إبحث عن موضوع

رواية عتاب الحلقه ٢٧

الفصل السابع والعشرون

داخل المكتب حاول (ريان) إفاقتها بشتى الطرق حتى بدئت أن تفتح عينيها مرة آخرى بينما كان (رائد) يراقبها وهو منهار فقد كان فقط يريد الإطمئنان عليها عندما رأت (ريان) أمامها أمسكت رأسها وشعرت بألم حاد فى رأسها حتى استمعت إلى صوت (ريان)
-إنتى كويسة ؟!
فنظرت حولها وجدت (ندا) بجوارها تمسك يدها وتربت عليها بحنان بينما يقف (رائد) عند باب المكتب وعيناه ينزل منهم الدموع بصمت لا يجرء حتى أن ينظر فى عينيها شعرت برغبة عارمة فى ايذائه ٠٠ أن تؤذيه مثلما آذاها لكن بدلاً عن هذا سقطت الدموع من عينيها وقالت
-أنا عاوزة امشى من هنا ٠٠ مشينى من هنا
هز (ريان) رأسه بالإيجاب ثم قال
-ا٠٠ اهدى بس و ٠٠
فتحدث (رائد) قائلاً بنبرة متلعثمة
-خ٠٠ خليكى هنا اوعدك مش هتشوفى وشى تانى
وضعت يدها على أذنها رافضة أن تسمع منه أى شئ وهى تقول
-اخرررررس مش عاوزة اسمع صوتك ولا اشوف شكلك 
ثم نظرت ل (ندا) وحدثتها برجاء
-مشينى من هنا ٠٠ أرجوكى ٠٠ أرجوكى
انهمرت الدموع من أعين (ندا) وهزت رأسها بالإيجاب بينما انصرف (رائد) من أمامها ومن الدار بأكملها استقل سيارته وقادها بسرعة جنونية ثم توقف عند نهر النيل وخرج من السيارة ووقف أمام النيل بمفرده وضرب قبضة يده على السور الذى يحاوط نهر النيل بغضب شديد فقدها ٠٠ فقدها للأبد لن تعود له مهما فعل حتى ولو لاقى نفس المصير الذى لاقاه (عاصم) لن تغفر له لم يستطع الوقوف أكثر من ذلك فوجد نفسه ينزل على الأرضية بالتدريج وظهره مستند بالسور وأحدى قدميه مثنية تجاه صدره أحدى يداه على وجهه وهو يبكى بغزارة الذنوب التى فعلها طوال حياته هى السبب  نومه مع النساء إهماله لشقيقه صحيح كان يزوره بإستمرار لكنه لم يكن كافياً خصوصاً أن والداتهم ووالد (عاصم)  قد توفا معاً فى حادث فكان يجب أن يتقرب من شقيقه بصورة أكبر كان يعلم أنه فاشل فى الدراسة وعاد أكثر من عام فى الجامعة لكنه لم يكن يتخيل يوماً أن ذلك بسبب أنه مدمن كان يظنه مجرد شاب حالته النفسية ساءت بعد موت والديه لم يتخيل أن لشقيقه اصدقاء سوء جعلوه يسير فى ذلك الطريق المظلم  .. جرح قلب (شجن) جرح (عتاب) وغيرها وغيرها إلم يفعل شئ واحد خير فى تلك الدنيا كل أفعاله ذنوب ظل جالس هكذا منذ الصباح حتى خيم الليل فى السماء ومن يراه جالس بتلك الطريقة يشعر وكأن الوقت لم يمر عليه ولكنه كان يمر دهوراً كاملة ٠٠
بينما (عتاب) أصرت إن ترحل من تلك الدار ولكن مديرة الدار طلبت منها أن تنتظر حتى نهاية الشهر فقط حتى يدبروا فتاة آخرى مكانها كما أنها كانت المسئولة عن الحفلة التى ستقام فى الدار بعد خمسة أيام بمناسبة مرور عدة سنوات على إنشاء تلك الدار فرضخت (عتاب) ولكنها ابلغت (ريان) أن يبلغ (رائد) بأن طوال فترة مكوثها لباقى الشهر لا تريد أن تراه أبداً فهى لن تسامحه على ما فعل ٠٠
