إبحث عن موضوع

المجذوب

متعود كل خميس اروح مقابر العائلة اقرا الفتحة على روح امي و ابويا ، عادة من سنين بعملها. 

من فترة صغيرة ظهر ف مقابر المنطقة مجذوب، كنت بشوفه بيلف ف المقابر على لسانه ابعدي عني يا عفريته..!! كنت ببص عليه لما كان بيجي ناحية قبر امي و ابويا ، ازازة ماسكها ف ايده يفضي على ايده شوية منها و يمسح عينه ووشه بيها.. 
يفضل يعمل كده وهو بيقول " ابعدي عني يا عفريته " 
راجل مسكين ، الاطفال كانوا بيضايقوه دايما ، حتى الاهالي لما كان المجذوب يقرب ناحيتهم يشتموه.. 
عندي يقين ان الراجل ده وراه حكايه كبيرة لان مافيش حد بيتولد مجنون ، المجنون ده مؤكد كان ف يوم من الايام انسان طبيعي ، شيء كارثي اتعرض له وكان سبب ف انه يبقى مجذوب.. 

ف يوم كنت قاعد جنب قبر امي و ابويا كنت بقرالهم الفتحة و بدعيلهم ، جه المجذوب ووقف ناحية قبر امي و ابويا. 
لفت نظري حاجه كان بيعملها ، ناحية باب القبر فضل يخبط كام خبطه و يحط ودنه ع الباب كأنه بيسمع حاجه جوه..! 
عمل كده  كذا مرة وبطل اللي بيعمله وجه يقعد جمبي ، بصلي شوية وقال:
- هي كانت هنا
قولت له:
- مين هي اللي كانت هنا؟!
الازازة اللي ف ايده فتحها و قرب ايده ناحية ايدي ومسكها ، رش شوية من الازازة على ايده وقال:
- امسح ايدك كويس عشان العفريته ماتجيلكش زيي!
عملت زي ما قال مسحت ايدي ووشي. 
ف لحظة لقيته اتنفض من مكانه ، وطه على الارض و بايده الاتنين اخد بيهم شوية تراب وفضل يحدفها ع الهوا! كل ما كان يحدف التراب يقول
" ابعدي من هنا امشي كفاية كده "
كان بيعلي صوته بعصبيه شديدة وهو بيحدف التراب و كمان ينطق بكلام ابعدي امشي كفاية كده! 

كان عندي فضول اعرف حكاية الراجل ده 
بعد ما هدي قولت له:
- مين اللي بتقولها تبعد 
رد وقال:
- خديجة... عفريتة خديجه!
خديجة مين؟!
ده كان سؤالي للمجذوب ، لقيته عيط بحرقه و قال لي ف وسط عياطه:
- غصب عني ، ماكنتش المفروض اعمل كده ، بس هي اللي مشيت وسابتني...!
طبطبت عليه و ناديت ع عيل من العيال اللي ف المقابر ، اديته فلوس وطلبت منه يجيب اكل وعصير. 
مشي العيل يجيب الحاجه وبعد شوية جه خليته ياكل ويشرب العصير وبعد ما التهم كل الاكل قال لي:
- هي لو ماكنتش مشيت وسابتني ماكنتش عملت كده هي اللي اضطرنتي اعمل كده!
سألته وقولت:
- هي مشيت فين
نط من مكانو ومسك ايدي جامد وخلاني اقوم من مكاني ، وقف قصادي ومديني ضهره ، فارد ايده الاتنين كأنه بيحميني من شيء مجهول! واقف قصاد مني و بيزعق للمجهول " ابعدي عنه هو مأذكيش عشان تأذي! " وبعدها يرش بالازازة اللي معاه ع الهوا..!
هدي تاني و قعد جمبي وقال:
- لو حكيتلك هتصدقني ولا هتعمل زيهم هتحدفني بالطوب و الرمل!
- قولت له هصدقك 
رد وقال لي:
- بس مش هنا ، هنا هتسمعنا ولو سمعتني هتبعتلي العفاريت اللي معاها تجلدني وجسمي هيوجعني!
قال كده و راح معري ضهره ، شوفت اثار كدمات وخربيش جامده ده غير علامه كبيرة ف ضهروه محمره اوي كأنها اثار ضرب كرباج!!

