إبحث عن موضوع

بأي ذنب قتلت

أنا بكتبلكم تجربتي اللي محدش مصدقها ولا أنا نفسي كنت مستوعباها..
بإختصار شديد جداً أنا تواصلت مع العالم الأخر وبدون رغبة مني.. أنا لقيت نفسي مجبورة أمشي في السكة دي، أو عشان أكون صادقه معاكم أنا حسيت إن في حاجة بتشدني إني أكمل الطريق اللي أنا اتحطيت فيه و مش عارفة ليه؟!
خليني أعرفكم بنفسي وأحكيلكم الموضوع من أوله.. أنا اسمي صفاء بشتغل دكتورة اقتصاد في جامعة عين شمس.. الموضوع بدأ لما كنت بحس إن في حاجه حواليا أنا مش عارفة أميزها!! عارفين لما تكونوا في مكان وتحسوا إن مفيش أكسجين كفاية لأن المكان زحمة؟!.. أهو ده نفس إحساسي بالضبط.. حاسة إن في حاجة حواليا بتسحب الهواء مع إني عايشة لوحدي!! مش بس كدة أنا بحس إن في حرارة حواليا.. كأني قاعدة جنب دفاية مثلا أو حطب مع إن برضو شهر أكتوبر ده بيبقى لطيف بعضاً ما... بس تمام يعني مركزتش كتير لأن حالتي الصحية متسمحش و ده لأني في فترة نقاهه بعد ما عملت عمليه.. عمليه زرع كلى، بس الموضوع اتطور وبقيت أحس بوجود شخص ما ملازمني!! بحس بأنفاسه وزفراته قريبة جداً مني.. عارفين لما تحسوا كمان إن في حد بيبصلكم طول الوقت وشايفكم.. أهو أنا بحس كده!.. مكونتش فاهمه كل ده بيحصل ليا ليه بس كنت ساعات بحس بخوف وخصوصاً إني عايشه لوحدي.. لغاية ما جيه اليوم اللي حياتي فيه اتقلبت رأساً على عقب!
في يوم كنت قاعده في الصاله ومعايا ورق ومنهمكة في القراية.. مكونتش حاسه بالوقت لأن كان عندي شغل كتير متراكم عليا بسبب العملية اللي عملتها.. فجأه وبدون مقدمات لقيت نفسي بسمع نحيب وبكاء شخص ما.. لا مش هيكون شخص في الشارع أو الجيران مثلا.. ده شخص معايا في الصاله وصوته جاي من ورايا!..
حسيت برعشه في جسمي كله وبدأت أعصابي تترعش وغصب عني الورق اللي كان في ايدي وقع مني على الارض.. بشكل لا ارادي نزلت على الأرض أجيب الورق بتاعي وانتبهت ساعتها لظل شخص قاعد في زاوية من زوايا الصالة!!
ظل شخص قاعد وعمال يبكي بصوت مسموع وواضح وبيتألم... مبقتش قادره اتحرك ولا قادره انطق بأي حرف.. كنت حاسه ساعتها إن قلبي هيوقف وفجأه دوخت ووقعت ومحستش بنفسي غير تاني يوم الصبح لما فوقت ولقيت نفسي في الصاله على الارض... اتكرر نفس الموقف كذا مره بعد كده بس كل مره الشخص ده كان بيتألم ويتوجع اكتر من المره اللي قبلها و ده كان بيبان في صوت بكاؤه وألمه.. حكيت لناس كتير محدش صدقني واقنعوني إني بتخيل وممكن تكون نفسيتي تعبانه شويه لأني عايشة لوحدي مثلاً.. روحت أتابع مع الدكتور اللي عمل ليا العمليه زي ما طلب مني إني لازم آجي المستشفى كل فتره، بس الصدمه بقى لما كنت قاعده مستنيه الدكتور كانت قاعده جنبي اتنين ستات واحده منهم شكلها مرهق شويه وبتقول للتانيه ( أنا تعبت من كتر الكوابيس والتهيؤات.. تعبت إني كل شويه اسمع صوت حد بيتألم.. ومتقوليليش ده من أثر العملية.. ايه علاقة زرع القرنية بإني بسمع اصوات حواليا؟!)
اتصدمت لدرجه إني مبقتش قادره انطق.. ممرش وقت طويل لأن الممرضة قالت اسمي عشان ادخل للدكتور اللي بتابع معاه وساعتها قررت إني أول ما اخرج اتكلم مع الست دي وافهم منها بتشوف ايه وبتسمع ايه واحكيلها حكايتي انا كمان بس للاسف لما خلصت ملقتهاش موجوده ولما سألت عليها قالولي انها كانت جايه تتابع مع الدكتور بتاعها ومشيت، اتفقت مع الممرضة انها لما تيجي تاني ياريت تديها رقمي... روحت البيت وانا جوايا مليون علامه استفهام.. في نفس الليله كنت قاعده مشغوله وبكتب حاجات تخص شغلي فجأه سمعت صوت من ورايا..
