إبحث عن موضوع

بايب

جدي رجع من الموت بسبب دخان البايب...!

ياااه....أخيرًا رجعت مصر...بلدي.

كان نفسي ارجع ف ظروف أحسن من كده لكن ما باليد حيلة (الموت غلاب)، و لأن الموت قدر ف انا كان قدري أن يكون سبب رجوعي لمصر هو الموت، الموت اللي أخد مني أبويا ف الغربة.

أنا / معاذ حمدي الدكروري

قضيت معظم حياتي ف دولة أوروبية مع أمي و أبويا، و السبب ف كده كان شغل والدي اللي كان بيشتغل مهندس كهربائي، كان بيشتغل في محطة لتوليد الكهربا في دولة أوروبية كبيرة، كانت حياتنا ماشية كويس و كله تمام لحد ما ف يوم والدي تعب جدًا و تعبه زاد و اتطور بسرعة رهيبة و لما روحنا للدكاترة قالوا أنه عنده سرطان على الرئة، و للأسف مرضه كان ف مرحلة متأخره و بصراحة كنت ببص لوالدي و هو نايم عالسرير و كان جوايا أحساس بيقول أنه لو عاش النهارده مش هيعيش بكره، فعلًا أحساسي طلع مظبوط و بعد كام يوم والدي كان في زمة الله.

مات أبويا لكنه قبل ما يموت كان موصيني أنا و أمي أنه لازم يندفن ف مصر و تحديدًا في مدافن العيلة جنب جدي، أبويا الله يرحمه كان زيه زي كل المصريين اللي مقتنعين تمام الأقتناع أن من الأكرام و الفخر أنه يندفن ف بلده جنب أهله، و علشان كده رجعنا مصر أنا و أمي و معانا جثة أبويا ف تابوت، رجعت مصر بعد غياب ١٥ سنه، رجعت مصر اللي سيبتها و انا عندي ١٠ سنين.

المهم علشان ماطولش عليكم بتفاصيل مالهاش لازمة، دفنت والدي و بعد الدفنه أمي خدت قرار أن مفيش سفر تاني و بررت كلامها بأنها عاوزة تموت ف مصر و تندفن جنب ابويا، و لأن السكن ف مصر صعب و أنك تلاقي شقة كويسة و سعرها معقول ده موضوع بياخد وقت ف ماكنش في حل غير أننا نقعد في شقة جدي الله يرحمه، الشقة كانت ف بيت قديم ف مصر الجديدة و طبعًا الشقة كان والدي قافلها بعد موت جدي الله يرحمه، فاكر ف مرة والدي كان قال أننا لو رجعنا مصر هننزل نقعد فالشقة دي، فبصراحة قررنا أنا و أمي أننا نقعد فيها لحد ما نلاقي شقة جديدة و نبقى ننقل فيها.

روحنا الشقة و فتحناها بالمفتاح اللي كانت أمي واخداه من أبويا و طبعًا الشقة كانت مليانة تراب و ماينفعش يتقعد فيها بالمنظر ده، نزلت للبواب و خليته يبعت شغالة تنضف الشقة و بعد ما نضفتها أكتشفنا أن في عفش فالبيت بقى ماينفعش للأستعمال بسبب الركنة لفترة طويلة و كمان لأن الشقة كانت مقفولة من زمان، عشان كده نزلت اشتريت عفش جديد بدل القديم اللي كان مش نافع و بكده الشقة بقت جاهزة على أكمل وجه للسكن فيها.

خلصنا توضيبات أخيرة و بسيطة ف الشقة و أمي دخلت ترتاح في أوضتها و انا قعدت ف أوضة المكتب اللي كان فيها المكتب بتاع جدي اللي قصاده في مكتبة خشبية زي الدولاب كده؛ مليانة كتب و تحف و انتيكات و صور فيها ذكريات العيلة، قعدت فالأوضة اتفرج على عفشها و على روعته و حلاوته، كنت منبهر جدًا بالمكتب اللي برغم مرور السنين عليه لسه حالته سليمة و كمان المكتبة الخشب اللي كانت حالتها كويسة جدًا على عكس بقية العفش اللي برة الأوضة دي، طبعًا الست اللي نضفت البيت نضفت الأوضة و شالت كل التراب اللي كان على المكتب و على المكتبة و ده كان مخلي شكلهم مبهر جدًا جدًا بالنسبة لي، أه كان مُبهر لأن انا الأبهار بالنسبة لي مش زي معظم الشباب اللي ف سني اللي ممكن ينبهروا بأجهزة حديثة أو بموبايل نوعه جديد، أنا اتربيت في دولة أوروبية و عشان كده التكنولوجيا بالنسبة لي كانت حاجة عادية ماتبهرش يعني، الأبهار بالنسبة لي كان ف الحاجات العتيقة اللي جواها ريحة الزمن.

