إبحث عن موضوع

رواية وحدك حبيبتي الحلقة السادسة

وحدك حبيبتي ... اماني عطاالله
طلقنى...
دلف ممدوح إلى حجرته راكلًا الباب خلفه بعنف.. لكنه لم يتلق استجابة من أحد .. فاتجه في خطوات ثابتة للداخل .. هذه الشيطانة تستحق القتل .. إن كانت تظن بأنها نجحت في توريطه فهي مخطئة .. سوف تدفع ثمن حماقتها و.....
وفجأة تسمر في مكانه وهو يحدق مأخوذًا في ليلى التي استلقت على كرسي وثير واستسلمت لسبات عميق
غمغم هامسًا وهو يقترب منها :
ـ يا إلهي .. كيف لرجل أن ينتقم من امرأة على هذا القدر من الجمال ؟

اقترب منها في بطء شديد وكأنه يخشى أن يفسد هذه اللوحة الرائعة قبل أن ينحني فوقها ويقبل شفتيها في شغف زاده اشتعالًا هاتان الشمسان اللتان أشرقتا فجأة من عينيها وانعكس ضوؤهما على عيني ممدوح فتألقتا ببريق رائع
تراجعت بوجهها للخلف حتى التصق بظهر الكرسي الذي تجلس فوقه وهي تتحاشى وجهه القريب جدًا منها قائلة بصوت مرتجف :
- من أنت ؟
ابتسم هامسًا :
- أنا من لا يستطيع غيره الدخول إلى هذه الغرفة .
ظلت تحدق في وجهه صامتة وهي تستعيد إدراكها تدريجيًا , ابتلعت ريقها بصعوبة .. لم تتوقع أبدًا أن يكون بهذه الوسـ...
قال وهو يلاحق نظراتها بأعمق منها :
- ألم تعرفيني بعد ؟ كل هذه الصور المعلقة على الجدار ، ألم تخبرك من أنا ؟
تابعت التحديق في عينيه دون أن تهتز أهدابها الطويلة .. الجرأة والثقة التي يتحدث بهما أخرساها لبعض الوقت فلم تعد تدري كيف ولا من أين تبدأ حديثها معه ..!
عاد يهمس في تسلية :
- يقولون أن هناك فرق كبير بين من يرى صورتي ومن يراني وجهًا لوجه , أتعرفين السبب ؟
أجابت فجأة كتلميذ نجيب :
- في عينيك وابتسامتك بريق لا يمكن لعدسات الكاميرا أن تلتقطه .
لعنت حماقتها عندما نهض ضاحكًا وكأنها ألقت في وجهه بقنبلة للضحك .. قال أخيرًا :
- رائع .. كنت قد بدأت أشك في كو............
قطع عبارته وهو يتأملها في اهتمام قائلًا :
- ولكنك صغيرة ، محال أن تكوني دكتورة في الجامعة مهما بلغ تفوقك ..!
وكأن ما قاله عن عملها ولد فيها القوة والثقة التي افتقدتها منذ رؤيته ..
قالت في ثبات مفاجئ أصابه بالدهشة :
ـ لقد حصلت على الماجستير ولم أحصل على الدكتوراة بعد
أردفت وقد راق لها الإعجاب الذي يطل من عينيه قويًا :
- لكنني سوف أحصل عليها قريبًا ... قريبًا جدًا
ألقى بسترته جانبًا وهو يعاود الاقتراب منها فنهضت مسرعة وابتعدت عن الكرسي بينما أطلق صفيرًا طويلًا وهو يتأمل قامتها الهيفاء مغمغمًا :
ـ طول وعرض .. تحتاج والدتي إلى تعلم المزيد من المفردات حتى تجيد الوصف
نظرت إليه في دهشة فأردف متيمًا :
- أنت فينوس
قالت في دلال زاده هيامًا :
- لهذا انتظرت كل هذا الوقت حتى تراني ، أليس كذلك ؟
قال وهو يتأملها في وقاحة :
- لو كنت أعلم هذا .. لتواجدت في هذه الغرفة منذ أربعة أيام مضت
قالت في دهشة :
- ولماذا أربعة أيام ؟
ابتسم قائلًا :
- لأننا لم ننته منها قبل ذلك .
بسط ذراعيه إليها قائلًا :
- اقتربي يا فينوس ...
تجاهلته وازدادت دلالًا قائلة :
- أفضل أن تناديني ليلى .
ـ لماذا...؟ ألا تروق لك فينوس .. إلهة الجمال ذاته ؟!
رفعت رأسها في كبرياء قائلة :
- كل من يراني يفضل ليلى .
ضحك قائلًا :
- حسنًا يا ليلى هل تقابلنا من قبل ؟
قالت في لهجة امتزج فيها الغرور بالعتاب :
- سؤالك إهانة لي ..!
عاد يضحك من جديد قائلًا :
- معك الحق بالطبع ..
ثم أردف هامسًا وهو يقترب منها :
- اغفري لي حماقتي ...