صوت شخص ولقيته بيقولي اوعي تبصي وراكي! اوعي ياخدك الفضول وتحاولي تبصي وراكي .. الليلة دي غير أي ليله في حياتك ممكن تكوني عشتيها او حتى هتعيشيها.. كده كده هتعرفي كل حاجه ولازم هتنفذي كل اللي هقولك عليه.. ساعات بنمشي في سكه غصب عننا ومبيبقاش في حيله اننا نهرب من قدرنا..المهم انك متسبقيش الاحداث ويكون عندك فضول.. انا هعرفك كل حاجه بالشكل المناسب وفي التوقيت المناسب.. اسمعي الكلام ونفذي.. واول حاجه انك متبصيش وراكي.. مهما يحصل ..
جسمي كله كان بيترعش ولساني كان تقيل جدا ومكونتش عارفه اتكلم واقول اي حاجه كانت دي اكتر لحظة خوف ورعب اعيشها في حياتي كلها واحس اني مش قادره اتحكم في اعصابي.. بس هو كمل كلامه من غير ما انا انطق بحرف واحد
أنا واحد بسيط وغلبان.. كنت عايش في حالي وراضي بحياتي.. كان كل همي وشغلتي في الدنيا دي إني أكافح و أعافر ويطلع عيني و اشتغل عشان بس أكفي نفسي واصرف على أهلي.. بس القدر كان له رأي تاني.. القدر خلاني أموت تحت إيد عصابة.. موتوني وسلبوا مني حياتي وسلبوا مني بعد موتي كل حاجه تخصني وبتاعتي وكأن مليش حق في الحياة وحتى لما أموت مليش الحق أموت موته طبيعيه ولما اموت كمان مليش الحق أتدفن أنا وجسمي!.. إنتي الوحيدة اللي هتجيبيلي حقي.. إنتي الوحيده اللي هتقدري تساعديني اخد حقي من اللي قتلوني.. انا حاولت أظهر لناس تانية بص مكانوش هيعرفوا يوصلوا للي أنا عايزه.. انتي هتعرفي.. و مش هتقدري ترفضي.. ده إنتي جواكي حته مني.. اللي جواكي دي كليتي أنا!. كليتي اللي اتاخدت مني بعد ما قتلوني زي ما خدوا باقي أعضائي وسلبوها من جثتي ورموني مجرد هيكل فاضي من كل حاجه!! الأعضاء اللي كانت في جسد واحد اتفرقت في كذا جسد منهم إنتي.. إنتي وغيرك ملكوش ذنب.. انتوا مجرد كنتوا مرضى واتنقل ليكم أعضاء بس متعرفوش مين صاحبها ولا جت منه إزاي وبموافقته ولا لا.. انتي عارفه إن الشخص اللي عايز يتبرع بأعضاؤه لازم يكتب موافقه بكده قبل ما يموت .. أهو أنا في حياتي وحتى بعد موتي كنت مجبر على كل حاجه ومليش رأي.. مليش اختيار في أي حاجه حتى لو كانت تخصني!! أوعديني انك هتساعديني.. أوعديني..
لقيت نفسي تلقائياً بقوله أوعدك بس عايزني أعمل إيه!!
قولتها بصوت كله خوف ورهبة وفي نفس الوقت لقيت نفسي متعاطفة معاه ومن جوايا إحساس إني عايزه أساعده!! مش فاهمه إزاي أبقى خايفه منه ومصدقاه وصعبان عليا! معادلة غريبة وغير منطقية بس ده اللي حصل.. بس ساعتها كمل كلامه وقالي
اللي إنتي شوفتيها النهارده واتكلمت قدامك دي تمتلك في جسدها قرنيتي!.. والصدفة كانت في مصلحتي إنك تشوفيها النهاردة وتتكلم قدامك.. أه أنا ظهرت ليها زي ما كنت بعمل معاكي بس هي مكانتش بتتحمل وبقت تاخد مهدئات كتير.. أنا عارف إنها مش حاجه سهله وإني لو مكانها ممكن أموت من الخوف بس معنديش حيلة غير كده.. على الأقل إنتي قلبك أجمد منها شوية وكمان اهتميتي إنك تتواصلي معاها بعد كده.. ده اللي شجعني أختارك..
أنا خلاص أعضائي كلها بقت في أجساد تانية ومطلوب منك تثبتي إن المستشفى دي عبارة عن مافيا كبيرة بتاخد أعضاء ناس مقتولين.. طبعاً بيأجروا مرتزقة بيقتلوا الناس بطريقة معينه تضمنلهم سلامه الأعضاء.. أنا حكيتلك حكايتي كلها وإنتي لازم تساعديني... هتابعك كل شوية وهاجي أكلمك .. أهم حاجة متبصيش وراكي طول ما أنا موجود وبكلمك.. ربنا معاكي ..

