إبحث عن موضوع

الدجال( الجزء الرابع)

الدجال
الجزء الرابع

مرت  باقي الليلة بطيئة  علي البلدة بأجمعها عندما انتهوا كانت الشمس قد سطعت عليهم ، و كان الشيخ يونس مازال بينهم فهو لم يتركهم الا لصلاة الفجر . كان حزينا  فهم لا قبضوا عليه ولا وجدوا جثته ، كأنه لم ياتي من الاصل . ما ان انتهوا وقف بينهم الشيخ يومس مخاطبا الناس ( يا رجالة قبل ما نروح هنطلع كلنا علي المقابر ، انا حاسس انننا هنلاقي حاجة هناك  ) ، فاستعجب اهل البلد لكلامه و لكنهم وافقوه . ذهبوا جميعا الي هناك وكان معهم عم اسماعيل ، دخل الشيخ يونس مباشرة علي العين التي حكي عنها اسماعيل التربي و أمره ان يفتحها . فتح اسماعيل الباب و اذا برائحة شنيعة تهب من الداخل جعلت الجميع يسدوا انوفهم ، الشيخ يعلم انه لم يدفن احد قريبا في هذه العين اذا يوجد شئ ما ميت هنا او شخص ميت هم لا يعرفون بشانه هنا .
(( جاؤه احد اهل القرية ذات يوم شاكيا اليه ان ابنه مصاب بشلل الاطفال و هو يريد من الشيخ ان يجعله يمشي علي قدميه مرة اخري ، فنظر له عصام مطولا ثم قال ( بس الموضوع ده صعب شوية ) فقال الرجل ( اللي انت تؤمر بيه يا شيخنا انا عندي فلوس كتير ، اطلب اللي انت عاوزه ) فنظر له الشيخ ثم قال ( هات ابنك  بعد بكره و هتسيبه معايا 3 ايام و هتسيبلي فلوس عشان هجيب شوية بخور ، و دلوقتي امشوا عشان ورايا مشوار مهم ) . اخرج الرجل النقود من جيبه و اعطاها الشيخ الذي وضعها في جيبه و غادروا الدار و غادر هو بعدهم متجها لبيت الشيخ يونس . ))
جاء الرجل بولده القعيد في الموعد المحدد للشيخ عصام و تركه للشيخ علي امل ان يتم الشفاء كما اتفق معه ، كان الولد لا يتجاوز الثانية عشرة من عمره . وصاه ابواه ان يستمع لكل ما يقوله الشيخ ولا يعصي له امرا ولا يضايقه حتي يتمكن من المشي علي قدميه مرة اخري
كان الولد مرعوبا من مجرد النظر في وجه عصام ، بعدما انصرف ابواه ، حمله عصام بين ذراعيه و ادخله غرفة اخري غير التي كان يقابل فيها الناس .
كانت الغرفة في اخر الدار و كانت جهة البحر و كان ينزل بدرجتين سلم اليها . داخل الغرفة لا يوجد شبابيك ، مجرد مصباح زيتي كالذي كان يستعمل قبل دخول الكهرباء و كان موضوعا علي طاولة من الخشب . كان يتدلي من السقف الكثير من الخطاطيف منها المعلق فيه حيوان ميت تم سلخه و منها ما يوجد به بقايا لحيوان اخر ميت . كان يوجد قفص به غراب و اخر به هدهد ، يوجد ايضا علي طاولة شئ ملفوف في قماشة عليها دم جاف و يوجد عليها ديدان و يوجد في زاوية الغرفة اليسري بعض الاوراق الموضوعة علي الارض و مبللة اذا ما اقتربت منها ستعرف انها صفحات من المصحف ، و في الزاوية اليمني للغرفة كان يوجد وعاء فخاري تفوح منه رائحة بول .
بمجرد ما دخل الولد الي الغرفة تقيا ما كان بطنه علي ملابس الشيخ عصام و علي الارض ، نظر له عصام غاضبا  ثم وضعه علي الارض و اخذ يخلع ملابسه ، و امر الطفل ان يخلع ملابسه ايضا ، لم يقوي الولد علي الرفض فهو كان سيتم ضربه بسبب ما فعل ، ولكنه لم يكن ذنبه ، فالدخول لهذه الغرفة كفيل ان يجعلك تتقيأ روحك لا ما في جوفك .
