إبحث عن موضوع

التؤام النفسي

دَلفت إلى تلك الغرفة لأرى مشهدًا زرع في قلبي الخوف ، صوري معلقة على الجدران ، تماثيل وألعاب تشبهني في كل مكان ، صورة كبيرة لي داخل إطار ذهبي تحتها بعض الشموع المُضاءة ، ورقة مكتوب بها بعض العبارات التي لم أستطع قرائتها بسبب تلك الضربة التي تلقيتها على رأسي وصوت شخص يقول : أنا آسف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إسمي (إسماعيل) ، أبلغ من العمر 21 عامًا ، أدرس في كلية الفنون الجميلة ، أعمل كاتبًا في أوقات فراغي ، أصبحت مشهورًا جدًا بسبب الكتابة وتصلني رسأئل وهدايا من المعجبين ، أقوم بعمل حفلات توقيع لرواياتي ، حياتي بسيطة و ليس بها كثير من الأحداث ، ولكن شخصًا واحدًا قلب حياتي رأسًا على عقب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في إحدى حفلات التوقيع ، كان يقف أمامي بالرواية خاصتي ويعطيني إياها لأوقعها مغطيًا رأسه (بالكابيشو) لا أعلم لماذا كان يرتديه ولكنني لمحت ابتسامته المريبة التي كانت على وجهه وهو ينظر لي ومن ثم أخذ الرواية وغادر ، انتهي الحفل على خير عدت للمنزل وأفرغت محتويات حقيبتي ـ التي أحملها معي أين ما ذهبت ـ لأجد ظرفًا يسقط من الحقيبة لا أعلم من أين أتى وكيف دخل إلى الحقيبة من الأساس ، أمسكت بالظرف وقمت بفتحه وإخراج محتوياته التي كانت عبارة ميدالية عليها صورتي من جهة واسمي من الجهة الأخرى ورسالة عادية ، بدأت في قراءة الرسالة : (إلى كاتبي المفضل اعتذر عن وضع الظرف في الحقيبة دون إستئذان واعتذر عن إخفاء هويتي في الرسالة ولكن لا تقلق سنتقابل قريبًا) ، أصابتني حالة من القلق والخوف وشردت لبضع لحظات ، أيقظني من هذا الشرود صوت هاتفي الذي يعلن قدوم مكالمة لي ، أمسكت الهاتف لأرى أنها مكالمة من رقم مجهول ، قمت بالإجابة لأسمع صوتًا من الجانب الآخر يقول بضحكة أرعبتني : أتمنى أن تكون قد أعجبتك الهدية ، أجبته  وأنا أشعر بالقلق : من أنت وكيف حصلت على هذا الرقم ؟! ، أجابني وهو مازال يضحك : سوف تعرف قريبًا جدًا ، صوت صفارة تعلن إنقطاع المكالمة ، عاصفة من الأسئلة تدور في رأسي ولا أجد لها إجابة ، حاولت الرنين لكنه قد أغلق الخط ، قلت لنفسي : لا داعي للقلق ، ما حدث الآن لا يتم تفسيره سوى أنه مجرد أحد المعجبين ولكن ما يشغل تفكيري هو كيف عرف رقم هاتفي ووضع الظرف في حقيبتي ؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استيقظت من نومي وغسلت وجهي ودخلت للمطبخ لأحضر الفطور ، لكني وجدت الإفطار قد تم إعداده بطريقة جذابة على طبق صغير وبجانبه ورقه صغيرة مكتوب بها : (صباح الخير) ، بدأ القلق يغمرني مجددًا وبدأت الأسئلة تدور في رأسي من جديد ، أشعر بأن رأسي سينفجر من كثرة الأسئلة ، حاولت نسيان الأمر والهدوء وتناولت الإفطار الذي لم يكن به أي شئ غير مريح بل بالعكس كان طعمه لذيذًا للغاية ، ارتديت ملابسي وغادرت المنزل وذهبت إلى موقف الحافلات انتظر الحافلة التي سوف أركبها للذهاب للجامعه ، لم يكن هناك غيري وذلك الشخص الواقف هناك على الجهة الأخرى من الشارع مغطيًا رأسه (بكابيشو) ممسكًا بهاتفه ، صوت إشعار هاتفي يعلن قدوم رسالة ، أخرجته لأجد أنها رسالة من رقم مجهول آخر : (مرحبًا يا صديقي أنا أمامك) ، وقفت مشدوهًا وأصاب جسدي رعشة بسبب الذعر ، رفعت رأسي لأرى نفس الابتسامة المريبة التى رأيتها في حفل التوقيع ، كنت سأعبر الشارع لولا أن وصلتني رسالة أخرى : (إياك أن تقترب !) ، وقفت ساكنًا لا أتحرك وقد وصلتني رسالة أخرى : (لا تتعجل سوف نتقابل قريبًا وسوف أخبرك بكل شئ) ، مرت سيارة مسرعة من الجهة الأخرى بمجرد مرورها اختفى ذلك الشخص ، اختفى وتركني في حالة من القلق والشرود لدرجة أني لم ألاحظ سائق وهو ينادي علي كي أركب ، وصلت للجامعة ومازلت أشعر بالقلق والتوتر وقد لاحظ زملائي ذلك وقاموا بتهدئتي وإحضار كوب من الشاي بالنعناع لي ، شعرت بالهدوء وانتهى اليوم بسلام وفي طريقي للمنزل وصلتني رسالة بها موقع لمكان ما ومكتوب : (لتحصل على الإجابة على الأسئلة التي تدور في رأسك تعالى إلى هذا العنوان) ، شعرت بالخوف من جديد ، هل أذهب أم لا ؟ ، وقفت للتفكير ثم اتخذت قراري بالذهاب 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد وصلت ، منزل عادي يبدو أنه قديم نظرًا لتآكل جدرانه من الخارج والنوافذ مكسورة ، طرقت الباب لأجد أنه كان مفتوحًا دخلت وقد أنرت كشاف هاتفي وبدأت أنادي لكن لم تصلني إجابة ، وجدت غرفة يخرج منها بعض الضوء الخافت ، دلفت إلى تلك الغرفة لأرى مشهدًا زرع في قلبي الخوف ، صوري معلقة على الجدران ، تماثيل وألعاب تشبهني في كل مكان ، صورة كبيرة داخل إطار ذهبي تحتها بعض الشموع المضاءة ، ورقة مكتوب بها بعض العبارات التي لم أستطع قرائتها بسبب تلك الضربة التي تلقيتها على رأسي وصوت شخص يقول : أنا آسف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاستيقظت لأرى نفسي مقيدًا إلى الحائط ، يجلس أمامي شخص يبكي ، أجل إنه نفس الشخص الغامض من حفل التوقيع ولكن لماذا يبكي ؟! ، لاحظ أني قد تحركت فأسرع راكعًا تحت قدمي وهو يتوسل إلي أن أسامحه لضربه لي على رأسي ، تعجبت لما يفعله ثم سألته : لماذا تفعل كل ذلك بي ؟! ، رفع رأسه وقد أعاد رسم تلك الابتسامة المريبة على وجهه وقال بصوت خافت : لأنني أحبك ، أحب رواياتك ومقالتك وقصصك التي تقوم بنشرها على مواقع التواصل الإجتماعي وقد عرفت عنك الكثير رقم هاتفك ويوم ميلادك وأين تسكن وماذا تحب وماذا تكره ، أصبحت مهووسًا بك قمت بتصميم ديكور تلك الغرفة بنفسي لأجلك ولكن دائمًا ما كنت أشعر أن بها شيئًا ناقصًا وقد اكتشفت ما هو الشئ الناقص ، أتعلم ما هو ؟ ثم قال بضحكة أثارت الذعر في جسدي : أنه أنت ، شعرت بالخوف الشديد و حاولت تحرير نفسي بأي طريقة لكن لم أستطع ، تغير وجهه فجأة ليرسم تعابير بريئة وسألني : ألا تريد أن تبقى ؟! ، حاولت إجابته لكن لساني لم يستطع النطق لا أعلم لماذا فهززت رأسي بعلامة (كلا) ، فتغيرت تعابير وجهه من جديد لتظهر وجهًا يملؤه الغضب والحزن في نفس الوقت ثم أحضر مفتاحًا وفك قيودي وقال لي : اذهب ، تعجبت لما فعله للمرة الثانية وأدرت ظهري إليه لأخرج من الغرفة لكنه أنقض علي بطريقة مفاجئة وهو يصرخ بغضب : لا لن أدعك تذهب ليس بعد ما فعلناه سويًا لن نتركه يرحل بسهولة ، أمسك برقبتي وشعرت بالإختناق ثم تغير صوته فجأة وقال : توقف لا تؤذيه ، عادت نبرة الغضب لصوته من جديد : لا لن نؤذيه سوف نجعل يفقد الوعي فقط ثم نحتفظ به لنا ، كلا ابتعد عنه واتركه يذهب ، أبعد يديه وابتعد عني وهو يصرخ : هيا إرحل بسرعة ، نهضت سريعًا وأنا لا أعلم ماذا يحدث خرجت راكضًا مبتعدًا قدر الإمكان ثم سمعت صوت ارتطام بالنافذة ، عدت لأتفقد ماذا يحدث لأرى جسد ذلك الصبي واقعًا على الأرض غارقًا في الدماء ، اتصلت بالإسعاف وقد أخذت الصبي لكن لم يستطيعوا إنقاذه ، لقد فارق الحياة !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 عدت لمنزلي بعد ذلك اليوم الشاق و الذي لن أنساه في حياتي ،أفرغت محتويات حقيبتي كما أفعل لأرى ظرفًا آخر يسقط من داخلها قمت بفتحه سريعًا لأرى بداخله رسالة وصورة أخرى لي ولعبه تشبه ذلك الفتى ، بدأت في قراءة الرسالة : 
(إلى كاتبي المفضل ، أعتذر عما سببته لك من مشاكل ، ما رأيته من تغير في تصرفاتي لقد كنا أنا وأخي نتصارع ، لم نكن نقصد إيذائك لكننا كنا نحبك بشدة ، أتمنى أن تسامحنا وألا تنسانا)
معجبيك المخلصين
                                                                    التوأم النفسي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــفي الحقيقة حزنت لموتهما وشعرت بقليل من تأنيب الضمير ولم أنسهما أبدًا وفي الحقيقة أنهما لم ينسياني كذلك لأنهما مازالا يزوراني في أحلامي ليلًا ولم يزعجني ذلك أبدًا
                                        تمت

ليست هناك تعليقات