إبحث عن موضوع

العائدة

-العائدة-

" منذ نعومة أظفاره و ميوله تختلف عن أبناء عمره حيث كانت شهية الفضول و المعرفة تسيطر عليه كثير، و عند اجتماعه مع مَن يقربه سنًا من أقربه عند جدته لتقص عليهم ليلًا قصص البلد من جن و عفاريت كان جميعهم يخاف عبثهم إلا الشقي الصغير "طارق" كان ينتابه الفضول و يبدأ بطرح قائمة لا تنتهي من الأسئلة عن الغموض و عالمه..

- و في إحدي الشتاء الباردة أستمع طارق من جدته عن حكاية "عايدة"..

-الجدة:
هتناموا و لا اجيب لكم "عايدة"

-قاطعها طارق ببراءة طفولية :
مين عايدة دي يا تيتا؟!!

-رد أسامة بخوف و اعتراض طفولي:
يووه يا طارق أنت مش بتخاف كل ما لما نيجي البلد بتخلي تيتا تحكي لنا حواديد تخوف،هتكون مين عايدة غير واحده بتاكل أطفال...

-تتعالي أصوات الضحكات من طارق و الجدة و تكمل الجدة حديثها:

لا مش بتاكل أطفال يا أسامة، بص يا طارق....

-قاطعها أسامة:
اسمع بقي أنت يا عم طارق و أنا هروح أنام مع أحمد جوه أنا بخاف يا عم..

-تركهم أسامة لتسرد الجدة حكايتها لطارق مع شغفه الفضولي:

بص يا طارق زمان في الأرض البور اللي حادنا في البلد اللي فيها الدوار محروق هناك اللي حظرتك تلعب نواحيه قبل سابق، المهم البيت ده كان بيت "صفوت العماري" ، و ولاد عيلة "العماري" دول كانوا كبارات البلد وقتها ، و لما كل واحد فيهم اتچوز و فتح له بيت أخد صفوت الأبن الوسطاني الأرض دي و بنى عليها الدوار ده ليه هو و "عايدة" مراته و بعدها بسنة عايدة خلفت بنتين و بعدها بخمس سنين مات "صفوت" و بقي في خلاف علي الورث و الأرض بين "عايدة" و أخوات "صفوت" و هما "سليمان و "حمدان العماري" ، عايدة رفضت يبيعوا البيت و الأرض و قالت لهم ده مال ولايا و هما مُصرين يبيعوا البيت و يأخدوا حقهم، المهم يا بني الشيطان لعب بينهم و "حمدان" و "سليمان" عمي الطمع قلوبهم و ولعوا في البيت بالارض عشان ياخدوا الأرض و لكن من سوء حظهم عايدة و بناتها كانوا في البيت و وسط صراخها اتوعدت ل "سليمان" و "حمدان" إن أي حد من نسلهم هيموت بنفس الطريقة و من ساعتها يا ولدي و النار مسكت في بيوت ولاد العماري ، و بقيت عايدة تختار منهم حد كل سنة في نفس الوقت بيموت محروق زي عايدة و بناتها، ده غير إنها بتأذي كل اللي بيقرب من أرضها، و هي دي حكاية عايدة يا ولدي .

- سألها طارق :
طب هي بتموت أي حد تاني غير الناس اللي موتوا ها دول؟؟

-أجابت الجدة:
لا يا ولدي و يلا بقي عشان تنام عشان انتم مسافرين بكرة

ذهب طارق للنوم و في صباح اليوم التالي استعدت للسفر و الرحيل و قام طارق بتوديع الجدة و لكنها أعطته ظرف و أوصته بالعناية به قائلة:

المكتوب ده يا ولدي تحافظ عليها و أفتحوا في الوقت المناسب.

كانت هذه أخر كلمات سمعها طارق من جدته منذ خمسة عشر عامًا..

تذكر طارق وقتها الظرف المغلق من جدته و الذي كان دائمًا معه فإذا به ترك عزائها و ذهب ليعرف ما فيه لقد شعر أن هذا الوقت المناسب ، أحضره و بدأ يتناوله ليقرأ ما فيه

-" طارق يا ولدي عارفه إنك هتفتح المكتوب ده في الوقت المناسب، المكتوب ده بخط عمتك "صباح"، فاكر أخر حكاية حكيتها لك يا ولدي حكاية عايدة نسيت أقولك على حاجه مهمة قوي يا ولدي و هي أن اسمي كامل " زينب حمدان العماري" ... "

سرعان ما ربط بينه وبين حادث حريق موتها ، ربما يحين الدور على أحد أقاربي، والدي، أخواتي، ربما أنا..

*تمت*
ياسمين علي

ليست هناك تعليقات