إبحث عن موضوع

الملاك الهارب👼الجزء الرابع

#الملاك_الهارب
#الجزء_الرابع
كلما وقعت عيني علي المرآة لا أري سوي الطفلة بداخلي تبتسم ، تلك الطفلة التي تأبي أن تكبر ، التي تركض في أرجاء قلبي باسمة وبالليل تجلس القرفصاء وتبكي في أحد أركان قلبي ،تلعن العالم الذي خذلها وطردها بعيدا عنه ، وحيدة وعاجزة .
في الصباح استيقظت ملك علي صوت طرقات الباب ، فتحت وعينيها مليئة بالنوم
عز : صباح الخير ، آسف لو صحيتك بس بابا طلب مني اوصلك الكلية في طريقي عشان تخلصي ورقك
ملك : شكرا أنا هروح لوحدي
عز : اجهزي أنا مستنيكي بره متتأخريش
ارتدت ملك ملابسها واقتربت نحو السرير وقبلت ليلي وخرجت لتجد محمد وعز في إنتظارها
محمد : عز هيوصلك الكلية تجهزي ورقك وكلميه يجيبك تاني
ملك : شكرا يا عمو بس انا ممكن أروح لوحدي عادي مش هتخطف
عز : أنا مستني في العربية يا بابا
محمد : اسمعي كلامي يا بنتي كده هأبقي مطمن عليكي
ملك : حاضر
محمد : خلي دول معاكي
ملك : شكرا ياعمو بس انا معايا
محمد : قولتلك انتي زي عز وليلي وبعدين يا ستي هاخدهم لما تقبضي اول مرتب
أدمعت عين ملك وقالت : أنا مش عارفة أشكرك إزاي أنا مفيش حد عاملني بالطيبة دي قبل كده
محمد : وأنا مش عايز شكر انتي زي ولادي، تليفونك معاكي عشان تكلمي عز
ملك : أيوه معايا بس كان مقفول هفتحه حاضر
محمد : ماشي يا بنتي خدي بالك من نفسك ، ربنا يحفظك
ركبت ملك السيارة دون أن تنطق بكلمة ، بينما عز ينظر إليها بين الحين والآخر وهي شاردة في النافذة تتابع الطريق في صمت
عز : تحبي أدخل معاكي
ملك : لا شكرا
عز : طيب هاتي تليفونك ثانية واحدة
ملك : اتفضل
عز : ده رقمي ، سجليه وكلميني أول ما تخلصي هستأذن وأجي اروحك
ملك : مش مهم متتعبش نفسك
عز : هستناكي تكلميني وإلا هاجي أنا
ملك : ماشي
خرجت ملك من السيارة ودخلت إلي الجامعة وبدأت في إجراءات استخراج أوراق جديدة
استغرق الأمر عدة ساعات ،هاتفها لم يتوقف عن الرن أجابت
ملك : أيوه عايز مني ايه
عايز اعرف انتي فين
ملك : أنت مالك ، خلاص مش هتعرف توصلي تاني ابعد عني بقي وسيبني في حالي
انتي عارفة اني مش هسيبك أبدا ، أنا وراكي وهلاقيكي وهرجعك مهما هربتي
أغلقت ملك الهاتف وجلست تبكي وهي تضع يدها فوق عينيها ، شعرت بيد علي كتفها
ملك : عبد الرحمن أزيك
عبد الرحمن : فينك يا بنتي ، وحشاني جدا من يوم ما اتخرجنا ومحدش يعرف عنك حاجه
ملك : معلش بقي الدنيا مشاغل
عبد الرحمن : انتي كويسة عملتي ايه في حياتك
ملك : زي ما سبتني مفيش جديد ، وانت ؟!
عبد الرحمن :بقيت معيد في الجامعه ، وعايش اهو بخبط في الدنيا وبتخبط فيا
ملك : ربنا يعينك
عبد الرحمن : وانتي عملتي ايه مع اهلك ؟!
