدوح ساخراً :
- شريكة حياتى !! كف عن ترديد هذه المصطلحات التى لا ملجأ لها سوى خيالك المريض
زفر بضيق قبل أن يردف ساخطاً :
- فهن لا يشاركننا حياتنا بل يسلبنها منا
تنهد كمال بضيق وهو يغمغم :
- أنت تعتقد أن نجوى لا تستطيع تربية طفل جيد إذاً ؟
نظر ممدوح إليه قائلاً فى قسوة :
- نجوى لن تنجب لى طفلاً ، أبداً
هتف كمال فى بلاهة :
- هل قال الأطباء هذا ؟
ضحك أشرف وعادل بعمق ، بينما ابتسم ممدوح فى مرارة قبل أن يقترب من كمال ويمسك به من ياقة قميصه بعنف قائلاً :
- سأقولها لك صراحة أيها الغبى ، لا خيرفى طفل يناديه الناس بابن الساقطة ، هل فهمت أم تريد مزيداً من الإيضاح ؟
جذب كمال ياقة قميصه من يد ممدوح قائلاً فى خجل :
- كلا ، لا مزيد من الإيضاح لقد فهمت
هز ممدوح رأسه وهو يحدق فى كمال مستنكراً :
- كيف انضم هذا الأبله إلى رفقتنا ! ، لولا ثقتى فيكما لقلت أن بيننا مرتشى
عادوا يضحكون من جديد حتى غمغم عادل :
- كم أخشى أن تكون عروسك ليست جميلة ؟
ابتسم ممدوح قائلاً :
- والدتى لا تكف لحظة واحدة عن مدح مفاتنها
ثم أردف وهو يغمز لأشرف :
- طول وعرض
ضحك أشرف بينما حدق عادل فيهما ببلاهة ، فعاد ممدوح يردف فى لا مبالاة :
ـ لم يعد الأمر يعنينى كثيراً ، حتى لو كانت دميمة ، فقد قررت أن أريح أبى وأمى ولو مرة واحدة فى حياتى ، لكنها ستكون الأخيرة بلا شك
ثم أردف وهو يبتسم فى مكر :
- على أية حال يمكننا أن نبحث عن الوجه الحسن خارج منزل الزوجية
ابتسم كمال فى استنكار قائلاً :
- لعنة الله عليك يا ممدوح ، هل تفكر فى خيانة زوجتك فى ليلة عرسها
ضحك ممدوح قائلاً :
- لعنة الله على المعتوهين أمثالك ، وهل كنت تظن بأننى سأكتفى بامرأة واحدة ، ولو رقصت لى على شعر رأسها
مسح كمال بيديه على شعره كالنساء ، قبل أن يرفعهما إلى السماء قائلاً :
ـ يارب ، يا قادر ، أجعل ممدوح يهيم عشقاً بهذه العروس ، ولا يرى فى الكون امرأة سواها
نظر إليه ممدوح مستنكراً .. بينما ضحك أشرف وهو ينظر إلى ممدوح قائلاً :
ـ احترس يا صديقى ، فالحمقى أمثاله هم أقربنا إلى الله
ـ من جهة الحماقة فهو أحمق بالفعل ، لو لم يكن كذلك لمَ جاهر بدعوة كهذه ، وهو يعلم مسبقاً بأنها لن تستجاب
هم كمال أن يعترض لولا رؤيته للحاج سالم الذى اقترب منهم مبتسماً ووضع يده على كتف ولده قائلاً :
ـ ألم يحن الوقت بعد للصعود إلى عروسك ؟
ـ أبى لقد نفذت ما تريد ، فاتركنى أنعم بما تبقى من حريتى
ـ انها الثالثة صباحاً يا ولدى ، قولوا له شيئاً يا شباب !
ـ لا تحمل هماً يا عمى ، سنحمله إلى عروسه فى الحال ، لقد كنا فى شوق لهذه اللحظة أكثر منك
ضحك ممدوح مرغماً عندما التفوا حوله يحاولون حمله فى مرح ، انتهرهم قائلا :
ـ كفى أيها الجبناء ، يوماً ما ستقعون فى الفخ
وما أن نهض ممدوح عن كرسيه ، حتى انطلقت الأعيرة النارية تملأ الأفق وكأنها زغاريد النساء ، فى طريقهم اقترب منهم عدد من الرجال طوال القامة فغمغم عادل قائلاً :
ـ من هؤلاء يا ممدوح ؟
أجابه ممدوح الذى توقف عن السير بناء على رغبة والده :
ـ لست أدرى ، يبدو لى وكأنه غزو العمالقة
صافحهم ممدوح الواحد تلو الآخر دون أن تسنح له الفرصة لسؤال والده عن هويتهم ، شدد أخرهم من قبضته على يد ممدوح وهو ينظر إليه فى بعض العداء الذى لم يستطع ممدوح تفسيره .. قبل أن يضغط على كلماته القليلة قائلاً :
- أعتن بـ ليلى
أجابه ممدوح دون تفكير :
- من هى ليلى ؟
اتسعت عينا الرجل وهو يحدق فيه غاضباً قبل أن يلتفت إلى والده قائلاً :
ـ ولدك حتى الآن لا يعرف من هى ليلى يا حاج سالم ، ألم تخبره بعد !!!
