إبحث عن موضوع

Sound_Hole

”هي أصواتنا بتروح فين بعد ما بنقولها؟!“ 

ده أول سؤال سألته لنفسي وأنا طفل صغير، اه أنا عارف كويس أن الأصوات ما هي الا موجات بتروح لطبلة الأذن عشان تترجم لصوت وكلام يقدر الأنسان يفهمه ويستنتجه، لكن مكانش ده قصدي، قصدي يعني أن حتى بعد ما بنسمعها الأصوات بتروح فين ؟ 

الحقيقة السؤال ده فضل شاغل بالي كتير، بس كالعادة العلم مسابش اسئلة فاضية، أكتشفنا أن الأصوات اللي اتقالت كلها بتتجمع في مكان محدد اسمه Sound Hole.. المكان ده في أعالي السماء، مكانها تحديدًا عند أو تحت شوية خط الكارمن، أخيرًا تطور العلم في 2060 خلانا هنعرف نسمع أصوات ناس أحنا عمرنا ما كنا هنسمعهم، زي مثلا نسمع كلمات سقراط الأخيرة، أو نسمع صوت هتلر وهو بيشتم اليهود وبيؤمر بحرقهم، أو حتى نسمع أصوات الأنبياء وهما بيكلموا قومهم وبيؤمروهم بعبادة الله!! 

أيوا انا عارف انك مش مستوعب حاجة زي كدة ويمكن بتقول الكلام ده ميخشش عقل طفل صغير، ولأن الكلام ده ممكن ميكونش علمي بشكل كافي، لكن خليني اشرحلك.. 
الطاقة لا تُفنى، يمكن الجملة دي تختصر كل حاجة، لكن برضو، ايه اللي يثبت ان فيه اصوات من الماضي هنقدر نسمعها من الـSound Hole

في البداية الكلام ده كان نظرية، اللي مألفها يبقى أنا، عالم الفيزياء المشهور (صبري علام)، أحب طبعا أعرفك بنفسي وعيلتي اكتر من كدة، اصل انا وعيلتي كلنا عباقرة، عبقريتنا واصلة لحد الجنون، اشهرنا طبيب صاحب اشهر تجربة في تاريخ الطب النفسي (ليلة قصيرة ماطرة) بس هو للأسف مش رحيم اطلاقًا فأنصحك متتعاملش معاه، بالمناسبة يبقى أخويا، وعنده ابن اسمه جاسر، للأسف جاسر اكتشفوا انه مريض بإزدواج في الشخصية، بس هيتعالج ويرجع زي الاول. 

نرجع لموضوعنا، الفكرة دي زي ما قولت جاتلي كسؤال من صغري، لما كبرت قررت أبحث في الفضاء وأكتشف كل حاجة فيه وكان عندي نظرية أن الأصوات بتصعد للسماء وبيكون فيه ثقب بيتحبسوا فيه، فكرة خيالية جدًا بس أنا كنت مؤمن بيها، أجتهد كتير أني أوصل وأكون عالم، وليا أسمي، بعت طيارات استكشاف واستطلاع في انحاء الفضاء كله، محاولة لرصد أي شيء غريب ومميز، اه دورنا كتير بس لقيناه اخيرًا، ترددات وموجات محتاجة تترجم من الثقب عشان نسمع الأصوات، فتم اختراع جهاز يحاكي طبلة الأذن، عشان نترجم الأصوات دي، اه خدنا وقت كتير برضو بس اتنفذ. 

الشركات مع الأسف لازم تستغل الفرصة، فأستغلتها شركة قوية جدًا انها تمسك المشروع ده، عملت محرك بحث للبحث عن الأصوات، هشرحهالك بطريقة مبسطة، فرضًا عايز اسمع صوت هتلر، هبحث عن اسمه وهيتجابلي اللي قاله، اه عارف انك بتقول واحنا عرفنا منين ان ده هتلر، ببساطة درسنا اشهر كلام قاله، وحسبنا فرق السنين بينا وبينه، وعوامل تانية كتير تعرفنا انه هو، وبالاخر دلوقت متاح لينا اننا نسمع صوته، موضوع ممتع مش كدة؟! 

