إبحث عن موضوع

قصة بلا عودة (الجزء الاول)

بلا عودة
كنت راجع من المدرسة شايل شنطتي على ضهري لما عديت من قدام دار المناسبات بتاعت قريتنا كانت مليانه ناس وكأن البلد كلها مجتمعه,, مكنش شيء غريب لأن في بنت صغيرة ماتت أمبارح ودفنوها بعد صلاة الضهر فأكيد دا عزاها,, بس الغريب اني قربت على باب الدار كان في واحد بيخطب فيهم ملحقتش أسمع حاجه خاصة أنه لما شافني سكت ولقيت الناس كلها بتبصلي وواحد قاللي روح العب بعيد ياد,, روحت البيت لقيت في حالة قلق في البيت أبويا بيلم كتبه وحاجته وأمي بتلم اللي تقدر عليه,, أول ما شافتني خدتني في حضنها,, وقعدت تعيط وترتجف بعدها كفكفت دموعها وقالتلي وهي نفسها بيتقطع بنص بكاء ونص كلام... أجري بسرعة أطلع عند أول البلد لغاية ما نجيلك أنا وابوك وخد شيل أخوك الصغير خليه معاك,, بصتلها بصة استغراب,, كنت عايز أسألها في أيه؟؟ هي أفتكرت أني عايز أقلها أني مش هقدر أشيل أخويا الرضيع,, خاصة أني لسه عيل في خامسة أبتدائي,, فقالتلي.. هتعرف يا حبيبي تشيله ابقى أرتاح في الطريق,,
طلعت جبت لعبتي بسرعة من اوضتي وحطيتها في شنطتي كنت حاسس أن مفيش رجوع,, شيلت شنطتي على كتفي وشيلت اخويا في حضني ونزلت,, مجرد ما عديت بوابة دارنا ببص ورايا لقيت الناس اللي في دار المناسبات كلها طالعة وجاية على بيتنا,, مرضيتش أجري ووقفت أبص من بعيد لقيت أبويا طالعلهم من البلكونه وبيقولهم...أنا لميت حاجتي وراحل,, والله العظيم راحل
حصل قلق وهرج وسط الجموع,, ناس واقفه بيقولوا ما دام راحل خلاص سيبوه يغور وناس تانيه تقول لا لازم نقتله ونحرق بيته,, المشكلة أن الناس اللي كانت بتقول لازم نقتلة ونحرق بيته دول هم اللي كانوا أكتر ناس بيترددوا على بيتنا ويدخلوا مع أبويا أوضته,, أخويا كان بدأ يعيط بمرارة كأنه حاسس,, وبدأت الاحداث تخد منحى تاني,, لما شوية شباب بدأوا يكسروا في باب بيتنا وفعلا كسروه ودخل الناس للبيت,, بعد دقايق كانوا مطلعين أمي وأبويا,, أمي كانت بتحاول تدافع عن أبويا وتحوش عنه,, في حين أنهم ساحبينه من دراعاته مسحول على الارض,, الناس اللي كانت موافقة أن أحنا نرحل وميحرقوش بيتنا خدوا أمي بعيد وجابوها عندي عطيتها أخويا وحاولت أجري عشان أدافع عن أبويا لكن نفس الناس دي شدتني وخدتني عند أمي ووقفوا شباب عندنا عشان لا حد يأذينا ولا نرجع عند الخناقة تاني,, وفي نفس الوقت كانوا بيحاولوا يحوشوا الناس التانيه عن أبويا,, لكن مكنوش قادرين,,من كتر الناس اللي بدأت تضرب فيه,, شوية وقربت عربية ربع نقل محملة جراكن بنزين نزل منها شباب شايلين الجراكن ودخلوا بيها بيتنا ومجرد ما طلعوا كان ألسنة الحريق طالعه من شباك أوضتي ومن بقية شبابيك البيت,, في الوقت ده كانت الناس اللي تحت شقوا جلابية أبويا وسايبينه بالسديري والكلسون