إبحث عن موضوع

الاصم

الأصم

فتحت عنيا بالعافية علشان الاقي نفسي نايم على الأرض و في ألم قوي جدًا حاسس بيه في مؤخرة راسي، فتحت أكتر و بدأت اركز... أنا فين ؟!

انا في طريق أرضيته ترابية و على جانبيه زرع كتير، الدنيا ليل و الطريق ضلمة لأن أنوار عمدان النور ضعيفة جدًا، قومت من مكاني بالعافية و انا حاسس بألم ف كل جسمي، اتمشيت بخطوات بطيئة على الطريق لحد ما لقيت قصادي أتوبيس خابط ف عربية و الاتنين متفحمين و من الواضح أنهم عملوا حادثة من كام ساعة لأن الدخان مازال بيخرج منهم و من الواضح كمان أن كل الركاب اللي جوة الأتوبيس و العربية اتفحموا و ماتوا، عديت الحادثة دي و بدأت أمشي فالطريق و انا بدور على أي حد أو أي حاجة تعرفني أنا فين ولا انا مين لكني مش لاقي ولا عارف حاجة، بدأت اركز مع صوت خطوات أقدامي لكني مش سامعه، ركزت حواليا و بدأت احاول أسمع لكن مفيش صوت لأي حاجة، وقتها حسيت بألم رهيب ف وداني، رفعت أيديا الاتنين ناحية ودني اليمين و بدأت اسقف لكني برضه ماسمعتش حاجة و عملت نفس اللي عملته جنب ودني الشمال و برضة مش سامع حاجة !

يا نهار اسود و منيل أنا اطرشيت..؟، ولا ممكن أكون انا أصلًا أطرش و انا مش عارف..؟!، أنا مين و أيه اللي جابني هنا و ازاي جيت..؟، كل دي أسئلة مش لاقيلها أجابة...كملت مشي و بدأت أدور على أي حد لكن مفيش صريخ ابن يومين حتى، فكرت بيني و بين نفسي أعمل أيه و أروح فين لحد ما لقيت نفسي بدخل يمين ناحية جنب من جنبات الطريق، اتمشيت وسط الزرع و انا مش عارف انا رايح فين و انا لسه برضه مش سامع و انعدام السمع اللي عندي مع أن انا ماعرفش انا مين خلوني مش خايف و كملت مشي وسط الزرع و انا ماعرفش انا رايح فين لكني ماشي لحد ما وصلت عند حتة أرض مافيهاش زرع..كانت أرض طينية و ده اللي واضح من ضوء القمر اللي كان منور المكان و مخليني أشوف كويس الفضا اللي قدامي و الزرع اللي ورايا، أتكلمت و بدأت انادي و اقول أي كلام و انا مش سامع نفسي لحد ما فجأة ظهر من العدم قصادي كيان شكله غريب، هو فنفس هيئة الأنسان لكنة مش أنسان لأن جسمه حواليه هالة نور لونها أزرق زي لون الصور اللي بنشوفها للفضاء الخارجي،ركزت أكتر معاه و اكتشفت أن دي مش هالة لأ، الضوء ده هو جسم الكائن الهلامي اللي واقف قصادي و جوة جسمه الشفاف بتنور أنوار بتلمع زي النجوم بالليل...

بصراحة ماخوفتش و قربت منه و بدأت اتكلم و اسأله هو مين و انا فين لكن مافيش منه رد أو ممكن يكون في رد لكن انا مش سامعه، فضلت اتكلم و هو واقف قصادي لحد ما لقيته بيقرب مني بهدوء و انا كنت واقف و مش خايف لحد ما قرب أكتر و أكتر و فجأة لقيت جزء منه بيتجه نحيتي علشان يلمسني و أول ما لمس جسمي حسيت أن انا بتكهرب و جسمي كله كان بيتنفض و فجأة بدأت الدنيا تضلم لما غمضت عيني من شدة الألم، فتحت عيني لقيت نفسي لسه واقف ف نفس الأرض لكن لوحدي و المخلوق اياه ده أختفى تمامًا، فضلت اتلفت حواليا و انادي و اصرخ لحد ما سمعت صوت لكنه مش حواليا، الصوت ده كان جاي من جوة راسي كأني بفكر مثلًا بصوت عالي أو في حد جوة راسي بيتكلم، الصوت كان صوت غريب و كان مشابه جدًا لصوتي، طمني الصوت المبهم ده لما قال...