خدته معايا البيت ، حاولت معاه انه يدخل الحمام ينضف نفسه من الوسخ اللي ع جسمه و يلبس لبس نضيف لكنه رفض فاسبته ع راحته.. 

بعد ما خلص اكل قولت له:
- احكيلي بقى زي ما اتفقنا
بحلقلي شوية وقال:
- من زمان اوي كان في بنت اسمها " خديجة " كانت جميلة اوي ، اول ما عيني وقعت عليها حبتها اوي ، جدت هي ووالدتها ووالدها يسكنه عندنا ف شقة فاضية ف بيتنا ، من اول ما شوفتها سحرتني بعينيها ، حبتها اوي ، بحكم الجيرة كانت والدتها بتيجي تقعد مع امي ف شقتنا لما بتكون خديجة بنتها ف الكلية و والدها ف شغله. وطبعا كنت بختلس النظر لعنيها امي لحظت كذا مرة وكانت بتقول لي عيب احنا جران.. 

ماستحملتش افضل اسرق النظر و افضل اراقب تحركتها عشان اتقربلها ، ف يوم كانت بتشتري طلبات من السوق قاصد  اني امشي وراها للسوق واعمل نفسي بشتري اي حاجه من هناك. 

وانا واقف عرفت ان فلوسها ماكنتش مكمله ، فاستغليت الموقف و جيت للخضري دفعتله الفلوس ، طبعا رفضت لكني قولتلها اننا جران و ممكن تبقى تديني الفلوس ف اي وقت. 

كل مرة كنت بعمل كده عشان اتقربلها اكتر ، لحد ما هي جدت وقالت لي انها ملاحظة اني براقبها كل ما تمشي حتة تلقيني. 
ماستحملتش اخبي مشعري جوايا اكتر من كده ، اعترفتلها اني معجب بيها و قاصد خير مش لعب عيال ولا معاكسات. 
صدتني اكيد ، لكن انا ماوقفتش ، انا قولت لابويا ع البنت واني عايزه يكلم ابوها بحكم انهم صحاب و بيقعدو كتير مع بعض ف القهوة. 

ابويا ف الاول رفض لكن بعد محيلات مني كلم ابوها. 
جه ابويا وقال لي انه قال لابوها وهو مش ممانع ، قال له كمان انه هيشوف البنت وهيرد عليه. 
بعد كام يوم عرفت الرد وانها موافقه ، كنت طاير من الفرحه طبعا ، رحت مع ابويا و امي عشان نتقدملها ، شرطها انها عايزه تكمل دراسة يعني بعد سنتين نتجوز.
اتخطبنا و مرت السنتين لحد ما خلصت الكلية ، الفرح كان فضله شهر ، رحنا انا وهي نختار الفستان ، عجبها فستان فحجزته.. 
مشينا واحنا ف قمة الفرح ، وقفت عربيتي عند محل عصير رحت جبت لها العصير ورجعت... رجعت مالقتش العربية مكان ما انا سيبها! ف ناس كتير ملمومه ناحية مكان عندنا وده ترعه كبيرة و العربية كنت ركنها هناك. 
انا مش فاهم ايه اللي بيحصل ، بس لما قربت اكتر لقيت العربية ف وسط المية..!! 
اتجنيت ، مصدقتش نفسي ، جريت عشان الحقها ، الناس مسكوني ومنعوني ان انزل الحقها! 
جم غواصين ونزلو شالو العربية وفضلو يدوره ع خديجة لحد ما لقوها وخرجوها..
بصيت لها ، وشها ابيض اوي مافهوش نقطة دم ، العروق بارزه ع وشها وفقده النفس! ماتت وسابتني. 

ما استحملتش بعدها عني ، كنا هنتجوز لكنها سابتني ومشيت. 
كنت مجنون ، ماكنتش بفكر غير اني عايز ارجعها ، رحت لدجال! دجال حد وصفهولي ف قرية جمبنا ، رحت له وقولت له:
- انا عايز ارجعها ، اتصرف قول لي اي طريقة ارجع حبيبتي ليا تاني
قال لي ع طريقة ترجع بيها من تاني ، عطاني كتاب وعند صفحه معينه فتحها وقطع الورقه، مدلي ايده و قال لي:
- هتروح لقبرها النهاردة..! تخرجها وتنفذ اللي مكتوب هترجعلك!... و ماتنساش تجيب كلب و تاكله قلبها و اقرا المكتوب ف الورقه! ...