من يومين والدتك كلمتني تسألني عنك
ملك : أيوه أنا سبت البيت
عبد الرحمن : وقاعدة فين دلوقتي
ملك : قاعدة عند ناس قرايبنا لحد ما ألاقي مكان تاني
عبد الرحمن : طيب لسه رقمي معاكي
ملك : أيوه طبعا
عبد الرحمن : طيب ممكن تكلميني اطمن عليكي   
ملك : طبعا ان شاء الله
لمحت ملك عز قادم من بعيد يبدو علي وجهه الضيق والانزعاج
عز : انتي بتعملي ايه هنا تليفونك مقفول ولفيت عليكي الجامعه كلها ومين ده كمان ؟!
ملك : أهدي وأتكلم بصوت واطئ
عز : ده كل اللي همك وانا سايب شغلي وبدور عليكي وانتي هنا
عبد الرحمن : في مشكلة يا ملك ، مين ده ؟!
عز : أنت مالك ، انت اللي مين ؟!
ملك : عز بعد اذنك ممكن نمشي ، آسفة يا عبد الرحمن هنتكلم بعدين
عز : اتكلموا في ايه ؟!!
ملك : أمشي بقي وكفاية اللي عملته
خرجوا سويا وعز يستشيط غضبا وملك أيضا
ملك : متفكرش مجرد تفكير انك تتكلم معايا كده تاني
عز : وأنا اتكلمت ازاي اصلا ،انتي شايفة ان تصرفاتك دي منطقية
ملك : أنت متفرقش اي حاجه  عن كل اللي قابلتهم في حياتي ، انت زيهم
عز : تقصدي ايه ؟!!!
ملك : مقصدش ، حاول متتعاملش معايا نهائي ومتنصبش نفسك ولي أمري ، أنا كام يوم ومش هتشوفني تاني ،أرجوك خليني افتكرك بالحاجات الحلوة بلاش تسيب لي ذكري سيئة
عز : اللي يعجبك ،انتي حرة ومش صغيرة عشان أسأل علي تصرفاتك بس مكنش ينفع تسيبيني كل ده وبعدين الاقيكي قاعدة مع حد وأنا قلقان عليكي وبسأل يا تري حصلها ايه
ملك : وتقلق ليه اصلا ، بص انا مش عايزة أتكلم  ممكن ؟!
عز : تمام
وصلوا إلي المنزل فركضت ليلي نحو ملك واحتضنتها : وحشتيني كنتي فين من الصبح
ملك : حبيبتي انتي كمان وحشتيني خالص  كنت في مشوار وجيت بقي عشان عايزة العب معاكي كتير خالص
ليلي : طيب تعالي ناكل عارفه أنا ساعدت بابا وهو بيعمل الأكل وبابا قال اني شطورة
ملك : أكيد انتي شطورة خالص طبعا
دخلوا جميعا وتناولوا الغداء في هدوء ودون كلمة من ملك التي فضلت الصمت ، بينما لاحظ محمد ما يحدث بينهم ولكنه لم يعقب ، جلست ملك في الحديقة تراقب ليلي التي تلعب في سعادة ، جلس محمد بجانبها
خير مالك عز مزعلك
ملك : هو عصبي اوي يا عمو ومبيتفاهمش
محمد : عز مكنش كده ،مفيش أطيب ولا أحن منه بس موت أمه غيره بقي بيخاف يظهر مشاعره بيخاف علي الناس اللي بيحبهم وبيخاف منهم ، اللي جرب يفقد حد بيحبه بيفضل طول عمره خايف صدقيني مش بإيده هو اتعود علي الخسارة ، عشان كده مبقاش واثق أنه ممكن يكسب حد في حياته
ملك : ومين قال اني مش خايفة ،انت عارف اني أكتر واحدة خايفة ، خايفة حتي من نفسي ، كل حاجه في الدنيا خذلتني حتي أنا خذلت نفسي ، أنا تعبت من كتر ما بلف حوالين نفسي ومحدش فاهمني ولا فاهمة حد ، تعبت من الهروب ومن الخوف من القلق اللي عشت فيه طول عمري والله تعبت ومش لاقية راحة في اي حاجه مفيش حاجه مريحاني حتي الموت مش هيريحني .
