إبحث عن موضوع

رواية وحدك حبيبتي الحلقة 17

ولماذا أعيش ..؟!

ـ أنت عبقرى ، لقد أفقدت رسوماتك الرجل صوابه
هتف شوقى بهذه الكلمات فى إعجاب شديد وهو يجلس قبالة ممدوح فى مكتبه بالأسكندرية ، ولكنه عاد ليغمغم فى حسرة :
- آهٍ ... لو تبتعد عن النساء ، فهن الحاجز الرئيسى بينك وبين مستقبل رائع
نظر إليه ممدوح فى ضيق قائلاً :
- هات ما عندك بلا نصائح
هز شوقى رأسه وهو يتأمله ثم ما لبث أن زفر قائلاً :
- لقد أعجب الثرى الفرنسى بتصميماتك إعجاباً شديداً كما أخبرتك ، لذا فقد قرر أن يمنحك فرصة قلما تتاح لمهندس فى مثل عمرك
تنهد ممدوح وهو ينظر إليه فى صبر نافد فتابع الأخير قائلاً :
- لقد وقع اختياره عليك لتصميم قرية سياحية كاملة فى الساحل الشمالى
قال ممدوح فى لا مبالاة :
- وأنا قبلت
نظر إليه شوقى وهتف مستنكراً :
- هكذا بهذه البساطة ؟
قدم إليه ممدوح علبة سجائره قائلاً :
- عمولتك محفوظة
ـ أنا لا أتحدث عن هذا
ـ ماذا تريد إذاً ؟
ـ أعلم أنك ليس في حاجة إلى المال ولكن ......
- متى سنبدأ العمل ؟
تأمله شوقى بدهشة قائلاً :
- إن كان الحافز المادى لا يسعدك ، فماذا عن الحافز المعنوى ؟
نفث ممدوح دخان سيجارته صامتاً بينما غمغم شوقى وهو يتفرس فى وجهه :
ـ لم أرك من قبل مهموماً بهذا الشكل ، هل يتعلق الأمر بامرأة ؟

نظر إليه ممدوح بضيق وقبل أن يعلق دق جرس التليفون فتناول سماعته وما أن سمع صوت محدثته على الجانب الآخر من الخط حتى أسرع كالبرق يغادر مكتبه غير مكترث لنداء شوقى الذى قارب الصراخ

******

ـ ليلى تحتضر يا ولدى
ـ كيف بلغت حالتها هذا السوء دون أن أعلم
ـ لقد امتنعت عن تناول الطعام منذ عشرة أيام ، واضطر الأطباء إلى تغذيتها بالمحاليل ، لكن هذا لم يعد يفلح الآن ، يقول الأطباء أن لا رغبة لها فى الحياة
ـ لماذا لم تعلمينى بهذا من قبل ؟ ألم تخبرينى حتى الأمس أنها بخير ؟
ـ كنت أعلم أنك تتعذب ولم أشأ أن أزيد عذابك
غمغم فى سخرية مريرة :
- أتعذب !! ومن أدراك أنت بعذابى ، حتى هذه البلهاء الغبية التى تحاول قتل نفسها دون أن تدرى بما تفعله بى ، أنا ...........