قال الرجل فى ارتباك حاول أن يخفيه :
- كيف هذا ، أيعقل أن لا يعرف عروسه ؟ لكنه ربما أثقل فى الخمرقليلاً
ثم أردف وهو ينظر إلى ممدوح :
- أليس كذلك يا ممدوح ؟
أجابه ممدوح فى برود ولا مبالاة وهو يحدق فى عينى فؤاد بعداء متبادل :
ـ أليست أسماء النساء عورة فى هذه القرية ؟
هتف فؤاد غاضباً :
- العورة ليست فى اسم أختى بل فى ......
قاطعه الحاج سالم قائلاً :
- بالله كفى يا فؤاد ، لا تدع الشيطان يدخل بينكما من الليلة الأولى
تابع فؤاد فى غضب لم ينجح فى السيطرة عليه وهو ينظر إلى هذه اللامبالاة فى عينى ممدوح :
ـ سأصمت لأجلك فقط ، لكنها لم تكن له أبداً يا حاج
علق ممدوح ساخراً :
- معك كل الحق فى هذا ، رجل مثلى ، عرف نساء بعدد شعر رأسه ، من الظلم أن ينتهى به الحال إلى عانس مثلها
احتقن وجه فؤاد ، ورفع يده ليصفع وجه ممدوح ، لكن الأخير أمسك بها فى قوة ودفعه بعيداً حتى كاد يسقط أرضاً لولا الجموع المحيطة بهما .. وبرغم هذا لم يكتف ممدوح الذى خلع سترته وهو يتجه نحوه قائلاً :
ـ أنت تحاول صفعى ! سألقنك درساً لن تنساه أبداً
جاهد رفاقه ووالده لمنعه بصعوبة ، وكذلك أمسك أخرون بفؤاد ، وكلاهما يبدى مقاومة مستميتة ، ويتصيد الفرصة لقتل الأخر
وجه الرجل حديثه إلى فؤاد قائلاً :
- الحق عندى يا ولدى ، يبدو أن الخمر أفقده عقله
صرخ فيه ممدوح ساخطاً :
- كفى يا أبى ، لا تجبرنى على قتله
التفت والده إليه وأمسك كتفيه بعنف قائلاً :
- كفاك أنت ، لا تحول فرحتنا إلى مجزرة ، وما أدراك بتقاليد القرية وعاداتها ، الرجل لم يخطئ ، فهو يدافع عن كرامة أخته التى أصبحت زوجتك الآن أيها الأحمق
هز فؤاد رأسه فى أسى قائلاً :
- لو لم يكن القران قد عقد لأخذتها وذهبت
نظر إليه ممدوح فى تهكم قائلاً :
- لا داع لأسفك هذا ، يمكننى أن أطلقها لك إن شئت
نظر إليه فؤاد فى تحد قائلاً :
- كن رجلاً وافعلها
أجابه ممدوح دون تردد :
- أختك طا..........
أسرع والده بوضع يده على فمه بقوة وهويهمس فى صوت خشى أن يسمعه غيره :
ـ لا ترغمنى
على فعل شئ لم أفعله معك وأنت طفل صغير ، لا تجعلنى أصفعك أمام الجميع
غمغم ممدوح فى جنون :
- ماذا ، هل بلغ الأمر هذا الحد !!
