إبحث عن موضوع

النيش

النيش.. أيوه الدولاب الخشب العتيق أبو واجهة إزاز ده، المليان كوبايات واطباق قديمة جدًا وشوية تماثيل صغيرة، بصراحة أنا مكنتش عارف فايدته إيه غير أنه مالي البيت على الفاضي وأمي دايمًا بتمنعني وتحذرني إني أقرب منه ومعرفش إيه السبب بس أنا هعرف قريب...قريب جدًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهاردة الجمعة...بداية الأجازة بتاعت نص السنة، صحيت بدري وغسلت وشي، نضفت البيت وغسلت المواعين، أمي لاحظت التغيير اللي فيا بس متكلمتش على أساس إنها فاكرة إني بقيت نضيف وبساعد في البيت، متعرفش إني بعمل كل ده عشان حاجة معينة، عملتلها كوباية الشاي بلبن اللي بتحبها وقعدت جنبيها وببتسملها.
 ابتسمت لي وقالت: ربنا يباركلك يا ابني، قررت إني أكلمها وسألتها لو ينفع أنضف النيش وأتفرج على الحاجة اللي فيه.
 فجأة أمي قلبت وشها واتضايقت جامد وقالت: هو ده السبب اللي مغيرك، أنا هقولهالك ولمرة أخيرة إياك تقرب من النيش مهما حصل.
حاولت استعطفها بأي طريقة بس برضو مرضيتش، أخدت كوباية الشاي وقالت: الكلام خلص.
دخلت أوضتها وفضلت قاعد مكاني متضايق وأنا ببص للنيش اللي كان متغطي بملاية كبيرة في الصالة وبفكر في إيه السبب اللي مخلي أمي تمنعني من إني أقرب منه، دماغي تعبت من كتر التفكير اللي مكانش ليه فايدة وقررت أدخل أوضتي، دخلت وجيت أقفل باب الأوضة، سمعت صوت بينادي، لا مكانش صوت واحد كانوا كذا صوت، أصوات بتستنجد بيا، حاولت أحدد مصدر الصوت...الصوت جاي من النيش...بدأت أقرب من النيش وكل ما أقرب الأصوات بتزداد لحد ما بقيت قدام النيش، افتكرت تحذير أمي ليا وحطيت إيدي على وداني ودخلت أوضتي بسرعة وقفلت الباب، قعدت على سريري وبدأت أفكر إي هي الأصوات دي؟
قعدت أفكر كتير لحد ما عيوني بدأت تغفل...ونمت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدأت أسمع الأصوات من تاني، فتحت عيني، المكان كان ضلمة جدًا وكان قدامي باب جاي منه نور ضعيف جدًا، قومت من السرير وبدأت اتجه ناحية الضوء لحد ما قربت منه جدًا وبمجرد ما قربت النور انتشر في المكان عشان ينور، النيش كان قدامي وأمي موجودة ومعاها حد غريب كان عمال يرسم نقش على ضهر النيش وأمي إديته فلوس ومشي، بدأت أمي ترص الكوبايات والأطباق والتماثيل بترتيب مُنظم جوه النيش ولفت نظري وجود تمثال غريب مكانش موجود قبل ما تغطي أمي النيش بالقماشة، المشهد ده اتعرض وفجأة النور اختفى والدنيا ضلمت تاني....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتحت عيني، أنا لسه نايم على السرير، شكلي كنت بحلم أو يمكن لأ، فجأة سمعت صوت خبطات على باب أوضتي وفتحت أمي الباب عشان تدخل وتقولي إنها رايحة السوق تجيب شوية حاجات وبدأت تحذرني من إني مفتحش الباب لأي حد وإني مقربش من النيش، قولتلها حاضر بإبتسامة صغيرة وهي نزلت، بدأت أبص من الشباك وأراقبها لحد ما اختفت من الشارع ودخلت في شارع جانبي، قفلت الشباك وروحت ناحية زي ما انتوا عارفين... للنيش، بدأت اقرب منه في توتر وخوف، أنا معرفش ماما ممكن تعمل إيه لو عرفت إني فتحت النيش، شيلت الملاية براحة لحد ما اتشالت خالص وبدأت أبص عليه وأتأمله، كان عبارة عن لوحة فنية، الخشب لسه صلب وسليم زي ما هو رغم أنه قديم جدًا، الرسومات والنقوش الجميلة ما زالت زي ما هي، فضلت أبص شوية وبعد كدة قررت أبص ورا النيش عشان أتأكد إن اللي شوفته في الحلم ده بجد ولا لا، بدأت أحركه...كان تقيل جدًا...بدأ يتحرك ببطء وهو بيطلع صوت صرير جامد بسبب إحتكاكه في الأرض لحد ما بقى ضهر النيش واضح ليا، النقش كان موجود فعلًا زي ما شوفته، كان عبارة عن دايرة جواها مثلث وجوه المثلث ده عين ومكتوب تحت شوية كلام بلغة غريبة، النقش كان لونه أحمر غامق، بدأت ألمس النقش بأطراف صوابعي، كان ملمسه غريب شوية زي ما يكون لزج وناشف في نفس الوقت، بدأ جسمي يقشعر وحسيت بدوخة معرفش ليه، رجعت النيش زي ما كان بسرعة وغطيته ورجعت أوضتي وقفلت الباب، كنت خايف، لو أمي اكتشفت إني قربت من النيش هتتضايق أوي، فضلت على الحالة ديه وأنا قاعد على السرير لحد ما نمت....