إبحث عن موضوع

رواية عتاب الحلقه ٢٥

الفصل الخامس والعشرون

ابتلع (رائد) ريقه وضم قبضة يده فهو لا يريد سماع أى شئ بخصوص ذلك الموضوع فتابعت هى حديثها
-أنا عاوزة احكيلك كل حاجة ٠٠ عشان متسمعش بارة وتيجى تلومنى بعد كده أنى خبيت أو محكتش
-وأنا مش عاوز اسمع حاجة عن الموضوع ده
-ليه ؟! لا أنا رأيى تسمع عشان متقولش أنى خدعتك
قالتها وهى مندهشة من رد فعله ذاك فهى تريد أن تكون الصراحة والوضوح أساس علاقتهم فقال هو بترجى 
-(عتاب) أرجوكى
-أرجوك أنت ٠٠ ولا أنت سمعت حاجة من بارة ؟!
-ل٠٠ لا أنا بس مش عاوز اسمع أنك كنتى مرتبطة بحد قبلى
قالها مرتبكاً ولكنها لم تنتبه لأرتباكه ذلك بسبب أنها مرتبكة أكثر منه بكثير فقالت هى
-الموضوع بالنسبة ليا تافه جداً ٠٠ أنا معملتش شئ وحش بس ممكن يجى يوم وتسمع كلمة كده ولا كده أرجوك متصدقهاش
ردد بألم يملئ قلبه
-تافه !!
-ا٠٠ أيوة الحكاية بدئت لما كنت فى 3 جامعة بعد وفاة بابا وماما كنت بشتغل فى محل للهدوم وبدرس  فى الجامعة مكنش ليا صحاب كتير أنا من طبعى أنطوائية بس (عاصم) ٠٠ (عاصم) خلانى أحب الدنيا وأحب الناس وبعدها ٠٠ بعدها كسرنى وخلانى اعرف أن مش لازم أثق فى حد لازم أخد بالى كويس عشان كده هقولك الحكاية من الأول
(خرجت (عتاب) من الجامعة ووقفت أمام الموقف الخاص بالحافلة التى تستقلها للعودة إلى منزلها ونظرت للساعة التى بيدها فقد تأخرت الحافلة للغاية وهى بحاجة للوصول مسرعة كى تتناول الغداء وتبدل ملابسها وتذهب للعمل فتوقفت أمامها سيارة فخمة وتحدث من بداخلها وهو يقول
-اركبى
نظرت بدهشة لذلك المتطفل وهى تقول
-افندم !!
-أركبى يا (عتاب)
شعرت بدهشة أكبر بأنه يعلم اسمها فشعر هو بدهشتها تلك وخرج من السيارة وهو يقول
-أنتى بجد متعرفنيش ؟
دققت هى فى ملامح ذلك المهرج الذى أمامها ربما قد رأته من قبل ولا تتذكر فقد كان شاب وسيم عينيه البنية التى تلتمع مع أشعة الشمس لتجعل عيناه بلون العسل بشرته البيضاء شعره البنى الناعم القصير ابتلعت ريقها ثم هزت رأسها نافياً فزم هو شفتاه
-أنا (عاصم مختار الحديدى)ّ زميلك فى الجامعة يا (عتاب) 
-بس أنا عمرى ما شوفتك 
-اصلى زيك مبحبش اجى الجامعة كتير باجى تخاطيف كده مبحبش ابقى تقيل فى زيارتى
ابتسمت ابتسامة عذبة وهزت رأسها بآسى فتحدث هو قائلاً
-طب عشان الابتسامة دى اركبى بقى
-ده مش مبرر اركب معاك
-ازاى بس ده مبرر ونص ٠٠ إنتى بنت حلوة وأمورة ورقيقة وأى حد ممكن يغلس عليكى ده أنا باخد فيكى ثواب ٠٠ المواصلات زحمة النهاردة ومينفعش بنت حلوة زيك تتاخر عن البيت كده
نظرت (عتاب)  فى الأتجاه التى تأتى منه الحافلة وزفرت بضيق ثم نظرت تجاه (عاصم) فرسم البراءة على وجهه فهزت رأسها بأسى ثم لوحت بالكتاب الذى بيدها فى الهواء وقالت
-عارف لو فكرت حتى مجرد فكرة ٠٠
-عيب عليكى
