رواية عشقت ذكراها الحلقة ١٥
الفصل الخامس عشر
****************
من الشر ينبت الخير ويزدهر ، تترعرع أوراقه وتكبر حتى على الشر ينتصر .
رفع مالك يده ونظر لساعته وتنهد بضيق وتطلع لسفر قائلا :
لازم نروح نتمم المحضر فى القسم .
تطلعت له وسيطر الحزن على قسمات وجهها قائلة :
طب ودفن عمى !
زفر بضيق قائلا :
دا حوار هياخد وقت لسه فى تشريح وتحقيق
بعد مالطب الشرعى يخلص الشغله هنستلمها
إغرورقت عيناها بدموع قائلة :
يعنى دا هياخد وقت طويل ؟
إحتدم صدره غيظا وإشتعلت بعينيه نيران الغضب وأردف بصوت كالهزيم :
كل اللى إحنا فيه بسببه .
إرتجف جسدها من صوته وانهمرت عبراتها على وجنتيها .
إقترب منها ،أمسك كتفيها و حركها بعنف أدراها حول نفسها بغتة واكمل حديثه قائلا:
بصى حواليكى شوفى عرضك لمين ،
إنتى فاهمه يعنى واحد يتجرأ يعمل كدا فى شقتى ؟ يعنى انتى بالنسبه ليه فراشة هيقطع جناحها اول ميطولها ، وكل دا بسبب عمك .
تحجرت الدموع بعينيها وتوقف انهطالهم وإستدارت له قائلة بصوت تخللته قوة وثبات :
مبقاش موجود فى الدنيا عشان ألومه وميجوزش عليه غير الرحمة .
أزاحت يديه عن كتفها وتركته مصدوما من قولها
تطلع لها بصدمة وضغط على أسنانه بنفاذ صبر قائلا :
رحمة ! يعنى إحنا مش لاقين مكان نعيش فيه وانتى تقوليلى رحمة .
نظرت بالارض وقالت بصوت ملأه الخزي :
أنا هرجع بيتى عمى خلاص مش موجود عشان أخاف واسفه على حصل لشقتك .
إقترب منها ببطئ ورمقها بأعين أشعلها الغضب قائلا:
إسمعى كلامى دا وأحفظيه كويس أوى ،
رفع سبابته ونغز بعقلها وأردف :
دى تانى مرة النهارده تقولى الكلام دا ،صدقينى لو اتكرر تانى مش هتعرفى هعمل فيكى إيه ،
أنا وعدت بحمايتك ولو وصلت إنى أحبسك عشان أحميكى هعملها فاهمة ولا لا؟
إبتلعت ريقها بتوتر من قربه وطريقة حديثه وقالت بتوتر :
فاهمه .
فقدت السيطرة على بسمة الاطمئنان المعتليه وجهها
تنهد واطلق زفيرا أراح صدره وقال بنبرة أمر :
يلا قدامى عربية القسم واقفة تحت توصلنا بلاش نأخرهم اكتر من كدا ، واعملى حسابك مش هنرجع تانى هنا .
تطلعت حولها باحثة بعينيها وقالت :
طب أجيب حاجتى .
هز رأسه نفيا قائلا :
مش مهم هنشتريلك جديد يلا بس نمشى من هنا .
**********
بغرفة محمد .
ألقى محمد الهاتف من يده وهرع إلى ريم بفزع ، رفعها من الأرض وضعها برفق على السرير ، أستدار باحثا حوله عن كوب الماء أسرع إليه ورش بضع قطرات على وجهها .
فتحت عيناها ببطئ وغضبت لرؤيته قريبا منها .
لكزته بصدره بثورة بركان أحرق ماحوله قائلة :
انت بنى آدم حقير طلقنى مش عاوزاك مش هفضل على زمتك ثانية واحدة
أمسك بيديها وأحتضنهم محاولا تهدئتها ، أدمعت عيناه قائلا بحزن :
إسمعيني بس ياريم انا بحبك ومقدرش أعيش من غيرك دا اكيد كدبة جديدة عشان تلوى دراعى .
قاومت احتضانه وجذبت ذراعيه منه قائلة بحزم :
حصل بينكم حاجة ولا لا .
صمت ونظر للارض بخزى .
