قصة المستنقع
قبل خوضك لتلك المذكرات يجب أن تُدرك تمامًا أن ما ستعرفه ليس بالأمر الهين أطلاقًا.. بعد قراءتك يابني لمذكراتي تلك؛ ستعرف كل شيء أخفاهُ عنك الماضي عنوة، وتأكد أيضًا أنك ستدرك الحقيقة الكامنة في مستنقع لا يتبين من ظاهره شيء أمَّا باطنه فلا يدركه إلا مَن أنغمس فيه!
***
الحياة الروتنية والنمطية كانت هى محور حياتي، أصحى من نومي أروح على الشغل ومنه على البيت تاني.. دائرة مش بيدركها غير الموظف..
أنا اسمي شوكت، متجوز ومعايا ابن اسمه مسعد، في الحقيقة هو النبتة الي أتغرست في وسط الصحراء، من قلب الحياة الي بتعج بالملل؛ كانت دايمًا أبتسامته ليا هي الواقود -زي مابيقولوا- الي ببدفعني أني أكون ترس، في ألة لولاه لتوقف الألة.. يمكن أكون بكتب الكلام أنا ومش عارف بكتبه لمين ولا هيوصل تحت أيد مين، بس أهو بمارس هوايتي الي أتنزعت مني -وهي الكتابة- دا طبعًا بسبب إن الكتابة لا هتجيب فلوس ولا غيره، وعلشان كده أشتغلت سواق قطر.
***.
مسار القطر معروف، ماشي علطول مش بيعرقله حاجة، غير لو في أي حاجة عطلت من مساره، دا بالظبط الي حصل معايا؛ لحظة ما الصحفي "أمجد إبراهيم" استأمني على كتاب شكله غريب.. غلافه أسود و واضح إن الزمن كان نقش تفاصيله فيه.
فاكر يومها كويس أنه كان متوتر ومضمونًا قالي أني أخلي الكتاب معايا وهو هيجي ياخده في تاني يوم في المحطة
-اه هو لمَّا أداني الكتاب كان هو القطر الي أنا سواقه-
الكلام دا عدى عليه أسبوعين!
طبعًا سألت عليه في كُل يوم فات من الأسبوعين بس هو لا حِس ولا خبر وكأنه مكنش له وجود في الحياة!
طبعًا زمجرةالفضول ولعنة المعرفة كانوا سبب كفيل جدًا في أني أسفر مسعد وأعيشه بعيد عني!
***.
الكتاب كان بمثابة القنبلة النووية.. الي لو أنضريت هتفحر كل حاجة من حواليها، حقيقي أنا مندهش من الكلام المكتوب جوى الكتاب.. فضائح وخطايا لسياسين كُبار في الدولة، تنظيم سري، جماعات ماسونية، أحزاب بتقدس خطط العالم السفلي!
عقلي مكنش أبدًا مُّستقبل الكلام دا أطلاقًا ولو المعلومات الموجود في الكتاب صحيحة؛ فده في حد ذاته بيشكل خطورة عليا كبيرة جدًا عليا وعلى عيلتي! أنا معنديش حاجة أبكي عليها غير زوجتي وأبني مسعد.
***.
القلق الي أتزرع فيا من لحظة تواجد الكتاب؛ بدء يكبر أكتر من ساعة مراقبة شخص غريب عني!
في كل يوم كنت بروح فيه على الشغل كنت بلاقيه، شكله مش من هنا.. أقصد أنه مش مصري! بشرته بيضاء، شعره لونه أصفر، وحتى لمَّا بروح البيت كنت بلاقي عربية مركونة فيها شخص بيحمل نفس الملامحة الغير مصرية دي.
وقتها أدركت الخطر الي شكله الكتاب عليا، فلحظتها الي جه على بالي إن لازم أبَعِد مسعد عن الجو دا؛ فأضطريت أني أسفره إسكندرية عند واحد صاحبي.
***.
أنا خايف.. أتصالات طول الليل، وأنا خايف أرد من أخر مرًة لمَّا جالي أتصال الساعة ٢ بليل.. مدة المكالمة تقريبًا كانت دقيقتين! صوت شخص أجش قال ليَّ:
-الأختفاء القصري أسوء شيء لأن مفيش حد بيكون عارف أنتَ عايش ولا ميت!
-ايه؟أنتَ بتقول ايه ياجدع؟
-وأسوء حاجة في الموضوع إن السجن مش هيكون فوق الأرض أنمَّا تحتها!
-بقولك ايه أنا مش خايف لأن الي بدور عليه أتحرق بالغلط!
