إبحث عن موضوع

الغبي

دائماً عندنا فكرة عن رجال الأعمال إنهم عايشين حياة سعيدة جداً مفيهاش اي مجال للحزن او المشاكل، و ده مُعتقد غلط لأني بعاني من مشكلة الملل  ... مين انا؟ مش مهم، المهم تعرفه عني إني رجل اعمال سني ٥٠ سنة متزوج و عندي بنت عندها ١٢ سنة؛ إنك تمتلك اكبر مصانع انتاجية في البلد اكيد شئ جميل لكن بدون اي منافسة من مصانع اخرى اكيد هيبقى شئ مُمِل، متعود يومياً بصحى بدري بعمل جولة تفقدية في المصانع بتاعتي زي مصانع السيراميك و الملابس و غيرهم، كنت دايما بستنى أخر الشهر الوقت ده بيكون الوقت الوحيد في الشهر الي مفيهوش ملل... ليه؟ خليني احكيلك... أثناء بدايتي العمل و مع اول مصنع ملابس ليا كنت شاب طماع و متهور بدور ع اي مصدر يزود ثروتي، بالصدفة قدرت اتواصل مع "الكبار" ده اسمهم بيستخدموا الي زيي في جلب المخدرات مع البضائع و المواد الخام و الموضوع بيكون أمان لأن ليهم ادوات تانية في الأمن  بتخلي اي حاجة عايزنها تعدي، كل الي فات كان تعريف بسيط عن حياتي، مش فاكر امتى بدأت قصتي بالظبط لاني هنا بقالي كتير لكن الزمن مش مهم، التفاصيل محفورة في ذاكرتي؛ كنت بتابع التقارير في مكتبي في مصنع من مصانعي و كنت مش مبسوط خالص لما عرفت إن الأرباح قلت النصف لأن  في رجل اعمال جديد بينافسني و بشراسة على عرشي الي أنا مُتربع عليه لأكثر من ١٥ سنة، من خبرتي في مجال الأعمال اني لازم اقضي على المشكلة بمجرد ظهورها، والمرة دي هعمل كده، كل حد مننا(رجال الاعمال) عنده دراعه اليمين الي بمجرد ما يتقطع بينتهي معاه، انا عندي اكتر من دراع عشان كده مبنتهيش... المنافس بتاعي مش حابب أذكر اسمه لكنه شاب في الثلاثينات بيشتغل بأساليب ذكية جعلته منافساً شرساً لتجارتي، عشان كده قررت اقضي عليه، أمرت حد من فريقي انه يجمعلي كل حاجة تخصه... مساعدينه، تجارته، حساباته الشخصية، حتى اسرته طلبت كل حاجة عنه تكون قدامي في أسرع وقت، وبالفعل كان قدامي كل حاجة و مُلخص كل ده إني قدام منافس عنيد مفيش عليه أي حاجة تلوي دراعه، كل تجارته و اعماله بشكل قانوني تماماً، اشبه ما يكون مالوش دراع يمين لكنه مش متأثر بده، مفيش اي ثغرة تخليني اطلعه بره اللعبة غير حاجة واحدة.... اسرته... لكني مش حابب اعملهم حاجة هو بيكون في اماكن كتير لوحده مش هحتاج اسرته في حاجة ، بعد ما انتهيت من فحص الملفات وصلني جواب على مكتبي كان عبارة عن  صور ليا مع الكبار الي بياخدوا مني المخدرات الي بيبعتوها مع بضائعي، ساعتها فهمت... فهمت إن المنافس ده بيهددني، ساعتها الدم فار في مخي و قررت اني هرجع لأيام زمان و مضطر أخلص عليه، أيام زمان مع بداية تربعي على عرش الصناعة و التجارة كنت بحتاج  حد اشبه ما يكون بعامل نظافة بيخلصك من القمامة الي انت مكسل تتخلص منها و قرفان من ريحتها مقابل مبلغ محترم، حد عرفني عليه من الديب ويب معرفش اسمه ولا هو يعرف اسمي كل الي اعرفه طريقة شغله و ازاي احوله فلوس، كنت دايماً بسيبله ظرف فيه عنوان الشخص الي مطلوب يخلص عليه لكن كنا بنتبع اشبه ما يكون شفرة و هي إني بكتب جمل منفصلة مالهاش علاقة بطلبي كل ما في الأمر إن اول حرف من كل جملة بيكون حرف في كلمة من عنوان الضحية، كنت بسيبله الظرف في صندوق قمامة و هو بعد فترة بسيطة بيكون متنكر في زي متشرد و بياخد الظرف و يمشي، بالفعل تواصلت معاه و اتفقنا على مكان اسيبله فيه الظرف و حساب بره مصر احوله عليه مبلغ محترم، و بالفعل كتبت العنوان بتاع منافسي بنفس الاسلوب اول حرف من كل جملة هو حرف من كلمة في العنوان؛ سيبتله الجواب في المكان الي حدده و الفلوس بعد ما يتم المطلوب، رجعت البيت نمت و صحيت ليوم عصبي بالنسبالي مستني اسمع خبر قتل منافسي كنت متوتر طول اليوم، اليوم عدى و الوقت اتأخر قررت ارجع البيت و اسيب الموضوع ياخد وقته عشان يتم صح.

