إبحث عن موضوع

التكية

الأرض اللي احنا بنعيش عليها دي هي هي نفس الأرض من بداية الخلق لحد النهاردة، يعني مثلًا حتة الأرض اللي مبني عليها بيتك أو بيتي...أكيد في وقت من الأوقات حد عمل عليها معصية و أكيد حد تاني عمل عليها خير أو صدقة..... مش فاهم حاجة صح ؟!
طب بص يا سيدي...أنا هبسطهالك، لو في حتة أرض كانت جامع زمان و الجامع ده اتهد و بقى مكانه خراب و بعد كده اتبنى مكانه مثلًا بيت و البيت ده أهله بيشربوا خمرة و بيرتكبوا معاصي...مش برضه هي دي نفس الأرض اللي لما كان مبني عليها جامع كان في ناس بيصلوا عليها ؟!
أظن كده فهمت قصدي...يلا بينا بقى احكيلك حكايتي عشان تعرف انا ليه صدعتك بالمقدمة الطويلة...يلا بينا.

أنا ولي
بشتغل محامي تحت التمرين في مكتب واحد من المحامين الكبار، رجل رخم و ماحدش بيطيقه و من يوم ما اشتغلت عنده و انا في سؤال هموت و اعرف أجابته؛ هو الرجل ده بيكسب كل القضايا اللي بياخدها ازاي و هو ماحدش بيطيقه في المجال بتاعنا...!
عمومًا يلا مش مهم تلاقيه بيكسبها بالحظ أو عن طريق ثغرات في القانون، بصراحة ماكنش مهم أوي اعرف أجابة السؤال على قد ما كان مهم أن انا اخلص فترة تدريبي و اتوظف في المكتب أو أفتح مكتب خاص بيا و ده إذا عرفت يعني أبقى محامي شاطر و عُقر زي ما بيقولوا.