ربت محمد علي كتفها وقال : متستعجليش لطف ربنا جاي ، ربنا مش هيسيبك كده والله انا واثق أنه هيعوضك خير وهيكرمك بس الصبر
ملك : ربنا يلهمني الصبر
دخلت ملك لغرفتها وكتبت "
مزاجية أنا في لحظة تصل ضحكاتي عنان السماء ،والاخري اجلس القرفصاء وأبكي حتي يمل مني البكاء ، العالم يلتف حولي وشعور الوحدة يغمرني ، أغرق في يأسي دون نجاة ، أرغب في النجاة ولا أقاوم أترك نفسي لحزني ولا أحاربه ، إذا لم تنقذني ان انقذ نفسي ،سأترك نفسي الموج الحزن يغرقني فيه كما شاء ، لست مثالية ولن أكون عيوبي تطغي علي ميزاتي ولكني أمتلك قلب لا ينبض سوي بالخير ، حارب معي يأسي ،أو إمسك يدي لنحارب معاً الحزن الذي يسكن سوانا ،ربما حينها ننتصر ربما حينها يجمعنا القدر معاً "
نامت وأغلقت عينيها واستسلمت لظلام النوم ، لتري نفس الحلم مجددا ، تشعر بذاك الذي يزورها في أحلامه ، تشعر بيده تتجول فوق جسدها ،تسمع صوت أنفاسه تري الشر في عينيه ،تشعر بقذارة حضوره ،تصرخ دون صوت ،تستنجد ولا أحد هنا لأجلها ، تستيقظ من النوم فزعة وخائفة ،ترتجف كطفلة صغيرة ، تشعر بضيق أنفاسها وكأن العالم يحاصرها ، خرجت من المنزل وجلست في الحديقة ،وظلت تبكي حتي شعرت بيد علي كتفها
عز : مالك قاعدة هنا ليه دلوقتي
ملك : مفيش بشم هوا حسيت بخنقة
عز بعدما لاحظ آثار البكاء في عينيها : مالك يا ملك انتي كويسة
لم تشعر ملك سوي بانفجار الدموع من عينيها و يعلو نحيبها تبكي بشدة دون توقف ويرتجف جسدها من الخوف والبكاء
اقترب عز وهو يحاول أن يفهم ماذا يحدث ولكن حالتها كانت سيئة جدا
احتضنها وضمها إليه بقوة بات يربت علي كتفها : أهدي بس ، أرجوك أهدي قوليلي مالك ، طيب بطلي عياط عشان نعرف نتفاهم
لم ترد ملك بل زاد بكائها
زاد عز من ضمها إليها جذبها بقوة محاولا بث الطمأنينة لقلبها : متخافيش أنا هنا ، محدش هيأذيكي ولا يقربلك طول ما انا موجود ، أنا هنا والله  عشانك مش هخلي حاجه تأذيكي
ظلت ملك هكذا بعض الوقت يهدأ نحيبها تدريجيا حتي هدأت وابتعدت عن عز
عز : انتي كويسة دلوقتي
ملك : أيوه
عز : أنا آسف علي اللي حصل النهاردة ،وعلي كلامي وأسلوبي بس انا خوفت عليكي جدا
ملك : كان ممكن تسألني بهدوء
عز : أنا آسف عارف ان اسلوبي كان سئ جدا بس انا اتضايقت لما شوفتك قاعدة معاه ،مين ده اصلا
ملك : كان زميلي في الجامعه وكنا أصدقاء جدا وقابلته صدفة
عز : وقفلتي تليفونك ليه
ملك : جاتلي مكالمة مش عايزة أرد عليها
عز : انتي وراكي ايه ؟!
ملك : هحكيلك والله كل حاجه  ، بس مش دلوقتي
عز : آمال إمتي
ملك : لما أحس اني مستعدة
عز : تمام زي ما تحبي
ملك : عز ممكن تثق فيا شوية؟!
عز : أكيد
ملك : طيب هدخل انام ،تصبح علي خير
عز : وانتي من أهله
دخلت ملك ، بينما أبتسم عز وقال : هثق فيكي اكتر من كده
" أنا ضائعة كطفلة تاهت عن أبويها ، ابحث عني ، عن قلبي الذي ضاع في متاهة الحياة ، ابحث عن الحب بداخلي ،أنا ضائعة ولا اريد سوي احتضانك ،أن أجد نفسي فيك "
Hadeer_saeed

ليست هناك تعليقات