وساحبينه في البلد من دراعاته وكل شويه شومه تنزل على ضهره أو واحد يخبطوا بسكينه في أيده أو رجله وكل شوية تقع حته من هدومه لغاية ما بقا شبه عريان ,, في الوقت ده كنت بدأت أنهار من كتر مقاومة الناس اللي ماسكيني عشان أفلت منهم وأروح أموت فدا أبويا,, لما أنهارت قعدت قدامهم جمب أمي الثكلى وبدأت دموعي تنزل,, مكنتش بتشنج ولا جسمي بيتنفض كانت الدموع نازله لوحدها,, نازلة بغزارة وأنا شايف أبويا وهو مسحوب من وسط المايه اللي مالية عينيا,, لفوا بيه البلد كلها,, وفي الآخر رموه قدام البيت كان حد أتصل بالاسعاف فكانت وصلت بس محدش فكر يكلم الشرطة,, البلد كلها كانت مجتمعه على أذاه لكن كان في ناس عندها شوية رحمة وفي ناس لا
ركبنا الاسعاف معاه بعد ما أمي باست رجل راجل الاسعاف عشان يوافق اننا نركب معاه,, كنت حاسس باحساسها لأنه هو نفس أحساسي,, كنت حاسس أن الناس دول شياطين مش بني أدمين,, كنت حاسس أنهم ممكن يقتلوا أخويا الرضيع ويشربوا من دمه,, كنت شايفهم وحوش وغيلان,,......بقلم عبدالفتاح عبدالعزيز
بعد 3 شهور في المستشفى كان ابويا طالع على كرسي متحرك هيكمل عليه باقي عمره لا ايدين ولا رجلين عادت هتتحرك ,, معرفش هو نجا أزاي أصلا,, وفي نفس الوقت أهل البلد كلهم محدش فيهم شهد على حد لا مخططين ولا منفذين,, أنا أصلا كنت طول عمري بستغرب أن مليش قرايب في البلد دي,, بس أبويا كان دايما يقوللي أكل العيش يابني
نقلنا بعد الواقعة دي في قرية تانية في محافظة تانيه,, أمي باعت حتتين السيغه اللي حيلتها وأجرنا بيت,, وبطلت أروح المدرسة,, كنت كل ما أسأل أمي عن سبب اللي حصل تقوللي ...دا كره عما قلوب الناس,,أقولها...طب زمايلي كانوا بيتجنبوني في المدرسة ليه
كانت ترد وتقول...ما هو الكره بيتورث يا ولدي
مع الأيام كانت بدأت فلوس دهب أمي تخلص خاصة أن مفيش مصدر دخل وعلاج أبويا مبينقطعش,, فبدأت تنزل تخدم في البيوت وترجعلنا في الليل ببواقي أكل البيوت اللي بتخدم فيها  كنت بأكل الأكل وأنا في حلقي غصه وأفتكر أيام ما كنت عايش حياة كويسه زمان,, بدأت أنا كمان أشتغل في ورشة كاوتش كان نفسي أقدر أخليها تبطل شغل في البيوت,, أما أبويا فكانت روحه بتسيبه حته حته,, كان كل يوم أحس أنه فقد جزء كبير من تشبثه بالحياة لغاية ما وصل لمرحلة جسد بلا روح,, كان الصيف قرب يخلص لما أمي قررت أني لازم أروح بلدنا القديمه وأسحب ملفي من المدرسة الابتدائي عشان أقدم هنا وأكمل تعليمي,, يومها كانت أول مره أحس أن أبويا ردت فيه الروح وليلتها قبل ما اسافر تاني يوم كنت بأكله عشاه وأمي مش معانا