(لا تقلق...أنك مازلت على قيد الحياة برغم ما مررت به)

اتلفتت حواليا تاني و بدأت أسأل...
(أنت مين و ازاي بتتكلم جوة راسي ؟!)

سمعت نفس الصوت تاني بيقول...

(لا يوجد شيء في تلك الحياة دون سبب، كل شىء يحدث ليكون سببًا في حدوث سبب أخر حتى تحدث النتيجة التي تنتهى عندها الأسباب و هنا تعتقد بأن الأسباب قد انتهت و لكن عندما تصل تكتشف بأن حياتك ما هي إلا سبب لأظهار الحقيقة)

رديت على الصوت و انا حاطط أيدي على راسي...

(أنا مين و انت مين و تقصد أيه بكلامك انا مش فاهم..؟!)

رد عليا الصوت....

(سر في المسار الذي يخبرك به عقلك...أتبع ما سأمليه عليك حتى تصل... و فيما بعد ستعلم الحقيقة يا مضيفي)

رديت على الصوت و انا بتلفت حواليا...

(مضيف أيه...أنت فين..؟!)

رد عليا الصوت...

(أتبع ما سأمليه عليك و سر كما أخبرك...ستنجو)

و بدأ يوصفلي أمشي ازاي و بصراحة سمعت كلامه و مشيت ناحية الزرع و فضلت ماشي ماشي لحد ما وصلت عند الحادثة اللي شوفتها لما فوقت، و أول ما وصلت قصادها حسيت بجسمي كله بيتكهرب و بدأت أسمع الصوت و هو بيقول...

(الأن ستنجو...)
و فجأة لقيت نفسي اتزقيت من مصدر مجهول علشان الاقي نفسي وقعت على ضهري بعيد عن مكان الحادث بمسافة و أول ما ده حصل بدأت أغيب عن الوعي ماعرفش لمدة قد أيه...

فتحت عيني لقيت نفسي نايم على سرير و حواليا ناس منهم واحد عرفت أنه دكتور من البالطو اللي كان لابسه و كانت واقفة جنبه ست بتبصلي و تعيط و جنبه الناحية التانية كان واقف شاب عنيه بتدمع و بيبصلي برضه و جنب الشاب ده كان في رجل كبير بيبصلي و يضحك، كلهم كانوا بيتكلموا لكني مش سامعهم، كنت باصص لهم باستغراب و انا مش عارف مين دول، اتعدلت من عالسرير بالراحة و انا راسي جواها ألم رهيب و سألت اللي واقفين..
(أنتوا مين؟)

كانوا بيتكلموا و ده اللي واضح من حركة شفايفهم لكني ماكنتش سامعهم، قرب مني الدكتور لما لاقاني ببصله باستغراب و سقف جنب وداني و وقتها اكتشف أن انا أصم، بص الدكتور للي حواليه و بدأ يتكلم معاهم لكني ماكنتش سامع هم بيقولوا أيه لكن الظاهر أن اللي قاله الدكتور كان خبر سيء و ده لأنهم بدأوا كلهم يبكوا، فجأة خرج الدكتور و رجع معاه ورق و قلم و بدأ يكتب على ورقة و بعد كدة رفعها ف وشي و كان اللي مكتوب عليها...

(أنت عارف مين دول ؟)

و شاور على اللي واقفين، رديت عليه و قولتله...
(لأ مش عارفهم..)

رجع كتب على نفس الورقة تاني و بعد كده رفعها ف وشي...

(أنت مش سامع..؟)

رديت عليه...
(لأ مش سامع حاجة)

لما جاوبته كتب على الورقة لتالت مرة و رفعها ف وشي...

(أنت أسمك أيه؟؟)

رديت عليه بتلقائية...

(مش عارف..!)

بص للي حواليه و بعد كدة قال كلام ماسمعتوش و بعده حط راسه ف الأرض و خرج من الأوضة، أول ما خرج لقيت الشاب اللي واقف مسك الورق و القلم اللي سابهم الدكتور و بدأ يكتب هو كمان كلام كتير و بعد كدة أداني الورقة اللي لقيت مكتوب فيها...