دخلت البيت ندهت على زوجتي و بنتي مفيش رد دورت في كل غرف المنزل ملقتش أثر ليهم مش فاضل غير الحمام روحت و الباب كان مقفول و ملزوق على الباب ورقة مكتوب فيها جمل منفصلة ، فضلت واقف مش فاهم لحد ما قررت اعمل حاجة متعود عليها، بدأت اجمع حرف من بداية كل جملة و كان الناتج عنواني! شيلت الورقة و مسكتها لاقيت في ظهر الورقة جملة واحدة "الجزاء من جنس العمل"، بدأت افهم و  كنت بتمنى اكون فهمت غلط، فتحت باب الحمام و لاقيت قدامي في البانيو اسوء مشهد شوفته في حياتي، زوجتي و بنتي كانوا مذبوحين في البانيو، دم كتير في البانيو و الحوائط ملطخة بالدم، مقدرتش افضل واقف وقعت على الأرض، كنت ببكي... ببكي بشدة لدرجة حسستني إن روحي هتخرج من جسمي، ببكي وانا بيتعرض قدامي شريط حياتي معاهم... شوفت غيابي عنهم لأيام و انشغال بالشغل، شوفت كل لحظاتنا السعيدة، بدأت الصورة تكون مشوشة و رجعت للواقع ... الواقع اني جثة زوجتي و بنتي قدامي ، مقدرتش أتحمل أكتر من كده... فقدت الوعي.
فوقت وأنا حاسس ببرودة الأرض تحت وشي، أدركت إني لسه حي و افتكرت فقدت الوعي بسبب ايه، قومت من على الأرض و جريت على مكتبي أخدت من هناك مسدس و نزلت الجراج خدت عصاية حديد و ركبت العربية و اتحركت على العنوان الي حفظته وانا بكتب شفرة الجواب، كنت سايق بسرعة جنونية والشوراع لحسن حظي كانت فاضية لأن الوقت متأخر  لحد ما شوفته، هو منافسي، كان بيمشي على رصيف قريب من بيته، وقفت العربية و نزلت في ايدي العصاية الحديد و في جيبي المسدس، كنت ماشي ناحيته و هو بيبصلي و بيبتسم قربت منه و بسرعة ضربته بالعصاية الحديد في ضلع من اضلاع معدته، وقع على الأرض و هو بيصرخ بدأت أنفذ مخططتي في تكسير عظمه قبل ما اقتله و صوت تكسير عظامه كان ممتع جداً بالنسبالي، مستحملش كتير  و فقد الوعي وانا كمان زهقت، طلعت مسدسي و شديت اجزاءه لكني لاحظت حاجة صعقتني، الي انا كسرت عظامه ده مش هو رجل الاعمال الي اقصده، انا اعتديت على حد معرفوش! لكن ازاي انا متأكد إنه كان هو و كان بيبصلي و بيبتسم، ولتاني مرة في نفس الليلة فقدت وعيي.
فوقت في قسم الشرطة، تم اتهامي بجرائم كثير ضمنهم محاولة قتل احد المارة و قتل اسرتي و تعاطي المخدرات بعد ما لقوا مخدرات في مكتبي و القيادة بسرعة غير مسموح بها، بدأت احكي كل حاجة حصلت... لما حكيت قالولي إن مفيش اي ورق زي الي انا قولت عليه و قالولي إني بكذب عشان اخرج نفسي منها، لكن بعد ما عرضوني على أطباء و فحوصات، تم إيداعي إلى مستشفى الأمراض العقلية، بقالي هنا كتير لدرجة اني مبقتش بحسب الوقت، تأملت في كل الي حصل و فهمت كل حاجة، منافسي قدر انه يبدل الجواب الي كتبت فيه عنوانه بجواب مكتوب فيه عنواني بنفس الأسلوب، أدركت إن حد دخل بيتي بعد ما خرجت عشان اقتل منافسي، اخفى كل دليل إدانة لمنافسي و شيلني كل حاجة، انا الغبي الي ضيعت أسرتي، انا الغبي الي بدأت حياتي بشكل غلط و مقدرتش أعدلها، انا الغبي الي حبه للفلوس خلاه يدمر حياته و يحبسه في مستشفى امراض عقلية ويقتل اقرب الناس ليه،انا الغبي الي كنت فاكر إن الي عنده دراعات و عضلات احسن من الي عنده مخ يفكر بيه، لحسن حظي إن أنا هنا مسيري هخرج في يوم من الايام بعد اسبوع او شهر او سنة، ساعتها هرجع انتقم منه و هرجع احكي بكل فخر و غرور اكتر من الي حكيت بيه حكايتي.
#الغَبي
#أحمد_طارق_الجندي

ليست هناك تعليقات