قعدت سرحان ف الأوضة و بصيت للمكتبة بانبهار و لفت نظري أووي الكتب اللي فيها، قومت من مكاني و روحت ناحية المكتبة و بدأت أقلب ف الكتب اللي كانت معظمها كتب ل طه حسين و نجيب محفوظ و للعقاد كمان، كنت بمسك كتاب كتاب و ببص عليه علشان ارتب أولويته فالقراءه لحد ما وصلت لكتاب شكله غريب، مسكت الكتاب اللي كان تقيل جدًا و بدأت اركز فيه و اقلب فيه كده شمال و يمين..

كان كتاب غلافه لونه أحمر و ماكنش مكتوب عليه حا....
أيه ده .....؟

ده مش كتاب..ده صندوق أو علبة على شكل كتاب.

عرفت كده لما مسكت الغلاف و فتحته، أول ما فتحت الغلاف اللي كان عبارة عن غطا صندوق صغير لقيت جوه الصندوق بايب،، عرفت أنه بايب لأن والدي الله يرحمه كان بيحب الرئيس الأسبق محمد أنور السادات و كان حاططله صورة كبيرة ف الشقة اللي كنا عايشين فيها بره مصر و كان ف أيده جهاز زي الجهاز ده، و لما كنت بسأل والدي أيه ده..؟
كان بيقولي أن ده جهاز لتدخين التبغ، زيه زي السجاير كده لكنه أفخم و أجمل و كان والدي كمان بيقول أن جدي الدكروري الله يرحمه كان بيدخن البايب ده بشراهة، ربطت بين كلام والدي و بين البايب اللي ف أيدي و وقتها عرفت ماهية الشئ اللي لقيته جوه الصندوق.

كان بايب أه لكنه كان مختلف، كان شكله مبهر و مختلف لأن اليد بتاعته كان عليها نقوش شكلها حلو أوي و كمان القاعدة بتاعته كان عليها حروف بلغة غريبة، و لما ركزت مع الحروف عرفت أنها حروف باللغة الهيروغليفية و جنبها كانت رسومات زي اللي بتبقى مرسومه على جدران معابد الفراعنه لكن كانت أصغر طبعًا، مسكت البايب و انا منبهر بشكله و كمان كنت منبهر بأدوات البايب اللي كانت معاه جوه الصندوق؛ زي الفرشة اللي بيتنضف بيها البايب من جوه و حاجات تانية بتستخدم لتنضيف البايب.

أخدت الصندوق و روحت قعدت عالمكتب و مسكت البايب ف أيدي و رجعت بضهري ع الكرسي و قعدت اقلد الزعيم الراحل محمد أنور السادات و كنت بضحك جدًا لحد ما فجأه اكتشفت أن سجايري خلصت، وقتها قولت بيني و بين نفسي أن دي فرصة أن انا اجرب البايب العتيق ده، دورت على تبغ جوه الصندوق لكني مالقتش،، وقتها على طول جه ف بالي (أمير) ابن خالتي لأنه هو الوحيد اللي صاحبي ف مصر و ممكن اطلب منه طلب زي ده.

مسكت الموبايل و طلعت رقمه و اتصلت بيه و بعد سلامات كتير و بعد ما اطمن أننا خلاص استقرينا سألته أجيب منين تبغ للبايب، ضحك و قالي أن انا صاحب مزاج و بعد هزار رخم و سمج أضطريت استحمله لأنه من ابن خالتي، قال لي أنه سهل اجيب تبغ من أي مكان لكنه سكت فجأة لدقيقة كده و بعدها قالي أن في واحد صاحبه بيدخن بايب و أنه بيجيب التبغ بتاعه مخصوص و قالي أنه هيعدي عليه يسأله بيجيبه منين و يجيبلي زيه و بعد كده هيعدي عليا فالبيت كمان كام ساعة، فرحت جدًا و قفلت معاها على أنه هيعدي عليا و أن انا هستناه.

حطيت البايب في الصندوق و شيلته مكانه و دخلت انام ف الأوضه اللي المفروض بقت أوضتي، كنت تعبان و مرهق بسبب مجهود اليومين اللي فاتوا ف أول ما حطيت راسي عالمخده نمت...

صحيت على صوت أمي....

- قوم يا معاذ، أنا حضرت الأكل و كمان أمير ابن خالتك بره بيقول أنه جالك زي ما انتوا متفقين.