زي المجنون مشيت من عنده ، ركبت عربية كنت ماجرها ، رحت ع قبرها الساعه ١٢ بليل ، فتحته بسرعة قبل ما حد يشوفني ، نزلت القبر! لقيت جثتها المتكفنه ، طلعتها من غير اي تفكير و حطتها ف شنطة العربية وجريت! 

رحت عند شقة زميلي ، شقة فاضية سايبلي المفتاح لانه مسافر ومالوش حد ، كنت لما بكون مضايق او مخنوق من بيتنا بروح الشقة اقعد فيها كام يوم لحد ما اهدى وارجع تاني..

نزلت من العربية ، اتلفت حواليا عشان اتاكد ان مافيش حد ف الشارع ، بعد ما اتاكدت خرجتها من شنطة العربية وجريت ع الشقة. 
فتحت الشقة ودخلت بسرعة ، حطتها ع الارض ف الصالة ، كنت جايب كلب مخبي ف شوال وكاتم بُقه عشان مايخرجش صوت و اتكشف..!! 

خرجت الكلب و شيلت الكمامه من ع بُقه ، عريت الكفن و جبت سكينه! جرحت جسمها بسكينه عند مكان القلب وخرجته! خليت الكلب ياكل القلب وعملت زي ما الدجال قال لي ، بالسكينه اللي معايا دبحت الكلب وصفيت دمه و قريت من الورقة كلام انا ماكنتش فاهم منه حرف! وبعد ما خلصت قرايه شربت من دم الكلب!! اخدت جثة " خديجة " ونيمتها ع السرير ونمت جمبها! 

صحيت ع صوت خديجة و هي بتهزني!
فتحت عيني لقيتها واقفه جمبي!
خديجة!!!
" انا جعانه عايزه اكل"
اتنفضت من مكاني وانا فرحان اوي
خديجة رجعت
حالا هروح احضرلها الاكل 
بس ماكنتش اعرف انها عايزه تاكل قلب بني ادم ميت..!!! 

هي اللي قالت لي كده بعد ما حضرتلها الاكل ، رمته و صرخت فيها! شكلها اتغير لشكل شيطانة! لو فضلت اوصف كم البشاعة و شكلها اللي يشيب مش هقدر اوصفه!!
صرخت فيا وقالت:
- عايزه قلب بني ادم تموته قدامي و تعمل زي ما عملت فيا ، هتقطع قلبه وتدهولي اكله!
رديت عليها بخوف وقولت:
- مش هقدر اعمل كده 
ردت بغضب:
- بس انت قدرت تخرج قلبي 
رديت وقولتها وانا بترجاها:
- سمحيني ارجوكي 
مدت ايديها ومسكتني من رقبتي و قالت:
- لو مانفذتش اللي قولته هتندم على كل لحظه فكرت فيها انك ترجعني فيها ، هجبهم يجلدوك كل ليله ، هتتعذب لو معملتش كده!

نطقت باخر جملة ، لقيت تلات كائنات شكلهم وحش اوي ظهرو فجأة! ضخام وطوال اوي ، مالهومش ملامح ، ملامحهم مطموسه! كل كائن فيهم ماسك كرباج اسود وطويل اوي! 
قربوا ناحيتي وفضلوا يضربوني ، كنت بصرخ ، بترجاها تنجدني منهم ، تسامحني على اللي عملته ، بس هي كانت بتضحك! 

فتحت عيني لقيت نفسي ف اوضة ونايم ع سرير ، جسمي كله بيتالم ، عرفت اني ف مستشفى و ممرضة قالت لي:
- سكان العماره سمعوا صوت حد بيصرخ ف الشقة ولما فتحوها لقيوك مرمي ع الارض ، جسمك كله كان بينزم من كتر الضرب!