استقلت (عتاب) السيارة واستقل (عاصم) معها السيارة تعلم أنها مخطئة بما فعلته ولكن الحافلة قد تأخرت كثيراً وهى ليس معها نقود تكفى لتستقل سيارة آجرة وتخشى أن تتأخر عن العمل  وعليها أن تذهب للمنزل أولاً لكى تبدل ملابسها أخبرت (عاصم) بعنوان بيتها وأوصلها هناك وقبل أن تترجل من السيارة اختطف هاتفها من يدها وسط دهشتها وقام بالأتصال بنفسه ثم قال لها
-لو احتجتى أى توصيلة أنا فى الخدمة
عضت (عتاب) شفتاها بغيظ ثم ترجلت من السيارة بينما تبعها (عاصم) بعينيها وقد اطلق صافرة
-بنت الأيه مزة ٠٠ )
اغمضت (عتاب) عينيها ثم قالت
-ودى كانت البداية كل شئ جاه بسرعة بسرعة جداً ٠٠ طول اسبوع حاوطنى بالأهتمام كل شوية يتصل بيا يطمن عليا كان عارف أنى شغالة فى محل وبرجع متأخر كان بيتصل بيا عشان يبقى معايا طول الطريق مش بس كده فى مرة واحد اتعرضلى وأنا ماشية لاقيته ظهر فجاءة وضربه اتضح أنه كان بيوصلنى كل يوم وهو ماشى ورايا وأنا معرفش كان صعب معجبش بيه ولا مشاعرى متتحركش ناحيته إهتمامه بتفاصيل حياتى خوفه عليا حسيت أنه بيحبنى بجد وهو فعلاً حبنى بجد أنا واثقة من كده ولو كنت طلبت منه أنه يرمى نفسه من دور عالى كان هيرميها
استمع (رائد) لكلماتها تلك وشعر بغضب شديد ليست غيرة إطلاقاً ولكن عضب أنها تعلم أن شقيقه احبها بذلك القدر ورغم كل شئ تركته حتى الآن هو لم يفعل شئ سئ بها لما تركته وعذبته كل ذلك العذاب وجد نفسه يقول بنبرة مذبوحة
-ولما كان بيحبك كده سبتيه ليه ؟
أخذت نفس عميق ثم قالت هقولك
-فى نهاية الاسبوع قالى بيحبنى مكنتش مفاجأة بالنسبة ليا الصراحة إهتمامه بيا طول الاسبوع كان مبين كده وخوفه عليا وجنانه اللى مشوفتش زيه وافقت طبعاً كان لازم اوفق أنا وحيدة ومليش حد وهو شاب وسيم غنى دمه خفيف بيخاف عليا بيحبنى ارفض ليه ٠٠ ابقى مجنونة لو رفضت قولتله وأنا كمان معرفتش عنه كتير غير أنه عنده اخت بنت عايش معاها وباباه ومامته متوفيين قعدنا شهر كمان سعدا اروح الجامعة اشوفه يوصلنى اروح المحل وهكذا لحد فى يوم كنت مستنياه الصبح فى الجامعة
(وقفت (عتاب) داخل الجامعة فى المكان المخصص لهم الذى يرون بعضهم البعض فيه ووجدته متقدم نحوها كانت هيئته غريبة يسير دون أنتباه عينيه مغمضتين قليلاً اقترب منها وقال
-وحشتينى ٠٠ وحشتينى اووى يا (عتاب)
-أنت كمان
ابتسم لها ثم أمسك يدها وقربها نحو صدره فى البداية شعرت بالخوف ولكنها شعرت بالأمان أيضاً فلم يضمها أحد إلى صدره هكذا بعد وفاة والداتها ولكنها انتبهت أنها فى الجامعة وأن ذلك لا يصح وهمت لتبتعد ولكن فى تلك اللحظة ابعدها هو قليلاً ورفع ذقنها لكى يقبلها فاتسعت عيناها وقامت بدفعه مسرعة وقالت
-أنت أكيد اتجننت
-فى ايه يا (عتاب) أنا بحبك وإنتى بتحبنى ايه المشكلة ٠٠ معقدها ليه ٠٠ الدنيا بسيطة متكلكعهاش كده
قالها وهو يضحك بطريقة غريبة جداً فرمشت بعينها عدة مرت ثم قالت
-أنت بتكلم كده ليه ؟!