قومت من النوم و خرجت لأمير، سلمت عليه و قعدنا نتكلم شويه لحد ما أمي حضرت الأكل و قعدنا أكلنا و بعد كده دخلنا أوضة المكتب و وريت لأمير البايب اللي انبهر أول ما شافه و كانت المفاجأه أن امير قالي أنه جاب من صحبه ده كيس تبغ أداهوله هدية و بصراحه الكيس كان كبير و قالي أنه يكفي لمدة أسبوع،، قعدنا نهزر و نضحك و حكيتله طبعًا عن حياتي قبل ما اجي مصر و هو كمان حكالي عن العيشة ف مصر لحد ما فات وقت كبير من غير ما نحس، أستأذن أمير أنه لازم يروح لأن وراه شغل الصبح بدري...وصلت أمير للباب و بعد كده قعدت مع أمي شويه لحد ما قالتلي أنها هتدخل تنام لأنها محتاجة ترتاح، نامت أمي و انا دخلت أوضة المكتب و قفلت الباب من جوه و روحت عالمكتبة طلعت الصندوق و روحت قعدت عالمكتب، فتحت الصندوق و خرجت البايب و أدواته و بدأت انضفه، كانت طريقة تنضيفه صعبه ف فتحت اليو تيوب و بحثت عن فيديوهات لتنضيفه قبل استعماله و فعلًا قدرت انضفه كويس و بعد ما نضفته طلعت كيس التبغ و أخدت منه شوية حطيتهم جواه و بعد كده مسكت الكبريت و ولعت التبغ و بدأت ادخن بهدووء...

أخدت أول نفس ف تاني نفس و بدأت أسعل بقوة، و أول ما فوقت من نوبة السعال اللي دخلت فيها بدون اسباب فتحت عيني لقيت الدنيا حواليا بتختلف، لقيت البايب اللي فأيدي النقوش اللي عليه بتتحرك و بدأت اسمع أصوات غريبة من كل مكان حواليا ف الأوضة، دعكت ف عيني كويس لأن رؤيتي للأشياء كانت مشوشة، ركزت شوية أكتر لقيت الرؤية بدأت تبقى أوضح و النقوشات اللي على البايب لقيتها بتتحرك و لقيت القاعدة بتاعت البايب بتلف و النقوشات اللي على البايب بدأت تتحول لأشخاص صغيرين بيتخانقوا مع بعض أو تقريبًا في بينهم معركة، اتخضيت من اللي انا شايفه و رميت البايب ع المكتب و أول ما رميته سمعت أصوات صرخات جاية من كل مكان ف الأوضة بصوت عالي، اتلفتت حواليا مالقتش حد لكني فجأة سمعت صوت صرخة قوية، الصرخة دي كانت جاية من جدي اللي لقيته واقف قصادي و ف أيده بايب شبه اللي مرمي قصادي عالمكتب...لا لا ده ماكنش شبهه.. ده كان هو، هو هو البايب و جدي كان ماسكه و بيدخن منه و بيبصلي و هو عمال يضحك، بصتله باستغراب و قولتله...

- ج ج ج جدي..!

اتحرك نحيتي و هو لسه على وشه الابتسامة اللي انا مش لاقيلها معنى و قعد على كرسي من الكرسين اللي قصاد المكتب و قال لي....

- أيه يا معاذ...خايف من جدك؟

انكمشت ف نفسي من الرهبة و الخوف و بدأت اتكلم معاه و انا جسمي كله بيتنفض....

- لا لا لا يا جدي،، بس هو انت مش المفروض انك...انك..

رد عليا و هو بيضحك....

- أني أيه..؟، ميت !!!

رديت عليه بنفس نبرة الخوف...

- ده المفروض..

حط البايب اللي كان ف أيده عالمكتب و الضحكة اللي على وشه راحت و رد عليا بغضب....

- ما هو برضه زي ما المفروض أن انا ميت، المفروض أن انت كمان ماتلعبش بالحاجة بتاعت الميت اللي ماتخصكش ولا تمد أيدك على حاجة مش ليك.

و بص ناحية البايب اللي قصادي، أنكمشت ف نفسي أكتر و قولتله بارتباك....

- ما هو...ما هو.....

قاطعني لما قام وقف و قال بغضب....