لم تذق طعم النوم فى تلك الليلة ظلت تفكر كم هى غبية غبية لدرجة أنها تنفذ نفس اخطائها بنفس الطريقة كيف وثقت ب (عاصم) ٠٠ (فضل) ٠٠ (رائد)  ٠٠ وقد لاقت نفس المصير وهو إنكسار قلبها كم هى غبية عندما تثق بأحداهم تثق به ثقة عمياء ولكنها لن تضعف تلك المرة لن تكون تلك الدمية الهشة التى تقع على الأرضية وتتحول لقطع صغيرة تعلمت الدرس أخيراً ربما تعلمته متأخرة ولكنها تعلمته لن تكرر خطئها لن تثق برجل أى رجل مهما كان لن تقع فى الحب لا يوجد ما يسمى بالحب لا يوجد ذلك الشئ ولكن مهلاً إليست هى الآن تتحمل ذنب موت أحدهم تلك المكالمة الأخيرة التى جعلت (عاصم) ينتحر بسببها هى السبب هى من دفعته لذلك وضعت كلتا يداها على وجهها وأجهشت فى البكاء كم تكره نفسها كم تكره ضعفها كم تكره حياتها كم تكره ثقتها بمن لا يستحقون هى السبب لماذا لا تتخلص من حياتها وتنتهى تلك المأساة لماذا لا تلقى نفس مصير (عاصم) لماذا لا تموت اقتربت من النافذة وهى تنوى أن تلقى بنفسها وتنتهى من كل ذلك الألم الذى تحمله داخل قلبها لكنها توقفت عندما استمعت إلى أحدهم يفتح باب الغرفة إلتفت ببطئ ووضعت يدها أعلى صدرها بخوف حتى وجدت (حفصة) تدلف للداخل وهى تقول
-ميس (سامية) اللى قعدة معانا مش بحبها إنتى مش قعدة معانا ليه النهاردة يا ميس
ارتعشت يدها قليلاً ولكن بغزارة فاقتربت منها (حفصة) وهى تقول بدهشة
-أنتى بتعيطى يا ميس ؟!
قربتها (عتاب) نحو صدرها  وضمتها ثم ظلت تبكى بغزارة على صدرها لم تفهم الصغيرة الذى تمر به (عتاب) ولكنها ظلت تربت على ظهرها بحنان حتى استمعت الصغيرة لصوت رسالة تصدر من هاتف (عتاب) فذهبت لكى تحضره من أعلى الفراش وقالت
-اتفضلى يا ميس
أمسكت (عتاب) الهاتف ولمحت أسم (رائد) قد أرسل لها رسالة جزت على أسنانها كيف استطاع أن يرسل لها رسالة وكأن شئ لم يكن ولكنها قامت بقرآة محتواها
(المرة دى مش هقولك على عيوبك النهاردة
أنا كلى عيوب حاولت ادور ع أى حاجة عملتها صح مفيش مش لاقى كلها بلاوى
بس بحبك إنتى ومش هحب غيرك
عارف أنى مستهلكيش وعارف أنك مش هتردى عليا
بس متحرمنيش من أن كل يوم ابعتلك رسالة زى ما كنا متفقين )
ضمت قبضة يدها  اليمنى وضربت بها صدرها تجاه قلبها فى محاولة منها أن تقوى نفسها وهى تقول
-مفيش حب تانى ٠٠ مفيش حب تانى
نظرت لها الصغيرة بدهشة ولكنها ظلت تربت على ظهرها بحنان ٠٠
**********************
فى صباح اليوم التالى كانت (ندا) تشعر بحزن كبير للغاية لتلك الحالة التى آلت لها (عتاب) تلوم نفسها أنها جزء من الذى حدث فهى كانت تعلم قبلها بأيام ولم تنبهها جعلتها تعيش فى أوهام (رائد) أكثر وأكثر هى مشتركة مع (رائد) والطبيب فى خداعها ولكن كيف كانت ستقول لها وتراها على تلك الحالة التى عليها الآن تباً لفضولها الذى دفعها لتستمع لحديث كلاً من (ريان) و (رائد) أتجهت نحو المكتب الخاص ب (ريان) لتبكى بحرقة وتصب كامل غضبها عليه حتى أنها دفعت باب المكتب ودلفت للداخل دون أن تطرق الباب رفع (ريان)  رأسه وأندهش من وجود تلك الفتاة ولكن ما زاد اندهاشه انهمارها بالبكاء فنظر لها وسئلها
-مالك فيه ايه ؟!
