إبحث عن موضوع

رواية وحدك حبيبتي الحلقة 14

لا أريد قيساً سواك 2

ساد الصمت بينهما طويلاً ، رفع بصره عن الطريق قليلا لينظر إليها فوجدها تحدق فى وجهه ، ابتسم فى تهكم قائلاً :
- هل أبدو أكثر وسامة الآن ، وهذه الضمادات تزين وجهى
أشاحت بوجهها ولم تعلق فى حين أردف فى لهجة لا تخلو من الغضب :
ـ هل تلذذت بمشاهدتى وأنا أصرخ كالنساء ؟
هتفت مستنكرة :
- ألم تلحظ أننى حاولت أن أجنبك كل هذا منذ البداية ؟
أجابها ساخطاً :
- لأنك بلهاء ، لا تثقين فىَ البتة
زفرت بضيق بينما تابع :
- كيف تخيلت أننى يمكن أن أخرج مع امرأة لا أستطيع حمايتها !!
أغمضت عينيها صامتة ، و هتف يعاتبها مرة أخرى
- لو أخبرتنى بالأمر منذ البداية ، لاتخذت بعض الحذر .. وما كنت فوجئت بهم كما حدث
تنهدت بعمق وهى تلتهم قسماته ، بينما خيل إليه أنها لا تصدقه فهتف غاضباً وهو ينظر إليها :
ـ اعلمى أنه لولا إصابتى لقتلت ثلاثتهم
هتفت أعماقها فى توسل :
- بالله كفاك واصمت ، لن أستطيع أن أحبك أكثر من هذا
ساد الصمت بينهما من جديد حتى قطعته قائلة :
- هل أعجبتك ؟
ألقى عليها نظرة سريعة قائلاً :
- من هى ؟
ـ لا تتصنع الجهل
ـ أتنكرين أنهن كن كثيرات
ـ تلك التى قبلتها متجاهلاً وجودى
ـ أتسمين هذه قبلة ؟
ـ وماذا تسميها أنت إذاً ؟
ـ رد فعل ، فتاة قبلتنى ، ماذا كنت تريديننى أن أفعل معها ، هل أصفعها ؟
ـ كلا ، تقبلها !!!
ـ وهذا ما فعلته ، فلماذا أنت غاضبة ؟
هتفت مستنكرة :
- أنت لا تطاق
ضحك ولم يعلق وساد الصمت من جديد وعادت تقطعه أيضاً قائلة :
- هل هى أجمل منى ؟
أجابها دون أن ينظر إليها :
- أنت أجمل امرأة رأيتها فى حياتى
تهلل وجهها قائلة :
- أحقاً يا ممدوح ؟
ـ نعم
ـ لماذا لا تكتفى بى إذاً ؟
ـ ماذا ؟
ـ لماذا تنظر للأخريات ؟
ـ اسمعينى يا ليلى ، وحاولى أن تتفهمى الأمر ، وتتقبليه أيضاً ، أخبرتك من قبل أن الأسد هو حيوانى المفضل ، لكننى لن أذهب إلى حديقة الحيوان لأمضى الوقت كله أمام قفصه أتغزل فى مفاتنه وحده
صاحت غاضبة :
- مع احترامى لعشقك الشديد للأسد لكننى لا أرضى أن تشبهنى به
ابتسم قائلا ً :
- حسناً ما رأيك فى التفاح يا تفاحتى ؟
صاحت بصبر نافذ :
- التفاح شئ والنساء شئ آخر !
ضحك قائلاً :
- أنتن أشهى بالطبع
عادت تكرر فى مرارة :
- أنت لا تطاق ، أنت حقاً لا تطاق
تأملها ضاحكاً :
- أنت تتصرفين كالمراهقات يا ليلى
ـ المراهقات ، منذ قليل كنت ترانى طفلة والآن ترانى مراهقة ، وماذا بعد ؟
همس فى وقاحة :
- أتمنى أن تبلغى مرحلة النضج عندما نصل للمنزل
أشاحت بوجهها عنه فى ضيق لكنها وجدت نفسها تستدير نحوه وفى حركة لا شعورية ، امتدت يدها إلى عقد الفل الذى يحيط عنقه وكأنه ذراعى تلك الفتاة الوقحة ، انتزعته فى قوة لتلقى به من نافذة السيارة .
جن جنونه وكاد أن يصفعها فصاحت غاضبة :
- ألم تقل من قبل أنك لا تحب القيود ، أم أن لقيدها ملمس آخر؟
صاح ثائراً وهو يعض على شفتيه :
- لتذهبن جميعكن إلى الجحيم ، لقد كدت تتسببين فى كارثة ، ألم تلاحظى تلك المقطورة التى كدت أن أصطدم بها ؟
شعرت بالخجل من سلوكها الذى لا مبرر له سوى حماقتها ، فانهارت باكية وزاد من نحيبها كونه لم يلتفت إليها ، ولم يحاول أن يهدئ من روعها ، كيف أمكنها أن تتخيل منذ قليل أن هذا المتحجر هو فارسها الذى طالما انتظرته ، ألكونه وسيماً وشجاعاً وأنيقاً والشهد يقطر من شفتيه حتى عندما يسخر منها و.......
عادت تنتحب بصوت أعلى فالتفت إليها فى دهشة ثم زفر بضيق قائلاً :
ـ كفى ، لست فى حاجة إلى المزيد من التوتر
وصلا أخيراً إلى المنزل ، وما أن التفتت إليه حتى شعرت بالقلق ، كان وجهه يتصبب عرقاً ويكسوه ألم واضح ، قال بصوت واهن :
- هيا لقد وصلنا
سألته فى قلق :
- ماذا بك ؟
أجابها وهو يعض على شفتيه ألماً :
- يبدو أن مفعول المسكن قد ذهب