لم يستطع أن يكمل عبارته ، نظر إلى أعلى الدرج فى تردد ثم ما لبث أن قال فى حسم :
- سأصعد إليها ، لابد أن أتحدث معها ولا ظنى أنها ستكون أسوأ حالاً مما هى عليه
فوجئت الممرضة التى تقوم برعاية ليلى بدخول ممدوح إلى الحجرة ، أغمض عينيه فى ألم وهو يحدق فى وجهها الذى حاكى وجوه الموتى ، اقترب منها ، احتضن كفها الصغير وراح يقبله وقد تحجر الدمع فى عينيه للمرة الأولى فى حياته هامساً باسمها فى مزيج من اللوعة والرجاء ، حاولت الممرضة أن تعترض لكنها هتفت فجأة وهى تحدق فى ليلى التى تحرك جفناها للمرة الأولى منذ وقت طويل :
ـ يا إلهى ، وكأن روحها معلقة بك
حدقت ليلى فى ممدوح بنظرات زائغة قبل أن تشيح بوجهها بعيداً فى ألم ، فتصنع هو ابتسامة قائلاً :
ـ لا أصدق أنك تريدين الموت
تحولت إليه وغمغمت بصوت واهن :
- ستصدق قريباً
ـ لماذا تريدين الموت ؟
ـ ولماذا أعيش ؟
تنحنحت الممرضة قبل أن تغادر الغرفة قائلة :
ـ لابد أن أتصل بالطبيب ، هناك تطورات بالغة الأهمية يجب أن أخبره بها
سحبت ليلى كفها من بين يديه قائلة :
- ما الذى آتى بك إلى هنا ؟
ـ لا أريدك أن تموتى
ـ لم تترك لى شيئاً أعيش لأجله
ـ هل كل هذا لأننى منعتك عن العمل ؟
ـ العمل !! العمل فقط ؟
عادت الممرضة و بين يديها بعض المحاليل التى حاولت بها إسعافها ولكن ليلى كانت ترفضها بإصرار وحزم ولم تنجح المحاولات المستمينة التى قامت بها الممرضة بمعاونة ممدوح فى إقناعها بالعدول عن قرارها المجنون بالانتحار ، همس ممدوح أخيراً فى مزيج من الجزع والتوسل :
ـ أيتها العنيدة ، ما تفعلينه الآن ذنباً لن يغتفر
ـ لا أريد سوى أن يغفر الله لى زواجى منك ، هو يعلم أنك قاتلى
ابتسم بمرارة قائلاً :
- حسناً ، دعينى أبرئ نفسى إذاً ، اخبرينى بما تريدين وسوف أنفذه لك مهما بدا مستحيلاً
ـ طلقنى
ـ ماذا ، أطلقك ؟
ـ لا ظنى أننى طلبت المستحيل
ابتسم فى عصبية قائلاً :
- ألا يوجد حل آخر ؟
ـ الموت
ـ يا إلهى ، هل تكرهيننى إلى هذا الحد ؟
أشاحت بوجهها صامتة بينما أردف فى ألم :
- حسناً ، أعدك أن أنفذ كل ما تريدين ما ان تستعيدى عافيتك
ـ هل تتوقع منى أن أصدقك ؟
ـ ألم تعرفى بعد أن الصدق ربما كان حسنتى الوحيدة ؟
ـ اقسم
ـ اقسم برأس أبى أن أفعل كل ما تريدينه
نظرت إليه فى بعض الريبة وعدم التصديق ، لكنها ما لبثت أن استسلمت للممرضة التى حقنتها بالمحاليل تمهيداً لإطعامها فيما بعد
******
أقبلت والدة ممدوح نحوه متهللة وهى تهتف فى سعادة :
- حمداً لله ، لقد بدات ليلى تتعافى ، لقد كانت ترفض مجرد النظر إلى الطعام لكنها ما أن رأتك حتى أقبلت عليه وتحسنت حالتها ، هل تعرف لماذا ؟
أجابها ساخراً وهو يغادر الغرفة :
- لأننى وعدتها بالطلاق عندما تسترد صحتها
ضربت المرأة صدرها بعنف وهى تغمغم :
- طلاق !!!