- طلعت البااايب من الصندوووق لييييه....؟

و أول ما قال كده ملامحه بدأت تتغير و جلد وشه بدأ ينكمش و جسمه بدأ يبقى أنحف و كأن الدم و اللحم اللي ف جسمه بيختفوا بالتدريج لحد ما بقى زي ما بنقول بالبلدي كده (جلد على عضم) و عيونه بدأت تبقى بيضا و بارزة لبره، فضل الأمر يتطور لحد ما تحول جدي لهيكل عظمي و جلده اختفى تمامًا و بقى الهيكل العظمي اللي قصادي متغطي بدود، و الدود ده كان بينخر ف عضم جدي و بياكل فيه و انا سامع صوته و انا قاعد متنح و هو بياكل فيه، أنا كنت قاعد و مش مستوعب اللي بيحصل لحد ما لقيت الهيكل العظمي ده بيقرب مني و بيلف و جاي نحيتي بخطوات ثابته، وقتها فوقت و قومت اتنفضت من مكاني و جريت ناحية حيطة من حوائط الأوضة، سندت ضهري على الحيطة و الهيكل العظمي ده كان بيقرب مني أكتر و أكتر لحد ما حسيت بألم شديد ف ضهري، لفيت علشان أشوف أيه اللي على الحيطه مسبب ألم ف ضهري و كانت المصيبة لما لقيت الحيطة اللي انا ساند عليها مليانة دود و الظاهر أن انا لما سندت عليها الدود ده اتنقل لجسمي و بدأ ياكل ف ضهري، غصب عني نمت ع الأرض و بدأت اتقلب شمال و يمين بحركات هيستريه علشان أموت الدود اللي بدأ ينتشر في كل حته ف جسمي، فوقني من اللي كنت بعمله ألم قوي ف رقبتي و كانت المصيبه الأكبر أن انا لقيت الهيكل العظمي اللي مليان دود ده مادد أيده نحيتي و ماسك رقبتي بكل قوة و عمال يخنق فيا، حاولت أقاوم و ابعده عني لكنه كان قوي جدًا و ماقدرتش ابعده عني و بدأت استسلم لصعوبة التنفس اللي بدأت احس بيها و اللي بدأت تبقى استحالة ف التنفس و اللي بعدها بالتأكيد بدأت أفقد الوعي أو أموت، الحقيقة ماكنتش قادر احدد ولا اعرف هل أنا كده خلاص بموت ولا بفقد الوعي لكن كل اللي كنت قادر أحدده أن انا خلاص بستسلم و رؤيتي للأشياء بدأت تنعدم تدريجيًا و الظلام بدأ يتسرب لنظري و أخر حاجة كنت شايفها هي صورة الهيكل العظمي و هو بيموتني.....

- معااذ....أصحى يا معاذ يا ابني.

ده كان صوت أمي اللي صحيت عليه، فتحت عيني لقيت نفسي نايم على الأرض فأوضة المكتب و أمي واقفة قصادي و بتمد لي أيدها و هي بتقول....

- انت أيه اللي نيمك على الأرض ف أوضة المكتب..؟

أول ما فوقت قومت وقفت و بدأت أبص على الحيطة و على جسمي، بصت لي أمي و قالتلي باستغراب....

- أنت بتدور على أيه يا ابني..؟

وقتها حسيت أن انا مش قادر اصلب طولي و كنت حاسس بألم شديد ف جسمي ف سندت على أمي اللي قالتلي....

- تعالى يا ابني كمل نوم ف أوضتك...أنت تلاقيك مش قادر تصلب طولك من نومك على الأرض.

و اتسندت على أمي و اتمشينا لحد ما دخلتني أوضتي و اترميت على سريري و انا حرفيًا راسي بتتكسر من الصداع و كانت كل حتة ف جسمي بتوجعني و بدون ما ارد عليها بأي كلمة لقيت نفسي بروح فالنوم من شدة الألم اللي كنت حاسس بيه....

نمت طبعًا و نومي كان مليان كوابيس و كلها كانت بتنصب على جدي و البايب و الدود اللي شوفتهم ساعة ما حصل لي اللي حصل، صحيت من النوم و انا متضايق و مخنوق و كمان كنت حاسس بصداع غريب أول مرة احس بيه ف حياتي، الصداع خلاني مش متزن و مش بتكلم مع أمي بطبيعية، كنت مخنوق و متعصب و بتكلم بأسلوب مش كويس و بصراحة كده كان كل همي أعرف أيه حكاية البايب ده و أيه علاقة عفريت جدي اللي شوفته بيه، أه بقول عفريت لأن اللي انا شوفته ده مالوش تفسير غير كده مع أن انا بصراحة لا بقتنع بالعفاريت ولا بوجودهم إنما اللي شوفته مش لاقيله تفسير غير كده، المهم أكلت بالعافية طبعًا لأني كنت لسه مصدع و بعد ما فطرت نزلت اشتري أي دوا من الصيدلية علشان يضيع الصداع اللي عندي ده و أول ما نزلت قابلت البواب على باب العمارة، أول ما شافني سألني مالي لأن شكلي كان مرهق جدًا ف جاوبته و قولتله أن انا مصدع و مش مظبوط من امبارح و لما سألني عن سبب الصداع المفاجيء اللي عندي لقيت نفسي بحكيله عن اللي حصل لي و الغريبة أنه كان بيسمعني باهتمام و الأغرب أن انا بعد ما خلصت لقيته مصدقني جدًا و ماكدبش كلمة واحده من كلامي، و الأغرب بقى من ده كله أنه قال لي....