حاولت أن تبدو هادئة وأن تتصنع اللامبالاة .. مرت بخاطرها تلك القبلة التي باغتها بها أحد معجبيها منذ فترة .. كان ابنًا لصديق خالها .. معتادًا على زيارتهم .. واستغل يومها وجودها بمفردها وحاول التودد إليها حتى تقبل الزواج منه .. في مراهقتها أيضًا تعرضت لموقف مشابه وإن كان بإرادتها تلك المرة .. كانت تبادل زميلها بعضًا من إحساسه بها .. ربما تأثرت يومها بتجارب بعض صديقاتها وطيشهن .. لكنها لم تشعر أبدًا بتلك اللذة والانصهار الذي تحدثن عنه .. في المرتين لم تتعد مشاعرها التسلية والغضب ..
محاولاتها للصمود فشلت ما إن ضمها إليه وطبع على شفتيها قبلة طويلة كادت تفقدها صوابها .. هذا الوقح أخطر كثيرًا من كل توقعاتها .. حاولت إبعاده عنها دون جدوى فهمست لاهثة :
- أرجوك ليس هكذا
غمغم في وقاحة :
- علميني إذًا
هتفت مستنكرة :
- أنا أعلمك أنت ؟!
ـ ولمَ لا ..؟ ألست أستاذة بالجامعة ؟
ـ ما الذي تظنني أُدرسه ؟
ـ الدلال يا ليلى .. وماذا ستدرسين سوى الدلال ؟
ـ أنا أدرس القانون
ـ قانون الجاذبية ، أليس كذلك ؟
ـ أنت وقح جدًا .
زمجر محذرًا :
- حذارمن اللسان السليط ، فهو ما لا أحبه فى نسائي .
تخلصت منه بصعوبة قائلة :
- نساؤك !!
ابتسم في لامبالاة قائلًا :
- ظننتك تعلمين هذا !
ـ ما أعلمه هو أن لكل رجل ماض .. وليس عليه أن يجاهر به إن كان مخزيًا
ـ ذكاء هذا أم غرور ؟
أبعدت وجهها عنه فى كبرياء قائلة :
- مهما بلغت لا مبالاتك لا أحب أن تتحدث أمامي بهذه الطريقة

جلس على كرسي واضعًا ساقًا فوق الأخرى .. أخرج علبة سجائره وأشعل واحدة منها .. راح يحرقها في بطء متعمد .. دخان سيجارته عبأ الغرفة من حولها حتى كادت أن تختنق .. كان واضحًا أن هذه الفتاة لا تعرفه بعد كما يجب ..!
قال بعد فترة :
- ألا تحبين الصراحة ؟
سعلت بوجه محتقن قائلة :
- يبدو أنك لا تفرق بين الصراحة والوقاحة ..!
دهس بقايا سيجارته في المطفأة .. حاولت أن تبدو ثابتة عندما تحولت الحجرة إلى غابة فجأة وهو ينهض ليقترب منها في وحشية قائلًا :
- ربما لا أعلم بعد من أنتِ .. ولا لماذا قبلت الزواج بهذه الطريقة المهينة ؟ لكن في كل الأحوال مرحبًا بكِ في قفصي الذهبي يا ليلى
صاحت في غضب واستنكار :
- قفصك الذهبي .. وكأنك تتحدث عن إحدى سلالات القردة ..!!!
ابتسم في استفزاز قائلًا :
- هل غضبت ؟
حملقت فيه قائلة بضيق :
- يبدو أنك لم تعلم بعد من هي ليلى فاضل ..!
- ما أعلمه هو أنك تمتلكين من المكر والدهاء ما استطعت به أن تكوني زوجة لـ ممدوح سالم
صاحت به في انفعال :
- ممدوح سالم ..... ممدوح سالم هذا ما هو إلا همجيًا يطارد النساء .

شعرت فجأة بألم بالغ يعتصر ذراعها قبل أن تدرك أنه يقبض عليه بقسوة ويصرخ بها في صوت كالرعد قائلًا :
ـ يبدو أن هناك أشياء كثيرة ما زلت تجهلينها عني أيتها الجميلة , أولها أنني لا أسمح لامرأة أن تحدثني بهذه الطريقة , وإن كانت في مثل جمالك ، أما بالنسبة لمطاردة النساء فأنا لا أحتاج إليها ...
أزاحها بعيدًا وهو يردف باشمئزاز :
- ولمَ المطاردة ؟ أنتن كالحشرات في كل مكان .
ذابت آلامها في خضم ما تشعر به من إهانة وصاحت به :
ـ الحشرات هن من يسعين خلفك أيها المتوحش .

