رواية اميرتي الحلقة الثامنه
الثامن
زاد إضطراب أميرة وهى تتوجس خيفة مما سيقوله نائل الذى تنفس بعمق وهو يحيد بسيارته عن مسارها المعتاد ليتخذ طريقا آخر،تلفتت حولها بريبة إلا أن قلبها يخبرها انها بمأمن معه .
ساد الصمت حتى وصل بالسيارة لوجهته نظر لها تلك النظرة التي تربك قلبها وهو يقول: تفضلى .
ترجلت عن السيارة وهى تنظر حولها تتفقد المكان . إنها بحى من الأحياء الراقية تعرفه جيدا لكن فضلت التأنى حتى تفهم منه كل شيء.دار حول السيارة ليشير لها نحو بناية راقية : هنا اسكن برفقة والدى ، توفت والدتى منذ سنوات كنت بعامى الجامعى الأول حين فارقتنا ،لى اخت وحيدة تزوجت منذ خمسة أعوام وتقيم بأحد التجمعات السكنية الراقية .
نظرت له بتعجب فما الذى يدفع شخص يقطن منطقة كهذه للعمل كعامل توصيل لعدة ساعات يومياً،تاهت نظراتها وهى تقول: أنا لا افهم شيئاً .
أشار لها بيده : تفضلى معى .
سارت بجواره حيث مركز التدريب الذى يبتعد عدة أمتار عن موقعهما ،فتح الباب الخارجي ودخل بهدوء ليشغل الإضاءة لتجد نفسها فى مكان مخصص للاستقبال يحوى عدة مقاعد وثيرة وعلى الجدران صور ل نائل يمارس التمارين ولعدة أشخاص يتدربون منهم نجلاء وعدة فتيات ويقابلهم الباب الداخلى للقاعة والمكون من زجاج سميك لا يظهر ما بداخل قاعة التمرين .تبعته بصمت ودخلت تتفقد المكان الذی يبدو انه كَلفه الكثير من المال ٬ فهذه الأجهزة غالية الثمن بل إنها باهظة الثمن ؛ مكان كهذا تَكلف ثروة لابأس بها .
ظل نائل يقف صامتاً حتی أنهت جولتها البصرية ونظرت إليه ليقول بهدوء: إفتتحت هذا المركز فور تخرجی من الجامعة .
صمت لحظة يستشف رد فعلها من ملامحها فلم يهتدی لشئ فاستطرد قائلاً: بالطبع لم يكن بهذه الصورة بل بدأته بعدة اجهزة متواضعةو علی مدار الاعوام السابقة كنت اقوم بتجديده بشكل دوری كل عام .
عاد للصمت لتتخلی أميرة عن صمتها أخيراً : ولم أحضرتنی هنا ؟ لم الأن بالتحديد ؟
تنهد نائل وهو يقول : كنت أريد تأجيل هذا الحوار حتی ينتهی الحفل .لكنكِ قدمتِ لی دعوة لعائلتی فكان ينبغی أن اخبركِ أن أبی إبراهيم الطوخی هو أحد أعضاء رئاسة الجمعية ٬ وأنه مَن أخبرنی عن ذلك الحفل .
تغيرت ملامح أميرة : والدكَ عضو فی الجمعية !!! وهل أثر ذلك علي نتيجة المسابقة ؟
أسرع نائل ينفی ظنونها : اقسم لكِ أنه لم يتدخل فيها ٬ بل ورفض الإشراف عليها منذ البداية .لقد راقبكِ عن بُعد وكان فخوراً بِكِ مثلی تماماً .
