الدجال (الجزء الثالث)
الدجال
الجزء الثالث
دخل عصام علي الشيخ يونس و هو راقد علي سريره مبتسما نفس الابتسامة التي كان يراها الشيخ في منامه طيلة مدة رقاده ، حياه عصام و جلس بجانبه علي السرير ، و قال عصام ( ألف سلامة عليك يا شيخنا ، معلش كنت مشغول زي م انت عارف ، و مقدرتش اجيلك ) ، فرد عليه الشيخ ( ربنا يقويك يا شيخ عصام ، كان الله في عونك ، المهم انا كنت عايزك في موضوع ) . ف رد عصام ( تحت امرك يا شيخنا ، اؤمرني ) . فقال الشيخ ( الامر لله وحده ، بص انا من ساعة ما تعبت و انا عمال احلم بكوابيس و بيحصل ف البيت حاجات غريبة ، حاجات بتختفي و عمال اشوف زي ما يكون خيالات كده ، مش عارف في ايه يا ابني ، حاسس زي ما يكون معمولي عمل . ما الاقيش عندك حل ؟ ) ف ابتسم عصام و قال ( متقلقش يا شيخ ، الموضوع سهل باذن الله ) فقام من جلسته و استاذنه ان يغلق عليهم الباب ، و اخذ يتمتم ببعض الكلمات . اخذ جسد الشيخ ينتفض و أحس بوخز شديد في رجليه و اراد ان يصرخ و لكنه لايستطيع ، كأنه فقد النطق أيضا و نظر لعصام وجد عينيه شديدة الاحمرار و العرق ينساب من جبينه ف اغمض عينيه خوفا للمرة الاولي ، ثم هدا كل شئ . لا يعلم كم مر عليه ، و لكنه عندما أفاق وجد نفسه راقد مكانه علي سريره ، وع صام جالس بجانبه و لكن رجليه لا تؤلمه .
نظر لعصام نظرة شك و خوف . (لقد صح ظني فيه) هكذا حدث نفسه . فقال له عصام ( حمدا لله علي السلامة يا شيخ ، انت كان معمولك عمل بس الحمد لله الدنيا تمام دلوقتي ، تقدر تمشي براحتك ، و ) . فقاطعه الشيخ ( متشكرين يا ابني تعبناك معانا ، واضح انك راجل بركة زي الناس ما بتقول عنك ) ف ابتسم عصام مفتخرا ، و استاذنه الشيخ ان يقوم يصلي ركعتين شكر لله ، فقال عصام ( انا هستاذن برضه عشان ورايا كام مشوار خير كده ، و هنشوفك في الجامع بقي يا شيخنا ) . فرد الشيخ ( ان شاء الله )
خرج عصام وعلامات الانتصار علي وجهه ، أما الشيخ يونس فجلس علي كرسي كان مجاورا له وهو يفكر ماذا يفعل مع عصام !؟.
قال الشيخ مخاطبا الحاج محمد ( عارف عصام اللي جالنا البلد من فترة ) ، فأجاب الحاج محمد ( اه طبعا عارفه ، دي الناس مبتتكلمش الا عنه ) . فتابع الشيخ ( عصام ده لا شيخ ولا حاجة ، ده دجال و اللي بيعمله ده كله شغل جن و عفاريت مش زي م الناس مفكرة ) .اندهش الحاج محمد لكلام صديقه و تابع الشيخ ( انا مكنتش مستريح ليه من أول ما شفته ، بس محبتش اظلمه ، انما انا اتاكدت النهارده) فرد الحاج محمد ( ايه اللي حصل النهارده ، مش هو اللي قرالك خلاك تعرف تمشي ) . نظر له الشيخ غاضبا ثم رد عليه ( هو قرالي اه ، بس مقراش قران . كان بيقول كلام مفهمتوش ووقت ما كان بيقرا ، وشه اتحول وبقي عليه غضب ربنا و و عنيه كانت بتطق شرار ، كانت حمراء دم ) . كان الحاج محمد مندهشا مما يسمع فلقد كان بدا يؤمن بما يقوله الناس عن بركات الشيخ عصام . فأكمل الشيخ قائلا )هو اللي كان عاملي عمل و مخليني مش عارف اتحرك ) . فزادت دهشة الحاج محمد و أكمل الشيخ ( انا كنت شاكك ، لاني كنت بحلم بيه كل يوم من ساعة ما تعبت وقعدت في الدار ، كل يوم يجيلي في الحلم يبصلي و أنا نايم علي السرير كده و يضحك باستهزاء و يسيبني و يمشي . اول يومين قولت يمكن عشان انا بفكر فيه كتير و شاغل دماغي بس الحكاية دي استمرت كل يوم لحد امبارح ، و من يومين لما بعتله يجي يزورني ، قلت هشوف تصرفه عامل ازاي ، هو كان مفكرني جايبه ازعقله عشان الحجبة اللي بيعملها للناس ، بس قرح لما طلبت منه مساعدة ، الراجل ده مش سهل و هيجيب الخراب علي البلد كلها لازم نقفله و نوقفه عند حده ، وانا كنت مستني اقف علي رجلي تاني عشان اتصرف معاه ) . ثم اتبع ( انت ايه رايك يا محمد ) . سكت الحاج محمد قليلا مفكرا و هو ينظر له و ينظر للارض ثم قال ( تعالي نروح للعمدة ) ، فرد عليه الشيخ ( العمدة هيقف في صفه ، مش خلي بنته تخلف بعد 5 سنين من غير عيال ، لازم نراقبه الاول لحد ما نشوف هنتصرف معاه ازاي ، و عاوزين نراقب المقابر برضه ) . فسال الحاج محمد مستعجبا ( اشمعني المقابر ) ، ف اجاب الشيخ ( هبقي اقولك بعدين ، خلي سامي ابنك يعدي عليا عشان هخليه يراقبه هو و احمد ابني ، و ربنا يعدي اليومين دول علي خير ) . ارسل الشيخ يونس احمد و سامي ليراقبوا دار عصام دون أن يحس بهم أحد ، و أرسل الي حارس المقابر عم اسماعيل .
