إبحث عن موضوع

رواية اشواق الحلقة الرابعه و الخامسة

الرابع

قربها من صدره ليشعر بإنتفاضتها فيقول بحنان مبالغ فيه : مالك !!! انت خايفة ولا ايه ؟

كأنها فقدت القدرة على النطق فلم يسمع منها إلا صوت أنفاسها المضطرب ، مرر كفه على طول ظهرها لتنتفض مرة أخرى .تعلو ضحكته وهو يبعدها عن صدره ليحيط خصرها ويتجه بها للداخل دون أن تبدى أى اعتراض أمام همساته التى يرجف قلبها لها : تعالى ماتخافيش .

ادخلها لغرفته ليضئ إضاءة خافتة زادتها خوفا ، تلفتت حولها بخوف واضح ليتجه إلى خزينة الملابس ويخرج منها ملابسه يضعها جانبا ثم يخرج لها ماقرر أن ترتديه .

قدم لها ما يسميه ملابسها : خلى الشنط مقفولة زى ما هى وخدى البسى ده .
اتسعت عيناها وهى تنظر ليديه ، هل سترتدى هذا الشئ ؟!!!
لكنه لم يمنحها وقتا للتفكير فعاد يقول بلهجة حادة بعض الشئ : هقف كتير مادد ايدى !!! يلا غيرى هدومك .

لم تفق من صدمتها بعد ليقترب فيضعه بين يديها : على ما اغير هدومى تكوى قلعتى الفستان .
حمل ملابسه لغرفة أخرى تاركا خلفه قلبا يرتعد .

***************

تفرق جمع النساء بعد مغادرة اشواق وكامل مباشرة خاصة أن بدور توجهت للداخل ولم تخرج مرة أخرى فقد تمنت أن تصحب ابنتها لبيت زوجها لكنه رفض ليزيد همومها هما  .

دخل مرعى للمنزل لكنه لم يلحق بها للغرفة ، جلس ببهو المنزل مطرقا بصمت فهو حتى هذه اللحظة غير واثق من صحة قراره وقبوله هذا الزواج .
ترى هل ستحمله ابنته نتيجة فشل الزواج إن فشل !!!
وهل ستصدق أنه كان مرغما على ذلك !!!
هو مرغم بالفعل . قيده الفقر وأسرته الحاجة فبات عاجز عن الرفض ،لم يكن أمامه سوى الرضوخ . فهل ستتمكن اشواق من الرضوخ أيضا !!
أم ستعود لمنزله قريبا لتضع أمام عينيه عجزه وقسوته ؟

لم تتوقف بدور عن البكاء حتى غلبها الإعياء وغفت لكن غفوة غير مريحة فتنتفض من حين لآخر تنظر حولها برعب وسرعان ما تغفو مرة أخرى .

*******************

ما إن غادر كامل حتى أطلقت لدموعها العنان واسرعت تنفذ ما أمرها به فهى لا تريد اغضابه.. بل هى تخشى إغضابه .

بدلت ملابسها لتنظر لنفسها بصدمة وتسرع للفراش تختبأ تحت اغطيته .
عاد كامل للغرفة لينظر للفستان الذى وضعته فوق المقعد. نظر لها وهى بالفراش تراقبه بترقب .لتبدأ ظنونه فى الاستيلاء على وعيه .

هى تدعوه للفراش !!!؟ 
هكذا بهذه الطريقة الصريحة !!!
هل لقنتها امها ذلك أم هى من تتجرأ بهذا الشكل !!!

ضيق عينيه غضبا وهو ينظر لها ليرى ارتجافة أطرافها واضحة بينما تتحكم هى بدموعها خوفا من أن تفر فيحدث ما لا تحمد عقباه .ابعد عينيه عنها اخيرا لتحاول التنفس بهدوء .

اتجه حاملا ملابسه ليعلقها بعناية وهو يتحدث مختلسا النظر إليها : قومى علقى الفستان فى الدولاب .

نظرت له برجاء نظرة اذابت قلبه بمعنى الكلمة ليتنهد قائلا : اشواق أنا مابحبش الإهمال بيت المهمل بيخرب قبل بيت الظالم .قومى علقى فستانك واخر مرة تسيبى هدوم على الكرسى .