"وخديجة و التلات كائنات لقيوهم ، هي جثتها ف الشقة! "
ده انا قولته للممرضة ، ماردتش عليا ، بصيت لي باصه فهمتها كويس ، هي طبعا بتقول ف بالها مجنون ربنا يشفي! 
 
صرخت لاني شوفت التلات كائنات واقفين ف الاوضة و مسكين الكرباج! وكانت خديجة واقفه معاهم ، قربت ناحيتي ووطت لحد ما وصلت عند وداني وهمست لي:
- انا عايزه آكل!
صرخت بعلو صوتي ، شوفت الممرضه طلعت تجري و سابت الاوضة.. 

خديجة بقيت تجيلي كل يوم ف المستشفى ومعاها الكائنات ، كنت بتعذب ، بضرب كل ليله بالكرباج! 
هربت من المستشفى لان لازم اروح للدجال هو اللي هيخلصني منها ومن الكائنات ومن عذابي..

**

اول ما الدجال شافني وشاف منظري ابتسم لي وقال:
- يبقى ماجبتلهاش القلب! جبلها احسن القلب..
وفضل يضحك ، مسكته من رقبته و فضلت ازعق فيه:
- انت لازم تخرجني من العذاب ده ، انت خلتني اعمل ايه فهمني
رد بكل برود و هو بيبتسم لي:
- انت طلبت حبيبتك ترجع و خليتهالك ترجع ، مافيش ميت بيرجع تاني للحياة! انت اه رجعتها بس دي مش خديجة! ده عفريت متمثل لك ف خديجة! انا بنصحك تنفذ له طلبه ، لو عملت كده هتلاقي جمبك حبيبتك خديجة ولو مانفذتش هتشوف اللي عمرك ما شوفته!!

سمعت كلامه ده و دمي فار ، ماوعتش بنفسي ، فضلت اخنق فيه لحد ما مات ف ايدي! هو مات وهي ظهرت ، خديجة! مش انتي عايزه قلب ، اهو خدي وسبيني ف حالي بقى!!
خرجتلها القلب و اكلته! 
بس هي ماسبتنيش ف حالي لانها عايزه تاني ، ما استحملتش ، فضلت اهرب من مكان لمكان ، شوفت الويل ، انا مش عايز اقتل وهي مش رحماني! 
بتعذب بالكرباج كل ليلة من الكائنات التلاته! 
هربت ف اماكن كتير ، مفكر بهروبي ده هقدر اهرب منها!..

****

بسمع حكاية المجذوب وانا مش مصدق نفسي ، مصدوم مستحيل ده يكون حقيقي..
ف لحظه لقيت المجذوب نط من مكانه و بيبص ويتلفت حواليه وبعدها يبصلي ، خوفت من نظراته ، قولت له:
- انت ليه بتبص لي كده
رد و قال لي:
- خديجة هنا وانا مش عايزك تتاذي مني 
قربت منه ومسكت ايده وقلت:
- انا هعالجك، هوديك لحد هيقدر يخلصك من اللي انت فيه 
رد و قال لي:
- انا ماليش علاج ، علاجي اني انفذ اللي بتطلبه! انا كذبت عليك ف حاجه! 
قال الجملة دي وعيط فانا قولت له:
- كذبت عليا ازاي
رد وقال:
- انا بتنقل من قريه للتانية و اللي بيطلب مني احكيله الحكاية لازم يموت!
انت مجنون!
الكلمة دي قولتها ، نظراته بقيت فيها خبس ، معرفش جاب السكينة اللي ف ايده دي ازاي وامتى! ف اقل من الثانية لقيته اتنفض من مكانه و مسكني من رقبتي!
انت هتعمل ايه يا مج...
ماكملتهاش لان السكينة اتغرزت ف بطني! 

انت قريت الحكاية صح ، طب بنصحك لو شوفت مجذوب ف منطقتك حاول تسيطر ع فضولك وماتحاولش تعرف حكايته.. 
لانه انا ، واي حد يسمع حكايتي ف ده معناه موته ع ايدي ، انا غصب عني لازم خديجة تاكل!!
يرضيكم اتعذب واتضرب بالكرباج!

تمت
محمد مهني
#المجذوب

ليست هناك تعليقات