نظرت له أميرة بشك فزفر بصبر فهی محقة فی شكوكها لكن آن الآوان أن تتكشف كل الحقائق .خطا بإتجاه أحد الأجهزة ليجلس عليه ويطأطأ رأسه ثم يقول : سأخبرك كل شئ أميرتی منذ رأيتك أول مرة بذلك المتجر
بدأ نائل يقص علی أميرة كل ما مر به منذ تقابلا صدفة ذالك اليوم ٬ حدثها عن إعجابه بها الذی تحول لشغف لقربها دفعه للتقدم لتلك الوظيفة فقط ليكون بقربها .حدثها عن حالة الجنون التی إنتابته بمجرد أن تخيل أن أحدهم قد يحصل علی هذا العمل ويكون قريبا منها .يراها كل يوم ويتحدث إليها .حدثها عن المرات التی راقبها فيها . المرات التی تتبع خطواتها خوفاً عليها .المرات والمرات .تحدث كثيراً ؛ ظل يتحدث وهی تستمع بصمت حتی صمت هو ايضاً ؛ صمت ينتظر حكمها عليه .
كانت تحدق لأسفل وهی تستمع إليه ولم ترفع رأسها حين أنهی حديثه وتمسكت بالصمت فترة قبل أن تقول : ولم فعلت كل هذا لأجلی ؟ لماذا أنا ؟ ما الذی تراه يميزنی لتفعل كل هذا ؟
توقع ثورتها وغضبها ٬ توقع لومها وعتابها لكن لم يتوقع ابداً هذه التساؤلات ٬ ولم يصدق أن اميرته تفقد الثقة بنفسها لهذه الدرجة ٬ تقدم خطوات بإتجاهها وقال بحنان : أنتِ أميرتی ٬ أراكِ مميزة وتستحقين أفضل الرجال .وكنت أتمنی أن أحظی بقربك لعلی اثناء ذلك أحظی بقلبك .سامحينی أميرتی لم أكن اخدعك .كنت فقط أحارب لأجلك .
تنهدت أميرة فقد فقدت قدرتها علی التفكير حالياً ؛ لذا أرادت فقط أن تحصل علی مساحة من الوقت لتفكر جيدا ٬ فما يحدث معها الأن فوق قدرتها علی الإستيعاب ٬ هی نفسها أميرة .لم يتغير بها شئ ٬ هی نفسها من تخلی عنها باسل من أجل شقيقتها ؛ كانت عيناه تُخبراها بحبه وحين فكر فی الإرتباط إرتبط بشقيقتها الصغری التی هی اكثر جمالاً وذكاءً ؛ إرتبط بها لأنها أقدر علی تحقيق أحلامه ٬ إرتبط بها لأنها أكثر ملائمة له . هی نفسها أميرة التی تراها أمها صورة متحركة للإخفاق والفشل ولا يمكن مساواتها بشقيقتها الصغری .
هی نفسها أميرة فما الذی يدعو شاب گ نائل لفعل كل هذا للتقرب إليها ؟ وما الذی يدعوه للتقرب إليها من الأساس ؟ تری هل يتلاعب بعواطفها ؟
وإن كان غرضه التلاعب لم تحمل منها كل هذا ؟
غرقت بين أمواج حيرتها ولم تجد سبيلاً للنجاة سوی الهروب ؛ عليها أن تهرب منه ومن كل التساؤلات التی يثيرها .بعد فترة طويلة من الصمت رفعت رأسها لتقول بهدوء خلاف ما تشعر به من ثورة : يجب أن أتوجه للجمعية الأن.لدی الكثير من العمل والوقت ضيق .
أنهت جملتها وتوجهت للخارج فوراً ليتبعها نائل بتعجب فهی لم تعلق علی حديثه بأی شكل كان .بل ولم تلتفت له كأنه لا وجود له.
لحق بها خارجاً ليجدها تستقل إحدی سيارات الأجرة .
********************
توجهت أميرة فورا لمقر الجمعية وبدأت العمل بوجه متجهم على غير عادتها ،لاحظ العاملون تغير مزاجها وإنفعالها لأتفه الأسباب .
وصل نائل للجمعية وحاول أن يتجاهل ما حدث ويتناسى هذا الحوار بينما عاملته أميرة برسمية شديدة مما أثار حزنه وسرب الألم لقلبه رويدا رويدا حتى تمكن منه تماما لتنعكس الكآبة على ملامحه فورا .
