إبحث عن موضوع

قصة الدجال (الجزء الثاني)

الدجال

الجزء الثاني

مجرد أن أقتربت من الساقية وجدت نفس الثعبان و لكنه كان اكبر في الحجم هذه المرة  ، و ما أن راته التف برأسه ناحيتها كأنه شعر بقدومها ، كانت عينيه شديدة الاحمرار و كان ياكل شيئا في فمه ، ما أن رأت سميرة ما كان ياكل صرخت بأعلي صوتها وسقط مغشيا عليها .
سمعت أمها الصراخ فأسرعت تجري ناحية الحقل و حملت ابنتها الي داخل البيت و هي تحاول افاقتها
افاقت سميرة و هي تبكي بشدة و أمها تحاول أن تهدئ من روعها ، حضر الحاج حسن و قصت عليه الأم ما حدث فذهب لرؤية ابنته ليعرف منها ما جري
فأخذت تقص عليه و هي تبكي ( شفت التعبان اللي قولتلك عليه قبل كده و المرة دي كان كبير اوي و كان بياكل جلد و عليه كلام )
سكت أبيها قليلا ثم قال ( جلد .. جلد ازاي يعني ، ما يمكن كان بياكل حاجة ميتة )
صرخت به سميرة ( بقولك جلد ، زي جلد البني ادمين و عليه كلام او شخبطة بالقلم )
نظر اليها والدها مفكرا في كلامها ثم انصرف مغادرا البيت و هو يتمتم مستغفرا الله .
خرج ذاهبا الي اخيه الحاج (محمد) فهو اكبر اخوته و كبير العائلة و يريد أن يعرض عليه ما يعرف ، جلس مع اخيه قاصا عليه ما حدث ، ف أخذ اخيه بالاستماع اليه ثم سكت قليلا و قال ( الكلام ده لو صح يبقي عصام رجع تاني ، لا و المرة دي حاطط علي اعماله حارس عشان محدش يعرف يبطلها ) ثم تابع ( تعالي نروح للشيخ يونس نقوله الكلام ده و نشوف هيقولنا ايه )
كان عصام غريب عن البلدة ، جاء اليها منذ ما يقارب السنة ، و اشتري ارضا و بني علي رأسها بيتا صغيرا ، و كان بيته يقع في الجهة الشمالية من البلدة في اخرها بجانب البحر . أخبر الناس أنه قادم من الصعيد ، و أن زوجته توفت هي وولدها في حادث حريق مما جعله يترك البلدة و يرحل ، ولكن لا احد يعلم مدي صدق هذا الكلام . كان الناس يرتابون منه في البداية لانه غريب في المقام الأول و ثانيا لأنه اختار هذا المكان الغريب البعيد عن الناس ، و الأغرب من هذا أنه استطاع أن يقنع عمدة القرية أن يشتري قطعة الارض هذه ، فان عمدة القرية الحاج ابراهيم صعب المراس و نادرا ما يستجيب لطلب احدهم .
ف أطلقوا عليه العديد من الاشاعات ، ف منهم من قال بأنه هارب من ثأر عليه في بلده و جاء ليختبأ عندنا ، و منهم من قال انه نصاب و جاء ليحتال عليهم ، و منهم من قال انه هارب من الحكومة لجريمة ارتكبها .
كان عصام طويلا ضخم الجثة وله لحية طويلة غير مرتبة و لكنه لم يكن ب سمرة اهل الصعيد .
كان لطيف في معاملته مع اهل القرية ، ف كان يقابل معظمهم في الصلوات التي كان يحافظ عليها ف يالمسجد معهم ، و هناك قابل الشيخ يونس ، امام المسجد و كان الناس جميعهم يحبونه و يحترمونه و يستفتونه في كل ما يخص حياتهم ، حتي عمدة القرية كان يستشيره في بعض الامور . و لكن لم يستريح الشيخ يونس لعصام عندما رأه اول مرة في المسجد ، نظراته الحادة التي تكاد تخترق الواقف امامه لم تريحه ، و مع هذا لم يعامله الا بالحسني ، فالشيخ يونس لم يري منه اي تصرف سئ و لم يشتكي منه احد من اهل القرية حتي الان .
