إبحث عن موضوع

رواية عشقت ذكراها الحلقة السادسه

فتح باب غرفته وخرج منها ليطمئن عليها فباغتته بسؤال صدم له بشده.
ونظر لها بشرود ؛ فأعادت سؤالها مرة أخرى :
فين قبر سمر؟
إستغرقه الأمر ثوانى من الصمت قطعه قائلا بحزن :
إنتى إزاى متعرفيش هى اتدفنت فين ؟
عصف الحزن بقلبها وأهلكه فألقت بنفسها على الأريكة بعد أن خارت قواها ورفضت قدماها تحمل المزيد من ثقل جسدها المهترئ حزنا وضعفا .
وانخفض صوتها بأسى وحرج وفرت عبراتها هاربة من مقلتين تحول سوادهم  لجمر مشتعل وقالت :
_ محدش عرف مكان قبرها غير عمى تنهدت بحزن وأضافت ، حاولنا معاه كتير موافقش أبدا .
عصر الكره والحنق قلبه وكأن مشاعره بأجمعها تبدلت وأحتلت الكراهية لهذا الرجل محلها بقلبه .
وقال بصوت ينم عن حزن دفين ممزوج بغضب شديد : 
كأنه دفن نكره مش من دمه ولحمه ، خبا عليكم مكان قبرها للدرجه دى كارهها .
رفعت أناملها وأزاحت دموعها وإستجمعت قواها وقالت: 
هو عمره محب حد أصلا ، عذب أمى بعد متجوزها ، وعذب سمر بنته وعذبنى ، تنهدت بحزن وأردفت قائلة : الله يرحمه بابا لو عايش مكنش قدر يعمل كده معانا .
إقترب منها وربت على كتفها بعطف وقال : 
الكابوس دا إنتهى مش هتعشيه تانى ، مش هسمح لحد يقرب منك او يأذيكى تانى .
تهللت أساريرها فرحا بكلامه ، ورفعت عيناها لتتقابل بعيناه بنظرة شكر وعرفان وإمتنان لمساعدته .
سرعان ماتبدلت لنظرة حزن وقالت : 
مش هتقدر عليهم إذا كان عمى ولا حسن، ميعرفوش فى حياتهم غير الشر .
إبتسم بثقة وغرور وقال : 
أنا فارد دراعى ومستعد ليهم متقلقيش ، وبعدين دا شغلى وأنا اتعاملت مع مجرمين أخطر من كده كمان .
نظرت له بعدم فهم فأضاف : 
قلتلك دا شغلى بقا وغمز بطرف عينيه مغلقا أهدابه الطويله التى تزيد وجهه جاذبيه .
إستدار وتوجه لغرفته ليبدل ملابسه ويستعد للذهاب إلى عمله ؛ فقد عقد النية على النيل من طرفى الشر المحيط بها .
إرتدى بذلته الرسمية وأستعد على أكمل وجه ، خرج من غرفته فوجدها بمكانها تنظر فى الفراغ ويظهر على وجهها الحزن الدفين ؛
تبدلت ملامح الحزن على وجهها بعد أن لمحته وفهمت مغزى كلامه ، وإبتسمت بداخلها على حسن تدابير الله وحكمته .
كاد أن يخرج فتذكر أمرا ورجع إليها مرة أخرى وقال : 
يومين تفوقى شوية ونروح نزور قبر سمر . 
ردت بلهفة مسرعة :
وقبر ماما .
ضيق عيناه متسائلا حتى تذكر يوم رآها فقال :
اللى اتدفنت من كام يوم  كانت مامتك ؟
هزت رأسها بحزن وقالت : 
أيوه هى .
تنحنح قائلا بحرج :
البقاء لله .
هزت رأسها إيجابا بصمت كامل 
فز إلى عقله أمر هام فأخرج من جيبه ورقة وقلم ومدها لها قائلا : 
عاوز إسم حسن بالكامل .
تناولتها منه ودونت حروفها عليها بأيدى مرتعشة ومررتها له مرة اخرى .
توقف تدفق الدم بعروقه التى انتفخت بشدة معلنة عن ثورة بركان أوشك على الإنفجار بداخله،  وجحظت عيناه وأطبق على الورقة بشدة بيديه وظل يردد الاسم بغيظ وغضب : 
حسن السيوفى  ، نهايتك على إيدى وقربت أوى .
وتوجه للخروج وأغلق باب شقته خلفه بعد ان حذرها من الرد على أى حد .
إستقل سيارته وجلس بداخلها قليلا ليستعيد رباطة جأشه ، ورفع هاتفه أجرى أتصالا هاتفيا بمعاونه وقت الشدة .
تحدث مسرعا كعادته معه وقال دون مقدمات :
أنا همسك قضية حسن السيوفى وإنت هتساعدنى فيها .
أتاه الرد من صلاح بالموافقة قائلا :
معاك طبعا بس فهمنى دا له علاقه باللى حكتهولى من شويه ؟
زفر مالك بضيق وقال :
أيوه ، هفهمك أكتر لما أجيلك .
وأغلق هاتفه وتوجه إلى وجهته.