تجاوزت عقارب الساعة الثانية عشر مساء وليلى تجلس على الأريكة فى الردهة الكبيرة منتظرة عودة ممدوح من الإسكندرية ، لقد اتصل فى الخامسة ظهراً وأخبر والدته أنه سيأتى هذا المساء ، لقد علم أنها غادرت الفراش بالأمس ، لابد أن يأتى لينفذ وعده لها ، لقد أقسم برأس والده ، ستتحررمن قبضته أخيراً ، ستعود إلى حياتها السابقة وإلى عملها الذى تعشقه ، ستضحك وتلهو وتمرح بحياتها كما تشاء ، فلماذا شعورها البغيض هذا ؟ لماذا هذا الحزن الذى يملؤها ؟ ربما لأنها خسرت تجربتها معه ، ستبحث عن أى عنوان آخر لرسالتها وتبدأ من جديد ، لكنها لن تكرر هذه التجربة أبداً .....
انتفضت فى ذعر عندما فوجئت به يحدق فيها وبلغ مسامعها صوته حانياً يقول :
ـ حمداً لله على سلامتك
ابتلعت ريقها قائلة :
- أشكرك
أربكتها ابتسامته وبريق عينيه الذى لن تنساه أبداً ، أشاحت بوجهها وهى تحاول التحكم فى أعصابها قائلة :
ـ الفضل يعود إلى الوعد الذى قطعته لى
حدق فيها قليلاً قبل أن يقدم لها أحد الحقيبتين اللتين عاد بهما من الأسكندرية ويحمل هوالأخرى متجهاً بها إلى الدرج قائلاً :
- برهنى لى أولاً أنك تعافيت واحملى معى هذه الحقيبة إلى غرفتى
دلف إلى إحدى الحجرات فى الطابق الثانى واضطرت مرغمة أن تتبعه ، ألقت بالحقيبة أرضاً وهى تهتف :
- هل صدقت الآن ؟ هيا عليك أن تنفذ ما وعدتنى به
تجاهل نبرتها الغاضبة قائلاً :
- ما رأيك فى غرفتى ؟ كانت لى قبل الزواج ، وها أنا عدت إليها من جديد
تجاهلت بدورها عبارته قائلة فى غضب أشد :
- لقد أقسمت برأس والدك
تأملها صامتاً وقالت عيناه لها الكثير لكنها لم تصدق ، عادت تهتف فيه من جديد :
- طلقنى
أشاح بوجهه قائلاً :
- سأفعل كل ماتريدين ، ولكن ليس الآن
جذبته ليواجهها صارخة :
- لقد خدعتنى ، أنت تتملص من وعدك لى ، لقد أقسمت
أزاحت يديه عندما هم بوضعهما على كتفيها ، فابتسم قائلاً :
- اسمعينى جيداً أيتها الشرسة ، لم يمض على زواجنا سوى شهور قليلة ، لم تتعدى الخمسة أشهر بعد ، لمَ لا ننتظر قليلاً ؟
صرخت فى انفعال :
- إن كنت تخشى على سمعتى يمكنك أن تطمئن
نظر إليها فى مزيج من الغضب والقلق قائلاً :
- هل ستتزوجين ما أن تنتهى شهور العدة كما أخبرتنى ليلة زفافنا ؟
حدقت فيه قائلة فى سخط :
- أهذا ما تخشاه ؟
ظل يتأملها صامتاً فتنهدت قائلة :
- اطمئن ، لقد زدتنى بغضاً للرجال
ابتسم هامساً :
- أيعنى هذا أنك لن تتزوجى أبداً ؟
أشاحت بوجهها قائلة :
- أنا لم أقل هذا
قال فى لهجة زادتها جنوناً :
- لا داع للعجلة إذاً
همت أن تعترض ، لكنه أكمل بسرعة :
- يمكنك هنا أن تفعلى ما شئت ، يمكنك العودة إلى عملك ، ابحثى لك عن أى موضوع آخر واكملى رسالتك
ثم أردف محذراً :
- شرط أن يكون بعيداً عنى وبلا تهور
ـ ها قد بدأت شروطك قبل أن نبدأ
ـ لا تنسى أنك ما زلت زوجتى
ـ هذا ما أريد أن أنساه وعليك أن تساعدنى
أربكتها نظرة العتاب فى عينيه فثارت كطفلة قائلة :
- طلقنى ... طلقنى الآن
ـ إن لم تكفى عن جنونك هذا ، فلن أطلقك أبداً ، لقد أخبرتك بأنك حرة وتستطيعين العودة إلى عملك ودراستك متى شئت ، ومن جهتى فأنا لن أحاول إزعاجك ، طوال إقامتى فى المنزل سأبقى فى هذه الغرفة ، وباستطاعتك أن تمتنعى عن رؤيتى إن شئت
ـ هل أفهم من هذا أنك لن تطلقنى قريباً ؟
زفر بضيق وهو يجلس خلف مكتبه ويمسك بقلمه قائلاً :
- سأسافر قريباً إلى الساحل الشمالى ، وسأبقى هناك لفترة طويلة إلى حد ما ، سأطلقك عندما أعود ، إن رغبت فى هذا ، أما الآن فاذهبى واتركينى لعملى
ـ هل تظن أننى سأتراجع عن موقفى ؟
ـ جربى ، ربما تروق لك الأقامة هنا عندما تتأكدين أننى سأتركك وشأنك ، سيكون هذا أيسر كثيراً من الحياة كمطلقة في منزل أخيك على أية حال .. إلا إن كنت تخططين للزواج قريباً
شردت قليلاً قبل أن تسأله
ـ هل ستأتى للعمل هنا كثيراً ؟
ـ أنا مجبر على هذا ، أمامى مشروع ضخم يحتاج إلى تفرغ تام بعيداً عن ضجيج المدينة
ـ بعيداً عن ضجيج المدينة أم بعيداً عن نسائها ؟
ابتسم وهو ينظر إليها قائلاً :
- لم يعد لك شان بهذا
ـ لا تنسى أنك ما زلت زوجى
اتسعت ابتسامته حتى ملأت وجهه كله بينما أسرعت فى خجل تغادر الغرفة ، فى قلبها رقصة من سعادة تعجبت لكونها ما زالت تشعر بها