بدأت تتحرك ببطء وتبعد عنها الأغطية بخجل . نهضت عن الفراش لتكون الصدمة من نصيبه هو ، فلم يتخيل مطلقا أنها ستكون بهذه الروعة . رغم ارتعاشتها الواضحة. أسرع بخطواته نحوها لتعود للفراش فورا .
نظرت له بخوف لكنه لم ير خوفها ، لم يشعر بإرتعاشتها ، لم يلحظ حتى دموعها . كأنه فقد كل حواسه وتقوده رغبة مجنونة لتملكها . 

كتمت شهقاتها خوفا من غضبه لكنه بالواقع لم يشعر بها . 

لهفته افزعتها لكنه لم يقسو عليها بأى شكل كان ، بل كان دافئا طيلة الوقت وسرعان ما خبت شعلة رغبته ليوليها ظهره وينام فورا ، نظرت له بخجل واغمضت عينيها براحة  ؛ الأمر لم يكن يستحق كل هذا الخوف ، حقا هيئته تخيفها ونظراته ايضا  لكن يبدو أنها تسرعت فى الحكم عليه .

شعرت بالاجهاد لتترك التفكير وتستسلم للنوم . 

لمسات مزعجة ايقظتها لترى تلك النظرة التى تخيفها بعينيه . كان شديد القرب منها ، يتحسس جسمها بكف ساخن . 

تجمدت تحت نظراته ولمساته ، بلل شفتيه بطرف لسانه وهو يحاول السيطرة على رغبته خاصة مع اضطراب أنفاسها الذى يفقده تركيزه وسيطرته.

استجمع شتات أمره وهو يقول : قومى جهزى لى الحمام  علشان الحق صلاة الفجر . 

هزت رأسها هزات متتالية فهى فرصة للهرب من تلك النظرات .
افلتها مكرها لكن لم يحد بعينيه عنها وهى تحاول جمع ما ترتديه لتخفى  جسمها عنه فلم يزده ذلك إلا رغبة فيها .
توجهت للمرحاض الملحق بالغرفة لتقف تتلفت حولها بإنبهار . تلك الجدران اللامعة . صنبور الماء ذهبى اللون ، ومغطس تقسم أنه يتسع لعدة أشخاص . 
لم تفهم كيفية القيام بها طلبه منها زوجها لتجلس فوق حافة المغطس بحيرة .

دقائق وكان كامل يقف أمامها لتهب واقفة بفزع . يتساءل بإبتسامة كرهتها : قاعدة كد ليه ؟
اخفضت رأسها وهى تقول بخجل : مش عارفه اعمل ايه.

نظر لها فهى تتحدث للمرة الأولى منذ الأمس ، بل إنه يسمع صوتها للمرة الأولى مذاك اليوم فى الحقل 

توجه هو للباب ليحكم إغلاقه من الداخل لتصير حبيسته ويقول بهدوء : هعلمك كل حاجة 
لكنه لم يتمكن من كبح جماح نفسه و عاد يقترب منها بالشكل الذي ترتعد له أطرافها هامسا بنفس الكلمات التى تحمل عكس معانيها : ماتخافيش.

وكأن كلمته الهامسة ستذيب خوفها منه . هى لا تعلم لم تخشاه لهذه الدرجة ، ربما لفارق السن بينهما ، ربما لنظراته تلك ، ربما لزواجهما السريع ، كل ما تعرفه أنها ترتعب حين يقترب منها .

**********************

لم يمس مرعى مخدعه تلك الليلة ، سمع النداء للصلاة ليتوجه للغرفة ، وجد بدور تستلقى وقد انتفخت جفونها حتى أنها تشهق أثناء نومها شهقات يتألم لها صدره .

اقترب يزيل دمعات علقت برموشها الكثيفة بأسف و حنان ، شعرت بملمس كفه الخشن لوجهها فورا لتفتح عينيها وتنظر إليه بلوم ، ربت على خدها وهو يبتسم : ماتخافيش يا بدور .. اشواق فى دار جوزها اللى هيسترها ويستتها .