(أنا أسامة اخوك و ده أبوك و دي أمك و أنت أسمك " نور " كنت ف رحلة مع اصحابك و اثناء ما كنتوا راجعين الأتوبيس عمل حادثة على الطريق الزراعي و انت ربنا نجاك منها لأنك نطيت من الأتوبيس قبل ما يخبط ف العربية...ده كلام الشرطة اللي لقوك مرمي بعيد عن مكان الحادثة بأمتار و اللي كان واقف ده الدكتور اللي قال لنا أنك فقدت الذاكرة و أنك كمان مابقتش تسمع و طلب مني أفكرك...ماتخفش يا اخويا أنا جنبك و كلنا جنبك...)

قريت اللي ف الورقة و بصيتله و انا عنيا بتدمع و قولتله...

(أنا مش عارف حاجة ولا فاكر حد...خليك جنبي لو انت اخويا زي ما بتقول)

بص لي و ضحك و انا مابقتش عارف أقول أيه لكني سكتت و سيبت الدنيا تمشي زي ما تمشي لحد ما خفيت و خرجت من المستشفى و بعد ما خرجت بشهر كنت قاعد فالبيت بقرأ كتاب ف أوضتي ف سمعت صوت... سمعت صوت...!، أنا مابسمعش أساسًا...ركزت مع الصوت اللي كان جاي من جوة راسي....

(أذهب إلى سريرك و أغمض عينيك..)

رديت عليه و قولتله...

(أنت مين و كنت فين طول الفترة اللي فاتت دي)

رد عليا...

(أذهب إلى سريرك و اغمض عيناك، ستفهم كل شيء)

سمعت الكلام ماعرفش ليه و ازاي، سمعت كلام الصوت ده و نفذت كلامه زي ما بنفذ كلام كل اللي حواليا لما بيكتبولي اللي هم عاوزين يقولوه و روحت مددت على سريري و غمضت عيني و أول ما غمضت حسيت برعشة قوية ف جسمي و بعد كدة المشهد اتغير من ظلام لنور قوي، فتحت عيني لقيت نفسي واقف ف مكتب و قصادي واحد قاعد على المكتب ده و بيقول لواحد تاني قاعد قصاده...

- أنا مش هسيبه يفضل المدير كدة لمدة كبيرة، أنا هتصرف و هعمل حاجة تخلي مجلس أدارة المدرسة يمشيه و يجيبني انا بداله...
رد عليه اللي قاعد قصاده...
- هتعمل أيه يا أستاذ عماد...!

فجأة المشهد اتغير تاني و لقيت نفسي واقف ف شارع و قصادي كان أستاذ عماد و واقف قصاده شخص تاني بياخد منه فلوس و هو بيقول له...

- كدة تمام...بكرة ف الرحلة قبل ما نرجع من المخيم هفك فرامل الأتوبيس التاني و ماتنسانيش بقى لما تبقى مدير ف مبلغ محترم...

و أول ما قال كدة المشهد اتبدل لتالت مرة عشان الاقي نفسي واقف ف مكان ضلمة و قصادي كان أتوبيس...ده نفس الأتوبيس اللي شوفته مولع لما فوقت..!، جنب الأتوبيس كان واقف نفس الشخص اللي خد من عماد الفلوس بيبص حواليه و فجأة نام على الأرض و نزل تحت الأتوبيس و بعد شوية طلع و هو فأيده حاجة ماقدرتش احدد شكلها لأن المكان كان ضلمة لكنه بعد ما طلع من تحت الأتوبيس طلع موبايله و اتصل بحد و كان بيقول بصوت واطي...

- أنا فكيت الفرامل زي ما اتفقنا و ماتبقاش تنسى باقي المبلغ لما ارجع....

و فجأة المشهد اتبدل لرابع مرة علشان الاقي نفسي واقف جوة أتوبيس و حواليا هرج و مرج و كل اللي واقفين حواليا خايفين و بيصرخوا لأن الأتوبيس بيتمايل و هو ماشي بسرعة، فجأة سمعت صوت الرجل اللي كان بيسوق و هو بيقول...