***.
دا حقيقي مش كدب.. الكتاب أتحرق مني بالغلط لما كنت بعمل قهوة على السبرتاية.. والسبرتاية وقعت على الكتاب حرقته!
***.
صوت الخبط الي على الباب مش متوقف له أكتر خمس دقائق وأنا خايف جدًا.. أنا هموت دلوقتي! ومش عارف يابني أنتَ هتقرأ الكلام دا ولا لأ بس لازم تعرف إن دي نهاية والدك و والدتك!
***.
مذكرات والدي وقفت لحد هنا.. أنا مسعد ابن شوكت، أنا دلوقتي عندي ٢٣ سنة وكل السنين دي عايش مع أمي! الي فهمته إن والدي مات في حادثة ووقتها صاحب والدي رجعني للأمي أو المفروض أنها أمي!
الكلام الي قرأته واضح جدًا فيه إن ابوية وأمي اتقتلوا ولو كان الشخص الغريب دا قتل بس والدي ليه قالوا أنه مات في حادثة؟! أسئلة كتير إجابتها عند مين بقى؟ مش عارف للأسف.
فجأة دخلت أمي الاوضة الي أنا فيها - والي هي بتاعة شوكت والدي- وقربت ناحيتي وهي بتبص على الكتاب وقالت:
-واضح أنك السر!
معرفش أول ما قربت مني ولمستني؛ حسيت بكهربة كده جرت في جسمي والجو حسيته بقى حر آوي مع أننا في الشتاء! وقتها لساني تِقل علشان تكمل هي وتقول:
-مسألتش طيب نفسك أنا ليه شكلي مش كبيرة؟ زي أعماركم القصيرة! الي عمله أبوك خلى ناس معينة تسلطنا عليكم.. أنا مش والدتك الي خلفتك..
-أمال أنتِ مين؟!
وفي لحظة واحدة الشكل الأدمي الي قدامي بدء يتحول بالتدريج لمسخ! أيوة مسخ دي مش أمي أبدًا، دي واحدة جاية من تحت الأرض بشعرها الي غطى كل جسمها وبقت أقرب ما تكون بحيوان الغوريلا! أتكلمت بشكلها الجديد وصوتها الأجش المرعب:
-الأختفاء القصري أسوء شيء لأن مفيش حد بيكون عارف أنتَ عايش ولا ميت.. والديك عايشين بس مش فوق الأرض.. عايز تعرف هما راحوا فين؟
بعجز شديد قلت:
-أيوة.
وبصوت أهتزت له جدران الغرفة قالت:
-يبقى لازم تيجي تزورنا تحت الأرض!
(تمت)
***
الحياة الروتنية والنمطية كانت هى محور حياتي، أصحى من نومي أروح على الشغل ومنه على البيت تاني.. دائرة مش بيدركها غير الموظف..
أنا اسمي شوكت، متجوز ومعايا ابن اسمه مسعد، في الحقيقة هو النبتة الي أتغرست في وسط الصحراء، من قلب الحياة الي بتعج بالملل؛ كانت دايمًا أبتسامته ليا هي الواقود -زي مابيقولوا- الي ببدفعني أني أكون ترس، في ألة لولاه لتوقف الألة.. يمكن أكون بكتب الكلام أنا ومش عارف بكتبه لمين ولا هيوصل تحت أيد مين، بس أهو بمارس هوايتي الي أتنزعت مني -وهي الكتابة- دا طبعًا بسبب إن الكتابة لا هتجيب فلوس ولا غيره، وعلشان كده أشتغلت سواق قطر.
***.
مسار القطر معروف، ماشي علطول مش بيعرقله حاجة، غير لو في أي حاجة عطلت من مساره، دا بالظبط الي حصل معايا؛ لحظة ما الصحفي "أمجد إبراهيم" استأمني على كتاب شكله غريب.. غلافه أسود و واضح إن الزمن كان نقش تفاصيله فيه.
فاكر يومها كويس أنه كان متوتر ومضمونًا قالي أني أخلي الكتاب معايا وهو هيجي ياخده في تاني يوم في المحطة
-اه هو لمَّا أداني الكتاب كان هو القطر الي أنا سواقه-
الكلام دا عدى عليه أسبوعين!
طبعًا سألت عليه في كُل يوم فات من الأسبوعين بس هو لا حِس ولا خبر وكأنه مكنش له وجود في الحياة!
طبعًا زمجرةالفضول ولعنة المعرفة كانوا سبب كفيل جدًا في أني أسفر مسعد وأعيشه بعيد عني!