أنتهى اليوم ليعود كل منهما إلى منزله بحال غير الحال . أتى الصباح لتستيقظ أميرة باكرا وتهرول للخارج وهى تؤكد على الجميع حضور الحفل.
توجهت لمقر الجمعية وبدأت العمل على إنهاء الترتيبات بينما كان نائل يراقبها بصمت وقد قرر أمره .فهو سيمنحها كل الوقت الذى تحتاجه لتألم قلبها على تطفله عليها واقتحام حياتها ومحاصرتها بهذا الشكل الذى لم يكن يرجو منه إلا الإقتراب منها .
توجهت لتفقد الطاولات لتصاب بالغضب الشديد الذى ينتابها بلا مبرر منذ الأمس : ما هذا ؟؟ من طلب منكم هذه الوضعية للطاولات ؟؟
نظر لها مسئول الجمعية بحيرة و هو يقول: عذرا سيدتى .يمكننا تغيير الوضعية كما تشائين لكن الوقت تأخر لما لم تخبرينى من قبل!!!
تأففت بغضب : وكيف أتوقع أن يتم التصرف بدون أذنى ؟؟ ألست مسئولة الطعام ؟؟
حمحم الرجل بحرج : احممم حسنا سأحاول أن أبحث عن بعض العاملين للمساعدة .
اقترب نائل بملامح متجهمة : ماذا هناك ؟؟
نظرت له شزرا ليقول المسئول : وضعية الطاولات لا تروق للسيدة سأحاول البحث عن بعض العاملين.
نظر لها نائل : وما الوضعية التى تريدنها سيدتى ؟
اشاحت بذراعها وهى تقول بغضب : اريد هذه الطاولات هناك وهذه قرب الشجيرات وتلك بالقرب من المسرح .اريدها بشكل هرمى .
هز رأسه بتفهم وهو يخلع سترته ويبدأ فى تحريك الطاولات فوراً ليضطر مسئول الجمعية أن يعاونه فهو على يقين أن جميع العاملين فى هذا التوقيت منشغلون للغاية .
مر النهار وبدأ الحفل وقد برعت أميرة فى تقديم الطعام بشكل مميز بالإضافة لجودة الطعام وبدأت تتجول بالحفل وتعرفت على بعض الأشخاص الذين اثنوا على عملها بل ونصحها البعض بافتتاح مطعم خاص بها .
وصلت أريج وباسل بصحبة العائلة أسرعت إليهم أميرة ،أستقبلتهم بحفاوة ماعدا باسل الذى قابلته بفتور .بدأ والديها يختلطان بالحضور ووصلت لاسماعهما عبارات الثناء التى تنهال على أميرة لتنظر لها والدتها لأول مرة بفخر .
رسمت ابتسامة زائفة واهتمت بالجميع بينما نائل يراقبها بصمت ويخشى الاقتراب منها،يخشى من رد فعلها الذى لم تظهره بعد، قدم رئيس الجمعية شكرا خاصا ل أميرة أثناء إلقاء كلمته مما ألقى عليها المزيد من الضوء .وتسلمت شهادة تقدير وشكر لمجهوداتها التى ساهمت في نجاح الحفل .
وأخيراً انتهى الحفل ليودعها بنظراته وهى تصحب عائلتها للخارج ،لم تنظر له مطلقا مما زاد تمكن الحزن من بين قلبه .
بمجرد عودتها للمنزل توجهت لغرفتها دون أن تتحدث إلى أيهم ، توجهت لغرفتها فحسب،لم تشعر بالرغبة في الحديث تريد الاختلاء بنفسها والتفكير ،ترى كيف تتصرف مع نائل ؟؟ لطالما هربت من أى مشاعر تولدت داخلها تجاهه .لتكتشف اخيرا أنه منذ البداية يسعى لتلك المشاعر التى تحاربها بل وحارب لأجلها.
للمرة الأولى لم تتوجه ل أمجد ولم تقص عليه ما حدث معها ،هى تحتاج لانثى مثلها تفهم تخبط مشاعرها . أما أمجد فسيفسر الأمر من وجهة نظره كرجل وهى الآن بحاجة امرأة .احيانا لا يفهم مشاعر المرأة إلا امرأة أخرى.
