إبحث عن موضوع

الهروب

هِربنا من السجن، استغرقت عملية هروبنا حوالي سنة وكام شهر، هربنا عن طريق حفر نفق بيودي على المبنى اللي ورانا، بيفصل بينه وبينا سور  كبير جدًا، المبنى الغريب اللي مَحدش في السجن كُله يعرف عنه حاجة، النفق كان ضيق بس ده عشان نعرف نخفيه عن عيون حراس الأمن، يا دوب بنحط السرير وكام حاجة وبكدا فتحة النفق بتختفي تمامًا، بعد ما عدى أكتر من سنة اتحقق الحلم أخيرًا وتمت عَملية هروبنا بنجاح....

كُنا تلاتة، على الساعة 1 ظهرًا وأثناء استراحة السُجناء كُنا أحنا بِننفذ خططنا وهربنا بالفعل، طلعنا من الأرض لَقينا نفسنا في أوضة فاضية، أوضة مِساحتها شَبه الزنزانة بتاعتنا، طلعنا وبدأنا نستكشف المكان ده أكتر، الأوض فاضية تمامًا، كُلها أثار تُراب وأعشاش عناكب وحَشرات صغيرة، قَابلتنا مُشكلة وهي أن باب الخروج مسدود وتم غلقة بالطوب والأسمنت، بسرعة طلعنا على الدور التاني على أمل أننا نلاقي مَخرج، طلعنا بحذر شِديد جدًا لآن أشعة الشمس ظاهرة، وده معناه أن مافيش شبابيك في الأوض، عدينا أول أوضتين ودخلنا في التالتة......

الشباك فيها عبارة عن مَواسير من الحديد مربوط فيها حبل، نهاية الحبل مَلفوفة على رَقبة هَيكل عظمي مِتعلق فيها، تقريبًا دي كانت عملية إنتحار، كُلنا اترعبنا من المنظر وقررنا نطلع، بدون أي مُقدمات واحد منا سابنا وجري ناحية أوضة، استغربت من اللي عمله وروحت وراه، أول مادخل الأوضة حَصل في المبنى هزة خفيفة نتج عنها تساقط حجارة ضخمة سَدت مَخرج الأوضة على زميلنا تابعها صوت صُراخه، نَدهنا عليه بس بدون فايدة، من ضمن الكلام اللي قاله أثناء صراخه:

-(أرجوك أرحمني، الشيطان، بلاش عالم الجيم)

أتلفت للي واقف جمبي وهو كمان بص ليِّ، نَظراتنا لبعض معناها أننا لازم نلاقي مَخرج ونسيبه، لآن بصراحة القلق سَيطر علينا بصورة كبيرة، طلعنا الدور التالت ندور على أي حاجة قَبل ما يتم كشفنا، وأحنا ماشين خطواتنا تَراجعت، كان ماشي بأيديه ورجليه على السقف، شَخص رُفيع جدًا، التعبير المُناسب ليه أنه عبارة عن جلد على عضم، طويل، سنانه رفيعة وطويلة، عينيه عبارة عن كٌتلتين سود، مفيش في جسمه شعر أبدًا بالأضافة لحوافره....

بَدأ يقرب منا وهو على السقف وكُل مايقرب أحنا بِنرجع لحد ما في حركة مُفاجئة نط من السقف تجاه زميلي اللي واقف جمبي، قَطع كُل حِتة في جِسمه وتقريبًا هياكله، سيبت الدور كُله ورجعت الدور التاني، معرفش ليه رجلي خَدتني لنفس الأوضة اللي كنت فيها، رجعت لقيت الهيكل العظمي المتعلق، فضلت اتأمله وأنا بحاول استوعب اللي أنا فيه ده، لمحت حاجة في عضم الأيد، ده دفتر صغير !!!

بسرعة آخدته وقعدت في رُكن الأوضة أشوف فيه أية، مَفيش غير صفحات فاضية، فضلت أقلب لحد ما وصلت لصفحة مُعينة بعنوان ختم الظلام ، بصيت لها وبدأت أقرأ:-

-النهاردة آخر يوم في حياتي، لازم أكتب اللي حصل ليِّ، أنا قَتلت أكتر من أربع حُراس أمن عشان أتم طقوس تحضير الخادم اللي هَيساعدني في التخفي والهروب، بس الوضع اتغير، حبي للقتل زاد، نسيت فكرة الهروب أصلًا، عدد الضحايا زاد، بقتل عشان أسلمه جُثث الضحايا اللي بتختفي من العالم بتاعنا في ظرف ثواني، في يوم عملت مُشكلة مع أحد السُجناء والنتيجة كانت حبس أنفرادي، يوم و التاني ومعاد تسليم الضحية بيقرب، مفيش حل تاني، لازم أضحي بنفسي، أنا هَنتحر قبل ما أتقتل وأشوف الجحيم بنفسي، لو حد وصل للكلام ده لازم يفهم حاجة وهي أن الخادم هيبقى حُر، وده معناه أنه هَيدور على شخص مُناسب ويحتل مكان القرين بتاعه وهيلازمه عشان يكمل عمليات القتل...
أنا كدة خلصت، في أيدك القرار، يا تكمل يا عالم الجحيم...

انتهيت من قرائة الصفحة، بصيت لقيت الشخص الرفيع ده بيبص ليِّ بنظرات غريبة ودماغه بتروح شمال ويمن، مَد أيده في الهواء كأنه بيخنق حاجة في الهواء بس أحساس الأختناق ده أنا اللي بحس بيه، أثناء الحالة دي حسيت بنار على دراعي، زي مايكون دراعي بيولع وبيترسم عليه حاجة صغيرة شَبه الختم، سِمعت صوت شبه صوتي بيصرخ بعدها فقدت الوعي بس مش كتير، كام دقيقة و رجع ليِّ الوعي تاني، لَقيته لسة واقف قُدامي...

 أنا حاسس بقوة غريبة في جسمي، في حد شبهي واقع على الأرض ميت، شايف كائنات غريبة بس باين عليها ملامح الخوف مني، أدركت أن الشخص الغريب ده هو خادم الطلسم، شاور بأيده على الحيطة، اتفتح منها بوابة لعالم تاني، عالم كُله حمم بُركانية وناس مُقيدة وبتتعذب، عالم الجحيم ..عرض عليا أني أكمل أو هيرميني في العالم ده
اختارت أية!!..أنا هكمل 
مصيري كان السجن، سواء سجن البشر أو سجن من عالم تاني، عالم مجهول محدش يعرف عنه أي حاجة....

ملحوظة / المبنى المهجور ده كان جزء من السجن لكن تم غلقه بسبب ظهور شبح الشخص المُنتحر و اللي سبب الذعر للسُجناء وأفراد الشُرطة، فقرروا غلقه وفصله عن مبنى السجن الرئيسي

محمد عبد القادر 

ليست هناك تعليقات