ـ استند إلىَ حتى نصل إلى غرفتنا
وصل إلى مسامعهما صوت ارتطام عنيف لم يستطيعا تحديد مصدره ، بينما صرخت نجوى فى ثورة وغضب لم تستطع التحكم فيهما وهى ترقبهما من خلف نافذة الغرفة :
- انظرى ، انظرى ماذا فعلت به هذه القروية ، انظرى ماذا يرتدى ؟ انظرى كيف يحيطها بذراعه مشتاقاً وكأنه لم يمض معها كل الوقت حتى الثالثة صباحاً ، سأجن يا سميرة ، سأجن ...
احتضنتها سميرة وهى لا تدرى ماذا تقول ، وغمغمت أخيراً وهى تتصنع ابتسامة :
ـ لمَ كل هذا القلق ، أنها ليست المرة الأولى التى يذهب فيها مع أخرى للنزهة ، غداً سيعود إليك من جديد
حاولت نجوى التحكم فى دموعها المنهمرة وقالت بصوت مختنق :
- هذه المرة ينتابنى خوف رهيب ، أشعر أن ممدوح تغير، مهما حاولت أن أنكر هذا ، لكنه تغير ، أخشى أن أفقده للأبد ، إن لم أكن قد فقدته بالفعل
- أنت تبالغين كثيراً .. لو أنه يهتم بها كما تقولين ما كان تركها وأمضى كل الوقت معنا منذ مجيئنا إلى هنا .. ألم تلحظى هذا
غمغمت من بين دموعها
- حتى وأنا بين ذراعيه أشعر به غريباً وبعيداً عنى .. أصبح دائم الشرود وكأنه في عالم أخر .. لم يكن أبداً بهذا الفتور نحوى
******
تحسست ليلى جبهة ممدوح التى ذهب لونها وهى تهتف فى هلع :
- سأستدعى الطبيب حالاً
أشار محذراً :
- ليس دكتور قيس يا ليلى
استدارت إليه وغمغمت فى دهشة :
- من هو دكتور قيس هذا ؟
ثم ما لبثت أن ابتسمت حين أدركت ما يعنيه وهى تغمغم بصوت لم يصل إلى مسامعه
ـ أنا لا أريد قيساً سواك أيها المتوحش
حاولت ليلى الوصول إلى الطبيب عن طريق الهاتف دون جدوى ، عادت تنظر إلى ممدوح فى قلق ، كان يعض على شفتيه
صامتاً رغم الألم الهائل الذى يصرخ فوق ملامحه ، وكأنه يخشى أن تشمت به ، هذا المعتوه
لا يدرى أنها تتألم لآلامه ربما أكثر منه
هل تذهب لتوقظ والدته ؟ لكن ماذا ستفعل هذه الأخيرة سوى النحيب والبكاء ، برقت عيناها وأسرعت تهبط الدرج حتى وصلت إلى الغرفة التى يقطنها رفاقه وطرقت بابها فى بعض التردد ، دلفت إلى الغرفة فى بطء وخجل بعد أن وصل إلى مسامعها صوت يدعوها للدخول ، هب أشرف واقفاً ما أن رآها وكذلك فعل عادل ، أما كمال فلم يشعر بوجودها وقد استغرق فى سبات عميق ، سألها أشرف فى قلق :
- ليلى !! ماذا حدث ؟
وقبل أن تنتهى من سرد ما حدث ، كانا قد بدلا ثيابهما غير عابئين بوجودها فى الغرفة ، قال عادل وهو يتجه للباب :
- سأذهب أنا لاستدعاء الطبيب ، وابق أنت يا أشرف مع ليلى ربما احتاج ممدوح شيئاً
ما كاد ممدوح يبصر ساقه وقد كساها الجبس من جديد حتى صرخ ساخطاً :
- كلا ، ليس مرة أخرى
ابتسمت ليلى للتخفيف عنه قائلة :
- عشرة أيام فقط ، وسوف ينزعه الطبيب
أمسك فجأة بذراعها قائلاً :
- من الذى قام بوضع الجبس فوق ساقى ؟
صمتت فى حيرة فازداد ضغطاً على ذراعها قائلاً :
- دكتور قيس أليس كذلك ؟
هتفت فى بلاهة :
- اسمه الدكتور مسعود
صرخ فى عصبية قائلاً :
ـ فليذهب إلى الجحيم ، هل انتهزتما فرصة غيبوبتى لتمضيا الوقت معاً فى غرفة نومى
تأوهت فى ألم قائلة :
- يبدو أنك ما زلت تهذى
استمر فى الضغط على ذراعها غير مبال بآلامها قائلاً :
- لا تظنى أن وجودى فى الفراش سيتيح لك الفرصة لفعل ما يحلو لك يا ليلى ، يمكننى قتلك دون أن أتحرك من مكانى هذا
طرقات على باب الحجرة أوقفت صراخه فدفعها بعيداً فى ضيق ، دلف أشرف إلى الحجرة مبتسماً وقال :
ـ كيف حالك الآن أيها الزعيم ؟
أجابه ممدوح ساخطاً :
- لست أدرى ، أية كارثة تلك التى حلت بى
ضحك أشرف قائلاً :
- كنت أعلم أنك ستثور حين تستيقظ من غيبوبتك
سأله ممدوح فى لهفة :
- هل كنت معى أثناء غيبوبتى ؟
ـ وهل كنت تتوقع غير هذا ؟ لقد فعلت ليلى الصواب عندما لجأت إلينا
قال ممدوح وهو ينظر إلى ليلى :
- ألم تجد سوى هذا الطبيب المجنون ؟
ابتسم أشرف وهو ينظر إلى ليلى بدوره :