لقيت عينيه بتلمع وقاللي...بص يا أدهم,, أنت نازل البلد بكرة طبعا ولوحدك,, لا أنا هقدر أجي معاك ولا أمك نآمن أنها تروح تاني,, أما أنت عيل صغير ومحدش هيأذيك,, بس أسمع اللي هقولك عليه وأحفظه كويس ومتبلغش أمك بيه,,أنت هتروح تخلص ورقك وبعد كده تدارى عن العيون بره البلد وتنتظر لما ييجي الليل,, ليل البلد ساكن والناس فلاحين بيناموا من بعد العشا,, هترجع على الدار بتاعتنا القديمة من الشارع الوراني,, هتدخل أوضتي تحت مكتبي المحروق هتلاقي بلاطه بتتهز هترفعها هتلاقي تحتها صندوق هتلاقي فيه سلسله وخاتم هتلبسهم وتيجي
قلتله...دول بتوع أيه يابا؟؟؟
قاللي...مش مهم تعرف بس المهم أوعى ترجع من غيرهم
وصلت البلد من الصبح بدري وكنت لابس طاقيه وماشي باصص في الأرض,, مكنش حد ملاحظني ولا واخد باله مني بس اللي كان بيعرفني كان بيبص عليا باستغراب,, كنت واثق أني مجرد ما هوصل المدرسة,, خبر أني جاي أسحب الملف هينتشر في البلد كلها,, وأنا ماشي كنت عمال أفتكر اللي حصل لأبويا حاسس أني شايف دمه سايح عالارض  والبلد ملمومه عليه عشان تقتله,,حسيت ساعتها بالغيظ والقهر ملوا قلبي من جديد كأن المشهد بيتعاد قدامي,, كان نفسي ساعتها أكون تنين,, تنين بجناحات وأطير وسط البلد,, مسيبش فيها بيت الا وأحرقه ولا بني آدم الا وأكله بسناني,, بس كانت الحقيقة أني ماشي في البلد موطي راسي وخايف أرفعها حتى لما جيت عند بيتنا وحسيت بهمسة حنين لشباك أوضتي خفت أرفع راسي وأبصله , كنت حاسس أن بدأ يبقى في ناس بتراقبني,, بس الغريب أني كنت لامح في عيونهم الخوف,, على الرغم من أني عيل صغير وحيد,, كملت طريقي ووصلت المدرسة وخلصولي كل حاجة بمنتهى السهولة زي ما يكونوا ما صدقوا,, بلغت أمي أني هتأخر وهبات في المدينة اللي تبعها بلدنا القديمه,, كانت رافضه وعماله تزعق بس أنا كان لازم أقولها كده عشان متقلقش, وفي الليل كنت راجع بتسحب لغاية ما وصلت لبيتنا نطيت من الشباك الخلفي كان البيت كله محروق ومظلم ظلام دامس,, دخلت البيت كنت حاسس أنه لسه فيه دخان كأن لسه نار والعه جواه مكنتش شايف قدامي أي حاجه على نور تليفوني الضعيف دخلت أوضة أبويا ولبست الخاتم والسلسله زي ما قاللي وأنا طالع اتفاجئت بكلب أسود ضخم قاعد على رجليه الخلفيتين سادد باب الاوضه ركزت نور التليفون على وشه يمكن يخاف كانت عينيه الاتنين مفقوعين مكنش في عينين كان المحجرين بتوعهم بس اللي موجودين بس المصيبه أني حاسس أنه شايفني وكان الزبد الأبيض نازل من بين شفافيفه وأنيابه ظاهره قدامي وبيزمجر,, كان هيغمى عليا من الرعب بس كنت بتلفت حواليا أشوف أي حاجه أحمي نفسي بيها من الكلب,, لغاية ما لمحت بقايا المرايه اللي كانت متعلقه زمان في أوضة أبويا بصيت عليها وسط الدخان لقيت صورة الكلب في المراية بتظهر وتختفي رجعت بصيت عليه لقيته ثابت في مكانه زي ما هو,, فعرفت أن ده مش كلب دي حاجه تانيه متجسده في شكل كلب,, قعدت أستعيذ بالله من الشيطان وحاولت أقرأ أي حاجه حافظها حسيت أني مش فاكر أي حاجه وبدأت أسمع غلوشات