إبحث عن موضوع

هذا هو العشق💕الحلقه 30💕

الحلقة ( 30 ) قبل الاخيرة

و بسام

فى ذاكرة الانسان تحفر صور وجوه و اشخاص واحداث لكن بالتاكيد ذاكرة جنى ، حفر فيها هذا اللقاء مكاناً غائراً ، لا يمحوه الزمن مهما طال

وكم كانت تتمنى فى تلك اللحظه للزمن ان يطول..نظرت جنى اليه ، غير مصدقه ،انه هو ، امامها ، كم استحلفته بلسانها الا ياتى معهاو قلبها يكذب لسانها ، و يحلم بوجوده الى جوارها ، حتى النهايه ، بيده تمسك بيدها حتى باب حجرة العمليات..يا الله ، كم انت كريم ورحيم
لم تقل أى كلمات ، كان انفعالها وانفعاله اقوى من اى كلمات ، فقط دست جسدها الضئيل بين ذراعيه الممدودتان و صوته يرن
فى اذنها منذ اخر لقاء ، فداكى عمرى يا جنى

اما هو ، فأحس انه فى بيته ، رغم الغربه و البرد و الظروف ،انها فى احضانه الان ، اذن هو فى بيته حيث توجد...... حبيبته زوجته..حملها كطفله صغيره و دار بها حول نفسه ، و عيناه مغلفة بالدموع و توقف لينظر اليها مليا ، و هى الاخرى نظرت الى عينيه ، و لم تقل اى كلمه وكل منهما بوجه
نصفه ابتسامه و نصفه عينان تدمعان ووجدت نفسها لاول مره فى حياتها تفعل شيئاً لم تفعله قط ، مع اى انسان ، وجدت نفسها
ترفع يده الى شفتيها وتدفن وجهها فى كفه وتقبلهامما جعله ينهار على يداها تقبيلاً و هو غير مصدق انها لم تأبه للناس حولها ولا لوالديها ، فقط عبرت عما بداخلها

و لم يكن بداخلها فقط حب فى هذه اللحظه ، كان نوع من العرفان ، كانت تريد ان تبلغه
بغير كلام ، كم تقدر وقوفه الى جوراها ، و قطعه لنصف الكره الارضيه ليكون معها

لم يكن يدرى كيف كانت ستسير به الايام ، لو فقد هذه المخلوقه ،لو اختفت من عالمه

لكن جنى كان وجودها مثل العطر قد يختفى الشخص ، و يبقى عطره للابد ،دليلاً دامغاً على وجوده
دليلا يقول : كان هنا انسان جميل ، نبيل ، لاتمحو ذكراه السنين

اندهش والدا جنى نفسيهما عندما وجدا بسام ، لكن وجوده اورثهما الكثير من الارتياح ، احسا انه سيسهم فى ارتفاع معنويات جنى للسماء ، خاصةً بعد ما لمسا تبدل حالها تماماً بمجرد ما رأته .

كان ميعاد المستشفى فى اليوم التالى ، وامامهما ليله باكملها

ليله من العمر ، قد تكون اخرلقاءهم طلبت جنى من امها ان تتركها مع بسام تلك الليله .

نظرت الام نظره ذات مغزى لبسام ، الذى طمأنها بنظره واحده، انه لم يكن ليؤذيها او
ليجهدها تحت اى ظروف

و لم تقل الام غير :انا واثقه فيك يا بسام يابنى

ابتسم بسام ابتسامه حزينه قائلاً :اطمنى يا طنط ، انا باخاف على جنى اكتر من نفسى

خرج بسام و جنى من الفندق بعد انزال الحقائب ، و حجز الغرف و اخذ حبيبته الى احد المطاعم الذى اخبره سامح عنه ،و على
ضوء الشموع الخافته ، نظر لوجهها كانه يراها لاول مره ، عيناها حبيبتاه ، هل من الممكن ان يحرم منهما للابد ، هل من الممكن ان يوقف الزمن لياخذ منها كفايته الان ، و هل هناك فعلاً ما يكفيه عمراً كاملاً بدونها
و هى كانت تنظر اليه دون ان تتكلم ، فقط تراقب انفعالاته و عيناه ، و تشعر بكل ما فىداخله، انه لازال كما هو ، منذ وقعت عليه عيناها ، لا ينظر اليها ، ينظر بداخلها ، و احست انها تريد ان تحيا فقط لكى تجعل هذاالرجل سعيداً..وهى لاتدرى ان مجرد وجودها بجوراه ، جعله بالفعل اسعد الرجال

و بعد فتره طويله من ضجيج الصمت قال لها : بحبك يا جنى ..انا عارف انى باقولها كتير و باكرر نفسى ،حاولت ادور فى كل القواميس على كلمه جديده تعبر عن شعورى بيكى ، و مش لاقى برضه غير بحبك