لم تجبه سوى بدمعة ساخنة أسرع إصبعه يرتوى منها وهو يقول : ادعى لها يا بدور ، ادعى لها يهديه ليها ويهديها ليه .
رفعت عينيها للسماء ليقترب ويقبل رأسها : أنى رايح اصلى وجاى 
ابتعد لتعتدل جالسة : مرعى انت مانمتش ؟
اشاح بيده : لما ارجع انام .. مش قادر انزل الغيط النهاردة .

******************

غادر كامل شقته وعلى وجهه ابتسامة رضا وسعادة تاركا خلفه اشواق وقد أمرها بالصلاة وإعداد الفطور حتى عودته .

كانت ترتدى ملابسها حين صدح الأذان لتتسمع جيدا ، أليس هذا صوت زوجها !!!

بلى إنه كذلك .. شعرت بفخر وسعادة وهى تتسمع لصوته وعزمت على التأكد حين عودته ستستجمع شجاعتها وتسأله . نعم ماذا سيحدث إن تحدثت معه !!! هو حتى الأن لم يؤذها بشكل يستدعى هذا الخوف .

قد تكون مخطئة . إنه موضوع جيد لبدأ الحوار ستسأله  إن كان إماما لمسجد لما لم يخبر والدها !! هذا الرجل ملئ بالمفاجآت. 

*******************

عاد مرعى من صلاة الفجر ليجد بدور كما هى تتربع وسط الفراش وتسند رأسها إلى كفيها .

أقبل عليها بسعادة وحماس : بدور انت لسه في السرير ؟
لم ترفع رأسها واجابته بهدوء : وهعمل إيه دلوقتي ؟ صليت وادينى قاعدة .
مرعى بحماس : طب قومى ورينى همتك كدة وجهزى ل اشواق فطار يرفع رأسها قدام جوزها .
رفعت رأسها فورا بنظرات متسائلة ليقول : الحج سلام قابلنى فى المسجد وقال هياخدنا الضحى بعربيته نصبح عليها .
هبت بدور وتناست كل الاوجاع والأحزان دفعة واحدة : صحيح يا مرعى ؟
مرعى : امال ايه ؟ يلا همى وصحى البنات يساعدوكى .
هرولت تجاه الباب وهى تقول : طب اطلع امسك دكر البط ادبحه على ما اعجن لهم كام فطيرة . 

وانقلب حال المنزل فى لحظات واستيقظت الشقيقات ، قام العمل فى لحظات على قدم وساق لتحضير فطور للعروس الغالية .

*******************
تأخر كامل فى العودة من صلاة الفجر ، أعدت اشواق الفطور وجلست تنتظر قدومه بصمت .
سمعت صوت مفاتيحه ليرتعد قلبها مرة أخرى وتهب واقفة وقد تبخرت عزيمتها وذابت شجاعتها  .

دخل ليقترب منها ويخلع عنه جلبابه آمرا : خدى علقيه على الشماعة .
وجلس أمام الطعام حتى عادت مهرولة .نظر لها بعدم رضا : إيه اللى انت لابساه ده .
فحصت عباءتها بخوف واضح : مالها يا سى الحج ؟ .
تنهد بضجر : فى عروسة تلبس عباية مقفلة كدة ؟
اضطربت وتلعثمت ليقول بلهجة آمرة : اقعدى كلى وابقى غيريها .
نهض عن الطاولة ليحضر شوكة وسكين ويبدأ يتناول طعامه تحت نظراتها المتفحصة 

جلست دون أن تنبت ببنت شفة وهى تراقب يديه وطريقته الراقية بتناول الطعام يتناول الطعام بشراهة واريحية كبيرة رغم استعمال تلك الأدوات.

نظرت له نظرات مسترقة فيبدو أنه جائع للغاية ، هو لا يتحدث مطلقا أثناء تناول الطعام . فقط تسمع أنفاسه .

وضع أدواته جانبا ليقول : بعد كدة ماتنسيش الشوك والسكاكين وهبقى اعلمك تاكلى بيهم 

أسرعت تهز رأسها بآلية  ليطلب منها اعداد فنجان من الشاى له بعد رفع الطعام دون الاهتمام إن أنهت طعامها أم لا.

نفذت ما طلبه منها بلا مناقشة أو تفكير  .

