إبحث عن موضوع

مقبرة جعفر

اسم القصة: مقبرة جعفر

عَلت أصوات نساء أهالي القرية بسبب اختفاء طفلين آخرين من أبناء القرية خلال هذا الأسبوع، حالة من البؤس ترعرعت بين سكان القرية، كل أم ينتابها ثقة من فقدان ابنها في أي وقت .
______________________________
في ليلة ظلماء يجلس الطفل "ساهر" يبكي أمام مقابر القرية حزنًا على اختفاء صديقيه "رامز" و"عادل".

وفي ظل هذا البكاء يأتي إليه أخوه "رحيم" الأصغر منه بسنة واحدة، ثم يربت على كتفه قائلا:
- كفاية عياط بقي يا ساهر، لازم نروح دلوقتي ماما قالت نرجع قبل ما الشمس تغيب عشان ميحصلش معانا زي رامز و عادل..

=يووه يا رحيم كل شويه يلا نروح و لازم نروح أنت خايف من....

صمت "ساهر" و لم يعير أخوه أي اهتمام، ثم قام من مكانه وبدأ ينظر أمامه وكأنه يرى شيء لا يراه أخوه، كان يرى "رامز" و"عادل" واقفان داخل المقابر.
هَمَّ مهرولًا ليذهب إليهم تاركًا أخاه الأصغر، وعندما وصل إليهم بدت الابتسامة على شفتيه ثم قال:
- كنتوا فين كده؟! مش مهم، بصوا تعالوا نروح سوا ، هيفرحوا أوي لما يشوفوكم.
أردف "عادل":
- نروح معاك ايه بس طب ما تيجي أنت تلعب معانا... 

=أأأ ..ألعب معاكم فين احنا في المقابر بس يلا نروح و بكرة هنيجي نلعب سوا.."قالها ساهر بفزع " 
و من ثم يسمع "ساهر" صوت أخوه "رحيم" ينادي " أنت رايح فين لوحدك كدة يا ساهر تعالَ لازم نروح "
يلتفت "ساهر" إلى صوت أخيه ولكن يمنعه "عادل" قائلًا:
- اية ما تروح ما دام خايف روح مع رحيم يلا على الدوار ...

=و مين قالك بقي إني خايف أنا مش خايف و عشان كده هاجي ألعب معاك..

أردف "عادل" بخبث بينما يشير لمقبرة معزولة عن باقية المقابر :
- طب يلا نستخبى تحت بسرعة قبل ما يشوفنا رحيم عشان نعمل فيه نقلب .

وبمنتهى البرائة والطفولة الساذجة ينزل "ساهر" استجابة لصديقيه المقبرة ثم تُغلق عليه ولا يستطيع الخروج.
___________________________________
في الصباح التالي أعلنت حكومة القرية اختفاء الطفل "ساهر"، ولكن هناك من يعرف أين اختفى.
قَص "رحيم" لوالديه ما حدث ليلة أمس، وعرفت أهل القرية ما قاله "رحيم"، وأجمعوا على أن يفتحوا تلك المقبرة الذي قال عنها "رحيم".

بالفعل ذهبوا وفتحوها ووجدوا جميع من جثث الأطفال المفقودين بالداخل، محللين بدرجات مختلفة حسب مدة احتفائهم، فكانت جثة "ساهر" أكثر الجثث سلامًا.

هذه المقبرة تابعة لساحر يدعى "جعفر" ومنذ موته وأي طفل يقترب حول من المقابر تدفعه رغبة ما للذهاب إلى تلك المقبرة والنزول بها.

حينما جاءت الشرطة والطب الشرعي، تمّ الكشف على جثة "ساهر" وأقروا أنه مات بسكتة قلبية، ولكن ما الذي يدفع كل هؤلاء الأطفال للدخول إلى تلك المقبرة إذا كان كلام "رحيم" صحيحًا؟!
هذا هو السؤال الذي لم يجد له أحد أي إجابة.
___________________________________

في الليلة الثانية من موت "ساهر" يذهب "رحيم" إلى المقابر ويجلس جلسة أخيه حين كان يبكي، ثم يبكي هو الأخر عندما يتذكره، فيأتي أخوه "ساهر" يربت على كتفه.
ينظر "رحيم" إلى "ساهر" بلهفة، ثم يقوم باحتضانه.
"يااااه .. أمي هتفرح أوي لما تشوفك يا ساهر" 
قالها "رحيم" وهو يحتضن أخاه، فيقول له "ساهر" بينما يشير لعادل و رامز الراسخين بوسط المقابر :
- قبل أي حاجة تعالا نروح هناك نجيب عادل و زامر هما مستنينا هناك عشان نروح سوا.

وبنفس برأة أخوه ذهب ليلتقي بالصديقين ليلعب معهم لعبة الأختباء داخل المقبرة.
وفي صباح اليوم التالي أعلنت القرية اختفاء الطفل "رحيم".

تَمَت.
شهاب الدين أشرف 

ليست هناك تعليقات