***.
الكتاب كان بمثابة القنبلة النووية.. الي لو أنضريت هتفحر كل حاجة من حواليها، حقيقي أنا مندهش من الكلام المكتوب جوى الكتاب.. فضائح وخطايا لسياسين كُبار في الدولة، تنظيم سري، جماعات ماسونية، أحزاب بتقدس خطط العالم السفلي!
عقلي مكنش أبدًا مُّستقبل الكلام دا أطلاقًا ولو المعلومات الموجود في الكتاب صحيحة؛ فده في حد ذاته بيشكل خطورة عليا كبيرة جدًا عليا وعلى عيلتي! أنا معنديش حاجة أبكي عليها غير زوجتي وأبني مسعد.
***.
القلق الي أتزرع فيا من لحظة تواجد الكتاب؛ بدء يكبر أكتر من ساعة مراقبة شخص غريب عني!
في كل يوم كنت بروح فيه على الشغل كنت بلاقيه، شكله مش من هنا.. أقصد أنه مش مصري! بشرته بيضاء، شعره لونه أصفر، وحتى لمَّا بروح البيت كنت بلاقي عربية مركونة فيها شخص بيحمل نفس الملامحة الغير مصرية دي.
وقتها أدركت الخطر الي شكله الكتاب عليا، فلحظتها الي جه على بالي إن لازم أبَعِد مسعد عن الجو دا؛ فأضطريت أني أسفره إسكندرية عند واحد صاحبي.
***.
أنا خايف.. أتصالات طول الليل، وأنا خايف أرد من أخر مرًة لمَّا جالي أتصال الساعة ٢ بليل.. مدة المكالمة تقريبًا كانت دقيقتين! صوت شخص أجش قال ليَّ:
-الأختفاء القصري أسوء شيء لأن مفيش حد بيكون عارف أنتَ عايش ولا ميت!
-ايه؟أنتَ بتقول ايه ياجدع؟
-وأسوء حاجة في الموضوع إن السجن مش هيكون فوق الأرض أنمَّا تحتها!
-بقولك ايه أنا مش خايف لأن الي بدور عليه أتحرق بالغلط!
***.
دا حقيقي مش كدب.. الكتاب أتحرق مني بالغلط لما كنت بعمل قهوة على السبرتاية.. والسبرتاية وقعت على الكتاب حرقته!
***.
صوت الخبط الي على الباب مش متوقف له أكتر خمس دقائق وأنا خايف جدًا.. أنا هموت دلوقتي! ومش عارف يابني أنتَ هتقرأ الكلام دا ولا لأ بس لازم تعرف إن دي نهاية والدك و والدتك!
***.
مذكرات والدي وقفت لحد هنا.. أنا مسعد ابن شوكت، أنا دلوقتي عندي ٢٣ سنة وكل السنين دي عايش مع أمي! الي فهمته إن والدي مات في حادثة ووقتها صاحب والدي رجعني للأمي أو المفروض أنها أمي!
الكلام الي قرأته واضح جدًا فيه إن ابوية وأمي اتقتلوا ولو كان الشخص الغريب دا قتل بس والدي ليه قالوا أنه مات في حادثة؟! أسئلة كتير إجابتها عند مين بقى؟ مش عارف للأسف.
فجأة دخلت أمي الاوضة الي أنا فيها - والي هي بتاعة شوكت والدي- وقربت ناحيتي وهي بتبص على الكتاب وقالت:
-واضح أنك السر!
معرفش أول ما قربت مني ولمستني؛ حسيت بكهربة كده جرت في جسمي والجو حسيته بقى حر آوي مع أننا في الشتاء! وقتها لساني تِقل علشان تكمل هي وتقول:
-مسألتش طيب نفسك أنا ليه شكلي مش كبيرة؟ زي أعماركم القصيرة! الي عمله أبوك خلى ناس معينة تسلطنا عليكم.. أنا مش والدتك الي خلفتك..
-أمال أنتِ مين؟!
وفي لحظة واحدة الشكل الأدمي الي قدامي بدء يتحول بالتدريج لمسخ! أيوة مسخ دي مش أمي أبدًا، دي واحدة جاية من تحت الأرض بشعرها الي غطى كل جسمها وبقت أقرب ما تكون بحيوان الغوريلا! أتكلمت بشكلها الجديد وصوتها الأجش المرعب:
-الأختفاء القصري أسوء شيء لأن مفيش حد بيكون عارف أنتَ عايش ولا ميت.. والديك عايشين بس مش فوق الأرض.. عايز تعرف هما راحوا فين؟
بعجز شديد قلت:
-أيوة.
وبصوت أهتزت له جدران الغرفة قالت:
-يبقى لازم تيجي تزورنا تحت الأرض!
(تمت)
التعليقات على الموضوع