اغمضت جنى عينيها لتتشرب الكلمه بكل احساسها ثم قالت : بحبك

و اردفت مصطنعه الغضب :بس زعلانه منك يا بسام ، مش اتفقنا تروح البعثه و انت وعدتنى

بسام : مانا رحت البعثه اهوه

جنى : ازاى بأه ؟

بسام بمرح : شغل عالى اوى ، سجلت للدكتوراه هنا فى نفس الجامعه اللى فيها الدكتور سامح جوز اختك ، و اللى ان شاء الله حاتكملى فيها دراستك انتى كمان

ردت جنى و قد دار راسها من المفاجأه :
ايه ايه ، قول تانى معلش ، دراستى و دراستك فين ؟

بسام انتى فاكره انك بعد ما تطلعى بالسلامه ان شاء الله ..حاسيبك ترجعى مصر و تبعدى عن جوزك ، لا يا مدام ، حاتفضلى معايا هنا ، انا عملت اجراءاتى خلاص

جنى : اجراءاتك ؟

بسام : يا حبيبتى انتى مراتى دلوقتى ، ونجحتى بحمد الله فى الترم الاول، طبعا عرفت كده وانا فى مصر ، و كلمت شهيره و هى ساعدتنى انى انقل اوراقك ، و طبعا كانت معايا قسيمة الجواز يا عروسه ، و خلاص ، انتى اتدبستى فيا رسمى

لم تطق جنى نفسها من الفرحه فانتصبت واقفه و هى تقول و قد ملأها ما فعله بسام بالامل: يعنى انت ما خسرتش البعثه يا بسام

قام بسام هو الاخر واقفا : و لا انتى خسرتى النص ترم ده يا عيون بسام ، وان شاء الله نخلص دراستنا و نرجع بلدنا

كانت موسيقى الكمان بدات بالعزف فى المطعم الراقى..و لاول مره يرقصا سويا بحق،اذ كانا خلال رقصتهما فى الخطوبه متباعدين عن بعضهما ،لم تكن زوجته بعد ، لم يستطع ضمها لصدره كما يفعل الان ، و للعجب لمتتحرك غرائزه ، احس انهما فى تلك الليله اعلى من الغرائز ، فقط تحركت
مشاعرهما ، كما لو كانا كائنين نورانيين ، تعاليا على طبيعتهما البشريه ، و رفعهما حبهما الملائكى ، الى مرتبه اعلى و اسمى بكثير من قيود الجسد و رغباته الدنيويه

و تمنت لو قضت الليله كلها بين احضانه فى هذا المكان الجميل ، لكن سرعان ما انتهت الرقصه ، و بعدها انتهى العشاء و عادا الى الفندق ذهبا سوياً لغرفة جنى ، و اول ما فعلا هو الوضوء و الصلاه ، و تبعاها بصلاة شكر لله تعالى الذى جمعهما ، و بدأ بسام يدعودعاء الحاجه بصوت رخيم، و تردد خلفه جنى بعينان دامعتان و هما يبتهلان الى الله الذى جمعهما ، الا يفرقهما قط

جنى : فاكر اول يوم قلت لى فيه انك بتحبنى ؟

بسام و قد احمر وجهه : فاكرطبعاً ،صدقينى يا جنى انا عمرى ما كنت جرىء و لا مقتحم زى ما انتى فاكره ، انا كتبت الكلام ده بينى و بين نفسى ، و فجاه لقيت نفسى بادوس انتر و الكلام وصل عندك

جنى : الكلام وصل عندى قبل اليوم ده بكتير ،من ساعة ما بصتلى بعد ما صحيت من الاغماءه ، ساعتها حسيت انك بتحبنى من غير ما تقولولا كلمه..عمرى ما تخيلت ان ربنا يكون بيحبنى لدرجة انى اشوف معاك السعاده دى كلها
اطرق بسام و فكر بينه و بين نفسه :انها بالرغم من كل الامها و مرضها سعيده ، الحمد لله ان وضعنى فى طريق هذا الملاك ، حتى لواورثتنى حزن العمر كله ، يكفينى اسعادها ولو لحظه واحده

كان الفجر قد اقترب ، فظلا يرقبان الشرفه التى كانت تطل على بحيره رائعه الجمال، لكنها تقترب من التجمد ، و على جانبيها الاشجار قاربت على الجفاف من شدة البرد و لم يتبق فيها ورقه واحده ،

و تساءل الاثنان فى نفس اللحظه ، هل ستتاح لهما رؤية هذا المنظر ، معاً ، الربيع القادم ، و قد اكتست
جنبات المكان بالخضره ، و اينعت الزهور ومنظر المياة الرائع

حينما اقترب ميعاد نزولهما للمستشفى ، دخل بسام حمام الغرفه كى يتيح لجنى تغيير ملابسها دون خجل، اذ كان مصراً ، على منحها خصوصية الخطيبه ، بالرغم من
عقد قرانهما ، أملا فى ان يمنحهما الله الفرحه كامله غير منقوصه يوم عرسهما . و بعد تغيير ملابسهما و الاستعداد،

اقترب منها بسام قبل راسها، فجفلت و ارتعشت ، و لكنها لاول مره فى حياتها تجد فى نفسها الجرأه ، لكى تتحرك و تقف على اطراف اصابعها و تمس خده بشفتاها ثم لتلمس شفتاه لم تكن قبله ، كانت مجرد لمسه ،

لكن بسام احس بانها لمست قلبه و اعماقه ، ولم يطلب اكثر من ذلك ، بالرغم من رغبته الشديده فى تقبيلها فقط همس

بحبك

دفنت جنى راسها فى صدره ،ثم اعطته مظروفاً مغلقاً على رساله ، و طلبت منه ان يقرأها و هى فى غرفة العمليات ، لانها سطرت فيها ، ما لم تستطع قوله بلسانها..

