إبحث عن موضوع

رواية اشواق الحلقة الثانية و الثالثه

الثاني
أصر القرويون أن يؤمهم كامل لصلاة المغرب فما يرون من علامات التزامه بالدين يشجعهم على هذا . 
سعد كامل بتنفيذ هذا المطلب لأهل قريته وتقدم ليؤم الصلاة . بصوت عذب استرسل فى القراءة ليسعد المصلون بالصلاة خلفه .
انتهت الصلاة ليصر على سلام أن يصحبه لمنزل مرعى فورا فما كان من سلام سوى الرضوخ لمطلبه .
لم تكن بدور وابنتيها قد عادتا للمنزل بعد فالعمل لا ينتهى قبل تعبئتة الكمية المفترضة لليوم ايا كانت الظروف .
طرق سلام الباب لتفتح الصغيرة هناء فيتحدث معها بود : ازيك يا بت يا هناء .
هناء بطفولة وبراءة : الحمدلله يا ابا الحج سلام .
سلام : ها نجحتى فى الامتحان بدرجة حلوة ولا عملتى زى وفاء ؟
هناء بفخر : لا دا أنا جبت مجموع يدخلنى ثانوية عامة كمان .
سلام بمرح وسعادة : ثانوية عامة مرة واحدة كدة . لا براوة عليكى . ابوكى فين بقا ؟
هناء : ابويا جوة اتفضلوا .
دخل بصحبة سلام ولا يزال ملتزما الصمت ، ينظر حوله لبساطة المنزل يبدو بالفعل منزلا لأسرة شديدة الفقر .. تفحصت عينيه الصغيرة هناء يبدو أن فتيات هذه الأسرة جمالهن ما يزيدهن تميزا . 
أقبل مرعى بعد لحظات : يا مرحب يا مرحب يا حج سلام . نورتنا والله . الشاى يا بت يا وفاء .
سلام : مرحب بيك يا مرعى . اخبارك ايه؟
مرعى : الحمدلله فى نعمة .
مد يده مصافحا كامل ليقول سلام : الاستاذ كامل ابن عمى 
مرعى : عارفه يا حج سلام . ازيك يا سى الأستاذ نورتنا والله 
ابتسم كامل ببرود : الله ينور عليك يا مرعى .
جلسوا ثلاثتهم ليقول سلام : البت هناء نجحت صحيح ؟
مرعى وقد علت وجهه علامات الاسف : نجحت يا حج  وجايبة مجموع كبير . وشبطانة فى الثانوية دى اللى بيقولوا عليها .
كامل : طيب ما تدخلها ثانوية 
مرعى ببساطة وتلقائية : ثانوية إيه يا سى الأستاذ ماتأخذنيش هو احنا حمل ثانوية وترجع تقولى ادخل الجامعة . هى كفاية عليها دبلوم زى اخواتها .
سلام : لا دخلها وانى متكفل بيها . 
اتسعت عينا مرعى بسعادة لكن وجهه يتحدث عن حرجه : ازاى يا حج سلام . ده كتير اوى .
سلام : لا مش كتير ولو عاوزة تدخل الجامعة هدخلها . انت عارف ماخلفتش بنات وهعتبرها بنتى 
مرعى : ربنا يبارك لك فى محمد وحسن وتشوفهم احسن ناس في الدنيا .
ابتسم سلام بينما كامل يشعر بالاستياء منه ، هل جاء معه ليخطب الفتاة ام جاء ليعلن عن أعماله الخيرية !!؟ 
صمت سلام اخيرا ليقول هو : أنا جاى النهاردة ليا طلب عندك يا مرعى .
شعر مرعى بمزيد من الحرج وهو يتساءل : على عينى يا سى الأستاذ . تحت امرك .
كامل بثقة : أنا طالب ايد بنتك أشواق .
صدمة واضحة على ملامح مرعى نبأت أنه سيرفض ، وهذا وحده أشعر سلام بالراحة فهو لا يتمنى إتمام هذه الزيجة . 