-مالى مانا زى الفل اهو
-أنت شارب حاجة ؟!
-بطلى يا (عتاب) شغل ولية الامر اللى إنتى عايشة فيه ده
-أنت مكلمتنيش من ساعة ما روحت قولتلى هروح اقعد عند صاحبى اذاكر ونتقابل الصبح فى الجامعة كنت بتذاكر ايه عند صاحبك ده ؟!
-بطلى يا (عتاب) بقى شغل المحققين ده متطيريش الدماغ اللى عاملها
-دماغ !!
فحاول ان يقربها منه مرة اخرى لكنها دفعته وركضت نحو خارج الجامعة وهى تبكى ٠٠ )
قاطعها (رائد) قائلاً
-دماغ ايه مش فاهم !!
-هفهمك استنى بس لما اكملك بعد اليوم ده ولما فاق من اللى كان فيه اعتذرلى اعتذرلى كتيييير اوووى رسايل وتليفونات لدرحة أنه جاه ياخدنى من قدام المحل ضعفت بصراحة قصاد كلامه الجميل خصوصاً أنه وعدنى أنه مش هيشرب حاجة تانى وأن دى كانت تفاريحى صدقته وقعدنا يومين كويسين وبعدين كان عيد ميلاد واحد صاحبه قالى هنعمل حفلة ولاد وبنات وفى بيت صاحبنا رفضت طبعاً ومنكرش خفت أنا اه بثق فى (عاصم) بس هو شاب ومضمنش لو قعدنا لوحدنا ايه ممكن يحصل بس اتحايل عليا لدرجة كان صاحبه معاه فى يوم خلاه يعزمنى هو وصاحبته واكدتلى إنها هتكون موجودة فوافقت وفعلاً مكدبوش الحفلة كان فيها ولاد وبنات و (عاصم) مش وحش (عاصم) بيحبنى (عاصم) مستحيل يعمل فيا شئ غصب عنى دى حقيقة كل الكلام ده صح بس كانت صدمة عمرى لما شوفته 
(دلفت (عتاب) مع (عاصم) لداخل الحفل كان معظم الموجودون شباب وفتيات من نفس عمرها وأصغر شعرت باطمئنان داخلى فى تلك الاجواء رغم الموسيقى الصاخبة مائدة طويلة يوجد عليها جميع أصناف الحلوى فتيات يرقصن مع الشباب لم تعلق على شئ وقفت بجوار (عاصم) تستمد منه إطمئنانها حتى نظر (عاصم) فى عينيها وقال
-بصى يا حبيبتى أنا رايح اقعد مع صحابى شوية تعالى اعرفك ع البنات اصحابنا هتحبيهم
هزت (عتاب) رأسها بالإيجاب وسارت خلفه وجلست مع الفتيات واختفى (عاصم) عن أنظارها لكن حديث الفتيات التى اجلسها معها لم يكن ممتعاً لها يتحدثون عن الموضة والأزياء وأدوات التجميل زفرت بضيق على هؤلاء المدللات وجذبتها تلك الحديقة التى بالخارج فخرجت لتستنشق بعض الهواء النقى ولكنها وجدت شاب خلفها يبدو مخموراً وبدء يضع يده على جسدها صرخت بآعلى صوتها وعندما رأت مظهره شغرت بخوف أكبر وركضت نحو الداخل لتلك الغرفة التى كان بها (عاصم) كى تحتمى به وتخبره عن ما فعله ذلك الوغد بها ولكن كانت الصدمة ٠٠ )
ابتسم (رائد) بسخرية وقال
-ايه بيخونك مثلاً
نزلت الدموع من أعين (عتاب) بكثرة وهزت رأسها نافية
-(عاصم) مدمن كان بيشم
اتسعت أعين (رائد) وإلتف له بجميع حواسه وقال بعدم تصديق فتابعت هى