طب بلاش دي، تعرف ان بعد ما المحرك اتعمل كان اشهر كلام بيتبحث عنه هو ”أول مرة قالي: بحبك.“ ايوا ماهو كل واحد ليه ايميل يضيف فيه اللي هو عايزه من اللي يعرفهم وهيسمع اللي قالوه زمان، ودايمًا العاطفة بتسيطر، اللي عايشين امرهم كان اسهل، كنا بنجمع بياناتهم ونسجل نبرات صوتهم وبالأجهزة نقدر نطابق أصواتهم مع الSound Hole.. 
حقيقي الموضوع ممتع لدرجة ان دلوقت بقا فيه حاجات اشبه بالفلاشة فيها مثلا على سبيل المثال : حوارات مجنون ليلى مع زوجها، المتنبي مع خادمه، كلمات سقراط الأخيرة وهو منقوع في السم. 

طبعا حد منكم ممكن يفكر وهل اصوات الانبياء مع قومهم موجودة ؟!.. دايما الديانات والاعتقاد الشخصي شيء منحبش ندخله في حاجات زي كدة، مش عشان حاجة، بس الشركة منعت البحث ورا الموضوع ده، عشان ببساطة كل واحد وديانته ومعتقده بدون ما يحصل مشاكل او نظريات ليس لها اساس من الصحة.

المهم.. فاكرين جاسر ابن اخويا؟ ايوا اللي عنده ازدواج في الشخصية، جاسر هرب من المصحة واكتشفنا في الاخر انه قتل ابوه، قتله بطريقة بشعة، مسك رقبته وبكل قوته لفها بالكامل لحد ما اتفصلت عن مكانها، اضطرينا نبحث عن اصوات جاسر واخويا عشان نعرف اخر حوار منهم، كان حوار متضارب ومُخيف، بحثنا عن جاسر كتير قبل ما يقتل ناس تانية، قبضنا عليه، مع الاسف هو مريض نفسي وحالته تدهورت لدرجة ان ملهاش علاج، فتم عمل طريقة للأعدام بالsound hole.. 

المريض يتربط ويتحط سماعات بودانه بأوضة ضلمة، ونسمعه كل الأصوات والكلام اللي اذاه من زمان ووصله للحالة دي، الخلايا العصبية متستحملش الضغط عليها من كل ده مع مقاومة اللي بيسمع، فيموت، مش حابب اعرفك أن اللي اخترع الطريقة دي يبقى أنا، انتقمت لأخويا من ابنه بعد ما مات... 

اختراعي ونظريتي استخدمتهم مع الحكومة لهدف ممكن يكون للبعض سيء، بس عادي كل شيء فيه الاستفادة منه للعامة، وفيه استفادة منه لعقاب العامة، اختراعي ونظريتي لازم تتنفذ بشكل أوسع من كدة بكتير، حتى لو كانت للشر، المهم يعني تعالوا اعرفكم على ابني..

(يوسف علام)، عنده 58 سنة، متستغربش، اهتمام الصحة عندنا وصلنا اننا نعيش فترة اطول، وعشان برضو انا اتجوزت وسني صغير، كان عندي عشرين سنة، كانت جواز صالونات زي اي جواز، محبتهاش ومعرفتش احبها، بس اهي كانت مصلحة لعيلتنا، كل جوازات عيلتنا كانت للمصالح، محدش اتجوز اللي بيحبها، اظنها لعنة.. 

المهم ابني دلوقت بيشاركني في متابعة المشروع وتطويره كل شوية مع اكتشاف الاصوات الجديدة والمتابعة وكل ده، محتاج استريح شوية من الشغل واهو خلاص هياخد الشغل مكاني وهيتعلم، محتاج اروح البيت دلوقت عشان كلها يوم واخد اجازة مفتوحة لفترة كبيرة جدًا 

روحت البيت ودخلت، البيت كان مضلم، وصمت تاام ومخيف، محسيتش بحاجة غير وانا بضرب على دماغي ضربة شديدة افقدتني الوعي

- طبعًا عمرك ما كنت تتوقع أنه يكون أنا اللي بعمل كدة 
الصوت ده أنا عارفه كويس، ده صوت ابني!! 
حاولت اركز وأفوق بس زغللة عيني اللي مطولتش خلتني أشوف وشه، وفعلا طلع ابني، بعصبية شديدة زعقت : 
- ايه الجنان اللي أنت بتعمله ده، فُكني حالًا. 
- ششششش متتكلمش أرجوك، عايز أحكيلك حكاية كدة.. 
مسابليش فرصة أرد وبدأ يحكي..

