الملاك الهارب 👼 الجزء الاول

#الملاك_الهارب
#الجزء_الأول
الحياة ظالمة جدا وقاسية علي من تنبض قلوبهم بالحب ، أما الذين بلا قلب فلا ألم ولا ظلم ولا معاناة وحدهم أصحاب القلوب في شقاء
كانت تركض في ظلام الليل وخصلاتها السوداء تتراقص علي أكتافها بجنون ، ضوء القمر يلمع في عينيها السوداء التي تشبه ظلمته ، يتساقط الدمع من عينيها كحبات اللؤلؤ ، تركض لا تعلم خوفاً أم هرباً
تخرج للطريق الرئيسي راكضة في جنون ،ثم فجأة تصدمها سيارة فتسقط غارقة في دمائها
تستيقظ بين الحين والآخر لتري عينين تحدقان فيها ثم تغيب عن الوعي مجددا
ملك : أنت مين وأنا فين ،حصل ايه ؟!
عز : اهدي  بس كده ،هنادي للدكتور وارجعلك
عاد بعدها بدقائق مع الطبيب ،الذي بدأ بفحص ملك
عز : خير يا دكتور ،هي كويسة ؟!
الطبيب : مبدئياً  هي كويسة ،بس لازم تفضل تحت الملاحظة عشان نطمن علي الكدمات وعلي الجرح اللي في رأسها
عز : انتي اسمك ايه
ملك : مش فاكرة مش عارفه
عز : بطاقتك مكتوب فيها ملك ، بس انا معرفتش اوصل لأي حد من أهلك حتي العنوان اللي في البطاقة مفيهوش حد
ملك : بدأت تبكي بهستيريا أنا مش فاكره أنا معرفش حد ومش فاكرة اي حاجه
الطبيب: محتمل جدا تكون مصابة بفقدان ذاكرة مؤقت نتيجة الصدمة من الحادثة ،عموما هتفضل النهاردة تحت الملاحظة وممكن تخرج بكره
عز : تمام شكرا يا دكتور
ملك : أنت مين
عز : بصراحة ،أنا اللي خبطتك بالعربية ،بس انتي غلطانة خرجتي فجأة معرفش منين لقيتك فجأة قدامي
ملك : أنا مش فاكرة ، بس شكرا انك واقف جنبي ،لو حد تاني كان هرب وسابني مرمية في الشارع
عز : يعني انتي مش فاكرة حاجه خالص
ملك : لا ولا اي حاجة
عز : طيب تشربي حاجه ، اجبلك أكل
ملك : مش عايزة ، أنا عايزة أمشي
عز : هتروحي فين ؟!
ملك : مش عارفة بصراحة
عز : طيب ان شاء الله تتدبر بس متشليش هم
انا هسيبك دلوقتي ترتاحي وهعمل شوية حاجات كده وأرجع
ملك: ماشي
في داخلها كانت تعرف انه لن يعود ،لا يهم علي أي حال ولكن كيف ستواجه العالم وحدها؟!
الطبيب : في ظابط بره عايز ياخد اقوالك عشان المحضر
ملك : محضر ايه
الطبيب : اي حادثة بتيجي هنا لازم نبلغ وبيتعمل محضر ، وهما جايين ياخدوا أقوالك
ملك : تمام أنا كويسة أقدر اتكلم
الضابط : ممكن تحكيلنا اللي حصل
ملك : محصلش أنا خرجت قدام العربية فجأة  وصاحب العربية ملحقش يضغط فرامل
الضابط : يعني انتي مش عايزة تشتكيه
ملك : لا خالص كتر خيره أنه جابني المستشفي
الضابط: طيب تمام الف سلامة عليكي
ملك : شكرا
غفت ملك ليأخذها النوم وتغيب في أحلامها المزعجة التي بدأت تخيفها ،بدأت تخشي حتي أن تغمض عينيها او حتي تحاول النوم ،الأمر مؤذ ان تفقد مهربك الوحيد ،ويخذلك حتي النوم ،لا تعرف حتي كيف تصنع حلماً جميلا ً ينقذك من واقعك البائس
استيقظت ملك علي صوت بجانبها فتحت عينيها لتجده يجلس بجاورها ممسكاً بكتاب يقرأه لأول مرة تنتبه له ، لم يكن وسيماً جدا ولكنه كان جذاب وأنيق ، إنتبه لنظراتها الشاردة نحوه
عز : صحي النوم ، انتي كويسة ؟!
ملك : أيوه أنا كويسة أحسن بكتير الحمد لله
عز : طيب عايزة حاجه اعملها
ملك : عايزة أمشي أنا بكره الدكاترة والمستشفيات
عز : طيب أنا جبتلك هدوم جديدة ، ممكن تغيري ونمشي
ملك : هنروح فين ؟!