و بعد مرور شهر علي مجئ عصام  مرض الشيخ يونس و جعل الناس عصام امام عليهم في الصلاة ، من أول يوم أمهم عصام ساله بعض الناس عن اشياء في الدين ، كانوا يختبرونه بالطبع ف كان يرد عليهم بما هو صحيح ولكن نظراته الغير مريحة لم تفارق وجهه ابدا
جلس الشيخ يونس مريضا فوق ما يقارب الاسبوع ، كان فيها الشيخ عصام هو بديله في امامة المسجد و فتوي الناس
جائه شخص ذات يوم بعد أن انتهوا من صلاة العصر ، شاكيا اليه من كوابيس تراوده كل يوم طيلة اسبوع ، فابتسم له الشيخ عصام ثم وضع يديه ي جيبه و اخرج له حجابا مخبرا اياه ان يضعه تحت الوسادة و ينام علي جنبه  الايمن . شكره السائل و خرج مسرعا الي بيته. جاء اليه في اليوم التالي سعيدا فقد ذهب عن كابوسه و اخذ يدعو الله ان يبارك في عمر الشيخ عصام و قال له ( متزعلش مني ياعم الشيخ احنا كنا فاكرينك راجل نصاب ، بس انت طلعت راجل بركة ) . ابتسم عصام له قائلا ( لا شكر علي واجب ، انتوا اللي ناس طيبين و تستاهلوا كل خير ) . و كعادة القري ينتشر الخبر في كل مكان ، ففي اليوم التالي جائه ثلاث اشخاص كل له مسألة ، فاعطي لاحدهم حجابا يرتديه و الاثنين الاخرين اعطي كلا منهما وردا يقرأه بعدد معين في اوقات معينة .
مر علي مرض الشيخ يونس قرابة الشهر وهو طريح الفراش لايقوي علي مغادرته ، أحضر له اهله الأطباء و هم لا يعلمون سبب مرضه . كان كلما هم بالقيام و مجرد ان يضع قدميه علي الارض يسقط ، لا تقوي قدماه علي حمله ولم يجد له الاطباء علاجا .
كان اهل القرية يزوروا الشيخ يونس تقريبا كل يوم ليطمئنوا عليه فهو كان بمثابة اب و جد لكل اهل القرية ، و بالطبع لم يفوتهم أن يقصوا عليه ما يفعل شيخهم الجديد الشيخ عصام و احجبته التي تفعل كل شئ . حذرهم الشيخ يونس من أن يكون في هذه الاحجبة ما هو كفر بالله ، ولكن الناس استنكروا هذا فقال احدهم ( كفر ايه يا جدي حرام عليك ، ده الراجل مبيسيبش فرض ، ده كأنك انت اللي معانا ف الجامع ، ده كله كلام قران و دعاء ولا انت مش عايزينا نخف ، ده أنا كنت عايز اخليه يعملك حجاب  عشان ربنا يكرمك و تقوم بالسلامة ) ف نظر له الشيخ نظرة غضب بعد ان انتهي من كلامه ثم قال ( خليه يعدي عليا ، قوله عمك يونس عاوز يشوفك )
من اول يوم مرض فيه الشيخ يونس كان يحلم كل يوم ب عصام ينظر له و يبتسم و لكنه لم يخبر أحد بهذا حتي صديقه المقرب الحاج محمد . حتي لا يظلم الرجل ، مع انه لم ترتاح نفسه اليه منذ ان راه و لكن عندما يجلس معه سوف يعرف كل شئ .
ذاع صيت الشيخ عصام في انحاء القرية و امتد الي القري المجاورة . كان يستقبلهم في داره في حجرة بناها خصيصا لذلك . جاؤه احد اهل القرية ذات يوم شاكيا اليه ان ابنه مصاب بشلل الاطفال و هو يريد من الشيخ ان يجعله يمشي علي قدميه مرة اخري ، فنظر له عصام مطولا ثم قال ( بس الموضوع ده صعب شوية ) فقال الرجل ( اللي انت تؤمر بيه يا شيخنا انا عندي فلوس كتير ، اطلب اللي انت عاوزه ) فنظر له الشيخ ثم قال ( هات ابنك  بعد بكره و هتسيبه معايا 3 ايام و هتسيبلي فلوس عشان هجيب شوية بخور ، و دلوقتي امشوا عشان ورايا مشوار مهم ) . اخرج الرجل النقود من جيبه و اعطاها الشيخ الذي وضعها في جيبه و غادروا الدار و غادر هو بعدهم متجها لبيت الشيخ يونس .

تتبع ...

ليست هناك تعليقات