دفعته بعيدا عنها باشمئزاز قائلة :
يعنى حصل وإحتمال تكون بنتك اللى بتنكرها كمان وتقرفنى منك أكتر .
رفع رأسه لها قائلا بإندفاع مكنتش الوحيد فى حياتها عشان كدا سبتها ، ومش متأكد البنت بنتى ولا لا .
أمسك يديها مرة أخرى تحت مقاومتها وأحكم إمسكاهم وقال بتوسل :
ريم متهديش بيتنا عشان طيش ماضى أقفى جمبى أنا مليش غيرك .
أرخت مقاومتها قليلا وصمتت وتركت دموعها تلقى قصائد حزنها .
*********M.A
فى المشفى .
توسل صلاح لمازن ليسمح له بالدخول لرؤيتها .
تنهد مازن بحزن قائلا :
هتضرها ياصلاح الغرفة معقمة بالكامل .
أدمعت عين صلاح وإبتلع غصة ألهبت قلبه ألما وقال :
_دى بنتى يامازن مش أختى .
هشوفها بس مش هتأخر عشان خاطرى .
تطلع له مازن وإستشعر لوعة قلبه زم شفتيه بضيق وأردف :
هتتعقم الأول ومش هتتأخر جوا .
حرك رأسه موافقا بإستسلام
إقتربت زوجته منه بعد أن انهت مكالمتها مع والدة زوجها محاولة لإختلاق حجج لغيابها .
شددت على ذراعه لتهدئة رجفته ، ربت على يدها بحنان و تسائل قائلا :
أمى حست بحاجة ؟
هزت رأسها نفيا قائلة :
فهمتها ان تليفونها باظ وبيتصلح وقلتلها إنها إستلمت الشغل .
اومأ برأسه وتحرك لغرفتها بخطى مرتعشة وقلب تمزق قهرا وروح هشمها الحزن .
توقف أمامها، فرت دمعاته وأمسك يدها ،رفع رأسه لأعلى متوسلا لله أن يحفظ لؤلؤته السمراء.
كفكف دمعه وإحتبسه بقلبه وضحك قائلا:
متقومى ياحبيبتى بقا معقول أول مرة أشوفك هادية ، تكونى تعبانه كدا !
قبل يدها وأردف قائلا :
مش هتجيلى القسم كل يومين تشتكيلى من واحد عاكسك وتطلعى فتحتى دماغه .
فشل فى إحتباس دمعه ففر من مقلتيه هاربا ،
شعر بيد تربت على كتفه ، إستدار له ومسح دمعه مسرعا .
أغمض مازن عينيه بتأثر وإقترب منه هامسا :
كفاية كدا ياصلاح ومتقلقش أنا متابع حالتها ومش هروح غير أما تفوق .
أنكس رأسه بالأرض وتحرك لخارج الغرفة وأبقى شق قلبه معها .
تابعه مازن حتى خرج ، إستدار لها وابتسم بحب قائلا :
بتفتحى دماغ اللى يعاكسك دا انتى حكاية
تطلع للاجهزة المتصلة بها وتنهد قائلا :
يلا فوقى بقا ومتوجعيش قلوبنا أكتر من كدا
توجه لمقعد قريب منها وجلس منتظرا إستيقاظها متلهفا لرؤية الموج الثائر بعينيها .
ترجل مالك من سيارته وتحرك نحو قسم الشرطة محاطا بهالة من الهيبة والجاذبية .
تبعت سفر خطاه وعلى عكسه تحركت بقدم رخوه مرتعشة تتلفت حولها بخوف وخجل تخلفت عنه
إلتفت لها مشيرا بيده لتقترب ، إقتربت منه ودلفا معا .
انتهى التحقيق معها وقصت بكل ماحدث لها أمامهم .
إغتاظ مالك من نظرات الاعجاب الموجهه لها من قبل الجميع .
تحرك مسرعا لمكتبه وفتحه واشار لها بالدخول قائلا بغضب :
أتفضلى هنا وملكيش دعوه بحد هخلص شغلى بسرعة ونمشى من هنا .
تطلعت له بدهشة قائلة :
أنا عملت ايه لكل دا .
تنفس ببطئ وعدل من نبرته وقلل من حدة صوته قائلا :
ولا حاجة آسف .