عز : هتيجي معايا ، أنا اهلي مسافرين بس انا كلمتهم وهينزلوا بكره بالكتير ولحد بكره هترجعي معايا البيت ،إلا لو عندك حل تاني
ملك : بس أنا معرفكش ،هروح معاك ازاي
عز : أنا عارف ده ومقدر وطبعا اللي تختاريه أنا ماليش قرايب اوديكي عندهم ، ومش هأبقي مطمن وأنا سايبك في الشارع وانتي حتي مش فاكرة اي حاجه
ملك : تمام ، هقوم البس في الحمام
عز : تمام وانا هشوف الدكتور
حاولت ملك القيام ولكنها شعرت فجأة بالدوار كادت أن تسقط لولا يد عز التي سندتها ، سندت ملك رأسها علي كتفه
عز : انتي كويسة حصلك حاجه
ملك : دايخة ، مش شايفة حاجه من الدوخه
عز : يمكن عشان ماكلتيش حاجه من امبارح طيب اقعدي بس وهبعتلك الممرضة تساعدك
اجلسها علي طرف الفراش وخرج ، بعد لحظات دخلت إحدي  الممرضات وساعدتها في تبديل ملابسها
عز : ها جاهزة ؟!
ملك : أيوه جاهزة
عز : طيب يالا ،اساعدك ؟!
ملك : لالا متقلقش أنا كويسة
خرجا سوياً ،وفتح لها باب السيارة جلست بداخلها وأغمضت عينيها تشعر أن الدنيا تدور بها ،أين كانت ولأين تذهب ، بائسة هي حياتها منذ ولدت وهي في شقاء
عز : وصلنا هتعرفي تنزلي ولا أساعدك
ملك : لا انا كويسة
نزلت وسارة خلفه في قلق ، الحياة سيئة ولا أحد يعلم إلي أي مدي تصل بها
عز : دي أوضة اختي ،تقدري تستعمليها وده مفتاح الأوضة ،اقفلي علي نفسك لو تحبي ، وأسف اختي صغيرة مش هتلاقي هنا ليس مناسب ، هجبلك بيجامة من عندي تقدري ترتاحي لحد ما أحضر الأكل
ملك : أنا آسفة أنا مش عايزة اتعبك
عز : مفيش تعب خالص
أبدلت ملك ملابسها ونظرت للمرآة وأبتسمت علي هيئتها العجيبة ، برغم عينيها الجميلتين فإن الحزن يسكنها ويستوطن قلبها ،يغمر كل جزء فيه كلما حاولت الفرار منه تشبث بها ، ربما الحزن يليق بعينيها الجميلتين ربما هي تليق به ،لا أحد يعلم ، ربما الحزن قدرها الذي لا مهرب منه .
خرجت من الغرفة لتصل إلي أنفها رائحة طيبة ،قادتها قدامها نحو المطبخ ، عز يصنع الطعام بمهارة طاهي ،ظلت تتأمله في صمت كان يدندن  بنغمة قديمة ،صوته عذب ومريح  ربما ليس أكثر الرجال وسامة ،لكنه بالطبع أكثرهم جاذبية ، نفضت عن رأسها تلك الأفكار التافهه ووبخت نفسها علي فعلتها ،ليلتفت إليها مبتسماً : إنتي هنا من إمتي
ملك : لسه داخلة
عز : اسف لو صوتي ضايقك
ملك : لا بالعكس صوتك جميل ومريح جدا
عز:طيب اقعدي عشان متتعبيش
ملك : لا انا كويسة ،ممكن اساعدك في اي حاجه
عز ضاحكا : اقعدي بس وهخليكي تعملي السلطة
جلست ملك في صمت وبدأت في تقطيع الخضروات
عز : ناوية تعملي ايه ؟!
ملك : مش عارفه ، أنا تايهه ومتلخبطة ومش عارفه أبدأ منين
عز : متقلقيش كله هيتحل ، أنا شوفت في بطاقتك انك خريجة لغات وترجمة
ملك : مش عارفة
عز : بصي أنا هدور علي أهلك بس لو خلاص يعني معرفتش اوصلهم ، هشوفلك شغل جديد تقدري تبدأي منه لحد ما ترجع الذاكرة وعموما الدكتور طمني ،انها هترجعلك قريب وأنها مسألة وقت بس بسبب الصدمة
ملك : أنا مش عايزة اتقل عليك ،أنا ممكن أمشي بكره
عز : أنا السبب في اللي حصلك ،عشان كده انتي موجودة هنا إجباري لحد ما نشوف حل
ملك : تمام ،أنا مش عارفة بجد اشكرك إزاي
عز : مفيش داعي للشكر ، وعشان متبقيش قلقانة بابا واختي راجعين بكره الصبح
ملك : طيب ومامتك
عز : ماما الله يرحمها
ملك : أنا آسفة
عز : لا عادي مفيش حاجه ،كلي بقي وادخلي نامي
أكملت ملك طعامها ودخلت إلي الغرفة ، حاولت إغلاق الباب ولكن باللحظة الأخيرة تركته ربما عليها ان تثق هذه المرة .
"عندما ينكسر خارجك تجد ألف من يواسيك ولكن ماذا عندما ينكسر قلبك ؟!  لا تجد أحد يشعر بك بألمك فقط أنت وجروحك ، لملم ما بقي منك في صمت ولا تدع أحد يري كسور روحك "
Hadeer_saeed