إبحث عن موضوع

اخوة ابليس

-هتموتني؟
=كلنا هنموت ياخويا..
-وعلشانها تعمل كده؟!
=سحرها أقوى مني
-الخيانة طبعهم ولا نسيت! 
=هي غيرهم لأنها مش من جنسهم! 
                                             ***
كله نفسه يتجوز ويستقر، وكله نفسه يلاقي شريك الي يكمل معاه حياته لحد يوم مماته، بس الجواز مكنش غير متعة في الأول، وأول ما المتعة دي خلصت؛ كَرفت منها مبقتش طايق أبص لوش مراتي، متستغربوش كله بيحصل معاه كده.. لكن البني آدم بيختلف بس طبع الرجالة واحد، المسألة يمكن تكون معقدة شوية بس هي شبيها بالأدمان أول مابتتدمن على حاجة؛ لازم بعد فترة تزود الجرعة، و الحقيقية إن مراتي رفضت أتجوز عليها - بالرغم إن الشرع محلل ليَّ أربعة- بس هي عاندت ورفضت، وأنا مبحبش الي يعاند معايا.. علشان كده طلقتها بعد شهر من جواز منها.. 
***
رجعت أعيش مع أخويا "عصمت" الي يمكن حاله أسوء مني.. فهو فسخ خطوبته من وقت قريب، بعد ماعِوف بخيانتها ليه، الأمر دا دعى أنه يقفل باب الأرتباط أو الجواز..

أبويا وأمي سابوا لنا البيت بموتهم في حادثة من سنتين.. صعب عليا إني أعرف أنقل لكم أنا حاسس بأيه وقتها، الطابع السائد لأي حد بيموت له أبوه وأمه بيكون تايه حرفيًا، كل ذكرى بتختفي وبتتلاشى، أصواتهم، أنفاسهم، ريحتهم، كل دا بالتدريج بيختفي لحد ما ذكراهم في مخك هي بس الي بتفتكرها، وأكيد وقتها بتنتدم أشد الندم على كل ثانية ودقيقة ضيعتها أنتَ و مش معاهم أو الأوقات الي كنت بنتيمهم زعلانين منك، مش محتاج أتكلم كتير لأن محدش هيوصل له كلامي غير الشخص اللي نفس حالي.. 

                                            ***
حياة عصمت كلها أتبنت على أساس أبوه وأمه، عمره ما نزل شغل قبل كده، حياته الإجتماعية تكاد تكون منعدمة، بس الي خلاه يعمل فلوس؛ هو شعله على النت، الحقيقة لا أفقه شيء في الحوار دا يمكن علشان شغلتي -المحماه- بعيدة عن الكلام دا.. الحاجة الي كانت بتُداري على وحدته هي القرائة.. من صُغره هو و بيقرأ، مفيش كتاب بيمسكه إلا ولازم أنه يخلصه، وأكيد دي الحاجة إلى خلت الجنون ماتصبهوش.. 
يمكن الجنون فعلًا مأتصبش بيه بس الي عرفته خلاني أقتنع إن أخويا على أعتاب من الجحيم! 
                                           ***

كعادتي أنا وعصمت بعد ما أتغدينا - من الأكل الي جبته معايا- قعدنا في البلكونة وفي أيدينا كوباية الشاي المعتادة بعد الأكل، حبيت أفك الصمت الممل دا فـ قولت له:
-خلاص ياخويا قطعت صنف الحريم ولا ايه؟ 
ببروده المحفوظ رد:
-هو في حد يقدر يقاطع صنف الحريم؟! 
أستغريت من رده وقولت له:
-لا ياجدع.. أمال مين الي قال مش هيقرب من سكة الحريم تاني؟ أنا ولا أبوك الله يرحمه؟! 
=في حجات كده يا آدم مش بتشوفها بالعين المجردة تقدر تعمل الي مفيش أنسي يعمله.. 
-اه.. جن وعفاريت بقى والهبل دا.. 
=التجربة خير مثال للحقيقية.. 
سحبت سيجارة ونفثت دخانها وقولت:
-بقولك ايه أنا راجل عملي مش بتاع كلام، فهمني الأول ويمكن أقتنع وأجرب..
=مفيش رجوع يا آدم.. لو دخلت أنسى أنك ترجع، لأنك لو رجعت  دمك هيكون القربان! 
الحقيقة خوفت بس موضحتش، واضح إن خوفي بان عليا.. بدليل كلام عصمت:
-متخفش.. إفتتكر إن بعد الي هيحصل هيكون عندك زوجة مطيعة ليك وعمرك ما تتخنق منها زي الي معايا!