-مدمن ٠٠ كان مدمن لما شافنى شوفته جرى ورايا عشان يمنعنى ابعد بس سبته ومشيت مكنش ينفع ارتبط بيه مكنش ينفع أنت عارف يعنى ايه يبقى مدمن !! يعنى لو حاولت امنعه ممكن يموتنى يقتلنى مكنش ينفع امنع (عاصم) لوحدى خفت بصراحة منه أنا حياتى فيها اللى مكفيها يمكن تقول أنى فكرت بأنانية لما ارتبطت بيه واتخليت عنه بس مقدرتش أنا بنت عايشة لوحدى (عاصم) لو كان جالى البيت وهو شارب مكنتش هقدر عليه اه اتخليت عنه ومطلبتش منه يبطل يمكن دى أنانية منى بس اللى عملت حسابى عليه لاقيته كان بيطاردنى فى كل مكان فى الجامعة البيت المحل سمعتى بقت هباب بسببه بحاول اتهرب منه لدرجة أن كنت بسمع حكاوى كتير من الناس ملهاش أى صحة شكلها حرامية وسرقت منه حاجة ده أقل شئ كان بيتقال فى حقى ٠٠ أو أنى مثلاً عشيقته وضحكت عليه وخدت كل اللى حيلته البنات فى المحل بعدوا عنى واحدة زيى بترافق شباب وتضحك عليهم ابقى وصمة عار لأى بنت تانية وطلبوا من صاحب المحل أنى امشى لكن تخيل الراجل كان رد فعله ايه هو راجل كبير فى السن قالى أنا مش همشيكى يا بنتى وأن الله حليم ستار كنت مجبرة اقعد زى الكلبة فى المحل مفيش شغل مفيش مكان تانى أكل منه عيش و (عاصم) خلاص الكل بقى يقول أنى عشيقته رفيقته وهو افعاله كانت تقول كده فى مرة اتجنن وجالى البيت ودخل الشقة بالقوة وكان شارب وشكله كان فظيع زى المدمنين
(فتحت (عتاب) الباب فلم يعطى لها (عاصم) فرصة حتى لترى من بالباب دفعها نحو الداخل وأغلق باب الشقة وقال
-لحد امتى هتتهربى منى بقى ٠٠ أنا مش عارف اعيش من غيرك
تحدثت (عتاب) بخوف
-ا٠٠ أنت أنت ايه جابك هنا ؟! اطلع بارة كفاية فضايح بقى أرجوك كفاية ٠٠ أنا سمعتى بقت ع كل لسان بسببك
-ماهو إنتى هتجوزبنى أنا هفضل كده لحد ما توافقى بيا راجل تانى هتتجوزيه أبداً مش هيكون إنتى ليا أنا وبس
انهمرت دموع (عتاب)
-كفاية يا (عاصم) كفاية أرجوك أنت مش بتقول عندك أخت بنت حرام عليك اللى بتعمله فيا ده
-ارجعيلى وأنا اتجوزك ترجعى ليا هو ده الحل
شعرت (عتاب) بالخوف منه وأن (عاصم) قد وصم اسمها بالعار دوماً لذا مسحت دموعها وقالت
-ماشى ع شرط روح اتعالج ٠٠ تتعالج ارجعلك)
ثم تابعت هى
- وفى ليلة ما جالى لاقيت واحد اتهجم عليا فى البيت بسبب عمايل (عاصم) وكان هيغتصبنى ما البيه كان عندى من يومين ليه ميجربش هو كمان لولا أنى صوت وزعقت ولميت الناس ساعتها انهارت انهارت تماماً من كل اللى حصل كرهت (عاصم) كرهته هو السبب هو اللى طمع كلب زى ده فيا هو ٠٠ هو سبب المصايب اللى حصلتلى مكنش فى واحد يجرؤ يدخلى البيت كده مكنش حد بيجيب سيرتى محدش كان يعرفنى هو السبب
(ظلت (عتاب) تحطم فى كل أغراض الشقة الخاصة بها وهى تصرخ وتبكى فقد كانت على وشك  أن تفقد شرفها بسبب ذلك المتطفل لذا أمسكت الهاتف وقامت بالأتصال به وعندما استمعت لصوته البغيض حقاً كان بغيض الآن صرخت فى وجهه