-أنت السبب أنت اللى خلتنى اسكت أنت اللى خلتنى اسيبها كم يوم زيادة مخدوعة عايشة فى سعادة كدابة تقدر تقولى أنا وأنت نفرق ايه عن (رائد) ولا حاجة كلنا خدعنها كلنا وحشين هى كانت صح لما بعدت عن الناس خدت من قربهم ايه غير الخداع
ابتلع (ريان) ريقه ثم قال
-ممكن تهدى ؟!
-أهدى !! أنت ايه معندكش قلب مش متخيل حجم مأساة الغلبانة
-صدقينى لو كنا قولنا كان الموضوع هيتعبها أكتر من دلوقت أنا مسكتش إلا لما حسيت أن (رائد) فعلاً ضميره بيأنبه والمسئلة مسئلة وقت خايف يخسرها بس هو مش عاوز يخدعها
وضعت (ندا) كلتا يداها على وجهها وهى تجلس على المقعد المقابل لمكتبه ثم قالت
-أنا اشتركت معاكوا مش هنسى أبداً أنى كنت عارفة وسبتها مخدوعة كم يوم
-بالعكس لو كنا قلنا احنا ليها كانت الصدمة هتبقى أشد لكن دلوقتي ع الأقل هى عرفت أنه مش قادر يخدعها حتى لو هى مش منتبهة للنقطة دى دلوقتى اما تفوق هتفهم
مسحت (ندا) دموعها بكلتا يديها وقالت
-يعنى أنا مش وحشة ؟!
خرج (ريان) من مكتبه وجلس بالمقعد المقابل لمقعدها وأخرج من جيبه منديل ومد يده لها لتأخذه وهو يقول
-لا طبعاً مش وحشة
بدئت (ندا) أن تهدء قليلاً وأخذت المنديل ومسحت دموعها قم نهضت وقالت
-عن أذنك
لم تعطى له فرصة للرد فتنهد هو قليلاً ثم عاد ليجلس أعلى مكتبه مرة آخرى وقد قرر أنه سيرحل فى التوقيت التى سترحل به (عتاب) عن هنا هو هنا فقط من أجلها من أجل الوقوف بجوارها وقتما تحتاجه ٠٠
*********************
فى المشفى داخل الغرفة الخاصة ب (طلال) كان متكأ على الفراش  يفكر فيما حدث وكيف ظلم (عتاب) ولكن هل ظلمها حقاً فبصورة أو بأخرى هى حقاً من تسببت فى إنتحار (عاصم) ولكن كل ما حدث ردود فعل طبيعية منها عما كان يجرى لها هى فتاة فى ريعان الشباب جميلة وحيدة لها مبررات كثيرة لما فعلته صحيح هو يرى الآن الصورة كاملة بجودة أفضل وأن صورتها قد تحسنت كثيراً أمامه لكنها كانت السبب الرئيسى فى موت شقيقه أخذ نفس عميق وأخرج تنهيدة تحمل الكثير والكثير من الألم فى تلك الأثناء فتحت (مايا) بابا الغرفة وهى تدلف للداخل مع (هانيا) وركضت نحو (طلال) وتعلقت ذراعها بعنقه وهى تقول
-وحشتنى اووووى يا بابا وحشتنى أنت مش هتروح معانا بقى
ابتسم (طلال) ثم قبل أبنته بينما تحدثت (هانيا) قائلة
-بس يا (مايا) منتعبيش بابا أكتر ٠٠ أحنا قولنا ايه هتشوفيه بس
هزت (مايا) رأسها بالإيجاب ثم تابعت
-حاضر يا ماما
-سبيها يا (هانيا) براحتها 
قالها (طلال) فأخذت (هانيا) نفس عميق ثم قالت
 -أنت لسه مصمم يا(طلال) أنى مكلمش (رائد) ولا (روفيدا) مش فاهمة ليه ومش راضى تقولى ايه اللى حصل بينك وبين (رائد)
-مفيش حاجة متقلقيش ٠٠ لما النتيجة تطلع هبقى اكلمهم
-بس ٠٠
قاطعها قائلاً
