قصة الظل
نفس الاقدام التى تسير فى الطرقه كل يوم و فى نفس الميعاد يدق الباب نفس الدقات و انا جالس نفس جلستي استعد للمواجهه التى اعلم أنها سوف تنتهى بالفشل كالعادة.
_ دكتور يوسف لو سمحت الدكتور محمد غريب عايزك حالا فى مكتبه
نفس الرساله و نفس الشعور بالتوتر و الاختناق و ماهى الا لحظات لاجد اقدامي قطعت كل المسافه بين باب مكتبى الى مكتب مدير المستشفى و يدي تدق بابه ،الحقيقه انه كل يوم اقف امام هذا الباب يكون عندى يقين ان كيانى كله ليس له اى صلة بهذا العالم و احيانا كثيره اشعر ان عقلى نفسه محتل من هذا الكيان الذى يسوقه كل يوم الى هذه المواجهه الشنيعه
_ ادخل يا يوسف
_ صباح الخير يا بروفسير غريب
- بروفسير....؟ انت بتتريق يا دكتور
_ بالعكس يا فندم انا شايف اقصد يعني ان حضرتك قامه كبيره فى الطب النفسى
_ و لما حضرتك شايف كده مش بتتعلم منى ليه ؟ فاشل ليه ؟
_.......!!
_ اسمع يا دكتور يا محترم انا كلفتك بالحاله الجديده اللى متحوله من محكمه الجنايات ، عايزين يعرفوا هو مجنون فعلا او بيدعى المرض يا ترى معاليك متابع جرايد او تليفزيون؟
_ بصراحه لا بس مراتى سمر متابعه و بتحكيلي
_ يا مثبت العقل... طيب المدام حكتلك عن الراجل اللي قتل عياله من كام يوم و القضيه بقت راى عام ؟
_ ايوه فعلا ده بيقوله قتلهم بمنتهى البشاعه
_ تماااام هو الراجل ده بقه هو الحاله و مطلوب منك انك تكشف على سلامه قواه العقلية و تقدملي تقرير عن الحالة و دى اخر فرصه ليك و ياريت تركن نظرياتك الأكاديمية على جنب علشان لو المجرم ده مطلعش قاتل و طلعته زى اللى قبل منه مجنون ووقفت قدامى تجادل و تناقش ساعتها يا انا يا انت فى المستشفى دى فاهم
هذا يكفي اليوم حقا عقلى لا يحتمل هذا الرجل اكثر من ذلك حتى و لو احتملت اطرافى الوقوف امامه ، خرجت من مكتبه الى عنبر الحالات المحوله من مصلحة السجون ثم الى قسم الحالات الخطيرة .
_ انا مش مجنون
قالها بعدما دخلت عليه الغرفه او العنبر كما يطلق عليه ثم جلست امامه و هو ينام على السرير و القيود المكبل بها فى يده و بعد فتره طويله من الصمت و التامل قال هذه العباره ثم اردف بعدها بصوت واهن من الحزن
_ اسمى عاطف و كنت بشتغل امين مخازن و بحب مراتي و عيالى لغايه دلوقتي و كل يوم و انا مروح كنت للازم اخدلهم الحاجات اللي بيحبوها....ايوه ريهام كانت بتحب الشوكلاته و اسلام كان بيحب المصاصه اللي فيها مروحه و كنت لازم كل يوم نلعب لعبت الغول اللي بياكل الارانب نفس اللعبه كل يوم لغايه اليوم اللى اللعبه بقت هى المجزره اللى كل الناس بتتكلم عنها. شوفت ظلى و هو رافع ايده زى ما انا رفعها و اولادى بيضحوا و يصرخوا من السعاده و بعد ما و قفت هو كمل ايوه ظلى فضل ماشى نحيتهم و هو رافع ايده و ظهرته انياب و مخالب كبيره و انا بقيت واقف مش مصدق و مشلول و اولادى بيصرخوا من شكله لغاية ما هجم عليهم و غرس مخالبه فى صدرهم و رقابهم زى الغول انا لحظتها جريت نحيتهم و حاولت بكل قوتي ان ابعده عنهم، عن اولادى اللي اغلى من روحى و قلبي لكن ابدى بقت تعدى فيه زي ما يكون خيال ما هوفعلا خيال لكن انيابه فضلت تقطع فى اجسادهم الصغيره لغايه ما سكتت صرخاتهم و ماتت ضحكتهم و اطفا نورهم وانا ايدى و كل جسمي اتملا من دمهم كل ده في اقل من دقيقه كانت مراتى طالعه من المطبخ تسال هما الاولاد سكتوه ليه و لما شافت المشهد و انا غرقان فى دم ولادنا راحت في غيبوبه يمكن ما تفوقش منها و انا خدوني على السجن و المحكمه و لما قلت للقاضى مش انا اللى قاتلت اولادى ده الظل قالي انت بتدعي الجنون علشان تفلت من حبل المشنقه و جبونى هنا و في اول ليله جانى الظل وقف قدامى و لسه انيابه مليانه من دم اولادى و قالي انا ظلك و قاتلت اولادك علشان انتقم منك انت اللى كنت بترعب اولادى بلعبه الغول ولادى اللي هما ظل ولادك كام سنه و انت كل يوم بترعبهم و حولت كتير افهمك و حذرك و انت غبي خلاص انا انتقمت منك و خليتك تشوف اولادك مرعبين و انت واقف عاجز و دلوقتى محدش هيصدقك و هجيلك واحد دكتور هيقول انك عاقل علشان يعدموك و تقابل ولادك و مراتك .
صمت عاطف و طال صمته حتى علمت ان حكايته انتهت و انتهت حياته و انتهت ايضا مهمتي ، غادرت العنبر و انا احوال ان اكذب ما قاله حول اسطوره الظل و اخذت و انا اسير في الطرقه اراجع الحالات النادره في الطب النفسى التى تدفع السخص لقتل اقرب الناس له حتى توقفت فى اخر الطرقه اشعل سجارتى وهنا جائتى رغبه قويه ان اعود الى العنبر و القى نظر علي عاطف و بتاكد سوف اري ظله القاتل استدرت للعوده لكنى لم اخطو خطوه واحده عندما رايته يغادر الغرفة و يسير نحوي حتى وقف امام و انا احدق به كانه الهول نفسه ، تجسد الظل امامى كانه رجل واقف بكل ثقه ورغم انه دون ملامح الا اننى شعرت بنظراته الشامته و ابتسامته الساخره مرت لحظات هكذا لحظات كعمري كله ثم تركنى و انصرف و زمن لا اعلم مداه جلست مكانى في الطرقه و اخرجت من جيبي ورقه مكتوب عليها تقرير حاله المتهم عاطف نظرت اليها طويله ثم اخرجت القلم و لم اكتب فيها الا كلمه واحده الظل.
تمت
الظل
كاتب_حكايات_الظلام
التعليقات على الموضوع