تمتم بصوت غير مسموع قائلا :
مهو مش ذنبك انك حلوه .
تطلعت له بنظرة تساؤل .
ابتسم قائلا :
متشغليش بالك يلا هخلص بسرعة ونمشى عشان هنروح نزور ملك .
تهللت أساريرها فرحا وإرتسمت على وجهها سعادة طفولية قائلة :
بجد يعنى هشوف عبير ؟
ابتسم قائلا :
إنتى لحقتى تحبيها أوى كدا .
هزت رأسها إيجابا بإنفعال قائلة :
أيوا جدا دى طيبة أوى .
أشار لها لتجلس على المقعد أمامه وجلس على مكتبه قائلا :
هحاول اخلص بسرعة واخد المعلومات اللى محتاجها ونمشى نروحلها .
بعد قليل من الوقت طرقة على الباب اتبعها دخول بدون سماع إذن .
رفع مالك وجهه ونظر له بحاجب مرتفع زفر بضيق وتمتم قائلا :
أهلا سليم بيه .
تفحص سفر بوقاحه وقال بخبث :
إيه الاكشن اللى بيحصل معاك دا يامالك بيه ؟
إستدار لمالك وغمزه بطرف عينيه وأردف قائلا :
مش تقولى أساعدك .
إستدار بنظراته مرة أخرى ينهش بها سفر التى توترت وإرتسم الضيق على وجهها، رفع حاجباه بدهشة : أنا حاسس انى شفتك قبل كدا .
أو تشبهى حد
طرق بكف يده على رأسه متذكرا وقال :
آه إفتكرت الشبه .
هب مالك من مكانه مسرعا وطرق بكلتا يداه على مكتبه بغضب قائلا :
سليم بيه كلامك معايا .
تطلع له سليم بسماجة متعمدا إغاظته قائلا :
مش تعرفنى على نسخة مراتك التانية !
تحرك مالك من مكانه ، إلتف حول مكتبه واقترب بشفتيه من أذنه قائلا :
آنسه سفر خطيبتى وعنيك لو اترفعت عليها تانى هشيلهم من وشك .
لكزه بسبابته فى كتفه قائلا :
فاهم ولا تفهم بطريقة تانية ؟
رفع سليم يديه فى الهواء وتحرك للخلف خطوتين قائلا :
فاهم يامالك بيه .
ابتسم بسخرية وأردف قائلا :
يازين مخترت طنط نيفين هتفرح أوى بنسبك .
.
تحرك خارجا من الغرفة وأغلق الباب خلفه بحدة :
إنتفضت سفر على صوت غلقه بعد وجومها من حديث مالك .
أبصر مالك علامات الضيق بوجهها ، إقترب منها قائلا :
أنا آسف دا إبن عمى وللأسف أكتر واحد بيكرهنى .
تطلعت بالأرض وإستنشقت هواء ملأ رئتيها وزفرته ببطئ ملتمسة القليل من الجرأة ، انتقلت بعينها له قائلة بصوت متقطع :
أنت قلتله خطيبتك ليه من غير متسألنى ؟
طعنته كلماتها بصميم قلبه ومزقت داخله .
اصطنع الثبات قائلا :
مجبر اقول كدا الكلام علينا كتير مش لازم يتنفذ حقيقى بس قدام الناس واهلى انتى خطيبتى لحد مالموضوع دا يخلص .
هزت رأسها قائلة بإندفاع :
موافقة بس تمثيل مش أكتر .
ازدرد مرارة بحلقه ورسم بسمة زائفة وأردف قائلا :
متقلقيش مش هغصبك عليا وإنتى مش عاوزانى ،
نظرت للأرض بخجل وإختارت الصمت سبيلا للرد عليه .
بالمشفى تحرك مازن من مقعده أطمأن على مؤشراتها الحيوية ، إستدار محادثا لممرضة القسم . تسرب لأذناه أنين خفيف ، كذب الصوت مرة حتى ازدادت حدته .
إلتفت إليها بسعادة بالغة ولهفة لم يستطع إخفائها .
تمتمت بكلمات لم يفهم منها سوى كلمة واحدة .
كلمة كافية لتصفعه بشدة وتهلك قلبه وتبدل فرحه حزن .
قاوم مشاعره وأقترب يتفقدها بوجوم ..
التعليقات على الموضوع