-اسمعى الكلام يا (هانيا) ٠٠ مش مستاهلة ٠٠ أنا كويس وبخير
شعرت هى بالحزن من أجل زوجها فهى تشعر بأن شئ ما يخفيه عليها فهو منذ شجاره مع (رائد) لم تراه يبتسم مرة واحدة ودائماً شارداً لذا اقتربت منه وجلست بجواره وأمسكت يده لتتشابك اصابع يدهم ثم قبلت رأسه نظر لها وابتسم ثم رفع كف يدها المتشابك بكف يده وقبله فاطلقت (مايا) صافرة مما جعل (هانيا) تشعر بخجل شديد وتركت يد (طلال) ونظرت للأتجاه الآخر بينما تنحنح (طلال) ونظر هو أيضاً للأتجاه الآخر شاعراً بالخجل فقد نسى تماماً وجود ابنته بينما ضحكت (مايا) عليهما ٠٠
*******************
عادت (شجن) من العمل لكى تحضر طعام الغداء فقد كان (وليد) عاد منذ ساعة من المشفى ونائم فى غرفة النوم الخاصة بهم وفى خلال نصف ساعة كانت (شجن) قد أكملت الطعام الذى حضرته بالأمس وأيقظت (وليد) من النوم لكى يتناولوا معاً الغداء جلسوا على المائدة سوياً وهم يتحدثون ويمرحون كعادتهم حتى استمعوا إلى صوت باب المنزل فنظر (وليد) إلى (شجن)
-إنتى مستنية حد ؟
هزت كتفاها بلا مبالاة وقالت
-هستنى مين يعنى ٠٠ روح افتح 90% مامتك
ابتلع (وليد) ريقه ثم اتجه نحو الباب وكانت بالفعل والداته ومعها فتاة صغيرة ابتسم (وليد) لوالدته ثم قال
-اتفضلى يا ماما ٠٠ عاملة ايه ؟
-الحمد لله يا حبيبى
ثم نظرت خلفها لتلك الفتاة وهى تقول
-تعالى يا (أيمى) متتكسفيش 
دلفوا للداخل سوياً وجلسوا على الأريكة فنظرت (چيهان) إلى (وليد) وقالت
-أنت مش فاكر (ايمى) يا (وليد) ؟! دى بنت صاحبتى (شريفة) هى رايحة 2 جامعة طب إن شاء الله ٠٠ بس هى فى الأجازة بتقرا كتير بقى
ابتسم (وليد) للفتاة بود وقال
-اه اهلاً
فى تلك الأثناء خرجت (شجن) ورحبت ب (چيهان) وبتلك الصغيرة التى معها فتحدثت (أيمى) قائلة
-بصراحة أنا مكسوفة منك اوى مش عاوزاك تفتكر أنى استغلالية
-لا اطلبى اللى إنتى عاوزه يا (أيمى)
-بصراحة كده يا (وليد) أنا عاوزك ترشحلى شوية كتب ولو فى كورس معين هيفدنى تقولى المفروض اقضى الأجازة ازاى
اتسعت عينان (شجن) كيف لتلك الصغيرة تقول له (وليد) هكذا بدون أى ألقاب عضت شفتاها بغيظ بينما أجاب (وليد)
-لا مفيش كسوف طبعاً اللى إنتى عاوزه طبعاً وهقولك ع اللى يساعدك
ابتسمت (ايمى) ثم نهضت من أعلى مقعدها وجلست بجوار (وليد) وهى تمسك ورقة وقلم لتكتب ما يمليه إياها شعرت (شجن) بغيظ شديد خصوصاً لأن أعين تلك الفتاة تلتمعان بحب لذا نهضت ودلفت داخل حجرتها دون أن تتفوه بكلمة جلست على المقعد الخاص بطاولة الزينة وظلت تمشط شعرها بهدوء عكس ما بداخلها زفرت بضيق وألقت  بالمشط على طاولة الزينة وظلت تجوب الغرفة ذهاباً وإياباً وهى تشعر بغيظ شديد وبعدها نظرت للساعة التى فى يدها لقد مر نصف ساعة وهو بالخارج لا يشعر حتى بغيابها وبعد قليل دلف (وليد) غرفة النوم لكى يبدل ملابسه ليذهب للعيادة الخاصة به فعقدت (شجن) يدها عند صدرها وقالت