خلع الشيخ عصام عاريا ، و امر الطفل ففعل مترددا ، ثم دهن جسده بسائل ابيض و اقترب من الطاولة اخذ شئ من قطعة القماش و قطع منه جزءا بالسكين ثم ذهب الي قفص الغراب الذي اخذ ينعق بشدة و ذبحه و اخذ يكتب بدمه علي القطعة التي اقتطعها .  و دهن جسد الطفل ببعض هذا الدم ، كل هذا يحدث و الطفل واضع راسه للاسفل و يبكي بشدة فهذا كثير علي طفل في عمره بل والاحق هذا كثير علي اي شخص . كانت قطعة من الجلد الادمي و كانت مسلوخة من صاحبها حديثا ، اخذها وذهب ناحية الزاوية اليسري وضعها علي الارض في منتصف الورق ، و اخذ يرسم بعض الدوائر المتقاطعة و يكتب بعض الحروف المنفصلة ثم احضر شئ يشبه المسمار الطويل و شئ اخر يدق به عليه . أخذ يدق بالمسمار علي بعض الحروف ف تصاعد دخان احمر قاتم كريه الرائحة و ملأ الغرفة ، و انطفات اللمبة . اخذ يتحدث عصام بصوت هامس و بكلام غير مفهوم للكائن الذي حضر ، ثم برز الكلام الذي كان علي قطعة الجلد و كانه حفر فيها . بعدها عاد كل شئ طبيعيا ، ذهب الدخان الي البعد الذي جاء منه و قام عصام لاهثا و اضاء اللمبة مرة اخري ثم ذهب الي الطفل الذي كان قد سقط مغشيا عليه
سكب عليه دلوا من الماء حتي يفيق و لكزه برجله في جانبه ، فأفاق الطفل مذعورا ، فأشار له عصام ان يصمت و اعطاه قطعة الجلد و أمره ان ياكلها ، اخذ الطفل يتوسل اليه و يستحلفه بكل غالي و عزيز ان يتركه ، و أنه  لايريد ان يمشي مرة ثانية . فلطمه عصام امرا اياه ان ياكله ثم تابع ( لو ما اكلتهاش انا هدبحك ) و تركه و خرج .
اخذ الولد يبكي حتي سقط مغشيا عليه مرة اخري . كان عصام في هذا الوقت يجلس مع امرأة من القرية جائته تشتكي من اهمال زوجها لها و تطلب منه حجابا ، اعطاها الحجاب و اعطته النقود و غادرت ، ثم ذهب لينام قليلا فلقد ارهق من عمله مع الطفل .
أفاق الولد ناظرا حوله ، تمني لو كان يحلم و يجد نفسه في سريره و عاجزا ايضا كما كان ، اي شئ اخر سيكون افضل من هذا الجحيم. بعد بكاء كثير وجد انه امام احدي خيارين اما ان ياكل هذا الشئ و اما ان يابي و يذبحه هذا الشيطان . مد يديه تجاه قطعة الجلد مترددا و ما ان لمسها سرت في جسده قشعريرة و اخذ في البكاء مرة ثانية ، بعدما مل من كثرة البكاء و هو لا يعلم كم مر عليه من الوقت ، فمن الصعب تحديد الوقت في هذه الغرفة ، مد يده و امسك القطعة و امسك بيده الاخي أنفه حتي لا يشم رائحتها و قربها من فمه و داس عليها باسنانه قليلا كأنه يختبر قوتها . اعاد المحاولة عدة مرات حتي استجمع شجاعته و قضم منها قطعة صغيرة وبلعها و ما ان نزلت في جوفة ، سرت في جسده قشعريرة شديدة جعلت رأسه يرتطم بالارض ، فلم تكن تلك الرجفة من اشمئزازه من الجلد بل كانت بسبب ما كتب عليها و الكائن الذي سكنها .
لم يعلم كم مر عليه من الوقت ، ولكنه كان يمر ببطئ بعد تناوله اول قطعة ، بعدها اعتدل في جلسته وأخذ في تناول باقي القطعة بنهم . بعدما انتهي سقط مغشيا عليه مرة اخري ، وبعدما افاق حاول القيام مستندا علي ذراعيه ، اخذ وقتا ليس بطويلا ولكنه نجح في النهاية . قام و دار براسه في المكان كانه يتعرف عليه للمرة الاولي ، اخذ ينظر ليديه و لبطنه و لقدميه و وجد شي يلمع علي الطاولة ، ذهب ناحيته و امسكه بيديه  كانت السكينة التي استخدمها عصام لذبح الغراب ، نظر قربها من وجهه واخذ ينظر فيها ، وجد انعكاس لوجهه فيها و نظر مطولا ، تغير لون عينيه بل تغيرت عينيه بالادق فلقد اصبحت مشقوقة بالطول واصبح لونها اسود لامع حتي الحدقة اصبحت سوداء . ابتسم و خرج من الغرفة متجها الي عصام .