دخلت إلى الحجرة تحمل الفنجان الفخم فوق صينية ما كانت لتحلم أن تحملها يوما . نظر لها بغضب : انت لسه لابسة الزفتة دى ؟ مش قلت لك غيريها ؟
وضعت الصينية مسرعة وهى تقول : حاضر ، هغيرها اهو .
لينهض هو عن الفراش ويتجه لحقيبتها فيفحص محتوياتها جيدا وينظر لها بعدم رضا ثم يقدم لها ما اختاره لها .

مدت له كف مرتعش ليبعد يده ، رفعت عينيها لتصطدم بتلك النظرة المخيفة وهو يقول: غيرى هنا . 

وضع ما بيده فوق الفراش واتجه لباب الغرفة ليحكم إغلاقه ثم يعود متكئا يرشف قطرات من فنجانه برقى  وعينيه تراقبان اشواق التى تبدل ملابسها أمامه وكأنه مستمتع برؤية ارتجافتها .

__________

الخامس

تململت بالفراش بتكاسل وأريحية لتعلو الطرقات مرة أخرى ،ظنت نفسها تحلم ، فتحت عينيها وارهفت السمع ثم نظرت لذلك الذى يغط بنومه وكأنه بعالم أخر ، مدت كفها تربت على ذراعه : سى الحج .
فتح عينيه ينظر لها لتقول بتلعثم : اص..اصل الباب بيخبط .
نهض عن الفراش مسرعا ليجذب جلبابه عن المشجب ويتجه للخارج : ايوة يلى على الباب .

فتح الباب لتطلق بدور زغرودة ارتجت لها جنبات المبنى ،رمش بعينيه مرة أخرى ليرى سلام ومرعى وبدور التى تحمل صينية فوق رأسها .

جميعهم يبتسم بسعادة ليرسم هو ايضا ابتسامة هادئة ويفتح الباب أمامهم ليقول سلام : صباحية مباركة يا عريس .
ويمد مرعى كفه بحفاوة : مبارك يا استاذ كامل عقبال البكارى .
اتسعت ابتسامة كامل : الله يبارك فيكم .اتفضلوا اهلا وسهلا 
.
اقترب ليحمل الصينية عن رأس بدور بحميمية واضحة : ليه بس كدة تتعبى نفسك ؟ ماقلت لكم هنا كل حاجة .
ربتت بدور على كتفه : ده فطار الصباحية مش كفاية ما عملناش عشا !!!!
ادخلهم كامل لغرفة مستقلة بها صالون مذهب فاخر ثم استأذن لاخبار أشواق بحضورهم .
_______
علمت أشواق من الطارق بمجرد أن سمعت زغرودة أمها تهز الارجاء لتنهض عن الفراش مسرعة وتنتقى عباءة اخبرتها أمها أن ترتديها حين تستقبل ضيفا عزيزا . وما اعزهم من ضيوف !!

دخل كامل الحجرة ليجدها مستعدة لمقابلة والديها ، ينظر لهيئتها بعدم رضا : إيه لبس العزب ده ؟ دى عباية تقابلى بيها الناس ؟
تأفف واتجه لخزانة ملابسه دون الالتفات لخيبة الأمل التى بدت على ملامحها : الحمدلله كنت عامل حسابى وجايب لك عبايتين كويسين .
أخرج عباءة  ليقدمها لها فتتناولها بخجل : تعيش وتجيب يا سى الحج .
انتفخت اوداجه لكلماتها البسيطة دون أن ينتبه لنبرة الألم بصوتها بينما أسرعت تنزع عباءتها وترتدى الأخرى وهى تقاوم رغبتها فى البكاء .

نظر لرأسها ليخرج طرحة كبيرة : غطى راسك سلام برة . وحسك عينك حد يشوفك من غير الطرحة بعد كدة .

هزت رأسها وهى تنفذ ما طلبه منها مسرعة ليقبض على كفها ويجرها خلفه نحو المطبخ ، أخرج من البراد كمية كبيرة من الفاكهة وزجاجة من العصير الفاخر ليطلب منها اعداد الضيافة واللحاق به إلى الصالون .

أسرعت تنظر فى أثره لتعلم إلى أين ستتجه لاحقا . حضرت الضيافة ودخلت تحمل الصينية لتطلق بدور زغرودة أخرى فور رؤيتها قضت على غصتها وأدخلت السرور لقلبها فورا .