نظر إليها في تهكم قائلًا :
- و ماذا تسمين ما فعلته أنتِ ؟
اتسعت عيناها وهي تنظر إليه فى ذهول .. لا تجد ما تجيب به وقاحته .. كيف تبدلت الأوضاع بهذه الطريقة ؟ هل كانوا جميعًا على حق ؟!
أردف بنفس اللهجة التهكمية المستفزة :
ـ لكنني لابد أن أشهد لك بالتفرد ، لقد اخترت أقصر الطرق وأنجحها.
- غرورك وحده هو ما يوهمك بهذا .
عاد ليجلس واضعًا ساقًا فوق الأخرى .. ناداها في لامبالاة :
- والآن هيا ، قومي بأولى واجباتك الزوجية واخلعي عني حذائي .
انفرجت شفتاها دون أن تتحرك من مكانها .
تأملها ساخرًا :
- هكذا إذًا ، الحلو دائمًا لا يكتمل ، هل أنتِ ضعيفة السمع ؟
هتفت في انهيار :
- ما تطلبه يحتاج إلى خادمة وليس إلى زوجة
أجابها في تهكم :
- وما حاجتي إلى زوجة إذًا ؟
قالت غير مصدقة ما يحدث :
- هل تزوجت من أجل امرأة تخلع عنك حذاءك ؟
أجابها في لهجة باردة :
- في الحقيقة أنا لم أكن أريد الزواج ، لكن بما أنه قد حدث وتزوجت فما المانع من هذا ؟
قالت في محاولة للنيل منه :
- عجبًا كنت أظن أن النساء فقط هن من يجبرن على الزواج .
ابتسم قائلًا :
- إن شئتِ أن تطلقي على ما فعلته اسمًا .. فقولي تضحية لا إجبار
قالت في مزيج من السخرية والاستنكار :
- تضحية.....!
ضغط على كلماته قائلًا :
- اعلمي إنني تزوجتك تحت تهديد الأطباء ، بعد أن أجمع فريق منهم بأن حياة أبي مرهونة بموافقتي على الزواج منك .
قالت بصوت مختنق :
- ماذا تعني ؟
أجابها ساخرًا :
- هل حديثي مبهم إلى هذا الحد ؟
رفعت رأسها في كبرياء قائلة :
- لا تنكر أنك لو رأيتني من قبل لفعلت المستحيل للفوز بي .
لاحت ابتسامة على شفتيه وهو يتفحصها في وقاحة قائلًا :
- بل كنت سأفعل الأكثر من المستحيل للفوز بك يا فينوس
ما كادت تهدأ وتلملم أنفاسها التي شتتها ببرودته واستفزازه حتى تحول بريق النصر في عينيها إلى غضب جامح حين أردف :
ـ لكن ليس كزوجة .
أبعدت وجهها حتى لا يرى دموعها التي عجزت في السيطرة عليها .. لكنه لمحها فطأطأ بشفتيه ساخرًا :
ـ ما زال الوقت مبكرًا جدًا على هذه الدموع
استدارت إليه في ثورة صارخة :
- ومن قال أنني سأبقى معك ثانية أخرى ؟
- ومن قال غير ذلك ؟
هتفت بأنفاس لاهثة :
- طلقني
نظر إليها في ريبة قائلًا :
- هل أنت بلهاء ؟
- قل ما شئت عني لكنني لن أستمر في هذه المهزلة بعد الآن
اتجهت مسرعة لتغادر الغرفة فأمسك بها في عنف قائلًا :
ـ مهلًا يا حلوتي , الدخول في اللعبة شيء والخروج منها شيء آخر
صرخت وهي تحاول التخلص منه :
- اتركني اذهب
صاح غاضبًا :
- أيتها الغبية ماذا سيقول الناس عنكِ ؟
ـ لا يهمني ولو اتهموني جميعًا بالجنون
ـ لن يتوقف الأمر عند اتهامك بالجنون , هل نسيت أين نحن ؟ ستجلبين العار إلى أهلك جميعًا
ـ أعدك بأن أتزوج بمجرد انتهاء شهور العدة
ـ كفي عن هذا الجنون
صرخت وهي تحاول التخلص منه :
- اتركني أذهب ، اتركني وإلا فأنت لم تر شيئًا من جنوني بعد
صفعها بقوة قائلًا :
- ولا أريد أن أرى
****
شعرت ليلى بأنها تهوى وتهوى حتى استقرت أخيرًا في قاع الهاوية ، صرخات تصم أذنيها ، هناك من يهتف باسمها في لهفة وجزع لكنها لا ترى شيئًا ، الظلام الدامس يسود المكان ، هناك من يضرب رأسها بالمطرقة ، إنها تسمع صوت المطرقة وتشعر بآلام رهيبة لم تعد تحتملها ، حاولت الصراخ دون جدوى ، صوتها المختنق لا يساعدها ، عادت تصرخ وتصرخ حتى سمعت صوتها أخيرًا ، فتحت عينيها بصعوبة ، أنفاسها مضطربة ، رفعت يديها بحركة لا إرادية تتحسس وجهها ، تلفتت حولها في جزع ، لم يكن بالحجرة سواها ، طرقات عنيفة تهز باب غرفتها وصوت عرفت فيه صوت حماتها تهتف في لوعة وقلق .. لم تكن تحلم إذًا .. ليس كابوسًا ما عاشته منذ قليل ..
- ليلى...ليلى هل أنت بخير؟
جمعت شتاتها بصعوبة قائلة :
- نعم ....
حاولت النهوض من فراشها ، شعرت بآلام مبرحة ، هناك شيء لم تعهده من قبل ، شهقت في ذعر وغضب ، لم تعد هي ليلى عذراء الأمس ، لقد غدت زوجة لهذا القذر شاءت أم أبت ...

ليست هناك تعليقات