- يبدو أنه الوحيد المقيم فى مركز الصحة
عاد ممدوح ينظر إلى ليلى التى أشاحت بوجهها غاضبة ، وازدادت ضيقاً وغضباً عندما دلف إلى الحجرة عادل وكمال وبصحبتهما نجوى وسميرة ، أسرعت نجوى ترتمى بين ذراعى ممدوح وهى تهتف متصنعة الجزع :
- ممدوح حبيبى ... ماذا حدث لك ؟
ابتسم هو فى لا مبالاة قائلاً :
- مشاجرة بسيطة
ابتسمت فى مكر قائلة :
- كان ينبغى عليك أن تستمع إلى نصيحتى ، ولا تخرج بمفردك وأنت ما زلت فى مرحلة النقاهة
ضحك كمال قائلاً :
- تقول ليلى أنك أديت عرضاً رائعاً ، هزمت فيه ثلاثة عمالقة
ضاقت عينا ممدوح قائلاً :
- لقد ضربت واحداً فقط ، و أعاقتنى إصابتى من فعل المزيد
نظرت إليه نجوى قائلة :
- إلى أى الملاهى ذهبتما ؟
ابتسم ممدوح وهو ينظر إلى ليلى قائلاً :
- ملاهى لم تخطر ببالك أبداً
نظرت إليه فى تساؤل فاتسعت ابتسامته قائلاً :
- ما رأيك فى الأرجوحات ؟
شهقت نجوى مستنكرة :
- ماذا .. هل أنت جاد ؟
نظر رفاقه إلى ليلى ضاحكين مما جعلها تشعر بالحرج الشديد فصاحت غاضبة :
ـ لا تنكر أنك كنت مستمتعاً بكل لحظة هناك حتى حدث ما حدث
همت بمغادرة الغرفة فأمسك بها أشرف قائلاً :
ـ ليلى نحن نمزح معك ، إن كنت غاضبة من وجودنا يمكننا نحن أن ننصرف
تنهدت بضيق وهى تنظر إلى نجوى قائلة :
- لست أنت من يضايقنى على أية حال
نظر إليها أشرف وابتسم صامتاً بينما صاح عادل :
- ليلى .. عندما تفكران فى الذهاب إلى هناك مرة أخرى سأكون فى المقدمة فهو تغيير نحتاجه جميعاً
وأردف كمال :
- عندما يشفى الزعيم لابد أن نذهب إلى هناك ، يا لها من فكرة رائعة ، كيف لم تراودنا من قبل ؟
ابتسمت ليلى راضية ، فى حين صاحت نجوى مستنكرة :
- يمكنكم أنتم الذهاب ، أما أنا وممدوح فدعونا نذهب إلى أماكن أكثر تحضراً ورقياً ، ويكفى ما أصابه هناك في تلك المناطق الغوغائية
أجابتها ليلى فى حدة :
- ممدوح فى غاية الشوق للذهاب إلى هناك ليقتل هذا العملاق الذى حاول تقبيلى
ابتسمت نجوى فى لا مبالاة قائلة :
عجباً ، مع أن مظهرك لم يكن على قدر من الإغراء

ليست هناك تعليقات