إبحث عن موضوع

رواية اميرتي الحلقه التاسعه

التاسع
تفاجأت امل بعدم تواجد أميرة بالمطبخ لذا توجهت إلى غرفتها لتدخل فورا دون استأذان لتجفل أميرة من فعلتها وينتفض جسدها .
تنظر أمل لابنتها بقلق : أميرة هل انت بخير ؟
يسكن جسد أميرة المرتجف ويتوقف عقلها عن التفكير أحقا تتفقدها فحسب !!! لم تأتى لتوبيخها أو لعمل مقارنة جديدة بينها وبين شقيقتها !!!
ظلت تحدق بها لتتساءل مرة أخرى: ما بك أميرة؟
تهز رأسها بشرود : لا شئ انا بخير .
تقترب لتجلس بحافة الفراش الذى تستلقى عليه أميرة وتمسد على ذراعها وهى تبتسم بهدوء ليزداد تعجب أميرة منها ،تتنهد وهى تشعر بحيرة ابنتها : أريد التحدث إليك بنيتى .
نظرت لها بتوجس لتبدأ حديثها بحنان طالما افتقدته منها : لابد أنك غاضبة منى ،لك الحق فى هذا الغضب ،لكن أريدك أن تتأكدى انى تمنيت أن أراك فى أعلى مكانة ،لذا قسوت عليك لتواصلى التقدم للأمام.
توترت أميرة وظهر توترها جليا : امى ماذا تقولين ؟!!!
وضعت كفها على خدها بحنان: أقول أنى كنت مخطئة . لم يكن الطب طريقك يوما .ولو عشت عمرا كطبيبة لما حققت ما حققتيه فى تلك الأشهر المنصرمة فى عالم الطبخ . سامحيني بنيتى كنت أظن أنى اخترت لك الأفضل وأصررت أن تحققى انت ما حلمت انا به .
دارت أعينها بتأثر من هذا الحنان المتدفق : إذا لا تخجلين منى !!!!!
هزت رأسها نفيا : أنا افتخر بك حبيبتى . وأتمنى أن نحاول معا ترميم الصدوع بعلاقتنا . انا حقا فعلت هذا بدافع الحب .
طأطأت رأسها بخجل : كنت مخطئة.
مدت كفها لترفع رأس امها لأعلى: أعلم أمى أنك اردت لى الأفضل، لكن احلامى لم تتوافق مع ما رسمته لى ، اعتذر عن تخييب آمالك .
ضمتها امها بحنان لأول مرة منذ سنوات طويلة: لا تأسفى حبيبتى فأحلامك كانت أصح مما رسمته .
دمعت عيناها بتأثر .كم كانت بحاجة لأمها؛ احتاجتها كثيرا على مدار تلك السنوات لكنها ابدا لم تكن هنا لأجلها .ابتسمت أخيرا لا بأس فهى هنا الآن،تعترف بنجاحها ؛ تخبرها بأنها فخورة بها .وهذا يكفى .
*************************
مرت عدة أيام بدأت فيها امل تتقرب من أميرة بحذر فالفجوة بينهما كبيرة ومحاولة تجاوزها دفعة واحدة سيؤدى إلى نتيجة سلبية قد تكون أسوأ من الفجوة نفسها . بدأت تساعدها فى ترويج عملها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي مما أعطاها بعض الثقة بالنفس كانت تحتاجها حقا .
استمرت على علاقتها ب نائل برسمية شديدة بينما يتعامل هو بكل ود ،عاد لاهداءها تلك الزهرة يوميا ولم يناديها سوى أميرتى ، يحاول جاهدا أن يثبت لها أن كل غايته حتى الآن هى قربها فقط .
يأتى يوميا لتسلم الطلبات وتسليمها ليعود لها بالمال مرة أخرى،بدأ يحاول إقناعها بإصطحابه لشراء الخضروات والفاكهة كما اعتادت أثناء التجهيز لذلك الحفل ؛ فقد اشتاق حقا للتجول بصحبتها ،كما قد يساعده هذا على التقرب منها و إذابة ذلك الحاجز المتجمد الذى وضعته بينهما إلى أجل غير مسمى.
***********************
يحاول باسل جاهدا تحويل أريج إلى نسخة متطابقة من أميرة لكن بمميزات أريج التى تختص بها دون أميرة لكن لا فائدة من محاولاته ف أريج تختلف تماماً عن أميرة فهى تتمتع بثقة كبيرة بالنفس وشخصية قوية، بالإضافة لوضعها مخطط خاص لحياتها .حقا هى أضافت أحلام باسل لاحلامها واقرت أن بإمكانهما سويا تحقيق كل الأحلام لكن بعد فترة بدأت تخطط لهذه الأحلام وتجادله فى خططه التى سبق ورسمها ،بل ووضعت خطط أخرى لا ينكر انها أفضل لكنه اشتاق لهيمنته وسيطرته التى بدا يفقدها بالتدريج.