ما علينا...كانت ماشية حياتي تمام ما بين البيت و المكتب طول الأسبوع و ما بين يوم الأجازة اللي كان بيبقى يوم مخصص للخروج مع خطيبتي لحد ما حصل قصادي موقف غريب شقلب حياتي، في اليوم ده كنت واقف تحت البيت الساعة ٣ قُرب الفجر كده، كنت بكلم خطيبتي في التليفون و كنت مولع سيجارة، و بحكم أن تاني يوم كان أجازة ف انا كنت سهران على غير العادة و السهر و انت خاطب مايحلاش ألا مع صوت خطيبتك، و انا بقى خطيبتي كانت حب عمري و كنت بعشق صوتها في الحقيقة و كمان كنت بعتبرها أقرب صاحب ليا ف كالعادة برضه كنت بكلمها و بشتكيلها من ظلم الرجل صاحب المكتب اللي بتدرب فيه و كنت بقول لها أنه رجل شراني و هي كانت كالعادة برضه بتصبرني لحد ما بدأت اسرح...ماسرحتش في خطيبتي ولا في كلامنا لأ، أنا سرحت في العربية اللي وقفت قصاد الخرابة اللي في أول حارتنا، و بالمناسبة يعني الخرابة أو حتة الأرض اللي مليانة قمامة دي، بيقولوا أنها زمان كانت تكية و الحقيقة انا كبرت و اتربيت و انا ماعرفش معنى كلمة تكية بالتحديد لكني كنت بسمع أنها عبارة عن مكان كانوا بيذكروا فيه ربنا زمان، و كمان كنت اسمع أنه مكان له قدسية كده زي المساجد لكنه مش مسجد، المهم من غير ما اطول أنا ركزت في العربية الفخمة اللي وقفت قصاد الخرابة و اللي خلاني اركز أن المنطقة عندنا منطقة شعبية اوي و مابيدخلهاش عربيات غالية؛ ف لما عربية فخمة زي دي تدخل منطقتنا الساعة ٣ الفجر و تركن قصاد الخرابة يبقى أكيد وراها مصيبة و ده اللي خلاني فضلت واقف مكاني تحت البيت في الضلمة و ماتحركتش علشان اللي راكب العربية ماياخدش باله مني و يتصرف بطبيعية و يعمل اللي هو جاي عشان يعمله و عشان انا كمان اعرف اراقبه و اعرف هو بينيل أيه، و عشان اركز معاه كويس قفلت مع خطيبتي من غير ما اقولها سلام حتى و وقفت ساكت خالص و كان من الواضح أن اللي راكب العربية مش شايفني و كان شكله متأكد أوي من أن مفيش حد في الحارة، ف بدأ يعمل اللي هو وقف عشان يعمله و هنا كانت الحاجة الغريبة، أنا فجأة لقيت أزاز العربية اتفتح و لقيت اللي سايق خرج أيده من الشباك و أيده كان فيها كيس اسود رماه ناحية كلب كان واقف جنب الخرابة و أول ما الرجل رمى الكيس الكلب جري نحيته و بدأ ياكل منه و كأن الكيس جواه أكل، بصراحة انا شوفت المنظر ده و ساعتها حسيت أن انا وحش اوي لأني ظلمت الرجل اللي جه رمى أكل للكلب و مشي من غير ما يعمل أي حاجة غلط...مفيش ثواني و انا واقف بلوم نفسي و لقيت الحال اتبدل، الرجل بعد ما مشي بالعربية و الكلب آكل الأكل اللي كان في الشنطة بدأ الكلب يعوي و يصرخ و كأنه بيتألم لحد ما فجأة لقيته وقف و بص لحجر كبير كان موجود على الأرض و فجأة لقيت الكلب بيبعد عن الحجر و مرة واحدة راح ناحيته جري و خبط راسه فيه بقوة، و فضل الكلب يكرر الحركة دي حوالي ٣ مرات لحد ما راسه بدأت تنزل دم و ساعتها الكلب اترمى على الأرض و كان بيتألم ألم شديد و كأنه بيموت، و مرة واحدة و بدون أي مقدمات لقيت الكلب بيزحف بكل قوة علشان يدخل جوة الخرابة، بصراحة ساعتها الكلب صعب عليا و روحت ناحية الخرابة علشان اشوف ماله و أيه اللي حصل له و لما دخلت و دورت عليه مالقتهوش و كأن الأرض اتشقت و بلعته لحد ما وانا واقف بدأت اسمع من ورايا صوت زمجرة كلاب...أه بقول كلاب لأن الصوت كان واضح انه خارج من كذا كلب مش من كلب واحد، تلقائيًا لفيت عشان اشوف الكلاب دول بيزمجروا عليا ليه لكني لما لفيت مالقتش غير كلب واحد بس و الكلب ده كان هو هو نفس الكلب اللي كان بيموت من شوية لكني لقيته واقف قصادي زي الأسد و عينيه أقسم بالله كان لونهم احمر و بينوروا في الضلمة، وقتها بص نحيتي بغضب و كأنه بيستعد عشان يهجم عليا لكني ماديتلهوش فرصة و طلعت جري من الخرابة و فضلت اجري لحد ما طلعت البيت و لما طلعت البيت كلمت خطيبتي و اعتذرتلها و قولتلها أن التليفون فصل و بعد ما طمنتها عليا حطيت راسي على المخدة و انا بفكر في الموقف اللي حصل و بحاول ألاقيله تفسير لكن قطع تفكيري النوم اللي سحبني معاه لعالم تاني أول ما غمضت عنيا...أول ما غمضت عنيا بدأت اسمع أصوات مش واضحة من بعيد لكنها كانت بتقرب و كل ما كانت بتقرب كانت بتبقى أوضح لحد ما الأصوات قربت و مع قربها بدأت توضح أكتر و اكتشفت وقتها أنها أصوات ذكر لناس كتير بيذكروا كلهم بصوت واحد و كأنهم بيغنوا، و مع قرب الصوت و وضوحه بدأت افتح عينيا علشان الاقي نفسي واقف في مكان أشبه ب حوش كبير جوة مبنى، و حوالين الحوش أو حتة الأرض دي كان في رجالة كتير قاعدين ع الأرض و مشكلين زي دايرة كده، كانوا قاعدين بيذكروا ربنا و عمالين يهزوا راسهم و كان كمان من الواضح أن الصوت اللي انا سامعه ده هو صوتهم، بصراحة كنت مبسوط و كنت حاسس بفرحة غريبة و انا سامعهم و واقف وسطهم لحد ما فجأة شوفت واحدة ست ظهرت من عند باب المبنى اللي انا كنت واقف جواه و أول ما الست دي ظهرت الرجالة سكتوا و هي بصت لهم بغضب و ملامح وشها كانت بتدل على أنها متعصبة او في حاجة مضايقاها، قربت الست من الرجالة و بدأت تكلم واحد منهم و تزعق فيه و تقوله...
- أطلع برة تكيتي يا حليف الملاعين...أطلع برة يا نجس.
وقف الرجل ده و بص لها بقرف و قال لها...
- هاخد التكية في يوم من الأيام يا كريمة...هاخدها و هطردك انتي و كل مجاذيبك دول براها و اوعدك أن انا هخليها خرابة.
أول ما قال كده الست اللي كان من الواضح أن اسمها كريمة بصيتله من فوق لتحت و قالتله...
- أطلع برة يا عشماوي يا خدام الملاعين...أطلع و خلي الناس يذكروا ربنا بقلوب صافية و من غير ما يكون ما بينهم حد نجس ولا سحار...
