إبحث عن موضوع

غرفة رقم 7

أنا من هُواة السفر لوحدي ، ولكن في نفس الوقت أنا بسافر على قد فلوسي ، يعني داخل مصر ، تنقل بين المُحافظات دماغك متسرحش لأكتر من كدة .

جت معايا مرة واحدة إني أسافر إسكندرية ، مين فينا مبيحبش إسكندرية ؟
طب مين فينا مبيحبش إسكندرية في الشتا ؟

ظبطت شنطتي الخفيفة اللي بسافر بيها ، وخد عربيتي ، وطلعت على طريق إسكندرية .

طريق هادي ، مع ألحان فيروز اللي مكمله الجو الشاعري للطريق .

“"بِكتُب إسمك يا حبيبي عالحور العتيق

بدون مُقدمات وأنا بستمتع بالطريق ، العربية تعطل .

بدأت أحاول أشوف في ايه في العربية ، لكن أنا مبفهمش في العربيات ، أنا أخري معاها إني أسوق وخلاص ، كويس إني مبعملش حوادث .

لقيت يافطة عالطريق بتقول إن فيه فُندق صغير قُريب .

مشيت شوية ، علشان ألمحه من بعيد ، فضلت بقرب علية ، لغاية ما بدأت أشوفه في حالة واضحة ، مبني صُغير مش كبير ، قديم ، الحيطان بايظة ، لكن هعمل ايه ، مفيش قدامي حل تاني .

دخلت علشان ألاقي شاب قاعد ماسك موبايله ، وبيقلب فيه .

- لو سمحت 

تقريبًا مخادش باله من صوتي أصلًا .

- عندك أوضة فاضية ؟
- لا 

- طب أنا معنديش مكان أبات فيه وعربيتي باظت ، تعرف ميكانيكي طيب ؟
- لا

واضح إنه مكانش عنده نية يساعدني من الأساس .

بدأت أتجه لباب الخروج وأنا مش عارف هعمل إيه .

- يا أستاذ

وبدون مقدمات نده عليا ، وده كان بالنسبالي إستغاثه 

- أنا ممكن أوفرلك أوضة بسيطة تقعد فيها لغاية النهار ما يطلع
- ده يبقى كتر خيرك جدًّا 

بدأ يطلع السلالم وبيشاورلي أطلع وراه .

السلالم كانت ضعيفة ، سلالم خشب من اللي تحس إنها هتاخدك وتقع 

المكان كان كألأتي ، طُرقة طويلة ، مفيهاش غير مصدر ضوء واحد وهي النجفة اللي في النص ، معترضتش وبدأ يمشي وانا وراه .

جيه عند أوضة مقفولة بقفل من برا ، وواضح إنها مقفولة من بدري ، والباب عكس الأبواب التانية ، ضعيف جدًّا ، ومع ذلك معترضتش .

فتح الأوضة ، وشاورلي بالدخول .

وهو ماشي قالي بالنص " متصحاش أكتر من كدة ، نام لغاية ما أذان الفجر ما يدن "

مفهمتش المعنى من كلامه ، لكن أنا كده كده كنت مُرهق وهنام .

إترميت عالسرير اللي كان هو كمان مليان تُراب ومهتمتش أوي من كتر الإرهاق .

روحت في نوم عميق جدًا .

حسيت بحركة خفيفة في الأوضة ، صوت نكش ، خطوات بتمشي ، لكن أنا لسه نايم ، أنا في مرحلة مش عارف أفرق بين الحقيقة والحلم .

لكني قدرت أفرق إن الست اللي واقفه في عند باب أوضتي دي مش حلم !
قمت من عالسرير بسرعة ، بدأت أبص للباب وأبرق .

واحدة ست ، شعر طويل لكنه مش مغطي عينها ، واقفه وبتبصلي ، وفي نظرتها بصة إستغاثة ، والبصة دي بدأت تتحول بسرعة لبصة إنتقام .

طلع منها ضحكات كتير ، ملهاش تفسير ، بدأت تشاور بصباعها على باب الخروج من الأوضة ، بتشاورلي إني أخرج !