تمنعه شخصية أريج من التحكم فيها كانت فى بداية ارتباطهما تخجل منه وتنفذ كل ما يريد ،لكن أصبح ما يريد عائقا أمامها فهى تحب أن تسير على خططها هى ولم تعد تسمح له برسم خطواتها ، تحبه !!! بلى تفعل لكن تعبر عن حبها بعملية شديدة وهى عن طريق النجاح الذى تراه السبيل الوحيد لتحقيق الأحلام؛ بدأت نزهاتهما معا تقل بالتدريج حتى كادت أن تتلاشى وتصبح فى عداد الأحلام الجميلة التى تزور حياتهما على فترات متباعدة، فهى تريد المزيد من الوقت للدراسة والبحث ولا أحد يلومها فى ذلك ؛ لذا أصبحت لقاءاتهما تقتصر على الجامعة ونظرا لعدم تطابق المواعيد أصبحت قليلة جدا.
**************************
كاد العام الدراسي أن ينتهى مما جعل أريج أكثر إنشغالا الشئ الذي دفع باسل للمقارنة بين أريج وأميرة فالاخيرة كانت تتبعه دائما حقا لم تحدثه يوماً فى غير الدراسة لكنها كانت تسير على خططه التى يرسمها لها ولم لا وقد اعتادت أن يرسم لها الآخرون خطط حياتها وهى تنفذها فقط بينما أريج اعتادت على وضع خططها الخاصة التى تتوافق مع خطط الآخرين لكن بطريقتها هى ، بعقلها هى .
أريج أكثر جمالاً.بلى هى كذلك لكن أميرة أكثر دفئا ، أريج أكثر ذكاءا .بلى هى كذلك لكن أميرة أكثر اجتهادا .كلاهما أحبته بلى فعلتا لكن أريج هى اختيار عقله الواعى لأنها أكثر ملائمة بينما أميرة هى اختيار قلبه الذى اهمله وسحقه بقدميه فى سبيل تحقيق أحلامه.
******************************
بدأت أميرة تتعامل مع نائل بالقليل من الود فهى لا تنكر انجذابها له هى تعلم الآن أنه لا يحتاج للعمل معها ورغم ذلك تبقى عليه بحجة لا بديل له رغم أنها لم تحاول أن تعثر على هذا البديل ،لذا بدأت اخيرا تعترف براحتها لوجوده فى حياتها .
استيقظت صباحا كعادتها فهى تحتاج للمزيد من الاغراض لذا هاتفت نائل ليصحبها إلى الشراء أصبحت تعلم كل تفاصيل حياته وتعلم أنه وقت تدريبه لكنها تتصل رغم ذلك فهى تشعر بسعادة داخلية حين تشعر أنها الأهم بالنسبة له .
******************************
كان يتمرن على جهاز العدو حين دق هاتفه ،نظر للشاشة ليجد اسمها كما سجله أميرتى ومحاطا بقلب من كل اتجاه ليبتسم بسعادة وهو يلتقط الهاتف ليسرع بالإجابة: مرحبا أميرتى .اتمنى انك اشتقت إلى .
ابتسمت لكن تحدثت بعملية : ومن تكون لاشتاق لك ؟!! اريدك من أجل العمل .
هز رأسه وهو يبتسم فهى لازالت تقاوم مشاعرها : حسنا وهذا يكفى انك تحتاجين إلى.ما الامر؟
شعرت بالحرج فهو يستمر على معاملته الرقيقة رغم فظاظتها المتعمدة : اريد ان اتسوق .ينقصنى العديد من الاغراض. لما تتنفس بصعوبة.
قالت جملتها الأخيرة بإنفعال واضح فهى وإن أنكرت ذلك تهتم بأمره وترى تلك التدريبات اكثر مما ينبغي.
سمعت ضحكته قبل أن يقول: حسنا أنتهى وقت التدريب لهذا اليوم ، سأمر عليك فى خلال ساعة واحدة.
اتسعت ابتسامتها فهى مازالت الأهم من تمارينه لتهمس : حسنا انتظرك .
وأغلقت الهاتف لتهرول وتنتقى ما سترتديه ،بحثت عن شئ أنيق ومريح فى نفس الوقت لترتدى فى النهاية بنطالا واسعاً من اللون الأسود مع قميصا مريحا باللون البرتقالي بدرجة مريحة جدا وهادئة وارتدت حجابا مختلط الالوان وأخيراً انتعلت حذاءا رياضيا ليسهل حركتها وتصبح أكثر راحة .
انتهت اخيرا وبدأت تضع حافظة نقودها وهاتفها بحقيبة يدها ،أغلقت الحقيبة ليعلو رنين جرس الباب، تعجبت من سيزورها فى هذا التوقيت ،تركت حقيبتها فوق الفراش لتتوجه لترى الطارق.