-بكرهك بكرهك يا (عاصم) ابعد عنى بقى كفاية اللى أنت عملته فيا كفاية بقى لحد كده ولازم تعرف اتعالجت أو متعالجتش مش هرجعلك سامع مش هرجعلك
اغلقت (عتاب) بعدها الهاتف وانهارت من البكاء)
استمع (رائد) لكل الحكاية فلم تكن كما يتخيل هو و (طلال) الآن الرواية اصبحت كاملة بالفعل (عاصم) ذهب ل (طلال) وطلب منه أن يساعده فى التماثل من الأدمان كانت صدمة (طلال) كبيرة انتحار (عاصم) رسالته الآخيرة التى قرأها مراراً وتكراراً اصبح لها معنى آخر الآن
(تلك كلماتى الأخيرة قبل الوداع قبل موتى
لقد افترقت عنى (عتاب) مما زاد حياتى بؤساً لقد وصلت لأعلى مراحل الأدمان بسبب بعدها عنى كنت أتخيل أنى سأنسها ولم انسها يوماً واحداً وبعد أن اعطتنى أمل بالحياة وطلبت منى العلاج لكى نعود سوياً كما كنا تخلت عنى الآن وأنا ببداية الطريق رفضتنى قالتها صريحة حتى لو تم علاجى لن تعود إلى لما أتعالج إذاً لما أعيش إذاً بدونها ٠٠ )
تذكر (رائد) كيف أتى برقم هاتف (عتاب) من هاتف (عاصم) وكيف سئل عنها هو و (طلال) اصدقاء (عاصم) الذين أكدوا لهم أن (عاصم) حاول مراراً وتكراراً العودة إليها وهى رفضته كيف فهموا أن (عاصم) أصبح مدمناً بسبب فراقها عنه وضحت الصورة الآن كيف أوصلتهم تلك الصورة إلى الأنتقام فى جعل (عتاب) تتوهم أنها مريضة نفسية وعرض (مروان) لها الذى يعمل مع (طلال)  لزيارة المصحة التى احتبسوها فيها كى يجعلوها مدمنة كما جعلت (عاصم) ولكن فى الحقيقة (عتاب) ليست مخطئة صحيح مكالمتها الأخيرة سببت إنتحار (عاصم) ولكن ولكن (عاصم) قد اخطأ بحقها كثير هى محقة فى رد فعلها تابعت (عتاب)
-وبعدها نسيت مبقاش يتعرض ليا نسيته ونسيت الحكاية دى والناس بدئت تنسى
انتبه (رائد) لما تقوله (عتاب) فاغمض عيناه ثم نظر لها فتابعت هى
-أنا قولتلك أنت حر فى رأيك أنا كنت شايفة الموضوع تافه عشان بقاله فترة ونسيت أو كنت عاوزة انسى بس لما حكيته تعبت والمواجع كلها رجعت فى النهاية أنت حر دى سمعة بنت أنت اختارتها تعيش معاك حياتك القرار يرجعلك
عض شفتاه فقد عجز عن قول أى كلمة ماذا سيقول لها !! ماذا سيخبرها حاول كظم الدموع فى عينه ولكنه قال بنبرة صادقة
-ا٠٠ أنا مستحيل اسيبك
تهللت أساريرها وشعرت بسعادة غير عادية وقالت
-أنا بحبك أوى يا (رائد) ٠٠ نظرتى فيك مكنتش غلط أنت فعلاً فعلاً غير أى حد دخل حياتى
كانت كل كلمة منها بمثابة طعنه فى قلبه ابتلع ريقه ثم قال
-أرجوكى نمشى ٠٠ محتاج اروح دلوقتى
-زى ما تحب