لم تحاول أريج أن تتحدث مع أميرة رغم شعورها أن ثمة خطب ما
**********************
أخيراً مر الليل ليتوجه نائل منذ الصباح الباكر إلى منزل أميرة هو لا يطمع في أى شعور منها تحت الضغط ،بل لن يحاول أن يمارس عليها اى ضغط مرة أخرى بل سيطلب منها أن تحصل على كل الوقت الذي تحتاج إليه بشرط ألا تبعده عن حياتها.
ظل يراقب المنزل عن بعد حتى تأكد أن أميرة بمفردها بالمنزل فأسرع ليحارب مرة أخرى من أجل فرصته معها.
دق الجرس مرارا ولم يسأم الانتظار حتى فتحت له الباب .كانت عينيها مجهدتين ووجهها شديد الشحوب وكأنها لم يغمض لها جفن طيلة الليل . غرست هيئتها بذور الندم فى قلبه فقد اختار أسوأ توقيت ليخبرها الحقيقة التى طالما اخفاها عنها .
نظرت له بلوم وهو يقف أمامها بملامح كئيبة ليتساءل بعفوية : اريد ان اتحدث معك.ليس. أيمكننى ذلك ؟
أفسحت المجال له ليمر ،توجه للداخل وتبعته جلسا بصمت لدقائق قبل أن يقول: أميرتى .صدقينى كنت فقط اريد ان أظل بقربك .منذ وقعت عينى عليك تسللت بسلاسة لتتخللى جسدى وتستقرين داخلى .منذ أخبرتنى تلك العاملة انك لم تقابلى أميرك بعد وانا فقدت السيطرة على عقلى تماما وتبعت قلبى الذى تبعك بجنون .
نظر لها يستشف رد فعلها إلا أنها تمسكت بالصمت والاطراق ليقول : انا لست عابثا .وأنت أول فتاة تسيطر على حواسى بهذه الطريقة.
تنهدت لتقول بعد صمت طويل: ماذا تريد الأن نائل ؟
حمد الله أن لديها الاستعداد للتحدث معه ليقول : لا اريد منك أى قرار انفعالى أريدك أن تحصلى على كل الوقت الذي تحتاجين إليه لى فقط رجاء أخير.
نظرت له بإستفهام ليقول : لا تخرجينى من حياتك .دعينى فقط في محيطك كما انا نائل عامل التوصيل.
كانت تنظر له فرفعت حاجبيها بتعجب : ولكنك لا تحتاج لتلك الوظيفة .
قاطعها بلهفة : انا احتاج قربك أميرتى .لا تبعدينى .
قالها برجاء حرك مشاعرها بقوة فحمحمت بحرج : حسنا انت مضطر للعمل بكل الأحوال حتى أجد بديلاً.
ابتسم اخيرا فسوف يحرص على عدم حصولها على هذا البديل أيا كانت الوسائل.نهض فورا ليقول : حسنا ساتى اليوم في موعد العمل .
عقدت ساعديها: لا اليوم عطلة لتحضر فى الغد .
اتسعت ابتسامته: حسنا أميرتى أراك فى الغد .
وتوجه للخارج بقلب غير الذى دخل به فقد جاء بقلب حزين وها هي تصرفه بقلب يزهر بالأمل بمجرد أن قبلت بوجوده جوارها ،عليه أن يحسن استغلال فرصته فقد تكون الأخيرة .
*************
منذ غادر نائل وهى تلزم غرفتها فقد أرادت أن تستغل هذا الوقت الذى تقضيه بمفردها فى التفكير فهى تشعر بالتخبط والحيرة وبينما هى تجلس بصمت إذ بباب غرفتها ينفتح وتدخل امها التى ابكرت فى العودة خصيصا لتتحدث مع أميرة لتتفاجأ بعدم وجودها بالمطبخ كعادتها فتوجهت إلى غرفتها وهى تصر على إنهاء هذا الأمر اليوم .