أول ما قالت كده الرجل بصلها بغضب و خد بعضه و خرج برة المكان خالص و بعد ما خرج الست دي مشيت و كأنها راحت ناحية مكان تاني أو أوضة جوة المبني بس قبل ما تمشي و تختفي عن نظري بصت للرجالة اللي قاعدين و قالت لهم...
- أذكروا و امدحوا لحد ما اجيبلكم الأكل.
أول ما قالت كده أختفت من المشهد و رجعوا الرجالة يذكروا تاني أو تحديدًا واحد منهم كان بيذكر و هم كانوا بيذكروا وراه و بيقولوا...
(رضينا بالنبي لنا إمامًا...رضينا بالنبي لنا إمامًا...رضينا يابني الزهرة رضينا..بحب فيكم يرضي نبينا...رضينا بالنبي لنا إمامًا...رضينا بالنبي لنا إمامًا)
و مع صوت الذكر اللي بدأ يروح أو يبعد بالتدريج بدأت أصحى من النوم على صوت المنبه اللي كان مظبوط علشان يصحيني قبل معاد خروجتي انا و خطيبتي، قومت من النوم و فطرت و خدت دش و بعد ما لبست أجمل لبس عندي روحت لبيت خطيبتي و سلمت على أهلها و بعد كده استنيتها لما غيرت هدومها و خدتها و نزلنا قعدنا في كافيه لكن على غير العادة كنت قاعد سرحان و مسهم لأن دماغي كانت مشغولة باللي شوفته امبارح عند الخرابة و كمان بالحلم الغريب اللي صحيت و انا مش فاهم حاجة منه، خطيبتي لاحظت أن انا متغير و أنِ قاعد مش مركز معاها ف فوقتني لما قالت...
- أيه يا متر...أيه اللي واخدك مني و مخليك مش مركز معايا..!
بصراحة كنت عاوز احكيلها زي ما انا متعود احكيلها على أي حاجة بتحصلي لكن حسيت أن في حاجة منعتني أو زي ما تقول كده خوفت اقولها لحد ما الاقي تفسير للي شوفته أو مالاقيش و انسى الموضوع، و اهو لو ماحصلش حاجة تاني يبقى موضوع تافه و عدى و مش من الضروري أنه يتحكي، المهم عدى اليوم و وصلت خطيبتي لبيتها بعد ما خلصنا خروجتنا و بعد كده روحت البيت علشان انام لأن المفروض أن انا هصحى للشغل من بدري، فردت جسمي عالسرير و بدأت اغمض علشان اروح في النوم و أول ما نمت بدأت اسمع أصوات الذكر من تاني و بدأت اشوف حلم جديد و كأني واقف في مشهد من فيلم، كنت واقف في نفس المكان و كان حواليا نفس الرجالة اللي فضلوا يقولوا نفس الذكر اللي سمعتهم بيقولوه في الحلم اللي فات لكن المرة دي سكتوا لما الست خرجتلهم و هي في أيديها صنية كبيرة مليانة أكل...كلهم اتلموا حوالين الصينية و بدأوا ياكلوا بنهم شديد، لكن فجأة كلهم توقفوا عن الأكل و بدأوا كلهم يصرخوا و كأنهم بيتألموا من حاجة و الحاجة دي أكتشفت أنها بطونهم اللي بدأوا كلهم يمسكوها لما وقعوا على الأرض واحد ورا التاني، لثانية كده فسرت المشهد أن الأكل اللي أكلوه كان مسمم و أكد تفسيري ده صوت الست اللي سمعتها بتصوت و بتقول بصوت عالي و هي خارجة بتجري برة المكان اللي انا كنت واقف فيه...
- ألحقوني...الحقوني يا أهل الله...حد حط سم في أكل دراويش التكية.
و فجأة أول ما قالت كده بدأوا الرجالة اللي نايمين على الأرض و بيتألموا و هم ماسكين بطنهم يرجعوا دم واحد ورا التاني لحد ما قطع المشهد صوت ضحكات شيطانية، لما بصيت ناحية مصدر الصوت أكتشفت أنه نفس الرجل اللي شوفت الست بتطرده في الحلم اللي فات بس كان واقف و هو بيضحك اوي ضحكة شيطان انتصر على أعداءه و من وراه كان واقف خيال اسود ضخم أول ما بصيت ناحيته حسيت بخبطة قوية على راسي خلتني قومت من النوم مفزوع..
قومت لبست و نزلت بسرعة لأني كنت متأخر عالمكتب لكني طول الطريق كنت بفكر في الحلم اللي انا شوفته و بحاول الاقي رابط بينه و بين الرجل اللي رمى الأكل للكلب لكن للأسف دماغي وقفت ف قررت ابطل تفكير و اتناسى اللي حصل و اركز ف شغلي، وصلت المكتب و كالعادة المحامي اللي بشتغل عنده روقني بسبب تأخيري، بصراحة كنت بسمع من هنا و بفوت من هناك لأن انا اتعودت منه عالمعاملة الزفت دي، المهم يعني خدت كلمتين تمام و روحت على مكتبي اللي كان قصاده مكتب زميل ليا لسه بيتدرب في المكتب زي حالاتي، أول ما قعدت ع المكتب بص لي و قال لي و هو بيضحك..
- أستاذ مختار روقك زي كل يوم يا ولي..صح !
بصيتله بقرف و قولتله...
- انا مش عارف انت فرحان كده ليه...سيبني يا عم ف حالي عشان انا مش فايق لهزارك، لأني بشوف كوابيس بقالي يومين و مزاجي زي الزفت.
أول ما قولتله كده قام من على مكتبه و سحب كرسي و جه قعد جنبي و سألني باهتمام...
- خير يا ولي..كوابيس أيه احكيلي.
حكيتله على اللي حصل كله من أول موقف العربية و الخرابة لحد أخر حلم شوفته و بعد ما خلصت رد عليا و قال لي...
- طب ما هو في حل كويس.
رديت عليه بتريقة...
- حل أيه يا ابو العُريف...أشجيني.
أتكلم و قال...
- طالما الموضوع متعلق بالخرابة اللي هي كانت تكية زمان ف أكيد هتلاقي حد من الناس الكبيرة في المنطقة عارف حاجة عن التكية اللي انت بتحلم أن انت واقف فيها دي..اللي هي بقت خرابة دلوقتي يعني.
رديت عليه و انا باصص له باهتمام...
- طب و أيه علاقة ده بالعربية اللي شوفتها بالليل...و اشمعنى بدأت اشوف الأحلام دي من بعد ما شوفتها ؟!
رد عليا...
- ما انت لو سألت حد كبير و حكالك حاجة عن التكية دي ممكن تلاقي رابط أو تكتشف حاجة انت مش عارفها.
فعلًا كلام زميلي كان مقنع و هو اللي خلاني بعد ما خلصت شغل ماروحتش بيتنا، أنا طلعت لبيت جدي اللي في نفس المنطقة اللي انا ساكن فيها، و طبعًا بعد سلامات و فنجان قهوة مظبوط من أيد جدي حكيتله على اللي شوفته و سألته عن التكية دي و ليه اتحولت لخرابة بالشكل ده و ليه لحد دلوقتي الأرض دي متسابة كده و أيه علاقة كل ده بالموقف اللي شوفته، جدي سمع مني أسئلتي و بعد ما خلصت لقيته رجع بضهره لورا و كأنه بيرجع بالزمن كمان و بدأ يحكيلي الحكاية من الأول خالص...

