إبحث عن موضوع

الملاك الهارب👼الجزء الثاني

#الملاك_الهارب
#الجزء_التاني
لو أمكنك أن تختار بين حياتك القديمة البائسة وبين أن تبدأ حياة جديدة وتفقد هويتك ماذا ستختار ؟!
الحياة تعرف جيداً كيف تؤلمنا ،إنها تختار الأشخاص الأقرب إلي قلوبنا لتكسرنا بهم ، جرب أن تكون وحيداً بلا عزيز ولا حبيب ولا قريب ، سينجو قلبك من الهلاك ، ولكن قلبك المسكين هو من يسعي لتدمير نفسه ، ينجذب ثم يقترب ثم يكسر ألف قطعة ثم يبكي ...
استيقظت  ملك من نومها لتجد فتاة صغيرة تقف أمام باب الغرفة إعتدلت ملك لتجلس علي الفراش وقالت : إنتي مين يا حلوة
انتي اللي مين اصلا دي اوضتي وده سريري
دخل عز مسرعا : اسف هي ليلي صحتك أنا قولتلها متدخلش
ملك : لا خالص مفيش حاجه ،هي القمر دي اسمها ليلي دي عسولة اوي
ليلي : وانتي مين بقي
ملك : أنا اسمي ملك
ليلي : أيه ده انتي متعورة
ملك : أيوه بس متخافش دي صغيرة والدكتور قالي هتخف بسرعة
اقتربت ليلي نحو ملك : بتوجعك
ملك : شوية بس الدكتور قالي هخف ومش هتوجعني خالص
عز : شكلها حبتك ليلي مبتاخدش علي الناس بسرعة
ملك : أنا كمان حبيتها اوي
ليلي : انتي هتقعدي معايا هنا في أوضتي
ملك : لو انتي مش متضايقة
ليلي : لا انا مبسوطة اوي اقولك سر محدش يعرفه
ملك : تعالي قولي في ودني عشان عز ميسمعش
اقتربت ليلي من ملك وقالت : أنا بخاف من الضلمة اوي
ملك : متخافيش هابقي معاكي
عز : قالتلك ايه
نظرت ملك نحو ليلي وابتسمت : لا ده سر مينفعش
عز : طب تعالي سلمي علي بابا لو مش تعبانة يعني عشان اعرفك عليه
ملك : حاضر هخرج حالا
خرجت ملك لتصطدم برجل ذو لحية بيضاء خفيفة وملامح وسيمة تشبه عز إلي حد كبير ببشرته السمراء وطول قامته ،  يبدو عليه الوقار ، ملامحه مألوفة الأشخاص الذين نقابلهم يومياً في حياتنا دون أن نعرفهم فيدخلون إلي قلوبنا مباشرة
وقفت ملك وهي تشعر بالخجل لا تعلم من أين تبدأ
محمد : ازيك يا بنتي عامله ايه دلوقتي ،عز كلمني وحكالي كل اللي حصل إحنا آسفين عشانك جدا انتي كويسة دلوقتي ؟!
ملك : أنا اللي آسفة اني ازعجتكم واني قاعدة في بيتكم كمان وتقلت عليكم
محمد : متقوليش كده يا بنتي انتي زي ليلي
ليلي : بس يا بابا هي كبيرة وانا صغيرة اوي مش زيي لا
ضحك الجميع وابتسمت ملك
محمد : أقصد أنها طيبة زيك
ليلي : هو انا طيبة يا بابا ،امال بتقول عليا شقية ليه ؟!
عز ضاحكاً : عشان انتي قردة وشقية ولمضة وبدأ يلاعبها وهي تضحك بقوة
ملك : أنا متشكرة جدا علي اللي بتعملوه معايا
محمد : ما قولتلك انتي زي ليلي
ملك : ربنا يخلي حضرتك ، بس انا عندي طلب
محمد : خير يا بنتي اؤمري
ملك : أستاذ عز يشوفلي شغل في آي مكان
محمد : سهلة دي انا ليا اصحاب كتير ومعارف ممكن اشغلك من بكره لو تحبي
ملك : ياريت ابقي شاكرة فضلك جدا
محمد : بس انتي هترتاحي الاسبوع ده لحد ما تبقي كويسة ان شاء الله
عز : تمام هدخل أنا أحضر الفطار
ملك : ممكن اساعدك
عز : انتي ضيفة ومش عايز أتعبك
ملك : عشان أحس اني بعمل حاجه بدل قعدتي دي
عز : تمام مفيش مشكلة
ملك : أتمني أن وجودي ميكونش مضايق حد
عز : بالعكس شكل ليلي حبتك جدا ، اول مرة اشوفها بتكلم حد كده من ساعة موت ماما الله يرحمها
ملك : ليه ؟!