#قسمة
زاد إضطراب أميرة وهى تتوجس خيفة مما سيقوله نائل الذى تنفس بعمق وهو يحيد بسيارته عن مسارها المعتاد ليتخذ طريقا آخر،تلفتت حولها بريبة إلا أن قلبها يخبرها انها بمأمن معه .
ساد الصمت حتى وصل بالسيارة لوجهته نظر لها تلك النظرة التي تربك قلبها وهو يقول: تفضلى .
ترجلت عن السيارة وهى تنظر حولها تتفقد المكان . إنها بحى من الأحياء الراقية تعرفه جيدا لكن فضلت التأنى حتى تفهم منه كل شيء.دار حول السيارة ليشير لها نحو بناية راقية : هنا اسكن برفقة والدى ، توفت والدتى منذ سنوات كنت بعامى الجامعى الأول حين فارقتنا ،لى اخت وحيدة تزوجت منذ خمسة أعوام وتقيم بأحد التجمعات السكنية الراقية .
نظرت له بتعجب فما الذى يدفع شخص يقطن منطقة كهذه للعمل كعامل توصيل لعدة ساعات يومياً،تاهت نظراتها وهى تقول: أنا لا افهم شيئاً .
أشار لها بيده : تفضلى معى .
سارت بجواره حيث مركز التدريب الذى يبتعد عدة أمتار عن موقعهما ،فتح الباب الخارجي ودخل بهدوء ليشغل الإضاءة لتجد نفسها فى مكان مخصص للاستقبال يحوى عدة مقاعد وثيرة وعلى الجدران صور ل نائل يمارس التمارين ولعدة أشخاص يتدربون منهم نجلاء وعدة فتيات ويقابلهم الباب الداخلى للقاعة والمكون من زجاج سميك لا يظهر ما بداخل قاعة التمرين .تبعته بصمت ودخلت تتفقد المكان الذی يبدو انه كَلفه الكثير من المال ٬ فهذه الأجهزة غالية الثمن بل إنها باهظة الثمن ؛ مكان كهذا تَكلف ثروة لابأس بها .
ظل نائل يقف صامتاً حتی أنهت جولتها البصرية ونظرت إليه ليقول بهدوء: إفتتحت هذا المركز فور تخرجی من الجامعة .
صمت لحظة يستشف رد فعلها من ملامحها فلم يهتدی لشئ فاستطرد قائلاً: بالطبع لم يكن بهذه الصورة بل بدأته بعدة اجهزة متواضعةو علی مدار الاعوام السابقة كنت اقوم بتجديده بشكل دوری كل عام .
عاد للصمت لتتخلی أميرة عن صمتها أخيراً : ولم أحضرتنی هنا ؟ لم الأن بالتحديد ؟
تنهد نائل وهو يقول : كنت أريد تأجيل هذا الحوار حتی ينتهی الحفل .لكنكِ قدمتِ لی دعوة لعائلتی فكان ينبغی أن اخبركِ أن أبی إبراهيم الطوخی هو أحد أعضاء رئاسة الجمعية ٬ وأنه مَن أخبرنی عن ذلك الحفل .
تغيرت ملامح أميرة : والدكَ عضو فی الجمعية !!! وهل أثر ذلك علي نتيجة المسابقة ؟
أسرع نائل ينفی ظنونها : اقسم لكِ أنه لم يتدخل فيها ٬ بل ورفض الإشراف عليها منذ البداية .لقد راقبكِ عن بُعد وكان فخوراً بِكِ مثلی تماماً .