قدم لها والدها مبلغا ماليا وكذلك فعل سلام ولم تطل الزيارة لأكثر من نصف ساعة ليغادروا مرة أخرى وقد اطمأن قلب بدور إلى حد ما فما رأته من كامل حتى الان يدل على أنه رجل صالح سيحسن رعاية صغيرتها .
__________
أمرها أن تنظف الصالون واتجه إلى صينية الطعام يتفقدها ، هو يعشق الفطير لذا خلع عنه جلبابه وبدأ يتناول طعامه بصمت .

أنهت اشواق التنظيف لتتعجب من أمره ، إنه لم يدعها حتى لتناول الطعام  . حسنا لعله جائع ، همست بينها وبين نفسها تتلمس له عذرا لتجاهلها .

اتجهت إليه ليقول فورا : شيلى الاكل وجهزى لى الحمام .

أسرعت تحمل الطعام للمطبخ ثم تتجه للمرحاض .

غادر كامل لتشعر ببعض الراحة ، تضع كفها فوق معدتها ، إنها جائعة للغاية ، اتجهت إلى الطعام الذى أحضرته أمها لتأكل بنهم وأريحية لا تشعر بها في وجود كامل .
_________

لم يعد كامل بعد صلاة الظهر مما أعطى اشواق فرصة لتتفحص المنزل بريبة ثم تفرغ حقائبها لم يكن الأمر صعبا فقد وجدت جزءا فارغا فى الخزانة علمت أنه ترك لملابسها 
.
أنهت أعمالها ولم تجد ما يمكن أن يمرر الوقت.

نظرت لتلك الشاشة الضخمة التى تتوسط الجدار  بتعجب ، لقد رأت مثلها بمنزل سلام بالقرية ، اخبرها والدها ذلك اليوم أن هذا الجهاز لا يقتنيه إلا علية القوم .

وضعت كفها تتلمسها بسعادة ، اذا زوجها من علية القوم .

ليقاطع أفكارها الطفولية طرقا على باب المنزل لتشعر بالقلق وعدم القدرة على اتخاذ قرار مناسب ، هل ترى من الطارق ؟ هى لا تعرف احد بالمركز ليأتى لزيارتها .

مؤكد أن الطارق يريد زوجها وهو ليس بالمنزل .اخذت نفسا عميقا وهى تحاول تهدئة نفسها : جرى ايه يا اشواق . أنا هفتح واقول للى على الباب سى الحج مش هنا وخلاص . هى يعنى الناس هتاكلنى !! وبعدين ما أنا بتكلم مع الناس فى البلد زى اللبلب تفرق إيه الناس في البلد عن الناس فى المركز !!!

ابتسمت لنفسها بثقة وهى تتجه إلى الباب .

__________
وقف شاب بنهاية عقده الثانى بالباب وهو يشعر بغضب شديد ، لقد دفعته زوجته فطيمة دفعا لهذه الزيارة . 

لم يكن قرار والده المفاجئ بالزواج هو ما يغضبه ، لقد طلب منه مرارا أن يتزوج فيما مضى وكان والده يرفض ذلك .

لكن ما أغضبه حقا هو زيارة والده الأخيرة له التى جعلته يقف بالباب حين طلب منه نسخته من المفتاح .

تنفس وليد لينفس عن غضبه وهو يتذكر سؤاله لوالده : هتجوز مين يا بابا ؟
ليجيب كامل ببساطة : بنت من البلد .
اضطرب وليد وهو يتبادل النظرات مع زوجته ليتنحنح قائلا : بنت !!! هى عندها كام سنة على كدة ؟

تمنى أن يخبره أنها إحدى الفتيات التى تجاوزها قطار الزواج ، قد تكون بعقدها الثالث لا بأس لكن كامل قال ببساطة : معرفش .يجى تمنتاشر.
لينتفض وليد : إيه ؟؟ ازاى يا بابا !!  انت عاوز تجوز بنت صغيرة ؟؟ دى اصغر مني !!! 

لتكون الانتفاضة من نصيب كامل : انت هتحاسبنى ولا إيه؟ وبعدين كبيرة ولا صغيرة انت مالك هو انت اللى هتجوز ؟ أنا قلت ابلغك بدل ما تعرف من برة وكمان عاوز مفتاح الشقة ماينفعش يبقى معاك مفتاح وتدخل على مراتى .