نهض عن الطاولة وشعرت هى بغرابة من تصرفه ذلك وبدء الشك يدخل بقلبها اهو لا يريدها فى حياته أذن لما قال أنه لن يتركها زفرت بعدم فهم ولكنها سارت خلفه واستقلا معاً سيارته كان صامت طوال الطريق لا يتحدث لا يشاكسها يفكر قد كان يتخيل طوال الوقت أنها سبب فى موت شقيقه تخليها عنه هو من جعله مدمناً جعله ينتحر حتى أنه جمل صورتها بأقصى ما يمكن حتى يستطيع أن يرتبط بها بأن (عاصم) هو من تهور بأنتحاره ذلك كان شاب طائشاز بينما هى فى النهاية امراءة وحرة لمن تعطى له قلبها والحقيقة أنها ضحية ضحية لهم جميعاً (عاصم) (طلال) (رائد) لن تغفر له ما حدث هو لا يستحق حتى شفقاتها وصل بها إلى الدار ولم يتحدث اندهشت هى من طريقته تلك وهمت لتترجل من السيارة وهى منزعجة منه ولكنه أمسك يدها دون أن ينظر فى وجهها ربما الخجل من نفسه وأمامها لا يستطيع أن ينظر فى عيناها فنظرت هى ليده ثم لوجهه وهى لا تفهم تصرفه ذلك فطلب منها
-أرجوكى ٠٠ أرجوكى مهما حصل اوعى تسبينى إنتى لو سبتينى دى هتبقى نهايتى
ربتت هى على يده فى حنان ثم قالت
-ليه بتقول كده ؟! أنا خايفة أنت اللى تسبينى
-مش هيحصل مش هيحصل إلا وأنا ميت ٠٠ إنتى بقيتى بتجرى فى دمى ومستحيل اسيبك
شعرت هى بسعادة حقيقية ثم قالت
-عارف اقولك ع شئ بس ممكن يضايقك 
نظر فى عينيها وقال
-ايه ؟! 
-عيونك بتشبه (عاصم) معرفش ايه السر بس الملامح لا أنت احلى ورغم أنك أحلى إلا أنك ملكت قلبى بتصرفاتك غير (عاصم) جالى فى وقت كنت فقدت أمى فيه وحاسة بانكسار أنا معرفش هو اختفى فين بس مبسوطة أنه نسينى أنا بعترف أنى استغليته وكسرته بس هو ردلى كل ده لما خلى الناس تجيب فى سيرتى حط نفسك مكانى وقولى أنا غلطانة ولا لا لو اكتشفت أن اللى بتحبه مدمن هتعمل ايه ؟! هتسيبه ولا هتديله فرصة
ابتلع (رائد) ريقه ثم قال
-ه٠٠ هسيبه إنتى صح ٠٠ كنتى قاسية معاه بس مغلطيش تصرفات المدمن محدش يقدر يتوقعها
شعرت هى بسعادة كبيرة لذا ابتسمت ثم ترجلت من السيارة وودعته بيدها انتظر حتى تدخل داخل الدار وانهمر فى البكاء كأن تلك الدموع كانت تنتظر مغادرتها فقط ظل يضرب يده على عجلة القيادة بقوة لم يكن يشعر بألم يده فالألم الذى بقلبه كبير لن تسامحه لن تغفر له أبداً هو لم يكسرها مرة واحدة بل مرتين جعلها تتوهم أنها مجنونة حاول الاعتداء عليها كذباً ورغم أنه لم يكن ينوى اغتصابها لكن تلك الذكرى لن تغفرها له بسهولة وأن قال لها الحقيقة المتبقية ستنهار ستبتعد عن الجميع سيجعلها تفقد الثقة بالجميع قاد السيارة بأقصى سرعة كى يذهب إلى (طلال) ٠٠ (طلال) الذى فكر وهو نفذ ما لقنه له وصل للداخل وسئل الخادم عنه اخبره أنه فى المكتب الخاص به فتح باب المكتب ودلف للداخل وجده يجلس على مكتبه يقرأ بعض الأوراق فتحدث بسخرية
-بتعمل ايه يا دكتور ؟ ٠٠ بتخطط تأذى مين تانى ؟
رفع (طلال) رأسه وازال النظارة من عينه وقال
-(رائد) !! 