(بص يا أستاذ معاذ، شقة جدك دي مقفولة بقالها زمن و أكيد روحه كانت متعلقة بالشقة أو بالبايب اللي انت لقيته و استخدمته...عمومًا ماتقلقش أنت من حظك الكويس أن بكره الليلة الكبيرة للسيدة زينب و انا اعرف واحد بيجي قبل المولد بتلات أيام، الرجل ده واصل و مبروك اوي بروحله كل سنه و بيرقيني و يرقي الولية و يرقي العيال علشان ربنا يباركلنا ف رزقنا، أطلع انت دلوقتي و حضر البايب اللي انت لقيته و بعد أذان المغرب تنزلي علشان اخدك و نروحله و تحكيله على اللي حصلك و بأذن الله و ببركة ام هاشم هتبقى كويس و هنلاقيلك حل)

بصراحه كلامه كان مقنع و خصوصًا لأن مفيش تفسير للي انا شوفته ف روحت الصيدلية اشتريت مسكن و طلعت البيت أخدته و جهزت البايب بالعلبة بتاعته و استنيت لحد أذان المغرب و بعد صلاة المغرب نزلت للبواب و بصراحة الصداع كان بقى أقل شويتين لكني برضه كنت عاوز الاقي تفسير للي حصل و ده بصراحة اللي خلاني اروح معاه للرجل اللي قال لي عليه.

وصلنا قصاد مسجد السيدة زينب و من عند المسجد اتمشينا لحد ما دخلنا ف شارع جانبي و منه لشارع جانبي تاني لحد ما بقينا قصاد خيمة كبيرة، الخيمة بابها كان مقفول بستارة؛ البواب فتحها و أول ما فتحها لقينا رجل قاعد قصاد الباب أول ما شاف البواب قام سلم عليه بحرارة و سأله عن مراته و عن أولاده و بعد السلامات دي كلها دخلنا انا و هو و قعدنا قصاد الرجل اللي كان لابس جلابية لونها أزرق و عمامة بيضا على راسه و ف رقبته كان لابس سبح شكلها غريب و كان قصاده منقد متوسط الحجم جواه فحم مولع و خارج منه دخان ريحته غريبة، بص لي الرجل و سألني بثقة... 

- خير يا أستاذ...؟
حكيتله حكايتي و هو كان بيسمعني باهتمام لحد ما خلصت و بعد ما خلصت طلب مني أن انا اديله البايب علشان يشوفه، أخده مني و قعد يبص كده و يقلب فيه شمال و يمين و بعد كده قرب البايب من الدخان اللي خارج من المنقد و بعد كده قربه من بقه و قعد يقول كلام غريب بصوت واطي و كأنه بيوشوش البايب و بعد ما خلص اللي كان بيعمله أداني البايب و انا باصلله و مش فاهم و لا عارف هو بيعمل أيه، بعد كده خرج ورقه من كيس أسود كان موجود جنبه و طلع قلم من نفس الكيس و كتب على الورقه كلام بلغة غريبة مش مفهومة و رسم أشكال زي دواير و مثلثات متداخله و بعد ما خلص كتابه لقيته بيسألني عن أسم والدتي، أستغربت جدًا من سؤاله لكني جاوبته و قولتله على أسم أمي، بعد ما قولتله على أسم أمي طبق الورقة كذا تطبيقة لحد ما الورقة بقى حجمها أصغر و بعد كده ربطها بخيط و مسك طرفه و رفع الورقة قصادعيني و فضل يقول كلام غريب كل اللي فهمته منه أسمي و أسم أمي و بعد ما خلص حط الورقة دي جوه قماشة لونها أبيض و خيطها ببقية الخيط اللي مربوط بيه الورقه، و بعد ما خلص كل اللي كان بيعمله أداني الورقة و قال لي....

- خد الحجاب ده خليه ف جيبك و تخرج من عندي تروح للست، و لما تبقى عندها تقول الكلام اللي هكتبهولك فالورقة دي.

طلع ورقه تانيه و بدأ يكتب كلام عليها و بعد ما خلص ادهالي، مسكتها و بصيت فيها لقيت مكتوب كلام عربي يتقري عادي بس كان غريب و مالوش معنى، بصيتله باستغراب و سألته...

- أيه الكلام ده..و ست مين اللي هروح لها ؟

بص هو للبواب و رجع بص لي تاني و قال....