نظرت له أميرة بشك فزفر بصبر فهی محقة فی شكوكها لكن آن الآوان أن تتكشف كل الحقائق .خطا بإتجاه أحد الأجهزة ليجلس عليه ويطأطأ رأسه ثم يقول : سأخبرك كل شئ أميرتی منذ رأيتك أول مرة بذلك المتجر
بدأ نائل يقص علی أميرة كل ما مر به منذ تقابلا صدفة ذالك اليوم ٬ حدثها عن إعجابه بها الذی تحول لشغف لقربها دفعه للتقدم لتلك الوظيفة فقط ليكون بقربها .حدثها عن حالة الجنون التی إنتابته بمجرد أن تخيل أن أحدهم قد يحصل علی هذا العمل ويكون قريبا منها .يراها كل يوم ويتحدث إليها .حدثها عن المرات التی راقبها فيها . المرات التی تتبع خطواتها خوفاً عليها .المرات والمرات .تحدث كثيراً ؛ ظل يتحدث وهی تستمع بصمت حتی صمت هو ايضاً ؛ صمت ينتظر حكمها عليه .
كانت تحدق لأسفل وهی تستمع إليه ولم ترفع رأسها حين أنهی حديثه وتمسكت بالصمت فترة قبل أن تقول : ولم فعلت كل هذا لأجلی ؟ لماذا أنا ؟ ما الذی تراه يميزنی لتفعل كل هذا ؟
توقع ثورتها وغضبها ٬ توقع لومها وعتابها لكن لم يتوقع ابداً هذه التساؤلات ٬ ولم يصدق أن اميرته تفقد الثقة بنفسها لهذه الدرجة ٬ تقدم خطوات بإتجاهها وقال بحنان : أنتِ أميرتی ٬ أراكِ مميزة وتستحقين أفضل الرجال .وكنت أتمنی أن أحظی بقربك لعلی اثناء ذلك أحظی بقلبك .سامحينی أميرتی لم أكن اخدعك .كنت فقط أحارب لأجلك .
تنهدت أميرة فقد فقدت قدرتها علی التفكير حالياً ؛ لذا أرادت فقط أن تحصل علی مساحة من الوقت لتفكر جيدا ٬ فما يحدث معها الأن فوق قدرتها علی الإستيعاب ٬ هی نفسها أميرة .لم يتغير بها شئ ٬ هی نفسها من تخلی عنها باسل من أجل شقيقتها ؛ كانت عيناه تُخبراها بحبه وحين فكر فی الإرتباط إرتبط بشقيقتها الصغری التی هی اكثر جمالاً وذكاءً ؛ إرتبط بها لأنها أقدر علی تحقيق أحلامه ٬ إرتبط بها لأنها أكثر ملائمة له . هی نفسها أميرة التی تراها أمها صورة متحركة للإخفاق والفشل ولا يمكن مساواتها بشقيقتها الصغری .
هی نفسها أميرة فما الذی يدعو شاب گ نائل لفعل كل هذا للتقرب إليها ؟ وما الذی يدعوه للتقرب إليها من الأساس ؟ تری هل يتلاعب بعواطفها ؟
وإن كان غرضه التلاعب لم تحمل منها كل هذا ؟
غرقت بين أمواج حيرتها ولم تجد سبيلاً للنجاة سوی الهروب ؛ عليها أن تهرب منه ومن كل التساؤلات التی يثيرها .بعد فترة طويلة من الصمت رفعت رأسها لتقول بهدوء خلاف ما تشعر به من ثورة : يجب أن أتوجه للجمعية الأن.لدی الكثير من العمل والوقت ضيق .
أنهت جملتها وتوجهت للخارج فوراً ليتبعها نائل بتعجب فهی لم تعلق علی حديثه بأی شكل كان .بل ولم تلتفت له كأنه لا وجود له.
لحق بها خارجاً ليجدها تستقل إحدی سيارات الأجرة .
********************
توجهت أميرة فورا لمقر الجمعية وبدأت العمل بوجه متجهم على غير عادتها ،لاحظ العاملون تغير مزاجها وإنفعالها لأتفه الأسباب .
وصل نائل للجمعية وحاول أن يتجاهل ما حدث ويتناسى هذا الحوار بينما عاملته أميرة برسمية شديدة مما أثار حزنه وسرب الألم لقلبه رويدا رويدا حتى تمكن منه تماما لتنعكس الكآبة على ملامحه فورا .
أنتهى اليوم ليعود كل منهما إلى منزله بحال غير الحال . أتى الصباح لتستيقظ أميرة باكرا وتهرول للخارج وهى تؤكد على الجميع حضور الحفل.