- المكان اللي هو دلوقتي بقى خرابة كان زمان تكية، و التكية هي عبارة عن مكان للعابدين و المتصوفين و الزاهدين في الدنيا، كانوا كلهم بيتجمعوا فيه زمان و بيقعدوا يذكروا ربنا و طبعًا الدولة بتبقى مشغلة حد مسؤول عن التكية دي و كمان الدولة وقتها أو الحاكم هو اللي بيبقى مسؤول عن مصاريف التكية و اللي فيها من أول الأكل و الشرب لحد التوضيب و الفرش، التكية دي بقى بالذات كانت من أفضل التكايا اللي في مصر و طبعًا مع تقدم الزمن و زوال الدولة العثمانية اللي كانت بتدعم الموضوع ده بقوا الأهالي و أصحاب الخير هم اللي بيصرفوا ع التكية اللي كانت مسؤولة عنها ست كبيرة و صالحة أسمها الست كريمة، كانت الست دي هي المسؤولة عن كل كبيرة و صغيرة فيها لحد ما ف يوم اتخانقت مع رجل كان قاعد وسط الزاكرين و الناس بتقول أن الرجل ده كان دجال و كان بيروح التكية عشان ياخد منها مجاذيب و يحضر عليهم جن و عفاريت ف الست كريمة لما عرفت طردته، لكن هو ماسكتش و اتخانق معاها و قال لها أنه مش هيسيبها ف حالها لحد ما بعد فترة كل اللي في التكية ماتوا بسبب أن الأكل كان فيه سم و طبعًا المسؤولية شالتها الست كريمة اللي الأهالي طردوها و قالوا أنها هي السبب في موت الناس بسبب أهمالها لأنها أكلتهم أكل بايظ جاب لهم تسمم و موتهم، الست كريمة ماستحملتش أن الناس تتهمها اتهام زي ده، ف من الزعل تعبت و بعد تعبها بفترة قصيرة ماتت، الناس وقتها كانوا بيقولوا أن الرجل ده هو اللي حط السم في الأكل عن طريق مكيدة عشان يأذي الست، و كلام الناس وقتها يا ابني كان كله كلام مرسل لحد ما الكلام اتأكد لما الرجل ده قدر يستولى على التكية و حتة الأرض اللي مبني عليها مبنى التكية، الغريب بقى يا ابني أن الرجل ده أول ما خد التكية بسبب معارفه في الدولة وقتها؛ هدها و سابها خرابة و لما حد كان بيقوله أنت ليه مابنتش مكانها أو رجعت بنيتها تاني !
كان بيرد و يقول انها أرضه و يعمل فيها اللي هو عاوزه و فضلت الأرض مهجورة و الناس بترمي فيها القمامة و المخلفات بتاعتهم لحد ما السنين مرت و مع مرور السنين الناس كانت بتتداول الحكاية اللي حكيتهالك دي و اللي عمرها بيرجع لعقود كتير، المهم فضلت الأرض خرابة حتى بعد ما ورثها ولاد الرجل الدجال اللي اسمه (عشماوي)، الأرض يا ابني فضلت خرابة زي ما هي حتى بعد ما اتورثت من أولاد عشماوي لأحفاده لدرجة أن مع مرور الزمن و توالي الأجيال الناس نسيت أصلًا أن الخرابة دي ليها صاحب، مع أن أحفاد عشماوي هم الورثة ليها و مع ذلك سايبينها زي ما هي و ماحدش يعرف السبب ولا حد يعرف هم ليه سايبينها خرابة..!
بصيت لجدي باستغراب و قولتله...
- اللي انت بتحكيه ده يا جدي انا شوفته ف الحلم، بس السؤال هنا بقى... أيه علاقة العربية بالكلب بالأحلام اللي بشوفها ؟
وقتها بص لي جدي و رفع كتافه و قال لي..
- ماعرفش يا ابني...ممكن يكون حد قاصد يوصل لك رسالة أو حاجة لكني حقيقي مش لاقي تفسير.