الذي افاق لم يكن الولد ، بل كان الكائن الذي استدعاه عصام ليس ليجعل الولد يمشي مرة اخري علي قدميه ، ولكن ليساعده في اعماله القذرة .
عندما جاء الوالدان ليطمئنوا علي ابنهما وجدوه جالس سليم علي رجليه ففرحوا وهللوا وشكروا عصام كثيرا ، و لكنهم لاحظوا ان به شئ غريب . فنظراته جامدة بل مخيفة و لا يتكلم ، فوجلوا منه . و عندما هموا بالقيام و دعوه للقيام معهم قال بصوت مبحوح ( انا عايز افضل هنا ، مش هروح معاكوا ) . فنظرالابوان لبعضهم متعجبين ثم نظرا للشيخ عصام الذي قال ( سيبوه علي راحته انا معنديش مانع خلوه براحته ، لحد ما يتعود حتي علي الوضع الجديد و بعدين انا هجيبه و اجيلكوا ) . اخذه الوالد بعيده عن ابنه و ساله ( هو يا شيخ شكله بقي عامل كده ليه ، و عينيه لونها اتغير ) . فنظر له الشيخ بحده ثم قال ( انت مش كنت عاوزه يمشي ، احمد ربنا ولا ارجعه مشلول تاني ) . فاعتذر الرجل ثم خرج مسرعا هو و زوجته و هما يتمتمان بالاستغفار ثم قال مخاطبا زوجته ( احنا شكلنا غلطنا لما جينا للراجل ده )
ساعده الكائن كثيرا في الايام التاليه في عمل الاحجبة و في اعماله النجسة . حتي كان في يوم يقوم عصام بعمل احد الطقوس و كان الكائن يقف بجواره في هيئة الولد ، انتصب الكائن واقفا في مكانه كانه شعر بشئ ما ثم سقط جسد الولد علي الارض صريعا ، شعر عصام بهذا ولكنه  كان منهمكا في طقوسه ولا يستطيع ان يقطعها مهما كان السبب . اخذ الكائن بالتشكل علي هيئة قط اسود كبيرواقفا علي سطح الدار ناظرا لشخصين يتلصصان علي احد الشبابيك ، كانا احمد و سامي .
((  أشار سامي لاحمد بالرحيل ، و هما ينسحبان ببطئ شعرا بخيالا فوقهما فنظرا فوق الدار فوجدا قط اسود كبير الحجم ينظر لهما متحديا و كانت عينيه سوداء لامعه مثل جسده ، صرخا باعلي صوتهما و جريا مبتعدين عن هذه الدار الملعونة . اسرعا الي بيت الشيخ يونس وهما يرتجفا من الخوف ، و ما ان دخلا باب الدار اسرع احمد اي حضن ابيه يبكي .  ))
تبعهما الكائن دون ان يشعرا و عرف ما كان يخطط له الشيخ يونس ، فاتجه بعدها يخبر عصام بما حدث ،  اخذ عصام جثة الولد و دفنها في المقابر ، ورجع مسرعا الي الدار يستعد لزيارة الشيخ يونس في الغد .
بعدما اقتحموا الدار علي عصام في منتصف طقوسه ، ساعده الكائن علي الهرب ، دون ان يراه احد من الواقفين ، علي الضفة الاخري من البحر تشكل الكائن مرة اخري في هيئة القط و نظر للدار مطولا وهي تحترق و عصام راقد علي الارض وسط الحشائش يلتقط انفاسه ثم اخذ يزحف مبتعدا ، حتي لا يراه احد من القرية .
عندما تحامل اهل القرية و دخلوا العين ليروا من المدفون فيها وجدوه الطفل القعيد و وجدوا بعض الاعمال مدفونة في جانب العين ، صور لاشخاص مكتوب عليها اشياء ، جلود تلتف حولها الديدان ، عظم مكتوب عليه بالدم ومرسوم عليه دوائر . اخذ يستعيذ الشيخ بالله من الكفر ، و امر اثنان من الرجال ان يخرجوا هذه الاشياء خارج المقابر. اخذ الشيخ يقرا عليها بعض المعوذات والرقي الشرعية حتي تحل هذه الاعمال النجسة . تمت المهمة بسلام و ذهب كل شخص لبيته ، ولكن لم ينسي اهل القرية هذا الدجال ، حتي انهم كلما رؤوا غرابا او كلب اسود او حتي بومة قالوا ان هذه هي روح الشيخ عصام و تسعي للانتقام .

تتبع ...

ليست هناك تعليقات