- هتدخل مقام السيدة زينب يا خواجة و أول ما تقف قصاد المقام هتقرأ الكلام اللي في الورقة ده ٣ مرات و بعد ما تخلص تطلع ع البيت و تدخن بالبايب عادي و أول ما يظهرلك عفريت جدك ده تطلع الحجاب اللي اديتهولك من جيبك و هو أول ما ترفع الحجاب في وشه هيتحرق على طول و مش هيظهرلك تاني.

بصيت له باستغراب و سألته...

- طب معلش بس ممكن تفهمني أيه علاقة البايب بعفريت جدي ؟

رد عليا بثقه و قال....

- روح جدك متعلقة بالبايب ده لأنه كان بيستخدمه كتير و علشان تصرف روحه اللي متعلقة بالبايب لازم تعمل اللي قولتلك عليه.

حطيت القماشة اللي ادهالي ف جيبي و حطيت البايب جوه الصندوق و بعد كده قولتله...

- طب كده في حاجة تانية هعملها..؟

رد عليا....

- لا مفيش، انت بس هتدفع حق الكشف زيك زي بقية المريدين.

رديت عليه و انا بمد أيدي ف جيبي و بطلعله فلوس...

- كام يا استاذ...؟!

ضحك و بص للبواب....

- أستااذ..هه...انت شكلك خواجة خواجة يعني، ما علينا ....اللي تجيبه.

بصيت للبواب و انا مش عارف اديله كام، خد البواب الفلوس اللي طلعتها من أيدي و أخد ٢٠٠ جنيه و اداهمله و هو بيبوس أيده و خرجنا من الخيمة بتاعته و البواب عمال يدعيله و انا من جوايا كنت مش مؤمن اوي باللي حصل لكن هعمل أيه..!، مفيش ف أيديا حل غير ده.

خرجنا من عند الرجل و اتمشينا لحد مسجد السيدة زينب و هناك دخلنا المسجد بصعوبة و طبعًا مش محتاج أعرفكم أني دفعت قد اللي دفعته عند الدجال علشان أعرف ادخل عند مقام السيدة، المهم يعني بعد بهدلة و معاناه قدرت أدخل و أول ما دخلت وقفت قصاد المقام و خرجت الورقة و قريت اللي فيها ٣ مرات زي ما الرجل قال لي و بعد ما خلصت خرجت للبواب اللي كان مستنيني بره و بعد كده رجعت البيت....

روحت البيت و بدون أي كلام أو نقاش مع أمي دخلت أوضة المكتب و طلعت البايب من الصندوق و بدأت انضفه و حضرت التبغ و لسه هحضره علشان ادخن منه لقيت تليفوني بيرن و كان المتصل هو ابن خالتي، كنسلت عليه و قولت بيني و بين نفسي..(مش وقتك خالص..أنا ورايا حاجات أهم)، و بعد كده قفلت الموبايل خالص لأنه كان لسه بيرن و حضرت البايب و ولعت التبغ اللي حطيته جواه و بدأت أدخن بشراهه و بسرعة علشان الأوضة تتملي دخان و احس بنوبة سعال شديدة بعدها فوقت على أصوات همس حواليا جاية من كل مكان، دعكت عيني لأن الرؤية ف الأوضة كانت ضبابية و بدأت اتكلم و اقول...

(أظهر...أنت فين..؟)

رد عليا صوت من مكان ما بالأوضة...

(أنا قدامك اهو..)

ركزت شوية على الدخان الكثيف اللي كان قصادي لقيته بيتشكل على شكل هيكل عظمي واقف قصادي بكل ثبات، بصيتله بثقه و قولتله بكل شجاعه....

(قرب تعالى....أنا مش خايف منك)

أول ما قولتله كده لقيته اختفى من قدامي، اتلفتت حواليا و دورت عليه ف وسط الدخان لكني مالقتهوش لحد ما سمعت صوت جاي من ورايا بيهمس....

(أنا موجووود)

التفتت علشان الاقي الهيكل العظمي ف وشي و كان شكله المرة دي حقيقي زي ما شوفته المرة اللي فاتت...ماكنش دخان زي ما كنت شايفه من شوية، أول ما شوفته مديت أيدي ف جيبي و طلعت الحجاب و رفعته ف وشه و بدأت اقول له بقوة.. 

(أنصرف...أنصرف بقى يا أخي)

لقيته قرب مني أكتر و سمعت صوت ضحكات ف كل الأوضة، و منه هو خرج صوت أشبه بصوتي و كان بيقول بكل ثقه...

(المووت ليك...و الدود لعضمك)

أول ما قال كده بدأت أحس بتنميل في كل جسمي و بدأت احس أن ضربات قلبي بتبقى أقوى و اسرع لدرجة أن انا كنت حاسس أن قلبي هيخرج من صدري من شده ضرباته.