توجهت لمقر الجمعية وبدأت العمل على إنهاء الترتيبات بينما كان نائل يراقبها بصمت وقد قرر أمره .فهو سيمنحها كل الوقت الذى تحتاجه لتألم قلبها على تطفله عليها واقتحام حياتها ومحاصرتها بهذا الشكل الذى لم يكن يرجو منه إلا الإقتراب منها .
توجهت لتفقد الطاولات لتصاب بالغضب الشديد الذى ينتابها بلا مبرر منذ الأمس : ما هذا ؟؟ من طلب منكم هذه الوضعية للطاولات ؟؟
نظر لها مسئول الجمعية بحيرة و هو يقول: عذرا سيدتى .يمكننا تغيير الوضعية كما تشائين لكن الوقت تأخر لما لم تخبرينى من قبل!!!
تأففت بغضب : وكيف أتوقع أن يتم التصرف بدون أذنى ؟؟ ألست مسئولة الطعام ؟؟
حمحم الرجل بحرج : احممم حسنا سأحاول أن أبحث عن بعض العاملين للمساعدة .
اقترب نائل بملامح متجهمة : ماذا هناك ؟؟
نظرت له شزرا ليقول المسئول : وضعية الطاولات لا تروق للسيدة سأحاول البحث عن بعض العاملين.
نظر لها نائل : وما الوضعية التى تريدنها سيدتى ؟
اشاحت بذراعها وهى تقول بغضب : اريد هذه الطاولات هناك وهذه قرب الشجيرات وتلك بالقرب من المسرح .اريدها بشكل هرمى .
هز رأسه بتفهم وهو يخلع سترته ويبدأ فى تحريك الطاولات فوراً ليضطر مسئول الجمعية أن يعاونه فهو على يقين أن جميع العاملين فى هذا التوقيت منشغلون للغاية .
مر النهار وبدأ الحفل وقد برعت أميرة فى تقديم الطعام بشكل مميز بالإضافة لجودة الطعام وبدأت تتجول بالحفل وتعرفت على بعض الأشخاص الذين اثنوا على عملها بل ونصحها البعض بافتتاح مطعم خاص بها .
وصلت أريج وباسل بصحبة العائلة أسرعت إليهم أميرة ،أستقبلتهم بحفاوة ماعدا باسل الذى قابلته بفتور .بدأ والديها يختلطان بالحضور ووصلت لاسماعهما عبارات الثناء التى تنهال على أميرة لتنظر لها والدتها لأول مرة بفخر .
رسمت ابتسامة زائفة واهتمت بالجميع بينما نائل يراقبها بصمت ويخشى الاقتراب منها،يخشى من رد فعلها الذى لم تظهره بعد، قدم رئيس الجمعية شكرا خاصا ل أميرة أثناء إلقاء كلمته مما ألقى عليها المزيد من الضوء .وتسلمت شهادة تقدير وشكر لمجهوداتها التى ساهمت في نجاح الحفل .
وأخيراً انتهى الحفل ليودعها بنظراته وهى تصحب عائلتها للخارج ،لم تنظر له مطلقا مما زاد تمكن الحزن من بين قلبه .
بمجرد عودتها للمنزل توجهت لغرفتها دون أن تتحدث إلى أيهم ، توجهت لغرفتها فحسب،لم تشعر بالرغبة في الحديث تريد الاختلاء بنفسها والتفكير ،ترى كيف تتصرف مع نائل ؟؟ لطالما هربت من أى مشاعر تولدت داخلها تجاهه .لتكتشف اخيرا أنه منذ البداية يسعى لتلك المشاعر التى تحاربها بل وحارب لأجلها.
للمرة الأولى لم تتوجه ل أمجد ولم تقص عليه ما حدث معها ،هى تحتاج لانثى مثلها تفهم تخبط مشاعرها . أما أمجد فسيفسر الأمر من وجهة نظره كرجل وهى الآن بحاجة امرأة .احيانا لا يفهم مشاعر المرأة إلا امرأة أخرى.