- الفرامل مش شغالة...أنا ههدي و اللي يقدر ينط من الأتوبيس ينط....

فجأة لقيت نفسي بجري ناحية باب الأتوبيس و بنط علشان اقع على الأرض و بعد كدة أقوم و أول ما قومت شوفت الأتوبيس و هو بيخبط بكل قوة ف عربية جاية ناحيته و بمجرد ما خبطوا ف بعض سمعت صوت انفجار كبير و بعد كدة شوفت أضاءة قوية و حسيت بدفعة قوية خلتني ارجع لورا، بعد كدة الدنيا ضلمت من حواليا و اتبدل المشهد علشان اشوف نفسي و انا واقف ف مكان مظلم و قصادي نفس الكائن اللي شوفته ف الأرض الزراعية بس المرة دي كنت سامعه لما قال...

(أنا عارف انك مش فاكر حاجة لكن انا وريتك اللي حصل علشان تروح تبلغ عن وكيل المدرسة اللي كان سبب ف حادثة الأتوبيس هو و السواق التاني علشان تحصل حادثة و المدير يتشال و يبقى هو مكانه علشان يقدر يسرق من ميزانية المدرسة براحته و ماحدش يراقبه، أنت هتفوق دلوقتي و هترجع لحياتك و مش هتشوفني تاني و مش هتسمع أي صوت تاني لكن لازم تروح تبلغ عن اللي حصل، أما بالنسبة ليا ف انا اعتبرني قرين أو ملاك حارس أو جن علوي شهد على الحادثة و كان لازم يتدخل علشان يكشف اللي حصل،،، أنا مش هقدر اقولك انا مين لكن كل اللي هقدر اقولهولك أن ربنا نجاك علشان تكشف اللي حصل عن طريقي...كلنا فالكون أسباب...كلنا أسباب..)

و فضل يكرر فالجملة لحد ما صحيت من النوم و أول ما صحيت كانت كل حاجة اختفت، قومت من النوم و جريت على أوضة اخويا و صحيته و قولتله أن انا عاوز اروح القسم و اعمل بلاغ، كالعادة اخويا مسك ورقة و كتبلي فيها...

(هو انت افتكرت حاجة يا نور..؟)

بصيتله و انا عنيا بتدمع و هزيت راسي بحركة معناها (أه افتكرت) أول ما قولتله كده سمع كلامي و روحنا على القسم التابع للمنطقة اللي انا فيها و بلغت مأمور القسم باللي حصل و قولتله أن انا شوفت اللي حصل و كنت ناوي ابلغ لما ارجع لكني فقدت الذاكرة و لما افتكرت جيت ابلغ عن سواق الأتوبيس التاني اللي كان معانا ف الرحلة اللي فك فرامل الأتوبيس اللي انا كنت فيه، صدقني الظابط و حقق مع السواق و السواق أول ما اتحقق معاه انهار و اعترف على المدير الحالي للمدرسة أستاذ عماد اللي كان سبب في فصل المدير اللي قبله لما دبر حادثة الأتوبيس اللي كانت سبب في فصل المدير القديم، و عرفت كمان بعد كدة أن كل ده لأن المدير اللي كان موجود قبله كان ناوي يفصله لأنه شك فيه و بعد كدة اتأكد أنه بيسرق من ميزانية المدرسة و فعلًا القضية اتحكم فيها و المدير اتسجن و السواق اللي فك الفرامل اتعدم و انا كنت شاهد ف القضية، اتقفلت القضية و انا ذاكرتي بدأت ترجعلي بالتدريج لكني لسه مش بسمع و لسه لحد النهاردة أصم، افتكرت أمي و ابويا و أهلي و زمايلي لكني مابقتش بشوف الكائن اللي شوفته ده تاني و اللي ماعرفش هل هو قرين حد من اللي ماتوا ف الحادثة ولا ملاك زي ما قال...حقيقي مش عارف ولا لاقي تفسير و بكتبلكم البوست ده علشان حد منكم يقولي تفسير للي شوفته لأني مش لاقيله تفسير... 

تمت

#محمد_شعبان

ليست هناك تعليقات