-مشيوا
-اه ٠٠ مقعدتيش معانا ليه ؟
-هما جايين ليك أنت أصلاً محدش كان عاوزنى
شعر بنبرة حزينة مصاحبة لصوتها فاقترب منها ووضع يده حول كتفاها وهم يقول
-كفاية أنى عاوزك جنبى طول الوقت
لا تعرف لما شعرت بالضيق من لمسته ربما لأنها مستاءة الآن لذا حررت نفسها من يده بطريقة هو لاحظاها جيداً فرفع أحدى حاجبيه وقال
-فى ايه يا (شجن) ؟
-م٠٠ مفيش
-إنتى مش طبيعية
ذهبت تجاه الشرفة واعطت له ظهرها وقالت
-البنت دى صغيرة اوى ازاى تقولك يا (وليد) من غير ألقاب
ابتسم هو بسعادة وفهم أنها تشعر بالغيرة ثم تحدث بلا مبالاة
-وعاوزها تقولى ايه يعنى هو أنا عجوز ولا ايه
زمت شفتاها بضيق ثم قالت
-صحيح نوغة ٠٠ نوغة اووى
هز رأسه بآسى فتابعت هى دون أن تنظر له
-امشى ع العيادة بتاعتك
-طب ما العيادة فيها ستات برده
اتسعت عيناها وإلتفت له وهى تقول
-ت٠٠ تقصد ايه ؟!
-اصلك غيرانة و٠٠
قاطعته وهى تشر نحو نفسها بسببتها قائلة بإستنكار
-أنا !! ٠٠ هو أنا تافهة ولا فاضية للتافهات دى
-خلاص هروح أنا للمزز ٠٠ اقصد المرضى
اشتعلت عينان (شجن) غيظاً ثم اتجهت نحو الفراش واحتضنت وسادتها وهى تشاهده يرتدى ملابسه ويطلق صافرة فى الذهاب والأياب ويتأنق فى ملابسة بطريقة مبالغ بها ثم وضع عطر بطريقة مبالغ فيها ومشط شعره وهو مازال يطلق صافرة فعضت (شجن) شفتاها ثم نظر لها وقال
-شامة الريحة ؟!
-السكان كلها شاموها
-أنا اقصد ريحة الشياط اللى عندك
اتسعت عيناها بغيظ شديد ثم القت بوجهه الوسادة الخاصة بها فركض هو وتفادها ثم اقترب منها وطبع قبلة على جبينها وقال
-والله متجوز قمر ٠٠ ومش بعرف ابص لغيرها حتى
كتمت هى تلك البسمة التى لاحت على شفتاها فتابع هو
-يا شيخة اضحكى بقى
زمت شفتاها وقالت
-أنا هنام ٠٠ امشى بقى
فآشار بيده نحو وجنته وقال
-بوسة الاول
-بطل دلع
-بوسة لاقعدلك فى البيت وأنا عاوز اقعدلك أصلاً
هزت رأسها بآسى ثم قبلت وجنته فابتسم هو ثم قال
-مع السلامة يا حبيبتى
-مع السلامة
خرج من المنزل وابتسمت هى ثم تنهدت وبعدها قالت
-بحبك
*******************
بالغردقة داخل فندق فخم بعد أن انتهت (أسما) من تناول طعام العشاء مع زوجها (تامر) امسك يدها وطلب منها أن تتبعه شعرت بأختناق شديد فهو لم يجعل لها أى وقت فراغ حتى لتجلس به مع نفسها دوماً يجلس معها  ما يريد أخذ حقه الشرعى وقتما شاء دون مراعاة أن كانت بخير أو لا صحيح أنه حقه ولكن ليس طوال الوقت بتلك الطريقة فهى تشعر بالأشمئزاز منه حقاً استقلوا السيارة معاً وقاد هو السيارة حتى توقفت سيارته أمام ملهى ليلى اتسعت أعين (أسما) بعدم تصديق وقالت
-ا٠٠ أنت جايبنى هنا ليه ؟!