-اه (رائد) ٠٠ (رائد) اللى خليته (فضل) (رائد) اللى كان بينفذ (رائد) الحمار (رائد) الحيوان اللى تسميه قوله 
-أنت شارب ايه ؟
-أنا كنت شارب ٠٠ كنت شارب كلامك اللى كان عامينى دلوقتى خلاص خسرتها اتبسطت مش هتجوزها ٠٠ مش هينفع أصلاً
ثم ابتسم ابتسامة طويلة يشوبها السخرية كمن فقد عقله
-خلاص معادش ينفع ٠٠ اصلها مظلومة ٠٠ عارف (عاصم) كان مدمن أصلاً بيها ولا من غيرها صحيح لما سابته زاد فيها بس احنا كنا فين ؟! ٠٠ كنا فين يا (طلال) 
هز رأسه بتفهم ثم قال 
-صح أنت فى المصحة بتجيب لأولادك الفلوس اللى هما عاوزنهم وأنا !! أنا كنت الحنين بتاعكوا بقى ازورك شوية ازور (عاصم) و (روفيدا) شوية اسكر شوية اعرف بنات شوية اسافر شويتين وبتلكك الشغل ٠٠ أنا بسافر عشان الشغل كنت فاكر أنى قريب منه طلعت بعيد عنه
زعق (طلال) به ثم قال
-أنا عاوز افهم ايه اللى بتقوله ده أنا مش فاهم حاجة
بدء (رائد) بأن يهدء لكى يستطيع إخباره بالحقيقة كاملة الآن استمع له (طلال) بإهتمام غير مصدقاً ما سمعه للتو لذا قال
-وانت ايه عرفك أنها بتقول الحقيقة ؟
-ملهاش مصلحة متعرفش أنه اخويا
-يمكن عارفة و ٠٠
قاطعه (رائد) بحدة قائلاً
-كفاية افترا بقى كفاااااية يا (طلال)
ابتلع (طلال) ريقه
(ثم عاد بذاكرته لتلك الليلة تلك الليلة المشئومة التى انتحر فيها (عاصم) كيف لجأ له وأتى له فى ظهيرة ذلك اليوم بالمصحة وطلب منه أن يتعالج وأخبره أنه يحب فتاة ما وتلك الفتاة اشترطت عليه كى تعود له أن ينهى تلك السموم فى جسده شعر (طلال) بغضب شديد كيف أن يكون شقيقه ٠٠ شقيق هو ليس شقيق فحسب بل أبنه كيف وصل لتلك الحالة دون أن يعلم  فسئله (طلال) بأهتمام بعد أن ترك مقعدة وجلس بالمقعد الذى أمامه
-حصل ازاى ده اتكلم  !!
شعر (عاصم) بالخوف من شقيقه ثم قال كاذبا.