عز : من ساعة موت ماما ليلي جالها صدمة ، بتخاف تقرب من الناس ،بتخاف تكلمهم ،علي طول منطوية حتي في مدرستها ،المدرسين بيشتكوا إنها دايما ساكتة ومش مندمجة مع أصحابها
ملك : هي مش خايفة من الناس ،هي خايفة من الخسارة ،الواحد لما بيخسر حاجه بيحبها اوي بيخاف يحب حاجه تاني ،بيعيش طول عمره مانع قلبه يتعلق بأي حاجه ، لازم تصلحوا الموضوع ده دلوقتي مينفعش تكبر بيه
عز : بحاول والله وديتها لدكتور نفسي متابع حالتها ، بس مش عارف مبتتحسنش
ملك : متقلقش عليها الأيام بتداوي
عز : صحيح  سألته عنك وقالي إنها هترجع بالوقت بس اكتبي يومياتك ممكن تفتكري حاجه وانتي بتكتبي
توترت ايه وجرحت يدها وهي تقطع الخضروات
عز بلهفة : في ايه جرحتي ايدك وريني كده
أمسك يدها بينما تتابع عينيه ،تشعر فيهما بصدق حقيقي لم تقابله في حياتها من قبل
العين مرآة الروح هكذا قالوا قديما وعينيه تعكس روحا طيبة
عز : الجرح عايز يتنضف ،خليكي هجيب قطن وجاي
ملك : متقلقش أنا كويسة
عز : اقعدي بس وبدأ ينظف جرحها وهو يضغط علي يديها برفق ،انتهي ونظر إليها إيدك وجعاكي
تمنت لو تصرخ وتخبره أن روحها هي ما تؤلمها ، أن الجرح في قلبها ينزف أكثر من ذلك الخدش الذي في يديها ،ولكنها فضلت الصمت كعادتها
لا انا كويسة
عز : طيب ارتاحي معاهم بره وأنا خلاص خلصت
ملك : أنا هجهز السفرة لحد ما تخلص
عز : تمام
خرجت ملك وبدأت بتجهيز السفرة ،شعرت بيد تجذب ثيابها نظرت لتجدها ليلي
ملك : الست لولي هانم عايزة أيه
ليلي : مين لولي دي انا ليلي
ملك : يعني معجبكيش الإسم
ليلي : لا حلو خالص عجبني ،ممكن اطلب طلب
ملك : أيه يا روحي
ليلي : تعالي العبي معايا بره
ملك : هو ده طلب أنا عيلة اوي علي فكرة وبحب اللعب يالا بينا
خرجت ليلي وملك إلي حديقة المنزل ، كانت الحديقة تبدو جميلة ولكنها مهملة النباتات ذابلة ،لا أحد يهتم بها حتي جفت واختارت الموت
ملك : هي الجنينة بهتانة كده ليه محدش بيهتم بيها
ليلي : ماما كانت بتزرع فيها ورد كتير وحاجات حلوة أوي بس من ساعة ما راحت عند ربنا ومحدش بيهتم بالورد لحد ما مات
ملك : هو مماتش هو ناشف وعايز مايه وعايز حد يهتم بيه ، عارفه يا لولي انتي كمان تقدري تهتمي بيه وتخلي الجنينة حلوة أوي زي ماما ما عملت
ليلي : بس أنا صغيرة ومش هعرف
ملك : أنا هساعدك لحد ما تعرفي بس بعدها تعتمدي علي نفسك
ليلي : موافقة
خرج عز وذهب نحو الفتاتين وقال: بتعملوا ايه بره
ليلي : ملك تساعدني نرجع الجنينة زي ما كانت
نظر عز إلي الأرض بحزن وقال : بجد  طب ده كويس اوي ، ممكن الأميرة تتفضل وتصحي بابا عشان يفطر
ليلي : حاضر هصحيه
دخلت ليلي إلي المنزل بينما وقف عز ينظر إلي ملك بنظرات لوم
عز : انتي بتقولي ايه
ملك : أنا عملت ايه ؟!
عز : شايف انك بتعلقي ليلي بيكي وده غلط انتي مش دايمة في حياتها انتي يومين وهتختفي بس عقدتها هتزيد
ملك : أنا بحاول ابقي لطيفة معاها ،وبعدين اللي بتعمله ده هو اللي معقدها
عز : انتي تعرفي ايه اصلا عننا
ملك : معرفش بس واضح انك انت اللي خايف تتعلق بالناس ووصلت إحساس الخوف ده ليها
عز :انتي جاية تقعدي يومين  لحد ما تبقي كويسة حاولي متدخليش في حياتنا بعد إذنك
ملك : عندك حق أنا آسفة بعد إذنك
دخلت ملك إلي المنزل لتجد ليلي تتشبث بثيابها : يالا عشان ناكل أبيه عز عمل أكل حلو اوي
ملك : لا انا هنام شوية يالولي ولما اصحي هاكل تمام
محمد : مينفعش يا بنتي  انتي اكيد مكلتيش وواضح عليكي الإرهاق ،كلي وادخلي ارتاحي محدش هيزعجك
دخل عز منزعجا ليصطدم بأعين ملك الحزينة
جلس الجميع إلي المائدة دون صوت ولا كلمة ، تناولت ملك طعامها ودخلت إلي الغرفة وحاولت النوم لتجد نفسها تستسلم لنوبة بكاء عنيفة ، حاولت كتم شهقاتها بالوسادة ، تشعر أن قلبها يحترق ، ضائعة هي في الحياة لا مكان تنتمي إليه ، برغم هذا الكون الفسيح لا مكان تنتمي إليه ولو ركن صغير في قلب أحدهم ، تعرف انه لا مكان تهرب إليه لقد ملت من الهرب علي أي حال ، ستهرب إلي أين والحزن يحاوطها من كل إتجاه والغصة في قلبها لا تنتهي .