كان فيه ست أتجوزت واحد جواز مصالح، مكانوش بيحبو بعض ولا عمرهم أتقبلوا بعض حتى بعد ما خلفوا ولد جميل صغير، برضو متقبلوش بعض، ابو الولد بقا يعمل ايه؟! ايوا ايوا بظبط، يقرر يقتلها، بس يقتلها ازاي من غير ما يتسجن ويتحاكم، ايوا ايوا بظبط، يقرر يطلعها خاينة، يرميلها طُعم، يأجرلها واحد يمثل عليها الحُب وأنه سارح في ملكوتها، ده غير انه هيدفعله تمن موته لأهله، موضوع ان حد يموت عشان ياخد فلوس مش هيتمتع بيها ده موضوع غريب الصراحة بس عادي، وطبعا هي طبيعي جدًا تتقبل الراجل اللي تم تأجيره، ماهو مفيش اهتمام بقا معلش، وبالنهاية يقتلهم هما الأتنين في وضع للأسف مُخل وقدام ابنها كمان، يعيش الولد في عقدة نفسية بأنه السبب بموتها، بس يستوقفنا هنا سؤال، مين الراجل اللي بحكيلك عنه ؟ ومين الست ؟ ومين الولد ؟ 

للأسف أنا عارف اجابات الاسئلة دي، بس فضلت اداري واتدعي عدم الفهم: 
- معرفش، وبقولك فُكني بلاش الهبل ده. 
- الراجل يبقى أنت، والست تبقى مراتك وأمي -الله يرحمها-، والولد يبقى أنا.. 

لقيت أن مفيش حل غير أني أتكلم وأدافع عن نفسي وأعرف كل الكلام ده منين..
-وحتى لو الحكاية اللي بتقولها دي صح؟ عرفتها منين وايه دليلك؟!!
-اه صح نسيت أقولك.. مش أنا المفروض اللي بيتابع معاك المشروع؟ فطبيعي أول حاجة أبحث عنها صوتك أنت وأمي، بس لقيت حاجة غريبة أوي، أنت الوحيد اللي ملف صوتك موجود، بس غير مسموح بالدخول عليه! على الرغم ان المفروض ان من منبع المشروع اقدر اسمع صوت اي حد، حتى اصوات حُكام العالم.. 
قعد أفكر كتير ازاي اوصل لأصواتك في الماضي ولقيت حل بديهي جدًا بس خد وقت كبير برضو، أخترق السيستم وأدخل أسمع، وأهو أكتشفت ايه سبب منعك للدخول ليهم، معلش أنا كلامي كتير وعارف انك حاسس بملل ومش مديك فرصة تتكلم بس أهي هانت وهنخلص كلنا..
الأكتشاف الحكاية اللي حكيتهالك في الأول، حقيقي يعني أثبت أنك حقير عن جدارة. 

معرفتش أرد أقول ايه، كلامه صح، فضلت أتوسله وأبررله انا ليه عملت كدة، مكانش فيه حل غير كدة، وحاولت أعتذرله على أني سبب عقدته من الصغر والخوف والحزن اللي متملكه بسببي.. 

-معلش بقا أنا أسف مش هقدر أكمل بالحوار أكتر من كدة، أنا هخش في اللي مفروض أعرفهولك.. طبعًا عارف ان مشروعك بيتم استخدامه بالأعدام، عن طريق اننا نسمع السجين الكلام اللي بيأذيه وكل الكلام ده، مبروك هتجرب الطريقة بنفسك
-لا.. لا 

لقيته بيتحرك بعيد ورجع تاني معاه سماعات الأعدام، حطها ع ودني قبل ما يدوس ع زرار قالي: 
-طبعا أنا منقي ليك عدد أصوات كتير جدًا تكفيك سنين بس أنت أخرك يومين في الوضع ده وتموت من كتر مانت سامع، لو عزيمتك قوية فهتموت من قلة الشرب والأكل وطبعا عشان محدش يوصلنا..

لقيته بيدوس ع زرار اغلاق مداخل البيت، وكل شبابيكه ببوابات التيتانيوم، يعني عشان الحكومة يلاحظوا اختفائي، ويخترقوه أكون مُت من زمن.
-أتمنى أصوات سعيدة تسمعها، أما أنا بقا فهروحلها...

داس ع زرار السماعات، بدات اسمع الكلام اللي كنت بحاول انساه من زمان، منقي فعلا ليا أحسن أنتقام يقدمه ابن لأبوه، لقيته بيطلع مسدسه وبيبصلي وعينيه بتدمع ووشه مبتسم، داس ع زناد ووقع قدامي..
يا ترى هفضل في الوضع ده لمدة أد ايه؟! 

Sound_Hole 
مروان_كامل

ليست هناك تعليقات