خلصت كلام مع جدي و روحت البيت نمت لأني كنت مرهق جدًا و أول ما حطيت راسي عالمخدة نمت، و أول ما عنيا غفلت حصل اللي انا متوقعه و شوفت حلم تاني بس المرة دي كان الحلم مختلف، حلمت أن انا واقف في الخرابة و قصادي رجل بيحفر حفرة وسط الزبالة و بيدفن في الحفرة دي حاجة ماقدرتش احددها لا هي ولا ملامح الرجل لأنه كان مديني ضهره، فضلت واقف مركز معاه اوي عشان اشوف مين ده أو بيدفن أيه لكن قطع تركيزي صوت كلاب أول ما سمعته ظهر نفس الكلب قصادي من العدم و كان بيبصلي بنظرة كلها شر خلتني صرخت و أول ما صرخت قومت من النوم و انا مفزوع، فتحت عيني و بصيت حواليا لقيت الدنيا لسه ليل ف حاولت اهدي نفسي و اولع سيجارة لكني اكتشفت أن سجايري خلصت فقومت لبست و نزلت عشان اشتري سجاير، نزلت ف الشارع و مشيت و انا بفكر ف اللي بشوفه و ف اللي بيجرالي لحد ما وصلت عند الخرابة اللي أول ما وصلت عندها لقيت نفس العربية بس المرة دي العربية كانت بتمشي بسرعة و كأن اللي سايقها بيهرب من حاجة، حاولت اجري وراها عشان اعرف مين اللي سايقها لكني مالحقتش ولا حتى لحقت اشوف رقمها، وقتها وقفت جنب الخرابة و انا باخد نفسي بالعافية لكني فجأة افتكرت الحلم و افتكرت الرجل اللي شوفته بيدفن حاجة ف أرض الخرابة ف بصراحة اتشجعت و قولت ادخل الخرابة و اللي يحصل يحصل بقى، ما انا لو فضلت خايف كده هفضل اشوف أحلام مفزعة و كوابيس هتفضل منغصة عليا حياتي، و فعلًا دخلت الخرابة و انا مش عارف داخل ليه ولا بدور على أيه لكني كنت ببص في الأرض على أي حاجة لحد ما فعلًا لاحظت من النور البسيط اللي كان جاي من عمدان النور اللي على الصف التاني أن في حتة أرض مافيهاش زبالة ف طلعت الموبايل بتاعي و نورت الكشاف و وجهت أضاءته ناحية حتة الأرض دي اللي اكتشفت أنها مش متساوية و وقتها عرفت أن الحلم اللي شوفته ممكن يكون له علاقة بالحقيقة و أن ممكن يكون الرجل صاحب العربية دفن حاجة في الأرض، وطيت وبدأت احفر بأيدي في حتة الأرض دي و أول ما بدأت احفر بدأت تظهر ريحة وحشة اوي و كل ما كنت بستمر في الحفر كل ما الريحة كانت بتعلى أكتر و أكتر لحد ما فجأة اكتشفت مصدر الريحة لما حفرت كويس، الحفرة كان جواها بيض كتير سليم لكن كل بيضة مكسور منها حتة صغيرة و البيض كله كان مرسوم عليه رسومات بحبر اسود، كانت رسومات شكلها غريب و مالهاش معنى لكن كل اللي قدرت احدده من ريحة البيض و من الرسومات أن دي أعمال..!
ف رجعت ردمت الحفرة تاني و روحت اشتريت سجاير و طلعت البيت و فضلت سهران لحد ما الصبح طلع و مع طلوع النهار قومت لبست هدومي و روحت لجدي و حكيتله عن اللي شوفته و كان رده عليا...
- طالما يا ابني انت بتقول أن البيض اللي انت شوفته ده هو عبارة عن أعمال ف مفيش حد هيقدر يقول لنا نعمل أيه أحسن من الشيخ حسين.
رديت على جدي و قولتله...
- مين الشيخ حسين ده ؟!
رد عليا و قال...
- ده شيخ صحبي من زمان، بيصرف الجن و بيعالج الناس الملبوسين و بيفهم كويس في السحر و في الأمور اللي زي دي، أنت دلوقتي روح شغلك و لما ترجع عدي عليا و نروحله و نحكيله عن اللي شوفته و هو بأذن الله هيلاقيلنا تفسير.
و فعلًا خلصت كلام مع جدي و روحت المكتب و بعد ما خلصت الشغل طلعت جري على بيت جدي اللي خدني و روحنا انا و هو عند صاحبه الشيخ حسين اللي لما حكيتله عن اللي شوفته فسرهولي لما قال...
- بص يا ابني، البيض اللي انت لقيته مدفون ده هو عبارة عن أعمال بتتعمل عن طريق نجاسة و اللي بيعملها بيبقى متعاون مع شياطين و عاوز اقولك أن الأعمال اللي بتتعمل ع البيض دي بتبقى مش أعمال محبة ولا جلب و لا كل الكلام ده لأ، الأعمال دي بتبقى معمولة علشان أي واحد له قضية أو مظلمة قصاد قاضي يقدر بكل سهولة ينتصر على القاضي ده، و الأعمال دي يا ابني بتبقى عن طريق أن الساحر بيجيب البيضة العادية و بيكسر منها حتة صغيرة و بيفضي كل اللي فيها و بعد كده بيجيب سائل منوي و بيحطه جوة البيضة اللي بيكون مكتوب على قشرتها بعد ما بتتفضى طلسم العمل و بعد ما بيحط السائل المنوي جوة البيضة بيجيب الساحر برص و بيدبحه و بعد ما بيدبحه بيخلي دمه يتصفى جوة البيضة لحد ما يختلط الدم بالسائل المنوي و بعد ما بيعمل كده بيكون الساحر في أيده حتة قماشة بيحط عليها جزء من السائل المنوي اللي مخلوط بالدم و بيسيب الجزء الباقي جوة البيضة اللي المفروض علشان العمل يتم و يكمل بيدفن الساحر البيضة بالسائل اللي اتبقى جواها في أرض نجسة أو خربة، أه يا ابني ما انا ياما فكيت أعمال زي دي كتير.
أول ما الشيخ قال كده رديت عليه و قولتله...
- و الأعمال دي بتتفك ازاي يا شيخنا ؟!
رد عليا و قال...
- بتاخد البيضة دي و بترميها في ماية جارية، زي بحر أو في النيل مثلًا و لما البيضة بتنزل في الماية العمل بيتفك و بيبطل.
وقتها سرحت و بعد كده قولت للشيخ...
- طب و انا مالي و مال كل ده، و اشمعنى انا اللي شوفت كله ؟!
رد عليا الشيخ و قال...
- ممكن يا ابني يكون ربنا حطك في الموقف ده عشان تتصرف و تحل العمل اللي انت شوفته مدفون ده، بص يا ابني أكيد اللي انت شوفته ده له سبب و السبب ده هو أكيد انك تتخلص من الأعمال اللي انت اكتشفتها دي.