جذبه رفاقه فى قوة لم يستسلم لها إلا بعدما رأى الوهن الذى طل من عينى والده ممزوجاً بالتوسل والتهديد
*****
ما أن وقع بصر والدة ممدوح عليه حتى لطمت صدرها فى جزع قائلة :
ـ ماذا بك يا ولدى ؟ ماذا حدث ؟
غمغم أشرف قائلاً :
- لا شئ
أسرعت المرأة تحتضن ابنها وهى تهتف مستنكرة :
- كيف هذا ووجهه يشتعل ناراً ؟
غمغم عادل :
- مشاجرة كلامية بسيطة .. بينه وبين هذا المدعو فؤاد
صاحت المرأة فى ضيق :
- فؤاد مرة أخرى ، ألم يكفيه ما فعله بـ ليلى ؟
التفتوا إليها فى بعض الفضول ، فأردفت قائلة :
ـ هذا الرجل من البداية يضع العراقيل لمنع إتمام الزواج ، لكن حمداً لله الذى كان له بالمرصاد
غمغم ممدوح فى ضجر :
- ليس لى الآن سوى أمنية واحدة ، أن أصعد وألقى بها إليه من النافذة
صاحت المرأة مستنكرة :
- أهذا جزاءها بعد كل ما عانته للزواج بك ؟ لقد بلغ مسامعى أنها حاربت من أجلك
هتف فى تهكم :
- ولمَ لا ، فتيات هذه القرية اللعينة ، ما أن يبلغن الثانية عشر ، حتى يغدو لا هم لهن سوى الزواج ، فما بالك بامرأة تتعلق بالمحطة الأخيرة فى قطار الحياة !

ـ ومن قال أن ليلى من هذه القرية ؟
سألها ممدوح فى قلق :
- من أين هى إذاً ؟
ـ ليلى جاءت إلى القرية منذ شهور قليلة فقط ، لقد تربت فى مدينة كبيرة ، ربما القاهرة ، أو ربما الأسكندرية حيث تعمل أنت ، ومنذ وصولها يتهافت الرجال للزواج منها ، لقد تقدم لخطبتها أطباء ومهندسون ، لكنها لم ترض سواك ، غير مبالية بكل ما سمعته عنك
راحوا يحدقون فى بعضهم البعض ، بينما تابعت المرأة الثرثرة قائلة :
ـ لقد كاد أن يقتلها فؤاد هذا ، رغم كل ما قدمه والدك من أجل إرضاءه ، حتى أنه جعله شريكاً له فى صفقة القطن الأخيرة ، دون جدوى


حدق فيها ممدوح قائلاً :
- هل يعقل أن هذه الجامعية الجميلة ، التى يتهافت رجال القرية وشبابها للزواج منها رفضت كل هذا للزواج من رجل لا تعرفه ، هل تحدت هؤلاء العمالقة من أجلى دون أن ترانى !
ثم أردف وقد ضاقت عينيه فى تفكير عميق :
- ليس لهذا سوى تفسير واحد !!
أجابت والدته بسرعة :
- أنك محظوظ
غمغم فى تهكم :
- محظوظ ! بالله ابحثى لى عن صفة أخرى
حدقت العيون فى وجهه وأجمعت كلها على تفسير واحد : لابد وأنهم يعرفون هذه المرأة وتعرفهم .. وأنها تبعته من الأسكندرية إلى هنا لكى ترغمه على الزواج منها بالتأثير على والده .. وإيهامهم جميعاً بأنها قروية لا حول لها ولا قوة
ساد الصمت والوجوم طويلاً ، أخيراً تصنع أشرف ابتسامة قائلاً :
- أين الشربات يا خالتى ، فنحن لم نره بعد !
ابتسمت المرأة قائلة :
- حالاً ، حالاً سأعود اليكم بالشربات المثلج
وما أن ابتعدت المرأة حتى أسرع كمال يحدق فى ممدوح قائلاً :
- فهمت شيئاً لكننى لا أستطيع أن أصدقه
بادلوه تحديقه فى صمت فأردف قائلاً :
- هل سقط الزعيم فى شباك امرأة لعوب ؟
غمغم ممدوح فى سخرية مريرة :
- ما دمت أنت بالذات فهمت هذا ، فلابد أنه قد حدث بالفعل
ضرب كمال كفاً بأخرى قبل أن ينفجر ضاحكاً فى هستيريا ، فراح ممدوح يقذفه بالوسائد كلها دون جدوى ، أقبلت والدته بالشربات والتفتت فى دهشة إلى كمال قائلة :
- ماذا حدث له ؟
انفجر ثلاثتهم يضحكون مرغمين فنظرت إليهم المرأة فى حيرة قائلة :
ـ الضحك أفضل من البكاء على أية حال ، لقد أحضرت لكم الشربات المثلج
هتف كمال فى صوت مختنق من الضحك :
- لن يجد يا خالتى ، صدقينى لن يجد ، فنارهم لن تهدأ ولو ذهبت بهم إلى القطب الشمالى
ظل ثلاثتهم يحدقون به في غيظ ، قبل أن يلتفتوا إلى ممدوح الذى أطلق تنهيدة طويلة أسرع بعدها يرتقى السلم عدواًإلى غرفته

غمغم أشرف مستنكراً:
- لم أكن أتخيل أبداً .. أن ينتهى الأمر بهذه الصفعة القوية !

ليست هناك تعليقات