فتحت الباب لتجد باسل أمامها وقد ابتسم بمجرد رؤيتها بينما علت الدهشة ملامحها : باسل!!!
احتفظ بإبتسامته : كيف حالك أميرة ؟
كأنها لم تستمع إليه لتقول بتعجب وحرج : توجهت أريج للجامعة منذ الصباح.
تجهم وجهه بعض الشئ : انا هنا لأجلك أميرة اريد التحدث معك بأمر هام .
وكأنه ليس باسل رفيق طفولتها ومراهقتها ،كأنه شخص لم تعد تعرفه ،تنظر له كأنه يطلب مطلبا غريبا لتشرد بأفكارها لقد كانت يوماً ما تتمنى هذا المطلب منه لم أصبحت تشعر بغرابته الآن!!!!
طال شرودها لتشعر بالحرج وتفسح له الطريق ليمر .
***************************
وصل نائل لاسفل البناية ليبدأ فى مهاتفة أميرة ،مرة واثنتان وثلاثة دون إجابة ، بدأ يشعر بالقلق فقد أخبرته أنها فى انتظاره لم لا تجب على هاتفها اذا !!!
زفر بقلق ليقرر صف السيارة والصعود لتفقدها فقد تسلل القلق لقلبه ، كان فى دقيقتين فقط أمام الباب ليستمع دون إرادة منه نظرا لعلو الاصوات .
كان باسل يصيح برجاء ........
*************************
دخل باسل لتجذب أميرة أحد مقاعد الطاولة لتجلس عليه بالقرب من باب المنزل فهى لم تعد تشعر بالراحة فى وجوده ليحذو حذوها ويجلس على المقعد المقابل لها .
نظرت له بتساؤل : حسنا ما الأمر الهام الذي تريد التحدث بشأنه ؟
حمحم وهو يخفض رأسه : أميرة انا أعتذر. منك .
رفعت حاجبيها بدهشة: تعتذر منى !!!! لم !!!!!
نظر لها مباشرة : لأنى تجاهلت مشاعرك نحوى ، لأنى تخليت عنك .
نظرت له بتهكم : عن أى مشاعر تتحدث !!! أظنك أخطأت بالقدوم إلى هنا .
مسح وجهه بإنفعال : من حقك أن تغضبى وتنكرى مشاعرك الآن ، لكنى أخطأت حقا فانا آذيت نفسى أكثر مما آذيتك .
نهضت عن المقعد بغضب : اكرر أنك مخطئ فما تتحدث عنه لا يعنينى .
نهض ليقف أمامها ويصيح برجاء : أميرة انا أحبك.
ابتعدت عنه خطوات غاضبة : هل فقدت عقلك باسل ستتزوج من شقيقتى الصغرى؟؟عن أى حب تتحدث؟؟
أقترب منها مسرعا : أرجوك أميرة أمنحينى هذه الفرصة سأنفصل عن أريج ونتزوج انت تحبينى أنا أعلم ذلك .رأيت الحب بعينيك .
نظرت لعينيه مباشرة : انت واهم باسل . انا لا أكن لك ايه مشاعر .من فضلك غادر الآن لست مرحب بك فى غير وجود أريج .
مسح وجهه وخلل أصابعه بشعره بإنفعال : أميرة لا تفعلى هذا بنا .
اتجهت نحو الباب وهى تقول بحزم : من فضلك غادر الآن وتخلى عن هذه الأوهام التى ستفسد حياة شقيقتى .
فتحت الباب لتشهق بصدمة وهى ترى نائل يقف وقد احمر وجهه من الغضب ليحدق ب باسل بعينين تشتعلان غضبا : لقد طلبت منك المغادرة مرتين وانا آمرك بالمغادرة مرة واحدة وإلا ستغادر مرغما حين القى بك من الشرفة .
بدل باسل نظراته بينهما ليتأكد أن هذا الشاب قد احتل قلب أميرة وهى ليست ملامة على ذلك لقد منحته فرصته وهو تخلى عنها لأجل مصلحته ،هو يستحق تلك الخسارة الفادحة ،يستحق ذلك الألم، يستحق هذا النكران
هز رأسه بأسف وهو يمرق للخارج لتتحول انظار نائل الغاضبة إلى أميرة وهو يضغط على أسنانه بقوة كاظما غيظه: أنت تدينين لى بتفسير .
تلجلجت وهى تحاول المراوغة : ولم أفسر لك !!! انت مجرد عامل توصيل.
زادت حدة نظراته وهو يقترب منها بينما تتراجع ليدفع الباب فينغلق بقوة ارتعدت لها أميرة ، لم يحد بنظرات الغاضبة عن وجهها وهو يعتصر قبضته ويردد : انا !!!! مجرد عامل توصيل!!!! هل تصدقين ما تتفوهين به ؟؟؟

#قسمة

ليست هناك تعليقات