بكت حتي غلبها النوم ،لتهرب إليه من ظلام واقعها
محمد : ملك مختفية من الصبح ما تشوفها يا بني لتكون البنت حصلها حاجه
عز : هيحصلها ايه يا بابا هي كويسة متقلقش هتلاقيها نايمة بس الدكتور قال محتاجة راحة
محمد : عارف انا ارتحت للبنت دي وليلي كمان شكلها حبيتها ،بس قلبي بيقولي وراها سر كبير
عز : عندك حق يا بابا عينيها حزينة اوي مش عارف ليه
محمد : ربنا يفك كربها يا بني
أحس عز بالندم علي طريقته وقرر الإعتذار منها ذهب إلي الغرفة وطرق عدت طرقات
فتحت ملك الباب ويبدو علي عينيها أثر البكاء
عز : انتي معيطة
ملك : لا مفيش حاجه أنا بس كنت نايمة
عز : طيب ممكن اتكلم معاكي شوية
ملك : اتفضل
عز : طيب ممكن نقعد بره في الجنينة
ملك : ماشي
خرجت ملك وعز وجلسوا علي سلالم المنزل
عز : أنا آسف
ملك : ليه ؟!
عز : علي الكلام اللي قولته ،مكنش ينفع اقول كده 
ملك : بس انت كان عندك حق مكنش ينفع اتدخل
عز : أنا فعلا خايف ، خايف أقرب من الناس خايف آخسرهم لو قلبي إتعلق بحاجه بتخلي عنها بمنتهي السهولة قبل ما هي تتخلي عني يمكن خوفي ده وصل لليلي وبدأت هي كمان تخاف وتنعزل عن الناس
ملك : محدش فينا مبيخافش كلنا عندنا اللي نخاف منه  ونخاف عليه ، عارف تبدأ تخاف إمتي لما ميبقاش عندك حاجه تخسرها زيي كده
عز : ليه بتقولي كده اكيد اهلك بيدوروا عليكي
ملك : محدش بيدور عليا ولا هيدور عليا أنا في الحقيقة في الدنيا دي لوحدي
عز : هو انتي افتكرتي حاجه
ملك بتوتر : لا بس لو حد سأل عليا كان زمانهم وصلولي
عز : متقلقيش كل حاجه هتتصلح  
ملك : متخافش مني ، أنا مش مؤذية عمري ما هآذيك لا أنت ولا حتي ليلي ، انتوا فتحتولي بيتكم
عز : انتي ميتخافش منك
ملك : اشمعنا
عز : عنيكي بريئة اوي ، مستحيل تأذي حد انتي يتخاف عليكي مش منك
ابتسمت ملك وانسحبت إلي الغرفة دون صوت
في المساء سمعت طرقات علي بابها فتحت لتجد ليلي
ليلي : أنا عايزة انام بس في الأول هتحكيلي حدوته
ملك : حاضر يا ستي تعالي نامي جنبي وهحكيلك حدوته
بدأت ملك تسرد حكاية قبل النوم ولم تشعر بمن يقف علي بابها ويستمع للقصة ويبتسم
طرق الباب
فتحت ملك لتجده يقف امامها يحمل بيده طعام ودفتر وقلم
ملك : أيه ده ؟!
عز : قولت اكيد جعانة ،وطبعا هتتكسفي تقولي ،وده دفتر وقلم عشان تكتبي يومياتك
ملك : شكرا جدا
عز : العفو ،علي فكرة انا بحب قصة الجميلة و الوحش دي أوي وانتي حكتيها بطريقة حلوة أوي
ملك : أنا كمان بحبها جدا
عز: تمام  تصبحي علي خير
دخلت إلي الغرفة وبدأت تكتب في دفترها
" كاذبة أنا عندما أخبرتك أنا لا أذكر ، صدقني عزيزي أنا أتذكر أن لا أحد عاملني بكل هذا اللطف من قبلك ، لم يكن هنالك أحد لأجلي ، كنت دائما اواجه الحياة وحدي ،واعلم اني سأعود وحدي ولكن يكفيني أنك عبرت في حياتي كنسمة هواء في ليلة صيفية حزينة ،يكفيني ان أحدهم كان هنا لأجلي يوما "
Hadeer_saeed

ليست هناك تعليقات