ثم تمت جميع الاجراءات فى دقه و سرعه غريبه ، اذ كانت جنى مستعده لانها لم تتناول طعاماً منذ عشاء امس ، و كانت الفحوص و الاشعات قد وصلت من مصر قبلها بايام و اقر الاطباء انها جاهزه للعمليه ، لم تكن عملية استبدال قلب ، فقط عمليه لتغيير الصمام ، و بعدها قد يعمل القلب بصوره تقترب من الطبيعيه و قد لا يعمل ، و يتوقف الامر على متابعتها للساعات القليله بعد العمليه ، لان عضلة القلب كان بالفعل ضعيفه ،و اخبرهم الاطباء باعصاب بارده ان جنى قد لا تتحمل التخدير لفتره طويله

و عصر ذلك اليوم امسك بسام بيدها و هى نائمه كالملاك على ترولى العمليات ، مغطاه
بالملاءات ، و رغم ثبات ملامحها ، وجد يدها تختلج و ترتعش فى يده مثل عصفور
صغير ، و احكمت قبضتها على يده قائله :
ادعيلى يا حبيبى

و دخلت جنى غرفة العمليات و لم يعد بسام او لاحد فى الدنيا ، ما يفعله ، غير الابتهال لله ان ينجيها تمنى ساعتها لو كان هو الممدد بالداخل مكانها ، و تعيش هى وتبقى لو كان الامر بيده لاعطاها قلبه ، و عاش بداخلها ما عاشت هى لكننا لا نختار مقدراتنا ، و لا نختار من نحبه ، حتى اسماءنا لانختارها

اتصل بسام بامه و هو يبكى
قائلاً : ادعى لها يا ماما ارجوكى
ثم انزوى فى احد الاركان وحيداً

و فتح رسالتها :

حبيبى و زوجى و بهجة عمرى .... ..بسام
اسمك بالنسبه لى اصبح مساوياً لكلمة احبك ، عندما ادعوك بسام بسام تسببت يوماً فى جرحك او فى عذابك ، و اعلم انى لو عشت او مت ، لن اعرف الفرق،لانى عشت معك فى ايام ، ما لم يره غيرى فى عمر كامل ، لكن حزنى سيكون عليك انت ، سامحنى يا حبيبى لو تركتك ، لن يكون ذلك باختيارى ، و لكنك انت اخترت ، اخترتنى يا بسام و تبعتنى الى اخر الدنيا ، و لو كانت الليله الماضيه اخر ليالى عمرى ، لكانت اعظم نهايه لاسعد حياه ، لقد علمتنى معنى الحب ، و التضحيه ، و لو قرات الاف الكتب ما تعلمت منها ما عرفته معك فى لحظات قصيره ، يوم تمسكت بى رغم عدم ترحيب اهلى ،لحظة فديتنى بنفسك وادعيت قيادة السياره ، لحظة قابلتنى تحت منزلنا و انت تظن انى توقفت عن حبك و مع ذلك ، لم تتوقف عن حبى ، و تمسكت بعقد قرانك علىّ رغم ان حياتى مهدده ، و تاج على راس تضحياتك ، لحظة رايتك امس فى المطار ، لقد جعلتنى اعيش العمر كله فى ليله واحده .
اريدك ان تعدنى انه مهما حدث ، مهما كانت النهايه ، تعدنى انت تتشبث باحلامك ، و احلامى ، و لا تظن انى لو مت سارحل بعيداً ، ستظل روحى ترفرف حولك ، تسعد بسعادتك ، و تشقى لو راتك حزيناً ، اما لو عشت ، فأعدك ان ساعمل لكل لحظه فى عمرى لاسعادك ، كما اسعدتنى و انتشلتنى من اعماق اليأس

، و دعائى لربى ان يجمعنى بك فى الدنيا لو قدر لى الحياه ، ولو غير ذلك ،يجمعنى بك فى جناته ان شاء الله
و كما قلت لى سابقاً لم اجد كلمه اكبر من احبك
حبيبتك و زوجتك الى الابد...جنى

قرا بسام الرساله للمره المليون ،و طواها بعنايه و وضعها فى جيبه لقد مرت عشرون عاما على يوم كتبت حبيبته هذه الرساله واصفرت اطرافها و لازال حريصاَ على قراءتها فى كل مناسبه فى حياته ........

ليست هناك تعليقات