بداخل قصر حسن السيوفى .
وقف سالم وعلى جانبيه إثنان من الحرس الخاص لحسن السيوفى ، 
تملك من قلبه الرعب فتسللت الرجفات لسائر اطرافه.
رمقه حسن بنظرات غاضبة مستحقرا له .
وخبط بيديه على مسند مقعده الأشبه بالمقاعد التاريخية للملوك .
ورفع رأسه متكبرا وقال بصوت أجش أزاد من الرعب بقلب سالم : 
_البت فين ياسالم ؟
تلجلج سالم وهربت الكلمات من بين شفتيه وجف حلقه رعبا وإستطاع بصعوبه بالغة أن يقول بتلعثم :
_والله مخليت مكان إلا ودورت فيه ياحسن باشا .
دب فى الأرض بعصاه بتجبر وضيق عيناه ولوح بأصبعيه السبابة والوسطى بالهواء وقال بتحذير : 
يومين ملهمش تالت ياتجيبها هنا وأشار تحت قدميه يارقبتك هتيجى مكانها .
رفع سالم يديه مطمئنا على رقبته برعب استوطن قلبه وبدا على شحوب وجهه .
أشار حسن لحرسه الخاص ليتركوه يرحل 
فإلتهم الطريق للخروج من أمامه بأرجله المرتعشة من فرط التوتر والخوف .
خرج مكفهر الوجه وسار هائما على وجه ، لا يعلم إلى أين يتوجه ولا يجد صبرا على التفكير بمصيره.
عاد إلى حارته متوجها إلى منزله ، فإلتقطه أحد أصدقاء السوء يجلس على المقهى بالحارة ،
فتحى الذى يصغر سالم سنا ولكنهما تجمعا فى الغرق فى ملذات الدنيا .
إبتسم فتحى مكشرا عن أسنان سوداء نهشها دخان السجائر والمخدرات بأنواعها ، وقال :
تعالى ياعم سالم رايح على فين ؟
توجه سالم بنظره إليه ورفع يديه بحنق وقال :
خلينى فى حالى يافتحى عفاريت الدنيا بتنطط فى وشى .
تطلع له بخبث وفرك رأسه بتفكير وقال :
لسه مش لاقيها ؟
تنهد سالم بضيق وتحرك ببطىء صوب مقعد خال بجانبه وجلس عليه بإهمال قائلا : 
لسه وخطيبها مش صابر ولا ناوى على خير .
صمت فتحى قليلا حتى سأل :
متأكد إن ملهاش أصحاب ولا حد تروحله .
هز سالم رأسه نفيا وقال :
كنت خايف تعمل زى سمر وتهرب وقفلت عليها ، ملهاش إصحاب غير اللى عارفهم ورحتلهم كلهم ميعرفوش عنها حاجة وسايب فى كل مكان خبر إنى بدور عليها . حتى التربى سألته عليها لو راحت تزور أمها هيعرفنى .
مط فتحى شفتيه ومد يديه إلى كوب الشاى إرتشف منه قطرة وقال : 
روق بس كده ومسيرها هتظهر ، مهى الأرض منشقتش وبلعتها يعنى .
تذكر سالم المهلة فتجمدت أوصاله رعبا وألقى برأسه للخلف مفكرا .

بمكتب مالك ، طرقات خفيفه على الباب تبعها ولوج صلاح منه قائلا بحماسه المعتاد :
بدأت تحرياتى واللى عرفته يشيب .
تطلع له مالك بصمت متعطشا للمزيد ..

ليست هناك تعليقات