ليحتد النقاش ويزداد غضب كامل لكنه لم يغادر منزل ابنه دون الحصول على نسخة مفاتيحه .
يتأفف وليد ويعيد طرق الباب ، لينفتح بعد قليل وتظهر من خلفه أشواق .
نظر لها وليد بتعجب ، ما الذى يدعو هذه الفاتنة للزواج من أبيه !!! يدقق النظر لعينيها باحثا عن دليل خباثتها فلا يقابله إلا براءة مطلقة .

تعجبت هى ايضا من هذا الطارق الغاضب لتقول بهدوء : سى الحج مش موجود . أقوله مين لما يرجع بالسلامة ؟
إنها رمز البراءة .. ما هذه الفتاة !!! إنها تقدس والده !!! 
طال انتظارها لرده ليقول اخيرا : أنا وليد
نظرت له بتعجب ليعلم أن والده لم يخبرها عنه فيقول : ابنه .
تهلل وجهها فورا : يا مرحب يا مرحب . اتفضل يا استاذ وليد ،بيتك ومطرحك يا اخويا .

شعر بالراحة فورا واتجه للداخل لتغلق هى الباب بحسن نية . 
توجه وليد للصالون لتسرع اشواق تحضر له الضيافة وهى تتعجب ، إن كان له ولد فلم لا يعيش معه . لم تشغل بالها بالتفكير وقدمت له الضيافة لتجلس أمامه بحرج .

نظر وليد لوجهها الذى تورد خجلا ليحاول رفع الحرج عنها بحديث ودى فتساءل بمرح : اسمك إيه يا مرات ابويا ؟
رفعت عينيها تتعجب اللقب لتجد ملامحة المبتسمة فتقول بهدوء : أشواق .
رفع حاجبيه لهذا الاسم المميز وقال : اسم جميل زيك تمام .
زاد تورد وجهها ليتنحنح قائلا : هابقى اجيب مراتى وبنتى المرة الجاية علشان تعرفيهم .
نظرت له بتعجب : انت متجوز ؟
ضحك وليد لعلامات الدهشة على وجهها : الظاهر بابا نسى يقولك عنى أى حاجة ويمكن نسينى كمان .

وتمتم داخليا : صراحة معذور . انت تنسى الواحد اسمه 
استأذنت فورا لتعود للمطبخ فتعد فطيرة من فطائر أمها الشهية وتضع بعض العسل والجبن .

عادت تقدم له اللفافة التى أعدتها لأجله لينظر لها بتعجب : إيه ده؟
تبتسم برحابة : فضلة خيرك .حاجة بسيطة علشان الست تدوق اكلنا .
هم بالرد ليأتيه صوت والده الذى لم يختف الغضب من نبرته : وليد !
ابتسم وليد واتجه لوالده ، فقد غيرت جلسته القصيرة مع اشواق مزاجه تماما .

احتضن والده بسعادة قابلها كامل بتحفظ لتقول اشواق بحرج : بالاذن أنا .
يستوقفها وليد بلهفة : شكرا يا أشواق .

تغادر هى بصمت إلى حجرتها لتترك المجال للأب وابنه للانفراد ببعضهما .
اعتذر وليد من والده لغضبه أثناء زيارته الأخيرة له ، بدأ كامل يبدى استجابة لود وليد ويبادله حديثه وضحكاته ليستأذن وليد منصرفا بعد قليل على وعد بتكرار الزيارة .

صحبه كامل حتى الباب ليودعه بحرارة ويغلق الباب فى أثره .
انتزع تلك الابتسامة عن وجهه ما إن اغلق الباب ليستبدلها بنظرات غاضبة ويتجه للغرفة فورا .

فتح الباب ليجد اشواق تنظر له بسعادة فقد ظنت أنها أصابت وشرفت زوجها بحسن إستقبال ولده ، لكن نظرته غير مطمئنة بالمرة .
تقدم منها لتقول بتلعثم : ابنك طيب أوى يا سى الحج .
ليكون رده صفعة قوية اسقطتها فوق الفراش   .

#اشواق
#قسمةالشبينى

ليست هناك تعليقات