خلص الشيخ كلامه و رَوحت انا و جدي من عنده و بعد ما رَوحت جدي لشقته نزلت للخرابة و خدت كيس اسود كبير معايا و كمامة حطيتها على أنفي علشان الريحة و حفرت مكان الأعمال دي و بعد ما طلعتها كلها حطيتها في الكيس الاسود و روحت رميتها في النيل زي ما الشيخ قال و بعد ما عملت كده روحت نمت و انا حاسس أن ضميري مرتاح و الحمد لله نمت و ماشوفتش لا أحلام ولا كوابيس، نمت و انا مرتاح لكني لما صحيت و روحت المكتب الصبح لقيت الدنيا مقلوبة..

تكملة قصة التكية..

نمت و انا مرتاح لكني لما صحيت و روحت المكتب الصبح لقيت الدنيا مقلوبة...!

أول ما دخلت المكتب لقيت المحامي اللي انا بشتغل معاه مش موجود و ده أن دل على شيء ف يدل عن أن انا مش هتهزق النهاردة، شربت قهوتي و سيجارتي و بعد شوية لقيت أستاذ مختار صاحب المكتب جاي مخنوق و متضايق و دخل على مكتبه على طول من غير ولا كلمة، أنا و زميلي و بقية اللي شغالين في المكتب بصينا لبعض و نظاراتنا لبعض معناها أن احنا النهاردة هيبقى يومنا طين، أول ما مختار دخل مكتبه اتصل على تليفوني و طلبني أدخل له المكتب، قومت دخلتله و وقفت قصاده و انا بترعش من الخوف بسبب أن انا أكيد هتهزء لكن الحمد لله مازعقليش على غير العادة بس طلب مني أن انا اروح اجيبله ورق من مكتب محامي تاني، بصراحة انا ما صدقت أنه قال لي كده و خدت بعضي من قدامه و روحت جري على مكتب المحامي التاني اللي لما روحتله لقيته قاعد بيتكلم في التليفون و الظاهر أن الشخص التاني اللي كان بيكلمه في التليفون كان متعصب و صوته عالي لدرجة أن انا سمعته و هو بيقول له..
(أنا هطلع على مكتبه و مش هيكفيني فيها موته...أبن ال...ودا اخويا في داهية بدل ما يطلعه براءة...بلغه يا محمود أن أنور العيسوي جاي يقتلك يا مختار يا عوني)
أول ما المحامي شافني قفل التليفون و بص لي باستغراب و سألني انا مين ف بصيتله و سرحت لمدة ثانية كده و بعدين قولتله...
- أنا كنت طالع العمارة اسأل على دكتور الأسنان..هي دي العيادة بتاعته ؟!
طبعًا بص لي بقرف و قال لي مفيش دكاترة هنا، أول ما قال لي كده خدت بعضي و طلعت جري على المكتب اللي انا بشتغل فيه و لما وصلت مالقتش حد في المكتب غير أستاذ مختار اللي أول ما شافني سألني عن الورق بعصبية لكني رديت عليه و قولتله...
- ورق ايه يا أستاذ مختار...ده الرجل اللي بعتتني عنده كان بيتكلم في التليفون مع واحد أسمه أنور العيسوي و كان بيقوله أنه جاي على هنا عشان يقتلك !
أول ما قولت كده لأستاذ مختار وشه جاب ألوان و طلع موبايله و اتصل على واحدة ست عرفت انها مراته لما قال لها...
- تعالي يامشيرة بعربيتك خديني من المكتب...لا لا عربيتي في التوكيل...يلا مفيش وقت.
بصيتله باستغراب و سألته...
- في أيه يا أستاذ مختار...فهمني.
رد عليا و هو بيلم حاجته...
- النهاردة الصبح كنت بترافع عن أخو رجل الأعمال أنور العيسوي، وللأسف خد حكم بالمؤبد و زي ما انت سمعت كده...جاي يقتلني.
رديت عليه بسرعة و لهفة...
- طب و حضرتك هتروح فين...دول جايين على هنا.
رد عليا و هو بيروح ناحية الباب.. 
- انا هنزل اركب عربية المدام و هنروح نستخبى ف أي حتة لحد ما نشوف هنعمل أيه في المصيبة دي.
رديت عليه...
- طب و لو انا عاوز اوصل لحضرتك أعمل ايه ؟!
رد عليا...
- أبقى كلمني على الرقم ده.
و طلع ورقة و قلم و كتبلي فيهم رقم و بعد كده خد بعضه و نزل جري من المكتب، وقتها انا طلعت سيجارة و روحت ناحية الشباك لكن و انا واقف ببص من الشباك لفت نظري حاجة غريبة اوي، في عربية ركنت تحت العمارة اللي فيها المكتب...العربية دي تبقى هي هي نفس العربية اللي بتيجي تقف بالليل قصاد الخرابة اللي في منطقتنا، وقتها كنت لسه هنزل عشان اشوف العربية دي عربية مين لكني اتفاجأت لما لقيت أستاذ مختار بيركب العربية اللي كانت سايقاها واحدة ست، أول ما شوفت كده وقفت متنح و مبلم لحد ما في حاجة نورت في مخي...أستاذ مختار أسمه مختار عوني أحمد العشماوي..!
يا نهار اسود و منيل...أستاذ مختار يبقى هو حفيد عشماوي و هو صاحب الخرابة و هو اللي بيجي يرمي الأعمال بعربية مراته...بس هو اللي زي مختار ده محتاج يعمل أعمال ليه..؟!
لسه هفكر فجأة قطع تفكيري صوت ناس داخلين عليا المكتب، خرجت اشوف مين لقيت رجل شكله فخم اوي و معاه ٣ رجالة من اللي هم جتت دول ف اكتشفت أنهم رجالته، خرجت بصيتله و انا مخضوض و قولتله بحذر...
- خير يا أستاذ اؤمر..!
بص لي بقرف و شاور للرجالة اللي كانوا واقفين وراه...
- دوروا عليه و هاتوهولي..
سألته...
- يدوروا على مين و حضرتك مين ؟!
رد عليا و قال لي...
- اللي مشغلك...مختار عوني..فين ؟!
رديت عليه و قولتله.. 
- مشي من بدري...هو حضرتك مين ؟!
رد عليا و قال لي...
- أنا أنور العيسوي...من أكبر رجال الأعمال في بلدك، و اللي مشغلك بقى كان ماسك قضية اخويا اللي خليته يمسكها لأنه وعدني أنه هيجيبله براءة و خد مني ملايين، و في الأخر جاب لاخويا مؤبد و انا بقى و ديني هقتله.
رديت عليه بخوف و بقلق...
- طب و انا ذنبي أيه طيب...!
رد عليا و قال لي و هو بيقرب مني...
- انت اسمك أيه ؟!
رديت عليه و قولتله و انا ببلع ريقي..
- وو وولي الدين يا باشا.
طلع من جيبه تليفون و قال لي و هو بيقلب فيه...
- خد الرقم ده سجله عندك...و لو مختار ظهر اتصل بيا و انا اوعدك هديك مبلغ محترم يأمن مستقبلك و ماتخافش هو مش هيلحق يأذيك...هو أكيد خد الفلوس و هرب بعد ما ودى اخويا ف داهية الجبان أبن ال...
قال كلامه ده و سابني و خرج هو و رجالته و انا واقف محتار و مش عارف ولا فاهم حاجة، قفلت المكتب و رَوحت على طول على البيت و أول ما وصلت البيت اتصلت على الرقم اللي اداهولي أستاذ مختار اللي أول ما رد عليا قولتله...
- حضرتك انا ولي...بعد ما انت مشيت أنور جه و معاه رجالته و قالوا انهم عاوزين يقتلوك و أكيد هم بيدوروا على حضرتك في كل مكان دلوقتي.
رد عليا و قال لي...
- انا مش عارف في أيه ولا عارف اروح فين...انا خوفت اروح عند أي حد من اللي اعرفهم، و اديني انا و مراتي اهو واقفين في الشارع من الصبح.
وقتها رديت عليه و قولتله...
- يعني أيه تروح فين يا أستاذ مختار...مفيش آمن من المنطقة عندنا و بعدين بيت تلميذك مفتوح لك.
رد عليا بفرح و وافق أنه يجي عندي و خد مني العنوان لكن أول ما قولتله العنوان سكت شوية و بعد كده قال لي..
- انت ساكن في المنطقة دي من أمتى يا ولي ؟!
رديت عليه و قولتله...
- انا متربي في المنطقة دي من صغري.
رد عليا بلهفة...
- طب انا جايلك حالًا يا ولي...جايلك حالًا.

