إبحث عن موضوع

قصة قصر الحلمية

التجربة اللي هحكيهالك دي انا شاهد على أخر فترة فيها، واللي حصل قبل كده أحداث انا ماعيشتهاش لكني سمعتها من ناس قديمة في الحي اللي انا ساكن فيه، طب انا مين؟!
انا أ.أ
رجل بشتغل في جهاز مرموق من أجهزة الدولة المصرية، عايش في حي أسمه حلمية الزيتون، ساكن من زمان في شارع أسمه محمد بخيت.. يعني تقدر تقول كده من أواخر التسعينات، أول ما اتنقلت انا وأهلي عشان نعيش في بيت في الشارع ده لقينا بعض الناس بيهدوا فيلا كبيرة أو زي ما تقول كده قصر؛ والقصر ده بقى لما سألت الجيران هو بيتهد ليه عرفت أن أسمه قصر العفاريت وكمان عرفت منهم حكايته بالكامل.. حكايته اللي بتبدأ من أوائل التسعينات (يعني قبل ما انا اسكن في الشارع ده بحوالي ست سنين)
طب أيه حكاية القصر ده وليه اتسمى بقصر العفاريت؟!
انا هجاوبك على السؤال ده من خلال الحكايات اللي سمعتها من أهالي المنطقة، وعشان احكيلك الحكاية بالظبط هاخدك معايا في رحلة لسنة ١٩٩٠..
في السنة دي كان عايش في القصر صاحبه اللي كان رجل أعمال معروف وقتها هو وبنته ومراته اللي من أصول تركية.. كانوا عايشين في خير وسلام لحد ما رجل الأعمال ده قرر إنه يضارب بفلوسه في البورصة وللأسف الأسهم اللي اشتراها وقعت ف خسر كتير اوي، وقتها اضطر إنه يشارك رجال أعمال تانيين عشان يغطي خسارته المادية لكن للأسف الناس اللي شاركهم دول نصبوا عليه وخدوا منه اللي وراه واللي قدامه زي ما بنقول بالبلدي كده، طبعًا الرجل مابقاش عارف يعمل أيه ولا يداوي خسارته ازاي، ده حتى القصر اللي هو عايش فيه أصلًا مش بتاعه لوحده لأنه ورثه عن أبوه، واخواته ليهم في القصر زي ما هو له بالظبط، وعشان كده بقى يا سيدي بدأ يستلف من ده ويستلف من ده لحد ما بقى مديون، في الوقت ده مراته ماستحملتش العيشة معاه وهو مديون بالشكل ده ف خدت بنتهم الصغيرة وسافرت بيها على تركيا، سافرت الست وسابت الرجل عايش لوحده في القصر وسط الديون والهم والحزن، فات على اللي حصل ده حوالي ١٠ أيام والرجل كان مُنعزل في القصر ومابيخرجش منه لحد ما في يوم سكان المنطقة سمعوا صوت ضرب نار جاي من ناحية القصر قُرب الفجر كده، طبعًا الناس اتلموا لأن الشارع ده زمان كان هادي وماكنش مليان ناس ولا عمارات زي دلوقتي، يعني الطلقة اللي اتضربت ليلتها كل السكان سمعوها وبسبب صوتها اتجمعوا كلهم قصاد القصر، وطبعًا أيامها القصر ماكنش فيه خدم لأن الرجل ماكنش معاه فلوس يدفع مرتبات للي كانوا بيشتغلوا فيه ف مشاهم وفضل عايش لوحده، المهم بقى أن الناس لما اتجمعوا عند القصر بعد ما سمعوا صوت الطلقة بحوالي خمس دقايق كده اتفقوا إنهم يدخلوا يطمنوا عالرجل لا يكون عمل في نفسه حاجة، وبالفعل لما نفذوا كلامهم ودخلوا القصر لقوا الرجل ده مضروب برصاصة في راسه وميت... الناس في الأول جت لهم حالة ذهول لأن المنطقة دي هادية ونادرًا يعني ما بيحصل فيها حادثة زي دي، بس بعد دقايق من الذهول والصدمة الناس فاقت من بشاعة المنظر واتصلوا على الشرطة اللي جت أخدت جثة الرجل وشَمعت القصر لأنه كان مسرح جريمة وقتها، ابتدت التحقيقات وابتدا الكلام يكتر عن سبب موت الرجل صاحب القصر بالطريقة البشعة دي، في ناس قالوا إنه انتحر، وفي ناس قالوا أن حد من شركاءه قتله لأنه نصب عليه، وفي ناس تالتة قالت أن الدايانة اللي كان لهم عنده فلوس واحد منهم قتله لما راحله القصر عشان يطالب بفلوسه.. وكلام كلام كلام كعادتنا يعني لكن الحقيقة ماكانتش معروفة لحد ما في الأخر يا سيدي القضية اتقفلت على إنها انتحار، وبصراحة مش عارف ولا اقدر آكدلك إذا كان انتحر ولا لأ، لأن الناس اللي دخلوا القصر ليلتها مأكدوش ولا نفوا