طال الصمت ليتساءل كامل : ها !!!قولت ايه يا مرعى ؟
مرعى وكأنه يريد أن يتأكد مما قاله هذا الشيخ : اشواق بنتى يا سى الأستاذ ليك انت !!؟
كامل ببساطة : ايوة ليا أنا امال لمين ؟ أنا شقتى فى المركز جاهزة من مجاميعه هاخدها بشنطة هدومها . واجيب لها شبكة دهب عيار واحد وعشرين .واى طلبات ليها هنفذها طبعا 
حمحم مرعى بخجل : والله ما عارف اقولك ايه ؟ هشور البت وارد عليكم 
دخلت وفاء تحمل صينية فوقها ثلاثة أكواب من الشاى الساخن لينتهى الحوار ويعود سلام لأمر كفالته الصغيرة هناء حتى تنهى تعليمها ليخبر مرعى أنه سيريل معها أحد رجاله لتقديم أوراقها بالثانوية العامة فالمدرسة بالمركز أيضا ولا يجوز ذهابها وحدها .
ظلوا يتسامرون لفترة دون أن يذكر أى منهم أمر الزواج مرة أخرى حتى صدح اذان العشاء فنهض سلام وكامل الذى قال : هستنى ردك بكرة إن شاء الله انا قاعد عند سلام 
هز مرعى رأسه : إن شاء الله .. نورتونا والله .
وغادرا ليتركا مرعى يغرق في حيرته . ايعقل هذا !!! يزوج صغيرته لرجل يكبره هو نفسه . 
*****************
لم يشعر بالراحة لنظرات مرعى له . اغلب الظن سيرفض زواجه من ابنته .
لا سيفقد عقله إن فعل . سيدفع له ما يريد . قد يدفع كل ما يملك ..وما يملكه ليس بهين وسيزيد ايضا المهم أن يحصل عليها.
هل سيشتريها !!! 
ولم لا . سيفعل أى شئ لتكون اشواق ملك له وحده .
ساد الصمت بينه وبين سلام منذ غادرا منزل مرعى حتى  عادا للمنزل . دعاه سلام لتناول العشاء لكنه رفض وتوجه لغرفته بصمت 
******************
عادت بدور للمنزل ليطلب منها مرعى أن تلحقه للغرفة ليشاركها حيرته وهمومه ، توجهت إليه فورا ليخبرها بما حدث وبعرض الزواج المقدم من كامل .
استمعت له بسعادة حتى اخبرها عن عرض الزواج لتضرب صدرها بفزع  : يامصبتى !!! سى كامل !!!! ده اكبر منك يا مرعى .
مرعى : عارف يا بدور إنه أكبر منى هو أنا قلت أنى وافقت أنا بقولك اللى حصل وخلاص .
صمت لحظة ليقول بشرود وكأنه يفكر بصوت مرتفع : هو أكبر منى صحيح بس هياخد البت بشنطة هدومها وهتعيش فى المركز وترتاح من المرمطة فى الغيطان .
بدور : قصدك ايه يا مرعى ؟
اخفض مرعى رأسه وهو يقول: محتار يا بدور . القرشين اللى شقينا عمرنا علشانهم يستروا بت واحدة واحنا فى رقبتنا أربعة . هتلاقى فين راجل يقول مش عاوز جهاز ويتحكم ويتشرط . 
تنهدت بدور بحزن : يعنى نضيع عمر البت مع راجل اكبر من ابوها علشان الفلوس يا مرعى !!؟ 
أسند مرعى خده إلى كفه وقال بحزن : أنا شايل الهم يا بدور . هم قاطم وسطى ومش قادر اتكلم . ما هى لو اشواق اتجوزت سى كامل القرشين يستروا اختها اسماء وعلى ما وفاء تكبر شوية نكون ربنا كرمنا بقرشين تانين ده غير إن الحج سلام هيدخل هناء الثانوية اللى عاوزاها ويتكفل بيها حتى هيدخلها الجامعة وممكن تتوظف وتعيش عيشة تانية .
رفعت بدور عينيها للسماء تشكى لله لوعة قلبها : بقا يا رب أنا والراجل نتطلم العمر كله ومش قادرين نستر البنات .اللهم لا اعتراض .
مرعى : بصى يا بدور أنا مش هشيل ذمب البت إحنا نشورها ولو موافقة يبقى خير وبركة مش موافقة نفضها سيرة وربنا يرزقنا برزقهم .
هزت رأسها دون أن تجيب فقد سيطرت الحيرة على حواسها جميعا .
بينما اخذهما الحديث لم ينتبها لباب الغرفة الذى لم يغلق بشكل جيد مما أعطى الصغيرة وفاء القدرة على استماع حوارهما لتسرع إلى شقيقاتها بتلك الأخبار الجديدة .وفاء ليست اكثر من طفلة لم تتم عامها السادس عشر وترى أن الزواج هو رداء ابيض وحلم جميل لذا ترى عرض كامل للزواج ب اشواق منتهى السعادة .فهى لم تعرف من الرجال بعد سوى صورة والدها وهذا الرجل تتفوق صورته على صورة والدها بالطبع . 
هو وقور بشعيراته البيضاء ، حكيم بلحيته المهذبة ، مشرق الوجه بإبتسامة حانية ، وماذا قد تتمنى اختها اكثر من ذلك !!! بالإضافة لكونه يعيش بالمركز ولن تضطر اشواق للعمل تحت أشعة الشمس الحارقة لأجل بضعة جنيهات .
ترى وفاء أنها تزف لشقيقتها أسعد خبر قد تتلقاه يوما .
كن مجتمعات بحجرتهن المتواضعة حين دخلت وفاء لاهثة من فرط حماستها : شوفتو يا بنات ؟!
انتبهن لها لتقص عليهن ما استمعت له من حوار ، غابت اشواق عن الواقع وهى تعود لذكرى رؤيته للمرة الوحيدة ، ذلك الشيخ المهندم بشوش الوجه ، لكنه يظل شيخا عمره اكبر من عمر والدها ، كما أن بعينيه نظرة اخافتها بالفعل دون أن تدرى سبب خوفها هذا .
ظلت وفاء تتحدث بحماس عن عرضى سلام وكامل فقد ربط عقلها الصغير العرضين ببعضهما ليظن من يستمع أن دخول هناء للثانوية مرتبط بقبول اشواق للزواج . اخيرا اخبرتهن أن والديهما قد تركا الأمر لإرادة اشواق .
فى لمح البصر كانت هناء تتعلق بذراع اشواق برجاء : وافقى يا اشواق علشان خاطرى . ابا الحج سلام هيدخلنى المدرسة فى المركز وهاجى كل يوم ازورك . 
تربت على صدرها برجاء : علشان خاطري يا اشواق .
تنظر لها اشواق بحيرة لتقول وفاء : والله لو رفضتى انت الخسرانة . 
اسماء : اقله هتترحمى من شغل الغيط اللى قطم وسطنا وعلى مفيش .
تسند وفاء كفيها مجتمعين إلى صدرها وتقول بهيام : هيبقى لك شقة لوحدك .. وتاكلى لحمة وفراخ .. وتروحى السيما ..أنا لو منك اتجوزه الصبح .
تحدثت اشواق اخيرا : بس ده كبير اوى أنا شوفته فى الغيط .
لم تحصل على إجابة فكل منهن تريدها أن تقبل هذا الزواج .. اسماء ستحصل على المال الذى أعده والديها للجهاز وستتمكن من الزواج سريعا .. وفاء التى لا تفهم سبب حماستها المفرطة هى غالبا لا زالت ترى الزواج نزهة ترفيهية .. وهناء التى تنتظر موافقتها لتلتحق بالثانوية العامة وتحقق أحلامها . 
قاطع أفكارها صوت أمها يناديها لأمر هام أصبحت تعرفه جيدا 
توجهت لأمها فورا لكن بدور جلست صامتة بعض الوقت ، هى لا تعرف كيف تخبر ابنتها عن هذا العرض وهى تعى جيدا خطورة هذا الزواج . ابنتها تلك الزهرة التى لم تتفتح بعد ورجل أنهى خريف عمره .
تنهدت بدور لتبدأ تتحدث عن عرض كامل لتبتسم اشواق برضا . إن كانت سعادة شقيقاتها فى هذا الزواج ستقبل به دون لحظة تفكير . 
هى اعتادت حياة الشقاء وهذا الشيخ رغم عمره الذى تجاوز الستين عاما سيوفر لها حياة كريمة . وستتزوج اختها اسماء . وتلتحق هناء بالثانوية العامة . هى ترى هذا الزواج عرض جيد لها فى هذه اللحظة . 
رفعت رأسها بثقة وقالت : أنا موافقة يا اما .
صدمت بدور لقد توقعت رفضها اوبكاءها أو حزنها لكنها ترى نظرة الرضا بعينيها بلا أى لمحة حزن .
تلعثمت بدور : موافقة على ايه يا ضنايا بقولك ده اكبر من ابوكى !!؟ 
اشواق : وماله يا اما مش بيقولوا الراجل مايعبوش حاجة .
بدور بحيرة : يا بنتى ما يعبوش حاجة لو من دورك ولا اكبر منك بفرق معقول لكن ده اكبر من ابوكى يعنى رجله والقبر .
اشواق بإعتراض : الأعمار بيد الله يا اما . فينا نفس وفيه نفس . أنا موافقة على الجواز .
ترى بدور أن ابنتها لازالت صغيرة ولا يمكنها اتخاذ هذا القرار الهام ؛ رغم أنها تزوجت مرعى بنفس العمر لكن بالطبع عقل اشواق الصغير لا يمكنه توقع تبعيات زواج كهذا وزوج بهذا العمر .
كيف توضح لها الأمر !!؟ 
لطالما سمعت عن زيجات مشابهة ناجحة ؛ تراها غالبا عبر عدسة السينما ، أما في الواقع هى ترى أن حياة ابنتها تتجه لنهايتها قبل أن تبدأ .ورغم إحاطتها بما قد ينتج عن هذا الزواج لا تملك رفضه .
الفقر يجبرها على القبول .. الحاجة تجبرها على القبول.. زوجها يجبرها على القبول .. الخوف على مصير الفتيات يجبرها على القبول...
لكن ماذا عن أشواق !!!؟ 
إنها صغيرتها التى أطلقت عليها اسما مميزا وتمنت أن تحظى بحياة مميزة أيضا .
***
عادت اشواق لغرفة شقيقاتها ليتلقفنها بحماس وتتساءل وفاء : ها يا اشواق !! قولتى إيه لأمك ؟؟
ابتسمت أشواق : هقول ايه يا وفاء . موافقة .
تهللت الوجوه للخبر السعيد وتبعته السعادة لتخيم على المكان . تنظر اشواق لسعادة شقيقاتها وتتعجب 
لم يشعر الجميع بالسعادة عداها؟؟!!!!
هل اتخذت قرارا صائبا !!؟ 
هل أخطأت ؟؟! 
لم يعد الأمر يشكل فارقا كبيرا فقد بدأت المشوار وعليها انهاءه .
_________
الثالث
عادت بدور ل مرعى تجر أذيال الخيبة فى أمر ابنتها لتخبره بمرار   موافقة اشواق على الزواج .تبكى وتخبره عدم موافقتها هى فهذا الزواج يعنى أحد أمرين إما حياة بائسة أو ترمل قريب وهى لا تتمنى لصغيرتها أى منهما . لكن مرعى حزم أمره بعد موافقة اشواق وقرر إبلاغ كامل الموافقة فقد منحته الصغيرة عذرا لقبول الزواج بضمير مسترح دون أن تدرك تبعيات ذلك على حياتها.  أخذ يواسى زوجته بما يراه فى كامل من مميزات دون أن يتأكد هل يواسيها أم يواسى نفسه !! هو يخفى ضعفه خلف موافقة اشواق التى وضع بين يديها أمرا لا تفهمه لتتخذ فيه قرارا ستتحمله وحدها  .
سعدت الشقيقات بموافقة اشواق وهذا أسعد اشواق ايضا وتناست مخاوفها لبعض الوقت ، الزواج سعادة وهذا الخوف يقتل السعادة لذا حاولت بكل الطرق تنحية الخوف جانبا والشعور بالسعادة فقط .
*******
عزم كامل على سرعة المغادرة فهو لن يتحمل نظرات الشماتة بأعين ابن عمه وزوجته ، لكنه سيعود مرة أخرى ، لن يترك هذه الفتاة مهما كان الثمن .
لكن فى الصباح وأثناء توجه مرعى لعمله مر بمنزل سلام ليترك ل كامل خبرا بموافقته على الزواج ليغير هذا الخبر من كل خططه فورا ، الأمر لم يكن صعبا كما تخيل ، فقد أصبح قريبا من تلك الصغيرة ، بل هى قريبا ستكون له .
صدم سلام من موافقة مرعى على زواج ابنته من كامل وعد ذلك حماقة مؤكدة نظرا لفارق السن الكبير بينهما لكنه مرغم على إبداء سعادته وإن كانت زائفة  .
توجه كامل فى المساء إلى منزل مرعى لكن بمفرده هذه المرة فليس صعبا عليه أن يرى رفض سلام لزواجه .و ما كان ليثنيه شئ عن رغبته تلك .
استقبلته الصغيرة هناء كما حدث بالأمس تماما وسرعان ما اقبل إليه مرعى .
أخبره كامل أنه سيعود للمركز ليعد شقته للزواج ويشترى شبكة ذهبية ل اشواق ويعود بعد اسبوع واحد ليأخذ زوجته .
فزع مرعى من هذا التسرع : وهنستعجل ليه بس ؟
كامل : ونأجل ليه ؟ أنا جاهز وهجيب لها كل اللى تحتاجه  مفيش داعي للتأجيل .
نظر له مرعى وهو يشعر بالتخبط والحيرة ليتساءل كامل دون مراعاة لما يراه من تخبط مرعى : هى اشواق فين ؟
يجيب مرعى بتلقائية : فى الغيط مع امها .
احتقن وجه كامل ونظر له بغيظ : لا مفيش غيط بعد كدة .. من هنا ورايح تقعد في البيت وكلها اسبوع واجى اكتب الكتاب واخدها .
نظر له مرعى بتردد : مش كان واجب البت تنزل المركز تشوف الشقة ؟
ظهر عدم الرضا على وجه كامل : مالوش لازمة . ممكن تسأل أى حد من البلد عن شقتى . مفيش فى الكفر زيها . 
عاد مرعى للتردد : بس كدة أمها ماتلحقش تعمل لها الكحك ولا تجهز لها خزين .
ابتسم كامل بلا اهتمام : أنا لا عاوز كحك ولا خزين . ولا أمها تعمل عشا ولا حاجة . أنا عندى كل حاجة والتلاجة مليانة اكل 
ليتذكر مرعى أمر دراستها فالصغيرة لم تنه عامها الدراسى الاخير بعد ليقول فورا : بس البت فاضل لها سنة وتخلص الدبلوم .
صمت كامل هو لا ينتوى أن يتم تعليمها لكن لا بأس من بعض التنصل ، اتسعت ابتسامته بخبث وهو يقول: مش مشكلة تكملها بعد الجواز 
وافق مرعى على مضض بزواج ابنته بعد اسبوع ف كامل محق مادام قبل به فلم التأجيل وهو يشعر الأن براحة ضميره فسيتكفل زوجها ايضا بعامها الدراسى الأخير ..ما كان يتمنى أكثر من ذلك.يمكنه إسكات صرخات الضمير والادعاء أن هذا الزواج سيكون سعيدا رغم كل شيء.
عادت بدور ليخبرهن مرعى بما حدث ويأمر ابنته بإلتزام المنزل هذا الأسبوع حتى يعود كامل .
******************
رغم رفض حسنية هذا الزواج تماما إلا أن العادات يجب أن تتبع فكان عليها التوجه لمنزل مرعى وابداء موافقتها وسعادتها ايضا لكن احتاج سلام للضغط عليها كثيرا لتقوم بهذه الخطوة .
سلام نفسه رافض لهذا الزواج لكن مادام مرعى وابنته قبلا به فلا حيلة له سوى اظهار سعادته ومباركة الزواج .
غادر كامل فى الصباح التالى فورا عائدا إلى المركز . 
استأجر من قامت بتنظيف المنزل ، وقام بسحب المال لشراء شبكة ذهبية ل اشواق وبالفعل اشترى لها ثلاث اساور وسلسال ذهبى . 
حقا بريق الذهب سيضيف لها جمالا . اشترى ايضا فستانا للزفاف وإن عزم على عدم إقامة حفل لكن يجب أن تشعر فتاته بالسعادة و الاهم من سعادتها يجب أن يرى الجميع كم هو زوج صالح.
*****************
منذ عادت اشواق من عملها بالحقل ذلك اليوم والأحداث تمر من حولها بسرعة مذهلة .
اخبرها أبيها برفض خطيبها لعملها بالحقل (( خطيبها )) كم كانت الكلمة غريبة على مسامعها !!! 
غادر كامل القرية وأتت حسنية لزيارة منزلهم للمرة الأولى محملة بالهدايا الغالية للعروس الأجمل كما ظلت تردد طيلة زيارتها .
