إبحث عن موضوع

قصة

الصُبح كان في حريق في شقة ناس جيرانّنا، ولد صغيّر بيلعب بالكبريت ومامته مش واخدة بالها فالنّار مسكت في الأنتريه ومنّه للشقّة كلّها والحمدلله عدّى على خير ومحدّش حصلّه حاجة، بس الحمدلله لإنّها جات على قد كدة بردو .. 

فمن شوية كُنت راجع من الشغل، فلقيت واحد جاري قاعد تحت البيت ومعاه واحد معرفوش كدة لهجته بتقول إنّه مش قاهري، غالبًا وجه بحري، فرميت السلام ووقفت بسأل جاري دا على حاجة فالكلام جه على الحريق، مكنش موجود هو ساعتها فبقوله آه أنا شوفته الصبح وأنا نازل الشغل والله الحمدلله إنّ محدّش حصلّه حاجة .. 
.
لقيت الرّاجل إتدخّل فالكلام وبيقول هو سبب الحريق إيه ..؟ فحكيتله .. فقال طب الحمدلله إنّها جات على كدة وسكت كدة .. فقُلت خلاص الموضوع كدة خلص وجاي أسلّم عشان أطلع لقيتُه بيكمّل كلام بلهجة متوترة شوية ..
.
"على قد ما الحريقة حاجة وحشة بس عالأقل ليها سببها وليها حلّها، يعني بتبقى عارف دا ماس كهربا ولّا عود كبريت ولّا بوتاجاز وبعدها خلاص النّار اتّطفت ومرّة واحدة وخلصنا، آه الخساير موجودة بس هتتصلّح والحال هيرجع زيّ ما كان، الدور والبّاقي عاللّي بيحصل بسبب متعرفش تصلّحُه وخسايرُه مُستمرّة ومفيش حاجة ف إيدك تعملها .."

بصراحة فضولي كلني عشان حسيتُه عايز يحكي حاجة غريبة أو حاجة خايف محدّش يصدقها، فهزّيلتلُه دماغي كدة وأنا بسخنُه يكمّل وبقولّه "آه، بتحصل فعلًا، زيّ البيوت اللّي بتولّع لوحدها فالأرياف دي، زيّ كفر صقر من كام سنة كدة .."

بصّلي كدة بصّة اللّي هو "ياااه، كتّر خيرك إنّك فاهمني .." وراح مكمّل ..

"آه والله يا أُستاذ، كُنت لسّه فالشرقية من فترة وراكب ميكروباص، عدّينا على بيت كبير شكله كان فِخِم كدة وضخم، واضح إنّ صحابُه مرتاحين، بس كان كلّه محروق ومهجور، وجوبُه حتّة أرض زراعية منصوب فيها كام خيمة وناس مُستقرّين فيها تقريبًا كانوا صحاب البيت .. المنظر كان غريب بالنسبة لي بس النّاس فالميكروباص مكدّبتش خبر وبدأت تتكلّم وتحكي مع بعضها .."

"قالوا إن النّاس دي هم صحاب البيت، وكلّهم دلوقتي قاعدين فالأرض دي مُستقرّين فيها من ساعة ما كانت واحدة فيهم بتدبح فراخ وبط في يوم، وقطّة كانت بتحوم حواليها عايزة تخطف أي حاجة من اللّي بتدبحُه دا لحد ما نرفزت الولية وتستفزّها ومقدرتش تمسك نفسها راحت دابّة القُطّة بالسكّينة شقّتلها بطنها .. القُطة مماتتش على طول فالولية قامت خادتها وولّعت فيها عشان متموتش فالبيت وتعمل ريحة .. ومن ساعتها بقى .. النّار بتولّع فالبيت كلّه .. من أول المدخل لحد السطوح .."
.
"مهما يطفّوا فيها، تولّع تاني .. البيت على طول سُخن .. 
على طول ريحة شياط .. النار بتمسك في كل حاجة حتّي الحيطان .. تطفي لوحدها وتولّع في حتّة تانية .. 
وأصوات قُطط بتنونو جامد أكنّها بتتخانق .. 
لا ميه نافعة ولا رملة نافعة .. لحد ما واحد منهم جرّي يجيب شيخ .. والشيخ اللّي جابّه هو اللّي حكالهم عن موضوع القُطّة اللّي مكنش على بال حد خالص .."
.
"الشيخ قالّهم إن دي مكنتش قُطّة، إنّها كانت واحد منهُم، والولية لمّا موتتّها وحرقتها أهله عرفوا وجُم كُلّهم عالبيت ينتقموا منّه ومن اللّي فيه وإنّه مش هيعرف يعمل حاجة عشان الموضوع أكبر من قدرتُه عشان دا مش واحد ولا إتنين دول عيلة كاملة وقبيلة بحالها ومش سهلين يعني .. ومن ساعتها مش لاقيين حد قوي قادر يعمل حاجة .. 
ومن ساعتها والعيلة باينة فالخيام برّة صيف شتاء .."

"أنا والله يا أُستاذ مبصدّقش، بس شوفت البيت بعيني كلّه مولّع من ساسُه لراسُه والنّاس معسكرين في الخيام والنّاس فالميكروباص كلّهم أجمعوا عالحكاية دي وكلّهم ميعرفوش بعض .. جسمي بيتنفض كل ما بتخيّل والله اللهم أحفظنا .."

طبعًا ابتسمت كدة وقُلت كلمتين مُجاملة وشكرته وسبتهُم وطلعت وأنا مبسوط بقصّة جديدة اتّضافت لمخزون قصصي الغريبة .. ودلوقتي مش أنا بس اللّي أعرفها ..

تمت...

ليست هناك تعليقات