قفلت معاه و بعد حوالي ساعة لقيته بيتصل بيا و بيقولي أنه جه و أن انا المفروض أنزل اجيبه للبيت، نزلت جيبته و طلعنا البيت ولما جه كان جاي لوحده من غير مراته اللي قال لي أنها راحت تقعد عند واحدة صاحبتها، المهم جيبت له هدوم و بعد ما أكلت انا و هو قعد يتكلم معايا و سألني...
- انت عايش هنا من زمان يا ولي مش كده ؟!
رديت عليه...
- اه يا أستاذ.
بعد ما جاوبته سألني سؤال تاني...
- طب و تعرف أيه عن أرض الخرابة اللي قريبة منكوا هنا ؟!
رديت عليه باستعباط...
- أعرف أنها خرابة بنرمي فيها الزبالة الصبح و بالليل بيقفوا العيال بتوع المخدرات و المسجلين فيها عشان يضربوا مخدرات براحتهم بعيد عن عيون الناس.
وقتها مختار عرق و وشه بقى أصفر و قال لي..
- طب يا ولي انت لاحظت امبارح حاجة غريبة أو حد بيحفر في الخرابة ؟!
رديت عليه...
- لأ يا أستاذ ما لاحظتش...و بعدين حضرتك بتسأل كتير ليه ع الأرض دي..؟!
رد عليا....
- الأرض دي بتاعتي يا ولي، ورثتها عن جدي و فضلت سايبها خرابة زي ما هي بحسب وصيته ليا، و بسألك إذا كان حد حفر فيها ولا لأ؛ لأن انا كنت دافن فيها ورق مهم اوي ماينفعش يقع تحت أيد حد و الورق ده متعلق بالقضية اللي خسرتها النهاردة، و غالبًا الورق ده اتسرق أو حد خده عشان كده خسرت قضية محمد العيسوي أخو أنور العيسوي، الورق ده لو لقيته أو لو عرفت مين اللي خده ممكن أوي مشكلتي تتحل و ارجع أخرجه براءة.
أول ما قال كده قولتله بصوت واطي...
- ورق برضه يا ابن ال...
لاحظ مختار أن انا ببرطم ف بص لي و قال لي...
- بتقول حاجة يا ولي ؟!
رديت عليه و قولتله...
- بقول يا أستاذ أن انا هنزل لواحد اعرفه من العيال اللي بيقفوا عند الخرابة و اسألهولك، و ممكن هو يكون شاف حد بيحفر في الأرض ولا يكون عارف الورق ده فين، بص انا هنزل و ادعبس في المنطقة كده و لو عرفت حاجة هاجي ابلغ حضرتك.

و فعلًا صدقني المغفل و سابني انزل و انا بقى لما نزلت اتصلت بمين..!
اتصلت بأنور و قولتله أن انا لقيت مختار و أنه هيقابلني عشان عاوز ورق مهم من المكتب المفروض أن انا اقابله و اديهوله عند الخرابة اللي وصفتله عنوانها كويس، و بعد ما قفلت معاه اتصلت بمختار و خليته ينزلي عند الخرابة بعد ما قولتله أن الواد اللي سألته قال لي أنه شاف واحد بيحفر و بيخرج حاجة من الأرض و أن الواد ده هياخدنا و نروح للرجل اللي شافه بيحفر و فعلًا صدقني و نزل لي عند الخرابة اللي أول ما دخلها و لقاني واقف جواها بص لي و قال...
- هو فين الواد اللي انت قولتلي عليه.
رديت عليه و انا بضحك...
- واد أيه بقى و ورق أيه يا متر، ما خلاص انا عرفت كل حاجة، عرفت أنك انت اللي بتدفن الأعمال في الأرض لما بتيجي بعربية المدام بالليل عشان ماحدش يعرفك، و عرفت كمان أنك بتكسب كل القضايا بالسحر و بالعمل اللي بيتعمل على بيضة يا...يا متر يا محترم.
أول ما قولتله كده لقيته تنح و قال لي...
- انت بتقول أيه و عرفت الكلام ده كله منين ؟!
رديت عليه و انا ببتسم أبتسامة المنتصر...
- مش مهم عرفت منين، المهم أن انا اللي طلعت الأعمال و اتخلصت منها، بس في سؤال محيرني...انت كنت بترمي أيه للكلب من كام يوم و أيه حوار الكلب ده..؟!
رد عليا و قال لي و هو متعصب...
- الكلب ده يبقى هو شيطان الخرابة و اللي رميته له ده كان تجديد العهد، شيطان الخرابة اللي لما انت شيلت الأعمال غضب عليا و خلى العمل بتاع قضية العيسوي يتبطل و بسببك حصل اللي حصل.
كمل كلامه و هو بيقرب مني و بيستعد عشان يضربني..
- و انا بقى هموتك بسبب اللي انت عملته ياض يا ابن ال...
للأسف مالحقش يعمل حاجة لأن فجأة ظهر من وراه رجالة أنور العيسوي اللي ضربوه ضربة على دماغه خلته يفقد الوعي و يقع على الأرض و من وراهم ظهر أنور اللي روحت نحيته و قولتله...
- مختار اهو يا باشا...أظن انا كده تمام.
بص لمختار و قال لرجالته أنهم يشيلوه و يودوه على عربيته علشان يدفنوه و هو صاحي في مكان ما، و بعد ما رجالته شالوا مختار بص لي أنور و قال...
- بكرة تفوت عليا في مقر شركة العيسوي اللي في المهندسين و تروح عالخزنة...هتلاقي ظرف متساب بأسمك فيه ١٠٠ ألف جنيه.
بصيتله و ضحكت و بعد كده هو ركب عربيته هو و رجالته و مشيوا و انا طلعت البيت و انا فرحان باللي عملته، أه ما انا خلصت من دجال ابن دجال و خلصت من محامي شراني ضلالي و ف نفس الوقت طلعتلي بقرشين محترمين، نمت و انا بتمنى أن انا أحلم بالفلوس و بالعز لكن الحلم كان له رأي تاني، أول ما غمضت عيني حلمت أن انا واقف في الخرابة و كان قصادي مخلوق أسود طويل مش باين منه لا ملامح ولا تفاصيل، ماكنش في حاجة واضحة منه غير صوته اللي سمعته و هو بيقولي.. 
- لأ حلوة و ملعوبة، طلعت أذكى منه و وديته في داهية، بس تفتكر ١٠٠ ألف جنيه كفاية ؟!
رديت عليه باستغراب...
- أنت مين ؟!
رد عليا...
- أنا شيطان المكان اللي حضره عشماوي زمان بدم الدراويش اللي سمهم، أيه رائيك لما اعمل معاك صفقة و احنا الاتنين نكسب فيها..!
رديت عليه...
- صفقة أيه ؟!
جاوبني و قال...
- انت تعمل زي ما مختار كان بيعمل و تستمر في الأعمال و تبقى محامي مشهور و ماتخسرش ولا قضية، و في مقابل كده كل المطلوب منك أنك هتجدد خدمتك ليا عن طريق أنك تجيب أي حتة من لحم واحد ميت للكلب اللي هو الخادم بتاعي و ترميهاله عند الخرابة في ليلة قمرية من كل شهر.
فكرت شوية و بعد كده قولتله...
- طب و انا هعمل الأعمال اللي كان بيعملها مختار ازاي؟!
رد عليا و هو بيضحك...
- أول ما تصحى و تنزل أحفر مكان ما الأعمال كانت مدفونة، هتلاقي ورقة أو بردية مكتوب فيها طريقة العمل اللي غالبًا انت عارفها لأن الشيخ قالك عليها.