فتح باب السيارة واخرجها من السيارة وهو يقول
-تعالى بس
دلفت معه إلى الداخل وهى تنظر حولها شعرت بأنها تريد أن تتقيئ حقاً مما تراه فهناك من يشرب الخمر وهناك شاب يقبل فتاة بطريقة مشمئزة ويوجد آخر يحتضن فتاة ملابسها خليعة ويوجد من يرقص ويتحرش بجسد الفتاة التى معه وضعت يدها على فمها وكادت أن تتقئ  ولكن سحبها (تامر) نحو ساحة الرقص وطلب منها أن ترقص فقالت بصوت مرتفع بسبب صوت الموسيقى العالى
-أنا عاوزة امشى من هنا ؟!
-تمشى فين ؟! ٠٠ احنا هنقضى السهرة هنا
نظرت حولها وهزت كلتا يداه بالنفى وهى لا تريد أن تقضى باقى السهرة هنا ولكنه امسكها من رسغها وطلب منها أن ترقص معه كيفما يريد وعندما لم تفعل اشتد ذراعه على رسغها فبدئت تنفذ ما أمرها به وهى تشعر بالأختناق من ذلك الجو الفاسد التى هى به ٠٠
*******************
بعد مرور ثلاثة أيام فى يوم الحفلة التى ستقام فى الدار وقفت (عتاب) أمام المرآة وهى ترتدى الفستان الذى ستحضر به الحفل  أرتدت فستان طويل باللون الوردى يغطى كتفاها الجوء العلوى منه مطرز بالدنتيل ومن بداية الخصر حتى الأسفل من الستان الناعم اسدلت شعرها على كتفاها اغمضت عيناها وهى تدعى الله أن لا يأتى رغم أنها تعلم جيداً أنه سيأتى لكنها لا تريد أن تراه فهى سترحل بعد أيام وسترحل عنه للأبد سمعت صوت أحدهم يطرق باب الغرفة الخاصة بها فاتجهت نحو الباب وتفاجئت بوجود (جميلة) شعرت بصدمة ولكن ابتسمت بسعادة وأرتمت فى أحضانها كم تمنت حقاً أن تكون (جميلة) بجوارها فى الفترة الماضية وجدت نفسها تبكى بدون أى مقدمات شعرت (جميلة) بغرابة ولكنها شددت فى احتضنها حتى تهدء وما أن هدئت حتى ابتعدت (جميلة) عنها وقالت
-مالك يا (عتاب) ؟ ومجتيش ليه مش قلتى هتيجى ماما نفسها تشوفك اوووووى ؟
مسحت (عتاب) دموعها وقالت
-معلش أنا آسفة هجلكوا قريب ؟
نظرت (جميلة) لها ولملابسها
 وسئلتها
-هو أنتى خارجة ؟!