*******

ألقت ليلى بالكتاب الذى بين يديها جانباً فى ضجر ، شعرت بالسخط من غضبها الذى لا مبرر له ، لقد وفى ممدوح بوعده ، فلم يحاول رؤيتها أو الاحتكاك بها طيلة فترة تواجده فى المنزل والتى تجاوزت الأسبوع حتى الآن ، وجباته كان يتناولها فى حجرته التى اتخذها له حصناً كما أخبرها .. فلم تعد تراه ولو حتى مصادفة
تنبهت من شرودها على صوت حماتها تناديها ، اتجهت إليها فابتسمت المرأة قائلة :
ـ لقد ذهبت سعدية لتطعم الطيور ، وأنا مشغولة فى إعداد الطعام كما ترين ، هل يمكن أن تسدى لى خدمة ؟
ابتسمت ليلى قائلة :
- بالطبع ، فأنا فى حاجة لعمل أى شيء كاد الملل أن يقتلنى
ـ هل أعددت كوباً من الشاى وذهبت به إلى ممدوح ؟
نظرت إليها فى تردد لكنها لم تجد سبيلاً للرفض أمام ابتسامة المرأة المشجعة ، ولمَ لا ؟ أنها فى غاية الشوق لرؤيته ، لم يعد باستطاعتها أن تنكر هذا
طرقت باب الغرفة التى يشغلها برفق حتى سمعت صوته يدعوها للدخول ، كان منهمكاً فى رسوماته فلم يكلف نفسه عناء النظر إليها ، ظلت تتأمله لحظات صامتة حين قال فجأة :
- أتريدين شيئاً يا سعد......
لكنه ما أن وقع بصره عليها حتى برقت عيناه فى سعادة هامساً فى حنين :
- ليلى .........
غمغمت فى ارتباك :
- لقد أعددت لك الشاى ، سعدية تطعم الطيور ، ووالدتك مشغولة فلم .....
زادتها نظراته ارتباكاً فأسرعت لتغادر الغرفة عندما أمسك بها قائلاً فى شبه رجاء :
ـ ألن تنتظرى حتى أنتهى منه ؟
غمغمت دون أن تنظر إليه :
- لا أريد أن أعطلك عن عملك
ـ لحظات قليلة لن تضر ، بل ربما تكون حافزاً لى
هربت من النظر إليه بالنظر إلى لوحاته ، فابتسم قائلاً :
- ما رأيك ؟
ـ جيدة
ـ ما هى معلوماتك عن الرسومات الهندسية ؟
ـ لا شيء ، لكن خطوطك تبدو واثقة
تأملها قائلاً :
- من بين أكثر من عشرين مكتب وشركة هندسية ، وقع الاختيار على مكتبى لتصميم قرية سياحية كبيرة فى الساحل الشمالى
ابتسمت قائلة :
- تقول والدتك أنك كنت طالباً متفوقاً
ـ جداً
حدقت فى وجهه ، يا لها من ثقة تصل حد العجرفة والغرور ، لكم تبغضها وتعشقها فى آن واحد ، غرقت فى بحر عينيه الذى لا ينتهى ، ارتجفت فجأة وكأنها استيقظت من حلم جميل قائلة :
ـ ألم تنته بعد ؟
ناولها الكوب صامتاً فاتجهت فى خطوات متعثرة إلى باب الغرفة حتى كادت تسقط ، وإن كانت قدماها لم تعد تقوى على حملها ، فهناك شئ ما حلق بها بعيداً