قال كلامه ده و اختفى و مع اختفاؤه صحيت انا من النوم و أول ما صحيت لبست و نزلت حفرت زي ما قال لي و فعلًا لقيت ورقة شبه الورق البردي بتاع الفراعنة ده، كان مكتوب عليها طريقة العمل و الطلاسم اللي المفروض تترسم عليه، أخدت الورقة و طلعت جري على شركة العيسوي لكني ما روحتش على الخزنة، أنا روحت لمكتب أنور اللي عرضت عليه أن انا همسك قضية اخوه و هقدم فيها استئناف و هجيبله براءة في مقابل أن انا أخد ٣ مليون جنيه و مش هاخد منهم جنيه ألا لما اطلعه براءة، وافق أنور و انا خدت ال ١٠٠ ألف جنيه و مسكت القضية بعد ما عمل لي توكيل، و مع أول ليلة قمرية روحت لواحد تربي كنت اعرفه و خدت منه أيد واحد ميت و رميتها للكلب و يومها شوفت شيطان الأرض في الحلم و هو بيقولي أن انا كده جددت العهد و أن انا بقيت صاحب الخرابة و من حقي ادفن فيها الأعمال اللي هو بيتوكل بتنفيذها، عدت أيام و جه معاد القضية و قبل جلسة نطق الحكم بيوم جيبت بيضة و كسرتها و فضيت اللي فيها و بعد كده رسمت عليها الطلاسم اللي مرسومة في الورقة بقلم أسود و بعد ما رسمت الطلاسم جيبت سائل منوي و حطيته جوة البيضة و بعد كده جيبت برص و دبحته بموس و خلطت دمه بالسائل المنوي اللي جوة البيضة و بعد ما عملت كده جيبت منديل قماش و فضيت عليه جزء من السائل ده و طبقته و حطيته في جيبي و بعد كده روحت دفنت البيضة في الخرابة، و يوم الجلسة الصبح أديت المنديل للمتهم و ساعة نطق الحكم القاضي حكم عليه بالبراءة لأن ببساطة الحرز اتبدل من هرويين ل سكر بودرة...شغل شياطين و عفاريت بيقدروا عن طريق اللعب في المخ أنهم يخلوا موظف بيكتب تقرير يبدل كلمة هروين ب سكر بودرة...

كده حكايتي خلصت و بقيت انا من أكبر المحامين في مصر بعد ما كسبت قضية أخو أنور و اخدت ٣ مليون جنيه و عزلت من المنطقة كلها و اشتريت كمان مكتب مختار الله يجحمه مطرح ما راح من مراته اللي أقنعتها انها تسافر برة مصر لأن وجودها فيه خطر على حياتها، أنا صحيح مشيت و سيبت المنطقة لكن الخرابة اللي اشتريتها هي كمان من مرات مختار كانت هي الحاجة الوحيدة اللي بتخليني انزل المنطقة عشان الأعمال اللي بعملها و بدفنها فيها، بقيت انا مكان مختار لكن انا بقى كنت أصيع منه و بنيت سور حوالين الخرابة عشان اللي انا عملته معاه ماحدش يجي و يعمله معايا..
كل حاجة كانت زي الفل ماعدى حاجتين، أولهم جدي اللي كان عارف كل حاجة من الأول و اللي كان شبه اتبرى مني بعد اللي وصلتله لكن الله يرحمه بقى مات بعد أخر خناقة بيننا بيومين، و الحاجة التانية هي الحلم اللي بشوف نفسي واقف فيه وسط التكية و قصادي كانت الست كريمة صاحبة التكية و هي بتعيط... بس مش مهم، مش مهم الحلم ولا مهم كريمة ولا مهم التكية و لا الناس اللي ماتوا فيها زمان ظلم، المهم أن انا دلوقتي بقيت من أكبر المحامين في مصر و مفيش قضية بمسكها ألا لما بكسبها، و ده طبعًا عن طريق عهدي مع شيطان الخرابة...اللي كانت زمان تكية...
تمت

محمد_شعبان

ليست هناك تعليقات