في اللحظة دي باب الأوضة إتفتح ، علشان أشوف نفس الشاب اللي وصلني لأوضتي  

- أنا كنت معدي جنب الأوضة ، وقولت أتطمن عليك 

كانت لسه واقفة قدامه .
ضحكتها إتحولت لعياط ، عياط مزعج .

أنا متسمر في الحيطة ، مش عارف أرد عليه ، ومش عارف حتى آخد نفسي .

بدأت أغيب عن الوعي ، وقعت على الأرض . 

وأنا بقع ، لمحتها بصورة أوضح ، كانت ماسكه في إيديها سكينة غرقانة دم ، ده دم مين ؟!

دخلت في غيبوبة .

فوقت بعد وقت معرفش مدته ، علشان ألاقي سكوت تام .
حاسس بصُداع شديد في راسي .

الباب كان مفتوح .

حاسس إن إيدي متجمدة 

صوت ناس كتير حواليا .

اكتر من ١٠ ظباط دخلوا عليا الأوضة ، أنا معرفش في اية ..

ببص على إيدي لقيت سكينة غرقانة دم !
ببص على باب الأوضة على الأرض ، إيه ده ؟
مين اللي قتله ؟
هي اللي كانت ماسكه السكينة !

بدؤوا يمسكوني من إيدي ، ويسحبوني وسط الناس ، وأنا بزعق ، وبقول مش أنا هي اللي كانت ماسكة السكينة !!
وأنا إيدي غرقانة دم !

روحت القسم ، وفضلت في الحجز وأنا مش مستوعب اللي حصل .

إتعرضت عالنيابة ، وإتسجلت القضية كدفاع عن النفس ، إزاي ؟ 
معرفش ، كل اللي أعرفه إنهم لقوا على جسمي خدش من السكينة ، وعلامة في دماغي بتدل إني إتضربت عليها !
أنا مش فاكر حاجة من كل ده !

خرجت من النيابة ، وأنا تقريبًا فيه شهر كامل واقع من حياتي ومش فاكر .

عدا أسبوع وإتنين وأنا في نفس حالتي ، مذهول من اللي حصل !

قررت أرجع نفس الفندق تاني ، وأسئل ايه اللي حصل ، مين الست دي وازاي !

روحت لقيت الفندق إتقفل ، متقفلش بالمعنى الحرفي ، لكن إتفتح مكانه سوبر ماركت كبير .

قررت إني أدخل واسئل الراجل لو كان يعرف الفندق اللي هنا ، وإتضح إنه كان قعد فترة في الفندق ده ، ومن كلامه إن الفندق ده حكايته مشهورة أوي .

بدأت أقوله على اللي حصلي ، وسئلته عن حكايته ، واللي هو بصراحة كان نفسه يحكيها من غير ما أطلبها منه .

“ بص يبني ، الكلام ده كان من أكتر من ٣ سنين ، صاحب الفُندق ده ، كان عايش هو و عيلته كلها هنا ، كانوا أسرة سعيدة إلى حدٍ ما ، لغاية ما في يوم كان راجع متأخر من الشغل ، دخل أوضة رقم ٧ ، وتقريبًا دي الأوضة اللي إنت قعدت فيها ، شاف مراته وهي مع راجل تاني !
مستحملش ، قتلها بأكتر من ٢٠ طعنة في جسمها كله ، الراجل اللي كان معاها نط من الشباك ، والمسافة مكانتش بعيدة يعني ، الراجل وإبنه ، خفوا جثة الست ، متعرفش إزاي لكن مكانش ليها أي أثر ، بعدها بكام إسبوع ، لقوا جثة الراجل ده وعينيه مفتوحة على الأخر ، ومحدش يعرف مات إزاي ، الفندق فضل شغال ، والأوضة دي إبنه قفلها ، لغاية ما جيت إنت يبني ، وإتاخدت في الرجلين"

ده الكلام اللي قاله ، من غير ما أزود كلمة واحدة .

من ساعتها وأنا مروحتش إسكندرية تاني 


ليست هناك تعليقات