-ا٠٠ أنا كنت تعبان فى بعدها عنى كنت بشرب تفاريحى كده ولما بعدت عنى وسابتنى ل٠٠ لاقيت نفسى بقيت مدمن و٠٠ و٠٠ مش عارف اتخلص ازاى من القرف ده
شعر (طلال) بغضب شديد وأنسكه من تلابيب قميصه وقال
-مدمن !! مدمن عشان ست
-ب٠٠ بحبها بحبها يا (طلال) ساعدنى ٠٠ ساعدنى عشان ترجعلى
لم يستطع (طلال) منع نفسه من صفعه وهو يصرخ فى وجهه
-عشان نفسك يا متخلف عشان نفسك مش عشان ست ولا حد تانى
هز (عاصم) رأسه بخوف شديد فضم (طلال) قبضة يده ثم قال 
-ا٠٠ أنت هتقعد معايا الليلة دى ومن بكرة هخلى فى دكتور مسئول عنك وعن حالتك
هز (عاصم) رأسه بخوف فتابع (طلال)
-من دلوقتي يلا ع البيت
ذهب (عاصم) معه فعل ذلك من أجل (عتاب) فلم يحب مثلها ولن يفعل هى الوحيدة التى امتلكت قلبه حبسه (طلال) فى غرفة وطلب من طبيب معاينته وأن يجرى له بعض التحاليل وفى صباح اليوم التالى سيتم احتجازه فى مصحة خاصة بالأدمان وبالفعل اغلق عليه الغرفة واخبر حراس الڤيلا بأن يبقوا منتبيهن لشرفة غرفته جيداً ولكن فى الصباح دلف لغرفة شقيقه لكى يذهبا معاً إلى مصحة وجده مستلقى على فراشه ويده تصل للأرض وقطرات الدم مبعثرة حول يده وعلى الفراش بجواره سكين حاد صغيرة اتسعت عيناه بذهول وهو لا يصدق ما يراه وركض نحوه وهو يصرخ
-(عاصم) ٠٠ (عاصم)
ولكن لم تكن هناك جدوى فقد صعدت روحه إلى بارئها ظل يبكى بحرقة على وهو جالس بجواره على الفراش لم تكن قداماه تحملاه حتى على النهوض أو السير لقد فقد أبنه الذى لم ينجبه انهمرت الدموع على وجهه بشدة ثم اخرج هاتفه لكى يتصل ب (رائد) ويخبره بما حدث وفى محاولة منه للنهوض وجد تلك الرسالة التى على (الكوميدين) بجوار الفراش ففتحها وقرأ ما به مما جعل عيناه تحمران غضباً وهو يردد اسم تلك الفتاة التى جعلت شقيقه ينتحر شعر بغضب شديد تلك الفتاة التى أخبرته أنها لن تكون له حتى لو تم علاجه البائس لم يجد أى وسيلة آخرى للتنفيس عن غضبه سوى أن ينتحر ٠٠
تذكر أيضاً كيف مرت الشهور عليهم بصعوبة بعد ذلك وكيف خطط لأن يجعل تلك الفتاة تلقى نفس المصير الذى أخذه شقيقه سيجعلها مدمنة هى رفضت أن تقف معه فى علاجه وهى من سببت له ذلك الأدمان فسيجعلها مثله بعد أن سئل اصدقاء (عاصم) جميعهم الذين اكدوا له كيف كان يشرب (عاصم) ليل ونهار فى بعدها لذا فكر وخطط وطلب من (رائد) أن ينفذ من أجل أن ينتقم لشقيقه وكان (رائد) هو الأمثل لأداء تلك المهمة شاب وسيم خبير بشئون النساء ٠٠)
شعر (طلال) بأن قداماه لا تقوى على النهوض أكان (عاصم) يكذب من خوفه منه اتلك الفتاة محقة اكانت الصورة ذات وجهين هو لم يمسك سوى وجه واحد ورأه والآخر تلاشاه افاق على صوت (رائد) قائلا
-أنا مش عارف مش عارف اقولها ازاى ٠٠ أنا من غيرها حياتى مش هيبقى ليها معنى وأنت ٠٠ أنت السبب أنت اللى دمرت حياتى أنا مش هسامحك مش هسامحك يا (طلال) العمر كله أنت شيطان شيطان قعد يبخ فى دماغى سموم ودى النتيجة
ثم تركه وغضب ظلت عينان (طلال) فى الاأتجاه الذى انصرف فيه (رائد) اسيفقد (رائد) مثلما فقد (عاصم) اتلك الفتاة لعنة على كل من يحبها أم أنها ليسلها  ذنب فى شئ اغمض عيناه فهو لا يستطيع أن يتخيل أنه سيفقد (رائد) هو الآخر حاول النهوض لكى يسير خلفه لكن قدماه كانت ثقيلتان ثقيلتان لدرجة أنه لم يتحمل الوقوف وهو يشعر بألم حاد يجرى فى جسده الذى بدء يتعرق بشدة ثم شعر بطعم الدماء فمه وشعر بشئ ما ينزل من أنفه فوضع يده عليها ثم رأى يده ممتلئة بالدماء ٠٠

#عتاب

ليست هناك تعليقات