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو إيه اللي بيحصل؟!، ليه حاسس إني طاير في الهوا، فتحت عيني...أنا فعلًا طاير!، حاولت أنزل لحد ما لمست رجلي الأرض بس مكنتش حاسس بملمسها، باب أوضتي كان مفتوح، سامع صوت عياط جاي من بره، خرجت من أوضتي ولقيت أمي حاضنه حد بين دراعتها وعمالة تعيط...لحظة واحدة الحد ده كان أنا!، كانت حاضناني والنيش كان مفتوح على آخره، حاولت أقرب منها وأقولها إني كويس بس بمجرد ما قربت إيدي عشان ألمسها لقيت إيدي بتعدي من خلالها...أنا بقيت شبح!، أمي بطلت عياط وسابت جثتي ودخلت المطبخ وجابت معاها سكينة ومطحنة وطبق كبير واسع، وعملت حاجة مكنتش متخيل إنها تقدر تعملها، أمي مسكتني من دماغي ودبحتني زي ما بتدبح الفرخة!، الدم بدأ يسيل من رقبتي جوه الطبق، أمي فصل راسي عن جسدي ودخلت المطبخ وفي خلال دقايق أمي رجعت وفي إيدها جمجمة، مخدتش وقت عشان أعرف إنها جمجمتي أنا، مسكت جمجمتي وبدأت تطحنها لحد ما بقت زي الدقيق ودخلت أوضتها وجابت معاها مسحوق تاني أبيض أعتقد إنه جبس وشوية ميه، وبدأت تخلط كل الحاجات ديه مع بعض لحد ما بقوا زي العجينة وجيه نفس الراجل الغريب اللي شوفته قبل كدة، أمي إديته العجينة اللي بدأ يشكلها في إيده بسرعة غريبة لحد ما بقا في تمثال في إيده، التمثال ده كان شبهي!، أمي خدت التمثال وحطته في النيش وفجأة حسيت بصداع في دماغي لحد ما الدنيا ضلمت من تاني....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"صوت خبطات باب" فتحت عيني، أنا لسه على السرير، أنا مموتش، قومت بسرعة وفتحت الباب ولقيت ماما واقفة، حضنتها جامد وأنا بحمد ربنا إن ده كله كان حلم، بصيت لماما، كان وشها حزين وكأنها عايزة تعيط، بصيت وراها لقيت نفس الراجل الغريب واقف وبيبتسملي، رجعت جامد لورا وأنا مرعوب جدًا وأمي بتبصلي بحزن شديد وهي بتقولي: ليه مسمعتش كلامي، ليه عملت كدا؟!
نزلت على ركبتي و بدأت أعيط وأنا بتوسلها إني ملحقتش أعمل حاجة.
بعدت وشها عني وقالت: مش هينفع أسيبك عشان تعمل حاجة.
بدأت في العياط جامد وأنا ببوس رجليها عشان تسيبني أعيش، أخدتني في حضنها جامد كأنها آخر مرة هتشوفني فيها وفجأة حسيت بوجع في رقبتي وبدأت الدنيا تضلم....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتحت عيني، أنا لسه عايش!، كنت على السرير وأمي جنبي وقدامي راجل لابس بالطو أبيض وسماعة، بيتهيقلي إنه دكتور بس إيه اللي حصل عشان ييجي الدكتور ده، بدأ الدكتور يتكلم وسألني إذا كنت فاكر حاجة من اللي حصلت إمبارح، قولتله إني مش فاكر أي حاجة.
بص الدكتور لأمي وقال: ابن حضرتك حسب ما حكيتيلي إنه عنده صدمة عصبية نتيجة موت أبوه بعد ما كسر تمثال من النيش وبسبب خياله الواسع وهو صغير ومنعك ليه من أنه ميقربش من النيش رسم سيناريو عجيب بإن كل حد هيقرب من النيش هيموت وإنك إنتي اللي جيبتي النيش عشان تموتي بيه مش أكتر.
خرج الدكتور مع ماما من الأوضة وأنا مصدوم من الكلام اللي سمعته.. معقول أكون أنا المريض في النهاية.. لا لازمًا أتأكد بنفسي، قومت من مكاني وروحت ناحية النيش وشيلت الملاية وفتحته وخرجت تمثال من التماثيل وحدفته على الأرض عشان ينكسر، انكسر ومحصلش حاجة، لقيت عيون أمي بتدمع والدكتور بيبصلي بشفقة من حالتي اللي أنا فيها، دخلت أوضتي وقفلت الباب وأنا بعيط بصمت، روحت ناحية الشباك وبصيت للسما وأنا بدعي ربنا أنه يرحم والدي نزلت نظري..لحظة ده نفس الراجل الغريب!، لقيته بيبصلي وابتسم وسلم عليا، ده كان النجار اللي عملنا النيش، يمكن في النهاية طلعت أنا المريض في القصة، يا ترى في حد تاني شبهي؟
                             تمت
أتمنى القصة تكون عجبتكم ❤️

ليست هناك تعليقات