حاولت اتماسك و اتكلم لكني ماقدرتش، أنا مش قادر اسيطر على جسمي و حاسس أن جسمي بيبرد تدريجيًا و نفسي باخده بصعوبة أكبر،،، أنا مش بفقد الوعي المرة دي لأ....أنا بمووت، أيوه هو ده احساس الموت اللي لأول و أخر مره بحسه ف حياتي، حاولت اتكلم أو أتشاهد لكن خلاص، مفيش عضو من أعضاء جسمي بقيت قادر اسيطر عليه، عنيا بتزغلل و الشوف بينعدم تدريجيًا و انا كل اللي بعمله أن انا ببكي و الهيكل العظمي اللي مليان دود قصادي و صوت الضحكات اللي جايه من كل مكان كانت أخر حاجة قدرت اسمعها قبل ما اموت، غمضت عيني و بدأت استسلم للموت و انا من جوايا بقول ياارب انت عارف أن انا ماليش ذنب ف كل اللي حصل ده....

***********************

- أستاذ معاذ....أستاذ معااذ.

فتحت عيني لقيت نفسي نايم على سرير ف أوضة غريبة و حواليا أجهزة و أصوات غريبة، و جنب السرير اللي انا نايم عليه كان واقف شاب لابس بالطو أبيض، أول ما بصيتله و سألته (انا فين..!) رد عليا و هو مبتسم....

- حمدلله على السلامة يا أستاذ معاذ، أنت انكتبلك عمر جديد.

حاولت افوق و اقعد عالسرير لكني ماقدرتش، جسمي كله كان بيوجعني و ماكنتش قادر اتحرك من مكاني، قرب مني الشاب ده و قالي....

- ماتحاولش تعمل مجهود دلوقتي لأنك لسه فايق من الغيبوبه.

بصيتله و انا مش فاهم حاجة....

- غيبوبة...!، غيبوبة أيه ؟؟، انا فين و مين اللي جابني هنا..؟

رد عليا و هو على وشه نفس الأبتسامة...

- الأسعاف اللي جابتك على المستشفى هنا بعد ما والدتك أتصلت بيها، و انت جيت هنا و انت ف غيبوبة بسبب أنك...
و سكت، ف سألته باستغراب....

- بسبب أني أيه...؟

حط وشه ف الأرض و جاوبني بصوت واطي....

- بسبب أنك كنت أوفر دوس أستروكس، بس ماتقلقش أنا مابلغتش البوليس لأني لاحظت أنك ابن ناس و مش وش بهدلة و لأننا شباب زي بعض ف مارضتش أحطك ف موقف محرج.

برقتله و انا مش فاهم.....

- أوفر دوس أيه و استروكس أيه..!، أنا مابشربش مخدرات أصلًا.

رد عليا بعصبية....

- يعني انا هتبلى عليك يا أستاذ..؟، و بعدين انت بتنكر ليه ما انا خلاص قولتلك أني مش هبلغ و مش هقول لحد أنك....

قطع كلامه باب الأوضة اللي اتفتح و دخل منه أبن خالتي اللي دخل جري نحيتي و هو بيعيط.....

- سامحني يا ابن خالتي...سامحني يا معاذ أنا كنت فاكر أنك بتشرب و أنك هت...

سكت أول ما لاحظ أن الدكتور واقف، بص للدكتور و قال له....

- تسمحلي بس اتكلم معاه كلمتين على انفراد..!

رد عليه الدكتور....

- ماشي بس ياريت ماتحاولش تخليه يتعصب أو يبذل مجهود لأن الهبوط اللي كان عنده هيخليه معرض لغيبوبة تانية لو بذل مجهود.

رد عليه أبن خالتي....

- حاضر يا دكتور حاضر..

و قبل ما يخرج الدكتور اتدخلت و قولتله....

- لأ ماتخرجش...أستنى يا دكتور.

وقف الدكتور و قال لي....

- خير... حاسس بحاجة؟

بصيت لابن خالتي و قولتله.....

- كمل كلامك يا بيه، كمل كلامك و فهمني و فهم الدكتور ازاي جاتلي غيبوبة بسبب أن انا بقيت أوفر دوس و انا أصلًا مابشربش مخدرات..!

اتكلم ابن خالتي و هو بيعيط.....