لم تحاول أريج أن تتحدث مع أميرة رغم شعورها أن ثمة خطب ما
**********************
أخيراً مر الليل ليتوجه نائل منذ الصباح الباكر إلى منزل أميرة هو لا يطمع في أى شعور منها تحت الضغط ،بل لن يحاول أن يمارس عليها اى ضغط مرة أخرى بل سيطلب منها أن تحصل على كل الوقت الذي تحتاج إليه بشرط ألا تبعده عن حياتها.
ظل يراقب المنزل عن بعد حتى تأكد أن أميرة بمفردها بالمنزل فأسرع ليحارب مرة أخرى من أجل فرصته معها.
دق الجرس مرارا ولم يسأم الانتظار حتى فتحت له الباب .كانت عينيها مجهدتين ووجهها شديد الشحوب وكأنها لم يغمض لها جفن طيلة الليل . غرست هيئتها بذور الندم فى قلبه فقد اختار أسوأ توقيت ليخبرها الحقيقة التى طالما اخفاها عنها .
نظرت له بلوم وهو يقف أمامها بملامح كئيبة ليتساءل بعفوية : اريد ان اتحدث معك.ليس. أيمكننى ذلك ؟
أفسحت المجال له ليمر ،توجه للداخل وتبعته جلسا بصمت لدقائق قبل أن يقول: أميرتى .صدقينى كنت فقط اريد ان أظل بقربك .منذ وقعت عينى عليك تسللت بسلاسة لتتخللى جسدى وتستقرين داخلى .منذ أخبرتنى تلك العاملة انك لم تقابلى أميرك بعد وانا فقدت السيطرة على عقلى تماما وتبعت قلبى الذى تبعك بجنون .
نظر لها يستشف رد فعلها إلا أنها تمسكت بالصمت والاطراق ليقول : انا لست عابثا .وأنت أول فتاة تسيطر على حواسى بهذه الطريقة.
تنهدت لتقول بعد صمت طويل: ماذا تريد الأن نائل ؟
حمد الله أن لديها الاستعداد للتحدث معه ليقول : لا اريد منك أى قرار انفعالى أريدك أن تحصلى على كل الوقت الذي تحتاجين إليه لى فقط رجاء أخير.
نظرت له بإستفهام ليقول : لا تخرجينى من حياتك .دعينى فقط في محيطك كما انا نائل عامل التوصيل.
كانت تنظر له فرفعت حاجبيها بتعجب : ولكنك لا تحتاج لتلك الوظيفة .
قاطعها بلهفة : انا احتاج قربك أميرتى .لا تبعدينى .
قالها برجاء حرك مشاعرها بقوة فحمحمت بحرج : حسنا انت مضطر للعمل بكل الأحوال حتى أجد بديلاً.
ابتسم اخيرا فسوف يحرص على عدم حصولها على هذا البديل أيا كانت الوسائل.نهض فورا ليقول : حسنا ساتى اليوم في موعد العمل .
عقدت ساعديها: لا اليوم عطلة لتحضر فى الغد .
اتسعت ابتسامته: حسنا أميرتى أراك فى الغد .
وتوجه للخارج بقلب غير الذى دخل به فقد جاء بقلب حزين وها هي تصرفه بقلب يزهر بالأمل بمجرد أن قبلت بوجوده جوارها ،عليه أن يحسن استغلال فرصته فقد تكون الأخيرة .
*************
منذ غادر نائل وهى تلزم غرفتها فقد أرادت أن تستغل هذا الوقت الذى تقضيه بمفردها فى التفكير فهى تشعر بالتخبط والحيرة وبينما هى تجلس بصمت إذ بباب غرفتها ينفتح وتدخل امها التى ابكرت فى العودة خصيصا لتتحدث مع أميرة لتتفاجأ بعدم وجودها بالمطبخ كعادتها فتوجهت إلى غرفتها وهى تصر على إنهاء هذا الأمر اليوم .
#قسمة
التعليقات على الموضوع