******

أخذت ليلى نفساً عميقاً بعد رغبة ملحة قادتها إلى غرفته دون وعى منها ، راحت تعبأ رئتيها من أنفاسه ورائحته التى تملأ الغرفة ، لقد سافر منذ أربعة أيام إلى الأسكندرية ليتمم عمله هذا الذى باتت تغار منه ، لم يحاول أن يحدثها تليفونياً طيلة هذه المدة ، ولم تنجح قسوته فى نزعه من قلبها وأفكارها ، يا إلهى ، ألم يحن الوقت بعد لغفران هذا الذنب العظيم ؟ ألها من الذنوب ما يغلق أمامها باب السماء ؟ أم لأنها تدعو وتأمل فى الوقت ذاته أن لا يستجيب الله لها .......
ـ هل اشتقت لى ؟
اتسعت عيناها ذعراً ودهشة وهى تحدق فى وجهه فاتسعت ابتسامته قائلاً :
ـ إنه أنا بالفعل ولست حلماً
أسرعت لتغادر الغرفة وقد احمرت وجنتاها خجلاً ولم تجد ما تقوله ، لكنه أمسك بها قائلاً
ـ مهلاً ، ساعدينى فى إعداد حقائبى
ـ أين ستذهب ؟
ـ الساحل الشمالى
ـ متى ؟
ـ بعد ساعة
ـ ولماذا جئت إذاً ؟
ـ جئت لأودعك
ـ هل ستتغيب كثيراً ؟
ـ شهر على الأقل
أشاحت بوجهها فى مرارة ، فأدارها إليه هامساً :
- هل ستشتاقين إلىَ ؟
ـ هل ستسافر بمفردك ؟
قال دون أن يرفع عينيه عن وجهها :
- ربما
جاهدت للتحكم فى انفعالاتها قائلة :
- وربما الأخرى ؟
ابتسم قائلاً :
- ربما يرافقنى أحد ، أيهما ترجحين ؟
أجابته ساخطة :
- ربما الثانية بالطبع ، امرأة أليس كذلك ؟
عاد يبتسم قائلاً :
- بلى هو كذلك
صرخت فى غضب :
- طلقنى يا ممدوح
أجابها فى لا مبالاة زادتها غضباً :
- بعد عودتى
ـ كلا ، طلقنى الآن قبل أن ترحل
ـ كفاك إلحاحاً لا جدوى منه ، لقد قلت كلمتى
همت أن تعترض فوضع يده على فمها قائلاً :
- سأنتظرك بالأسفل ، أمامك عشرة دقائق لإعداد حقيبتك ، بعدها سأعلم أنك لا تريدين المجئ معى
حدقت فى وجهه ، لقد كان يعنيها إذاً ، لماذا لم يخبرها بذلك منذ البداية ، هذا المزعج يتعمد إثارتها دائماً ، تباً له من يظن نفسه !! ؟

نهض ممدوح ليودع والديه ، لقد مضى أكثر من نصف ساعة ولم تأت ليلى بعد ، إنها لا تريد مرافقته إذاً ، هتفت والدته :
- ألن تنتظر ليلى ، انتظر قليلاً ، سأذهب لأ......
قاطعها فى حزم قائلاً :
- كلا ، سأذهب بمفردى
ما كاد يصل لباب المنزل حتى لمحها تهبط الدرج وفى يدها حقيبة سفر صغيرة ، نظر إليها فى مزيج عجيب من السعادة والحزن معاً ، تهلل وجه والدته بينما هتف والده مازحاً :
ـ عد لنا بالحفيد الذى وعدتنى أن أراه بعد تسعة أشهر
أحمرت ليلى خجلاً بينما غمغم ممدوح وهو يتأملها :
- إنه شهر عمل يا أبى وليس شهر عسل
نظر إليه والده فى مكر قائلاً :
- ظننت أن النساء هن عملك المفضل
ضحك ممدوح فى حين ازدادت ليلى خجلاً واتجهت بخطوات واسعة لمغادرة المنزل ، عندما هتف الرجل قائلاً :
- انتظرى يا ليلى
اتجه إلى مكتبه ثم عاد بعد قليل ليضع فى يدها مبلغاً كبيراً من المال قائلاً :
ـ اشترى ما شئت ، أريدك أن تستمتعى بوقتك بقدر طاقتك
حاولت ليلى الرفض متعللة بأن لديها من المال الكثير ، لكن الرجل كان أكثر عناداً من ولده ..................

ليست هناك تعليقات