فجأة الصوت اختفى.. حالة الرعب طاغية عليا ومبقتش عارفة المفروض أعمل إيه.. في حاجة جوايا بتحركني إني لازم أعمل حاجة بس إيه هي معرفش!..
إزاي أثبت إن المستشفى دي بتتاجر في الأعضاء؟! . أبلغ البوليس؟! طب هقوله إيه؟! هقوله بسمع صوت شخص خدوا اعضاؤه وطلع كلمني؟! أعمل بلاغ في المستشفى دي؟ طب فين الدليل؟!
مليون سؤال وسؤال وملهومش إجابه.. بس شعور داخلي حركني إني أروح المستشفى بكره!! .. معرفش ليه وبحجة إيه بس هروح جايز أوصل لحاجة..
روحت فعلاً المستشفى ولقيت شخص بيتخانق و كان عايز مدير المستشفى لأن ابنه تعبان ومش لاقي حد يتابعه.. جيه في بالي إن ده طرف خيط.. مدير المستشفى والمساعد بتاعه.. أنا لازم أراقبهم.. قعدت أسبوع براقب مساعد المدير وكلفت صديق ليا يساعدني ويجيبلي أخبار المدير أول بأول.. طبعاً مش محتاجه أوصفلكم إن اقناع شخص أياً كان بإنك بتشوف حاجات أو بتسمع حاجات وكمان عايزه يساعدك دي مش حاجه بسيطه.. بس الحمد لله ساعدني ..
في خلال الاسبوع ده كان بيتردد الدكتور اللي بيتابع حالتي على مساعد المدير يومياً ومكونتش فاهمة ليه!.. قررت أراقب الدكتور بتاعي لقيت برضو إن في شخص بيتردد عليه وينزل يقابله كتير .. أنا معرفش ده مين وبينهم إيه مهم كده .. بس أكيد هوصل لحاجه..
بكره معاد المتابعة بتاعتي.. أنا خايفة أروح للدكتور ده !.. أنا عارفه إنه عارف باللي بيحصل وبيساعد المستشفى كمان بس معنديش اثبات لسه.. مش عارفه أعمل إيه ..
روحت فعلاً تاني يوم بس لحظة دخولي المستشفى كانت هي نفسها لحظه خروجه.. خروج الراجل اللي كان بيتردد على الدكتور اللي بتابع معاه!.. قررت مروحش المتابعه وأراقب الراجل ده كويس ولقيته بيتردد على مكان عشوائي وبيتعامل مع ناس شكلهم مجرم .. قعدت 10 أيام براقبه وبصوره من بعيد واستعنت بصديقي اللي كان بيراقب المدير وكان بيساعدني فعلا .. لغايه ما في يوم لقيت صديقي ده بيتصل بيا الفجر وبيطلب مني أحضر حالاً في المكان اللي بنراقب فيه الناس اللي احنا شاكين فيهم.. مسافه نص ساعه كنت عنده وقالي إنهم اتفقوا يخطفوا بعض الناس وهيجيبوهم هنا ويقتلوهم واتصلوا بالممرض ده عشان يكون موجود.. صورتهم وهما خاطفين الناس ومقعدينهم وبدأوا يخدروهم وسجلت كلامهم وهما بيقولوا انهم مستنيين الممرض وإنهم خلاص هينفذوا وياخدوا عمولتهم!.. معرفش إزاي جالي قلب وصورت كل ده بس سبحان اللي ادالي الشجاعة.. وأنا بصور كان صديقي بيتصل بالبوليس وفعلا أول ما الممرض حضر وكان معاه الفلوس البوليس قبض عليهم كلهم والتحقيقات أثبتت إن المستشفى دي بتتاجر في الأعضاء فعلاً.. ساعتها حسيت براحة كبيرة وإني قدرت أساعد البني أدم اللي انا شايلة كليته جوايا وبفضله بعد ربنا أنا عايشه.. أنا أه معرفوش بس مرتاحة آني جبت حقه من الناس دي.. وصحيح برضو أنا معرفتش أثبت هو أنهي ضحية بس على الأقل اللي عملوا كده معاه خدوا جزائهم...
في ليلة كنت قاعدة بشتغل في البيت ولقيت نفس الصوت تاني من ورايا.. بس المره دي أنا مكونتش خايفة..
أنا متشكر ليكي جداً إنتي جبتي حقي وحق ناس كتير راحوا ضحايا وناس أكتر كانوا هيموتوا.. أنا عارفه إنك متعرفينيش ومش مهم تعرفي أنا مين.. أنا حبيت أقولك أد إيه أنا مرتاح وروحي مرتاحه.. مش همنعك تبصي وراكي.. لو عندك القدره ومش هتخافي بصي.. كانت دي كلماته قبل ما أقرر إني فعلاً هبص ورايا وأبقى شجاعة... لفيت لقيت جسم بني أدم واقف بس ملوش عينين وجسمه كله متخيط بالطول بخيط أسود!.. مقدرتش أتحمل المنظر وانهارت من العياط وحطيت ايدي على عيني وجسمي كله بيتنفض.. غمضت عيني من الخوف وسمعته وهو بيقولي أنا آسف جداً ومتشكر جداً.. دلوقتي اقدر أقولك إنك مش هتشوفيني تاني.. سلام يا دكتورة ..
دي كانت كلماته الأخيرة ومن ساعتها وأنا بخاف أبص ورايا!..

#بأي_ذنب_قُتلْت
#نهى_الراعي

ليست هناك تعليقات