لم يكن عليها سوى اختيار بعض الملابس ، ولم يكن هذا بالأمر الصعب فقد استعانت أمها بأحدى النساء تعمل في بيع الملابس بنظام التقسيط ( دلالة ) لشراء ما يلزم ابنتها .
كان مرعى عائدا من عمله بالحقل ليجد الجميع يجلس بصمت ، سلم عليهن وجلس بهدوء : چرى إيه ! مالكم يا بنات .
هناء بحزن : امى مابطلتش عياط طول النهار .
نكس رأسه بحزن ، يعلم حزن بدور ورفضها للزواج لكن ما كان ليضيع على ابنته هذه الفرصة فى الحياة المريحة ليتمتم بحزن : يعنى مانسنترش البت علشان ترتاح بدور . فرحانة بقعدتكم حواليها . 
خرجت بدور من الغرفة على صوت طرقات الباب بعينين منتفختين وقد ربطت رأسها دليل على إصابتها بصداع فتاك . همت وفاء لتفتح الباب لتوقفها بدور : استنى يا بت دى الدلالة أنا هفتح .
وبالفعل فتحت لتقابلها فهيمة تحمل حقيبة كبيرة وتبتسم بسعادة . ادخلتها بدور لحجرة الفتيات حيث تجلس اشواق لتقول فهيمة فورا : زينة العرايس بس تشاور . ده سى سلام موصينى عليها .
بدور : والحج سلام ماله ومال بتى ؟
فهيمة : الله مش العريس ابن عمه . ده حتى قالى شوار اشواق كله عليا . هى تختار وهو هيدفع .
ابتسمت اشواق بسعادة لتفتح فهيمة حقيبتها وتبدأ تعرض عليها محتوياتها وهى عازمة على اقناعها بشراء اكبر قدر ممكن من بضاعتها فهى بالنسبة لها صفقة رابحة .
لم تدخر فهيمة جهدا لتحصل اشواق على كل احتياجات عرسها من بضاعتها بينما تنظر بدور لتلك الملابس ويغث قلبها كمدا .
*****************
سرعان ما مر الاسبوع ليعود كامل للقرية . وصل منزل سلام لتقرر حسنية أن تنفث عن غيظها منه : الله انت جاى لوحدك ليه !! مش كنت جبت ابنك ومراته يفرحوا بيك .
قالتها بسخرية واضحة  تريد أن تذكره أنه لا يليق بهذه الصغيرة التى سيسرق ربيع عمرها .
نظر لها سلام بحزم لترتدع عن ذلك لكنها لوت فمها بإمتعاض واضح وهى تتوجه لغرفتها تاركة سلام وابن عمه الذى يغلى قلبه حقدا عليها .
فى المساء صحب سلام كامل لمنزل مرعى ليقدم ل اشواق ما اشتراه لأجلها .
وجدا اجتماعا من النسوة أسعد كامل أن يقدم شبكته بحضورهن .
كانت تجلس وسط تجمع النساء اللائي حضرن للتهنئة بمجرد أن علمن بحضور كامل للقرية . 
جلس سلام وكامل ببهو المنزل على مقاعد خشبية استأجرها مرعى خصيصا من مقهى القرية بينما تتجمع النساء فوق حصير متهالك .
أسرع مرعى يطلب من اشواق الاقتراب ليقف كامل منبهرا ، قربها منه يثلج قلبه فكيف إن ضمها لصدره !! الفكرة وحدها تثير جنونه.
وقفت مطرقة ليقول بهدوء : مبارك يا عروسة .
امسك كفها المرتعش بيد واثقة وبدأ يضع به شبكته الذهبية لتتسع أعين النساء ويطلقن الزغاريد ، فهذه الصغيرة هى اوفر بنات القرية حظا ، فشبكتها ثلاث اساور ذهبية وسلسال ايضا !!! يالها من محظوظة .
قدم لها الفستان وبعض الملابس التى اشتراها لأجلها . تقبلت منه الحقائب بخجل لتسرع اسماء تحمل عنها فيبدو أن اشواق تترنح .
جذبنها النسوة مرة أخرى وبدأن فى التصفيق والغناء بسعادة غامرة.
جلس كامل أمام مرعى ليقول : إحنا نكتب بكرة بقا واخد اشواق واروح .
مرعى : بكرة يا سى الاستاذ !! 
كامل بحزم : أنا قايل لك قبل ما اسافر اسبوع وهاجى اخدها ولو ناقصها حاجة مش مهم هجيب لها من المركز .
سلام : مش ناقصها حاجة بس مرعى غرضه يفرح ببنته .
كامل : مايفرح حد مانعه ؟
مرعى بسعادة  : يعنى هتعمل فرح وزفة ؟
كامل : لا طبعا فرح إيه وزفة إيه ؟ افرح فى بيتك زى ما انت عاوز لكن أنا معايا عربيتى وهنسافر علطول أنا وهى  بس.
وشدد على نهاية كلماته ليصل ل مرعى فورا رغبته في إقصاءه عن حياة ابنته ورغم ذلك لم يبد اعتراض ، بل كان إتمام الزواج هو كل ما يسعى إليه.
سلام : طيب نجيب فراشة قدام الباب ساعة واحدة البنية تفرح .
تنهد كامل بغيظ من ابن عمه : أنا مش هقعد فى كوشة يا سلام .
ليسرع سلام : يا سيدى حد قالت اقعد ؟ البنية تقعد هى والحريم وانت اقعد مع الرچالة ساعة واحدة وخدها .
ليرضخ كامل أمام إصرار سلام الذى يشعر بحزن حقيقى لإتمام هذا الزواج يحاول أن يمنح اشواق اكبر قدر من السعادة .
*****************
سهرت اشواق وشقيقاتها لوقت متأخر وهن يحطن بها يتفحصن اساورها الذهبية بسعادة .فقط بنات كبار العائلات يحصلن على شبكة مشابهة لذا يشعرن بسعادة غامرة فيبدو أن اشواق ستحيا حياة مرفهة بالفعل . يكفى أنها تملك هذه المشغولات الذهبية القيمة .
مر الصباح سريعا ومنذ عصر اليوم التالى بدأ التجمع بمنزل مرعى فسيتم عقد القران بعد صلاة المغرب .
أقيم سرادق أمام المنزل وتزين بالاضواء الملونة تعبيرا عن الفرحة .
بعد صلاة المغرب وصل كامل يصحبه أبناء عمومته جميعا وقد جمعهم سلام لحضور الزواج . وصل مأذون القرية ليتم العقد في دقائق وتعلن النساء عنه بالزغاريد والاغانى .
تزينت اشواق وارتدت فستانها الأبيض ، لتغادرها السعادة  وييسيطر عليها الخوف الذى لا تدرى سببه . ورغم ذلك لم تختف ابتسامتها طيلة اليوم لعل قلب بدور يهدأ وتصدق أنها سعيدة .
سمح كامل للنساء أن يحتفلن لساعة واحدة قبل أن ينهض معلنا انتهاء هذا الاحتفال القصير .
بكت بدور وتعلقت بابنتها لينتزعها كامل برفق من بين ذراعيها حيث السيارة التى سيقودها بنفسه لمنزلهما بالمركز رافضا بشكل قاطع أن يصحبهما أحد.
استقلت السيارة بالمقعد المجاور له لينظر لها بسعادة وفخر وينطلق الى وجهته
يدق قلبها بقوة وتزداد خوفا وكأنه يشعر أن هذا الطريق هو بداية رحلتها الصعبة 
رحلة اشواق مع الأشواك ...
سرعان ما وصلا للمنزل ، المركز لا يبعد عن القرية كثيرا ، مسافة تقطعها السيارة فى عشرين دقيقة على أقصى تقدير .
ودقائق بعد وكانت السيارة تتوقف أمام بناية بأحد الشوارع لتعلم أن بيت زوجها هنا .
تطوع الحارس بحمل حقائب اشواق للأعلى فالشقة بالدور الثاني وليس الأمر بشاق بينما صعدت هى الدرج بصحبة كامل وهى ترتجف حرفيا .
غادر الحارس مسرعا لتظل معه بمفردها للمرة الأولى ، سمعت صوت الباب ينغلق لتشعر بالاختناق .
اقترب منها بخطوات وئيدة حتى توقف أمامها . مد كفه ليرفع وجهها إليه .
تقسم أشواق أنها لن تنسى هذه النظرة طيلة حياتها ، نظرة دبت الرعب بقلبها واسرت رعشة بأوصالها بينما يقول بهدوء يجعله مخيفا اكثر : مبارك يا عروسة

#اشواق
#قسمةالشبينى

ليست هناك تعليقات