جاء اليه عم اسماعيل و هو خائف من مقابلته مع الشيخ ، ما ان دخل و اجلسه الشيخ ، بدا الشيخ بالكلام ( بص يا اسماعيل يا ابني انا هخش في الموضوع علي طول ) . فرد اسماعيل ( اؤمرني يا جدي ) ، فتابع الشيخ ( انت ما شفتش حاجة غريبة بتحصل عند المقابر اليومين اللي فاتوا دول ) ، فسكت قليلا ثم قال ( الصراحة يا جدي انا بقالي اكتر من 10 ايام مبروحش هناك بالليل ، بقي يحصل حاجات غريبة ، انت عارف اني مش بخاف . بس من حوالي اسبوعين بشوف كلب اسود كبير بالليل بيبقي واقف في اخر المقابر و حاولت احدفه بطوبة ولا حاجة بس حدفت عليه الطوبة عدت منه كانه مش موجود اصلا ، قعدت استعيذ بالله من الشيطان و طلعت لحد بره و رجعت تاني ملقتوش ، و ساعات بلاقي العين الاخيرة بتاعت عيلة السباعي مفتوحة ، بس ميببقاش فيها حاجة اقفلها وامشي ، ده غير الاصوات الصريخ اللي مبتتقطعش طول الليل ، روحت و اشتكيت للشيخ عصام قالي ان في ناس جوه المقابر بتتعذب و اني لازم مبقاش هناك بالليل عشان الاذي ميطولنيش ) . ثم تابع (انا كنت عايز احكيلك بس الشيخ عصام قالي محكيش لحد عشان الحاجات دي حرمات و مينفعش حد يحكيها زيها زي اللي يقف علي غسل ولو شاف حاجة وحشة ميقولش لحد ابدا )
سكت قليلا الشيخ يونس ثم ربت علي كتف اسماعيل و قال له ( اعمل زي ما قالك الشيخ عصام يا ابني و متخافش و ربنا يعديها علي خير)
في هذه الاثناء كان احمد و سامي يقفان متوارين وراء وراء شجرة كبيرة امام بيت عصام ، و كان الناس يتوافدون علي البيت حتي انتصف الليل و خرج الشيخ عصام بعد اخر رجل من داره و اغلق باب الدار وهو ينظر حوله ليتاكد من خلو الطريق. اقترب الرجلان من الدار بحرص حتي لا يسمعهم عصام ، دنوا من الشباك حاولا ان يسترقا السمع لما يحدث في الداخل ولكن صوت هدوء مخيف حتي شكا انه ربما يكون نائما فاتفقا بالاشارات علي ان ينتظرا قليلا ثم يرحلا، مكثا قليلا علي وضعهم حتي قطعهم صوت همهمة في الداخل حاولا اقراب اذانهم حتي يستمعا جيدا فجاة علي الصوت لصوت صراخ ، كأن انسان يعذب في الداخل نظرا لبعضهما وهما يرتجفان خوفا متسائلين عن الخطوة التالية . أشار سامي لاحمد بالرحيل ، و هما ينسحبان ببطئ شعرا بخيالا فوقهما فنظرا فوق الدار فوجدا قط اسود كبير الحجم ينظر لهما متحديا و كانت عينيه سوداء لامعه مثل جسده ، صرخا باعلي صوتهما و جريا مبتعدين عن هذه الدار الملعونة . اسرعا الي بيت الشيخ يونس وهما يرتجفا من الخوف ، و ما ان دخلا باب الدار اسرع احمد اي حضن ابيه يبكي . بعد ان هداا ، قصا علي الشيخ ما حدث . فقال الشيخ (انا هكلم مامور المركز و الصبح هنروح نفتح عليه الدار و نشوفه بيعمل ايه جوه ، قوموا اتوضوا وصلوا ركعتين و سيبوها علي الله )