الحقيقة الكلام مُّغري بس أنا مأقتنعتش بالهبل ده:
-عصمت.. أقفل الكلام في الحوار دا والنبي مش ناقصة.. 
=براحتك.. اه كنت هنسا أي صوت تسمعه ياريت متخفش ومتقربش من الاوضة غير لو قلت لك..
-هي ليلة ياخويا وماشي، الجنان دا أنا مليش فيه.. 

روحت على أوضي وكانت زي ما هي وجمب منها أوضة أخويا.. بابها كان مفتوح فبصيت نظرة خاطفة كده، وياريت مابصيت.. 

عارفين الغوريلا؟ تقريبًا دا الكائن الي شوفته.. راقد على سرير أخويا، لما بصيت مرة تانية كل حاجة أختفت، رجحت إن الي شوفته دا بسبب تأثير الكلام الي سمعته مش أكتر.. يمكن الأحتمال دا كان صح، دا قبل ما أعرف حاجة عن الكارثة الي مخبيها أخوية...
                                          ***
نمت ومفكرتش في كل الي حصل وأعتبرته خيال مآته.. بس الواقع عمره ما كان خيال.. 

السواد غطى بأنجحته المكان كله، أنا و وجوه الأوضة، لوهلة حسيت أني جوه قبر من الظلام الي ساد المكان، بصعوبة مسكت الموبايل، وشغلت الكشاف، أتحركت ناحية باب الأوضة الي في الحقيقة أنا مقفلتش بابه.. فتحته، الصالة كلها غرقانة في السواد، مفيش حتى بصيص نور..
لأ ثانية في نور ضعيف خارج من باب أوضة عصمت.. كمان أيه صوت ده؟! 
كأنه فحيح ثعابين، طفيت الكشاف، بصيت من ثقب الباب، واتأكد تمامًا إن الي ظنه وهم أصبح حقيقة!

نفس الحيوان الي أتهيألي أني شفته كان مُّتَجسد قدامي، وأخوية نايم معاه.. شعور مقزز جدًا أنا وشايف أخويا هو نايم مع الغوريلا دي..
معرفش وقتها جتلي منين الجراءة؟ علشان بكل قوة أفتح الباب.. 
بعيون ملاها الغضب وبصوت غليظ أتكلم عصمت:
-أنا قلت لك أيه يا آدم؟!
=ماهو يا أنا مجنون يا أنتَ بتاع عقاريت فعلًا.. أو مسوخ!

قام عصمت من السرير، و الكائن صادر منه فحيح مش مُّعبر عن حاجة غير أنه هينقض عليا، علشان العلاقة المقززة دي الي أقتطعتها.. 
مَسك أخويا فيا وبدون لحظة تردد ضربني، بدلته الضرب، مكنش دا الشيء الغريب أنما عدم هجوم المسخ الراقد على السرير فهو دا الغريب.. 

الأوضة بقت كومة من الحجات المتكسرة وكل حاجة فيها أتبهدلت فوق ما كانت متبهدلة أصلًا.. 
أثناء محاولة حد فينا أنه يخلِص على التاني؛ لقيت سكينة على تربيزة مليانة كتب قديم، ومعرفش أزاي مخدش بالي منها دي غير دلوقتي.. 
طعنة السكينة الي رشقت في عينه كانت كافية جدًا أنها تخلي قوته تنخار ويفقد سطيرته على توازنه ويقع على الأرض شهيد  لشهوته وشياطينه! 
                                            ***

الدم كله سحبته ببوقها، فعل لابد أنه مايخرجش غير من شياطين الجحيم.. 
بعد ما عَملت كده، وشفطت الدم كله من جثة أخويا؛ بدأ شعرها وشكلها الحيواني يتحول بالتدريج لحد ما بقى مفيش فرق بينها وبين البني آدم.. 
لا.. لا دي مش بني آدمة دي ملاك.. جسمها المتناسق، مفاتنها العارية الي أكيد محدش هيقاوم سحرها.. 
شفافيها تلفظت بكلام أستوعبته بصعوبة من فرط جمالها:
-عايز تشوفني دايمًا بالهيئة دي؟! 
من غير لحظة تردد قولت:
=أكيد.. 
بعيون خبت ورائها لمعان جهنم قالت:
-يبقى وجب عليك تمدني بالدم إلا وهترجع تشوف المسخ تاني! 
(تمت) 

ليست هناك تعليقات