هزت رأسها نافية
-أبداً ٠٠ دى حفلة سنوية الدار
-اهاا ٠٠ المهم احكيلى مالك
تنهدت (عتاب) ثم أمسكت يدها وجلسا سوياً على الأريكة بعيد عن زميلتها بالغرفة التى كانت على وشك الحضور لأنها بالحمام وبدئت (عتاب) فى أن تقص عليها كل شئ منذ معرفتها ب (عاصم) حتى صدمتها ب (رائد) شعرت (جميلة) بحزن شديد على ابنة خالتها وعلى ما اساته طوال السنوات الماضية وضمتها فى حضنها ثم قالت
-كلامى ممكن ميعجبكيش دلوقتى ٠٠ بس هو لازم يتقال الموضوع مش بس ثقتك الزيادة فى الناس يا (عتاب) إنتى كل تصرفاتك تصرفات واحدة طايشة ومش مسئولة علاقتك ب (عاصم) كانت غلط كلها غلط ازاى تركبى مع واحد متعرفهوش مهما كان الظرف يا (عتاب)
ابتعدت عنها (عتاب) ونظرت لأسفل ثم مسحت دموعها وقالت
-ع٠٠ عارفة أنى غلطانة بس الوحدة كانت وحشة اوووى اووووى عارفة أنه مفيش مبرر بس بعد موت ماما لاقيت نفسى بغلط وكل اللى علمتهولى وعودتنى عليها اتمسح باستيكة مش عشان أنا عاوزة ابقى وحشة لا عشان الوحدة كانت وحشة حياتى كانت مملة كنت بقعد بالساعات فى البيت مش بتكلم قعدة لوحدي وبس وفى المحل مفيش وقت كله شغل والبنات هناك مكنوش بيحبونى أصلاً بيتعاملوا معايا عادى جداً مكنش فى قدامى غير (عاصم)
-وياريتك اتعلمتى وثقتى فى (رائد) لما مثل انه (فضل) بسرعة وبنفس الطريقة
-كان وقتها الناس ابتدت تبعد عنى من افعال (عاصم) وكلامه عليا
-برده مش سبب ٠٠ و (ريان) و (رائد) تصرفاتك غلط
-(ريان) ده زى اخوية ومامته هى الوحيدة اللى كانت حنينة عليا وبحبها لحد دلوقتى ٠٠ اما (رائد) حبيته حقيقى حبيته ومتسئلنيش ازاى بس ميستاهلش ده غير أنى أنا السبب فى موت (عاصم)
-محدش مسئول عن تصرفات غيره وهو مش عشان واحدة يروح ينتحر هو انتحر وخلاص بس هو اللى هيتحاسب بلاش تسيبى اخطائك وتركزى فى شئ ملكيش ذنب فيه
-مليش ذنب فيه ازاى ؟!
-هى دى الحقيقة ملكيش ذنب فيه ده عمره صحيح كنتى قاسية معاه بس اللى حصل حصل ده عمر ومكتوب هيموت امتى وازاى
تنهدت (عتاب) وقالت
-أكيد هيجى النهاردة أنا مش عاوزة اشوفه ٠٠ مش عاوزه اشوفه أبداً
-بصى يا (عتاب) أنا هقولك كلمة يمكن مش هتفهميها دلوقتي ولا هتحسى بيها دلوقتي بس أنا بارة الموضوه وشايفة الصورة بوضوح
-إنتى  قلتى أن علاقتك ب (عاصم) كانت غلطة وكلفتك كتير عشان كنتى ضايعة بعد موت أمك وتصرفاتك كانت غلط (عاصم) بقى وحش ولا حلو ملناش دعوة بس (رائد) أخوه وفى بينهم حب فطرى مش بيموت مهما كل واحد عمل فى التانى (عاصم) لما مات اكيد (رائد) برده كانت تصرفاته غلط فى غلط
ثارت (عتاب) وقالت
-لا ملوش تبرير هو كسرنى كسرنى مرتين هو لو حبنى بجد مكنش كسرنى المرة التانية لكن هو قاصد أنا بكرهه بكرهه يا (جميلة)
-اهدى يا (عتاب) ٠٠ عموماً تلاشى وجوده حكايتكوا مستحيل تكمل هو فاكر أنه سامح بس هو مسامحش عند أول مشكلة بينكوا هيفضل يفكرك باخوه وأنك السبب فى موته وإنتى نفس الكلام هتفتكرى كل الوحش ليه يبقى تلاشى وجوده خليكى قوية لأن خلاص الحكاية انتهت ع كده
أغمضت (عتاب) عيناها ونزلت الدموع من عينيها فضمتها (جميلة) نحو صدرها كى تخفف عنها فما مرت به ليس بالهين ٠٠
*******************
فى المشفى داخل غرفة (طلال) حيث كان موجود كلا من الطبيب و (هانيا) فشعر الطبيب بثقل الكلمات الذى يريد قولها لهم لذا نظر إلى (طلال) فهو يعلم أن (طلال) أقوى بكثير من زوجته لذا قال
-نتيجة الفحوصات طلعت يا دكتور ٠٠ وأنت عندك لوكيميا (سرطان دم)
ظهرت الصدمة بوضوح على معالم وجه (هانيا) بينما تلقى (طلال) الخبر بهدوء كأنه كان منتظر أن تكون تلك النتيجة حقاً ٠٠

#عتاب

ليست هناك تعليقات