في الصباح جاء مأمور المركز و معه قوة ن الشرطة علي بلاغ الشيخ يونس فقد كانت تربطهم علاقة طيبة منذ زمن ، ذهبوا الي دار عصام وطرقوا الباب ، فتح لهم عصام متثائبا و قال المأمور أنه يريد ان يفتش الدار لانه متهم بممارسة الدجل و الشعوذة . استنكر عصام هذا الامر و لكنه لم يمانع دخولهم . كان الشيخ يونس يتحاشي نظرات عصام الساخرة تجاهه اثناء تفتيش الدار . قلبوها راسا علي عقب و لكنهم لم يجدوا فيها شيئا مثيرا للشك ، فلم يجدوا الا بعض كتب الفقه وتفاسير الاحلام و بعض الرقي الشرعية مكتوبة علي ورق و مرصوصة علي بعضها بجانب مصحف كبير ، خرجوا خائبين الامل و عصام يصاحبهم خارج الدار ونظرة الانتصار تعلوا شفتيه و الشيخ يونس ساكت لا يتكلم ، و نظر المامور للشيخ يونس نظرة غضب ، راها الجميع ، علي ضياع وقتهم . بعدما ابتعدوا عن الدار بمسافة لاتسمح لعصام برؤيتهم نظر كلا من المامور و الشيخ يونس الي بعضهم و ابتسما .
عندما حل الليل جاء المامور و معه القوة و اتجهوا الي بيت الشيخ يونس حتي ينتصف الليل و يتجهوا الي دار عصام ، فقد كان ما حدث في الصباح ما هي الا خطة الشيخ يونس . قال الشيخ يونس مخاطبا المأمور ( احنا لازم نخلي مرواحنا ليه بكره ، عشان ميحذرش مننا ، لو لقينا عنده حاجة خير وبركة ، ولو مفيش بالليل هنروحله . ساعتها هيبقي اتطمن خلاص و هياخد راحته و هنلاقي عنده) . فوافقه المأمور علي التو . عندما انتصف الليل ترجلوا جميعا متجهين الي دار عصام و ذهب معهم الشيخ يونس و صديقه الحاج محمد و لم يذهب اولادهم بالطبع . التفت العساكر حول الشبابيك و اتجه 4 منهم مع المامور بصحبة الشيخين و كسروا الباب . سمعوا صوت صراخ وجلت العساكر في البداية و لكن المامور امرهم بالتقدم و الشيخين يقرؤوا المعوذات واية الكرسي . دخلوا الغرفة القادم منها الصراخ و كسروا الباب و اذا الغرفة تعبق براحة عفنة ، كأن هناك شعر او جلد يحترق و عصام واقف عاري كما ولدته امه و علي الارض اوراق كثيرة لم يتبينوها في بادئ الامر بسبب كثرة الدخان ، اخذ الشيخين بالاستغفار و امر المامور العساكر ان يقبضوا علي عصام الذي تراجع و الصق ظهره في الحائط و كان ظاهر علي وجهه التعب ، و عندما هم العساكر بامساكه ، صرخ عصام صرخة عالية و بصوت استنكره الجميع كانه صوت ثغاء خروف و ما ان لمسوه كانهم صعقوا جميعا و علا الدخان و اشتعلت نيران لا يعلموا من اين بدات في الغرفة ، فخرجوا مسرعين سادين انوفهم من الرائحة .
ما ان خرجوا حتي بدات النيران تشب في كل جزء من الدار و لم يخرج عصام .
استغرقوا قرابة الخمس ساعات في اطفاء الحريق ، كأن هذه النار تخمد بشئ اخر غير المياه . بالطبع اجتمع اهل البلد جميعا عند الحريق ، و علموا ماذا كان يعمل الشيخ عصام في حقيقة الامر و اخذوا بالبحث عن عصام او اي شئ من متعلقاته داخل الرماد ولكنهم لم يجدوا اي شئ فقط رماد ، وجدوا ايضا هياكل عظمية جديدة لحيوانات و اخذ كل شخص يسرد حكاية من مخيلته عن مكان وجود عصام هذا .
و علي الضفة الاخري من البحر ، كان يظهر ملامح لجسم شديد السواد اللامع يتكون ، كان القط اخذ يحرك في رقبته كانه يستقر في هيئته الجديدة و نظر تجاه الدار المحترقة ثم ولي ظهره وذهب.
تتبع 😍😍
التعليقات على الموضوع