- أنا لما قولتلك أني هجيبلك تبغ من عند واحد صاحبي ضحكت عليك و روحت للشاب اللي بشتري منه مخدرات و اشتريت منه استروكس و بعد كده اشتريتلك نوع تبغ مستورد و خلطت الاتنين ببعض و كان قصدي أن انا أعمل فيك مقلب أو ان انا أعمل معاك واجب لأن انا كنت فاكرك بما أنك كنت عايش بره أنك بتضرب و كده، والله العظيم انا ماكنتش اقصد أن يحصلك اللي حصل، و عاوز اقولك أن انا كنت هقولك و خصوصًا لما كلمت خالتي و سألت عليك و هي قالتلي أنك تعبان و مصدع على طول و أنك كنت نايم فالمكتب بعد ما دخنت بالبايب، قفلت مع خالتي و حاولت اتصل بيك كتير علشان اقولك ماتدخنش من التبغ ده تاني لكنك ماكنتش بترد عليا و حتى انت قفلت تليفونك، اتصلت بخالتي بعدها و سألتها عليك قالتلي أنك ف أوضة المكتب و أنك بتدخن تاني، ساعتها انا خدت بعضي و نزلت جري لحد عندك و لما وصلت و دخلت عليك أوضة المكتب لقيت البايب على المكتب و الأوضة مليانة دخان و انت مغمى عليك و مرمي على الأرض و ف أيدك الحجاب ده، وقتها فضلت اصرخ و ناديت على خالتي اللي لما دخلت و لقتك مغمى عليك اتصلت بالأسعاف و جم خدوك و قالوا أنك عندك هبوط حاد، فضلت واقف مستني برة أوضتك انا و خالتي لحد ما واحد من التمريض قال لنا أنك بقيت كويس و أنك فوقت.

بصيتله بقرف و رجعت بصيت للدكتور و قولتله....

- عرفت بقى يا دكتور أن انا ماليش ذنب.

رد عليا الدكتور و هو متعصب....

- أنا كده مضطر ابلغ الشرطة و....

قاطعته....

- لا بلاش يا دكتور، ده مهما كان برضه ابن خالتي اللي خلاني اروح لدجال و خلاني اشرب مخدرات و خلاني كنت هموت، ده ابن خالتي اللي المفروض يكون أخ ليا....ماتبلغش الشرطة يا دكتور و انا هكتفي بكلمتين.

بصيت لابن خالتي و قولتله.....

- امشي اطلع بره و مش عاوز اشوف وشك و لا اعرفك تاني.

حط وشه ف الأرض و قال....

- أنا أسف يا معاذ، والله ما كنت أقص....

قاطعته....

- أطلع بره قولتلك و ماتورينيش وشك تاني.

خرج ابن خالتي و انا فضلت ف المستشفى و أمي معايا لمدة يومين لحد ما بقيت كويس و بعد كده خرجت، و طبعًا مش محتاج اقولكم أن الدكتور فهم أمي أن اللي حصل لي ده كان نتيجة أن انا ماباكلش كويس و بشرب قهوة و بدخن كتير، و كمان مش محتاج اقولكم أن انا لما حكيت للدكتور على اللي حصل لي كله قال أن كل اللي انا شوفته ده كان بسبب الاستروكس اللي بيسبب هلاوس سمعية و بصرية بتخلي المتعاطي يشوف خيالات من عقله الباطن، و طبعًا كمان مش محتاج اقولكم أن انا بعد ما خرجت من المستشفى عزلت من شقة جدي و ده طبعًا بعد ما هزقت البواب اللي لما سألته على مكان الرجل الدجال اللي نصب عليا قال لي أنه مالوش مكان محدد و أنه بيلف الموالد و المحافظات كلها علشان ينصب على المغيبين اللي انا كنت واحد منهم، و طبعًا مش محتاج اقولكم أن ابن خالتي حاول يراضيني كتير لكني لحد النهارده مش مسامحه بسبب اللي عمله فيا، لكن حقيقي اللي لازم تعرفوه أن انا خرجت من التجربة دي متعلم حاجات كتير اووي، أولها و أهمها أن مفيش عفريت ولا جن يقدر يأذي بني أدم ألا لو ربنا كاتب ده، و كمان اتعلمت أن البني أدم هو أكبر خطر على أخوه البني أدم و يمكن كمان خطره أكبر من خطر الجن و العفاريت و اللعنات اللي معظمها بيبقى من خيالات عقلنا الباطن، و اتعلمت كمان أن أي مخدر بيدخل جسم الأنسان بيكون سبب في هلاكه أو جنانه أو موته، و أديني اهو رجعت بقيت طبيعي تاني لكني بطلت تدخين خالص لأن جت لي عقدة من بعد اللي حصل لي بسبب البايب بتاع جدي اللي انا لسه محتفظ بيه لحد النهارده كتحفة حتى بعد ما عزلت من الشقة.......

تمت

#محمد_شعبان

ليست هناك تعليقات