ووشوشات بتهمس في ودني,, وفي وسطها كنت بفسر صوت أبويا في عقلي كأنه تخاطر,, مش هيخذلكم دا خليفتي في خدمتكم,, ساعتها اتحركت ببطء وانا معلق عينيا على الكلب,, كنت حاسس أنه متابعني براسه اللي مفيهاش عينين,, لغاية ما عديت من جنبه وطلعت أجري لبره,,وصلت عند موقف القرية مكنش في عربيات رايحة المدينة,, أنتظرت كتير بدون أي طائل فقررت أتمشى لغاية القرية اللي بعدنا لأني مكنتش عايز أفضل أكتر من كده في البلد دي,, وخايف حد فيهم يلمحني يقوللي ايه اللي مخليك قاعد في البلد,, الطريق في الليل زيه زي كل الطرق اللي بتربط القرى الصغيرة لا عليه عواميد منوره ولا بشر ماشيه, بدأت اتمشى  ومكنش في أي حاجه غريبه لكن بعد ما بقيت في نص المسافه حسيت أني سامع صوت حاجه ماشيه ورايا مكنش ليها صوت رجلين كان ليها صوت تنفس,, زي ما يكون بيلهث,, أبص ورايا ملاقيش حاجه وينقطع الصوت أمشي الصوت يرجع تاني,, لغاية ما شوفت نور عربيه جايه من بعيد وعلى نورها لمحته..نفس الكلب الضخم اللي كان في البيت وقاعد نفس القعده وبيبصلي نفس البصه بعينيه المفقوعين قلبي أتنفض,, قعدت أشاور للعربيه بايديا الاتنين موقفتش بس بعد مسافة سرعة العربية هديت كانت بتعدي مطب,,, رحت بعدها قعدت عند المطب ده,, مكنتش قادر أكمل مشي من الرعب,, وحاسس أنه حواليا بس مش شايفه,, لغاية ما جات عربيه تانية كانت ربع نقل ,, مشاورتلهاش,, بس وهو بيهدي على المطب حطيت رجليا على الاكصدام الخلفي واتشعلقت بايديا في باب الصندوق وانا موطي جسمي,, كنت ناوي أفضل معاه منين ما يروح بس أهرب من اللي أنا فيه لغاية ما وصلت المدينة,, قضيت ليلتي على قهوة  والصبح كنت راجع لابويا وعطيته الخاتم والسلسلة من غير ما أمي تشوفهم طبعا فلبسهم حاولت أستفسر منه كتير عنهم وعن الكلب فكان دايما رده اني لما أكون جاهز هعرف بعدها بيومين كانت أمي بره  فنده عليا, لما رحتله كان وشه شاحب أكتر من أي وقت مضى وعينيه زايغه وبيجاهد عشان يتكلم فقاللي...قرب عليا,, فقربت وقعدت جمبه ع الارض وحسيت أنه بيعافر عشان يرفع أيده يحطها على راسي بس طبعا مقدرش فقاللي.. قرب يابني تعالى في حضني فقربت عليه وحضنته فلقيته حط دقنه على راسي و وبدأ يتمتم, كنت فاكر أنه هيخدني شويه في حضنه ويسكت,, لكن لقيته عمال يقرأ عليا,, غمضت عينيا عشان استرخي ولما فتحتهم لقيت أبويا واقف قدامي وأنا اللي قاعد مكانه على الكرسي,مش قادر أحرك ايديا ولا رجليا
قلتله...عملت ليه كدا يابا, قاللي...عشان خاطر أمك وعشان خاطرك وعشان خاطر أخوك,, وعشان حقنا يرجع
كنت ببكي ومنهار..تقوم تشلّني يابا,حرام عليك دا أنا أبنك,,
قاللي...بكره تعرف أني كنت بعمل لمصلحتك,, وسابني وطلع من الاوضه, قعدت أبكي وأنا حاسس أني هموت من قهرتي
يتبع
بقلم عبدالفتاح عبدالعزيز

ليست هناك تعليقات