أنهم لقوا مسدس جنبه وهو ميت على كنبة الصالون بتاع القصر، يعني كل ما كنت اسأل حد ماكنش لا بيأكد ولا بينفي، هو معظم الناس كانوا بيقولوا مش فاكرين لأن بشاعة المنظر وقتها خلت الناس تخرج برة القصر ويبلغوا الشرطة بسرعة وهم خايفين، بس اللي عرفته واللي اتأكدت منه بعد كده إن الشرطة قالت إنها حالة انتحار بسبب إن الرجل كانت حالته النفسية والمادية سيئة جدًا، وكمان في ناس كبيرة في الشارع قالوا لي إن الشرطة لقت تحت الكنبة اللي الرجل كان ميت عليها مسدسه الشخصي وكان مضروب منه طلقة واحدة بس، تحديدًا يعني الطلقة اللي هو انتحر بيها...
المهم أن القصر اتقفل والورثة عرضوه للبيع، لكن مين هيشتري قصر انتحر جواه صاحبه إلا إذا كان مجنون!
وماتنساش كمان أن الوقت اللي حصلت فيه الحكاية دي كان في أوائل التسعينات؛ يعني الناس وقتها كانوا طيبين وبيصدقوا في مواضيع الأماكن المسكونة بسبب أن أصحابها ماتوا فيها أكتر من دلوقتي بكتير، وعشان كده فضل القصر بعد تنضيفه معروض للبيع بس ماحدش كان بيقرب منه ولا حد كان بيفكر حتى إنه يسأل على سعره، وعشان كده فضل مقفول لسنين، وفي خلال السنين دي كانوا سكان الحي بيسمعوا أصوات غريبة جاية منه بالليل؛ يعني ساعات كانوا بيسمعوا منه صوت الرجل وهو بيصرخ أو بيتخانق أو بيزعق مع حد، وساعات كانوا بيسمعوا صوت ضرب نار، ولما الناس كانوا يروحوا عند القصر بالليل عشان يعرفوا سبب الصوت كانوا بيلاقوا أنوار القصر (اللي هي أصلًا مقفولة) بتنور وبتطفي لوحدها بسرعة لحد ما بعد دقايق تنطفي تاني زي ما كانت، عاشوا الناس في رعب من القصر ده لسنين، وده لأن كل سنة في نفس اليوم اللي مات فيه الرجل، الناس كانوا بيسمعوا من جواه أصوات صراخ وزعيق وضرب نار أعلى من اللي بيسمعوه شِبه يوميًا، والأصوات دي كانت بتبدأ من بعد الساعة ٢ بعد نص الليل لحد أذان الفجر كده، الناس كانت بتترعب من القصر لدرجة إنهم ماكنوش حتى بيعدوا من قدامه بالليل، استمر وضع القصر على الحال ده حوالي ٦ سنين لحد ما في سنة ١٩٩٦ أو تحديدًا يعني السنة اللي انا سكنت فيها في الشارع ده، جه رجل أعمال اشترى القصر وهده عشان يبني مكانه عمارة، وبالفعل اتهد القصر بسبب كل الكلام اللي كان بيتقال حواليه واتبنت العمارة اللي سامحني مش هقدر اقول هي نمرة كام بالظبط لأن الموضوع حقيقي وممكن يسبب أزعاج لسكان العمارة.. سكان العمارة اللي بالمناسبة يعني مش زي ما بنسمع في الحكايات والأفلام بقى إنهم بيشوفوا عفريت الرجل والكلام ده لا لا لا.. الناس من وقت ما العمارة اتبنت وهم عايشين عادي جدًا وكمان الأصوات اللي كانوا الجيران بيسمعوها وقت القصر ده ما كان مبني اختفت.. اختفت الأصوات واتبخرت زي ما اختفت سيرة الرجل وسيرة القصر نفسه، الناس مع مرور الزمن بينسوا وبيعيشوا حياتهم وبيهتموا باللي أهم من حكاية قصر اتهد بسبب إنه كان مسكون لأن صاحبه انتحر جواه، الناس دلوقتي يا أستاذ محمد بتهتم بأكل عيشها ومابقوش حتى يذكروا أسم القصر ولا أسم صاحبه لأن الأيام والمشغوليات بتنسي، وفي النهاية أحب اقولك أن الحكاية دي حصلت بكل تفاصيلها زي ما حكيتهالك كده بالظبط، وعشان آكدلك صدق كلامي ف اسمحلي اقولك أن الرجل ده اتوفى أو انتحر يعني يوم ٢٧ أبريل سنة ١٩٩٠، والقصر ده اتهد يوم ٢٣ مارس سنة ١٩٩٦.. وأظن سكان الشارع اللي فيه من زمان هيعرفوا انا بتكلم عن أيه كويس وهيصدقوا الحكاية لأنهم عاشوها هم كمان بتفاصيلها...

"دي كانت حكاية حكاهالي صديقي الأستاذ أ.. وفي النهاية يبقى السؤال، هل حضارتكوا مصدقين كلامه ولا لأ، وياريت لو في ناس من حلمية الزيتون يأكدوا أو ينفوا.."
تمت
#محمد_شعبان
#قصر_الحلمية

هناك تعليق واحد: