إبحث عن موضوع

قصة كرايونيكبس



********

انا مريض سرطان الكبد، من فترة اكتشفت مرضي، ماقولتش لاهلي على مرضي بالسرطان لاني مش عايزهم يعانه زيي.
الدكتور قال لي انك محتاج جراحه ضرورية ده الشيء الوحيد اللي ممكن ينقذك، لكني رفضت موضوع الجراحه والعمليات، اكتر حاجه بكرها هي العمليات ماعنديش اي استعداد ليها نهائي. الدكتور احترم قراري وبلغني انه مش هيقدر يجبرني على العملية لكن من غيرها انا في خطر!.
بقالي فترة ماشي بجلسات الكيماوي اللي بتنهش كل يوم ف اعضاء جسمي!.
جسمي بدأ يظهر عليه اعراض السرطان، وزني بيقل جدا، همتي ونشاطي مبقوش زي الاول.
اهلي بدأوا يلاحظه ده، والاكتر اختي هي اللي شكت اني مخبي عليهم حاجه. لانها دكتورة فهي اللي قدرت تكتشف مرضي!
في يوم جت لي وقالت لي انها فتشت ورايا ولقيت اشاعات وفحوصات طبية في اوضتي بتاريخ مش قديم. راحت للدكتور اللي بتابع معاه وعرفت كل حاجه!.
عرفت ان الدكتور قال لي اني لازم اعمل عمليه جراحية ورفضت.
من وقتها وعايش في ألحاح من اختي ووالدتي اني اعمل العملية وفي الاخر خضعت و وافقت على العملية!.

وانا دلوقتي في اوضة العمليات!

*****

مش عارف مر وقت قد ايه لكنه اكيد وقت قصير جدا، ممكن ساعه او اتنين، معقول العملية خلصت على طول كدا! عضلات جسمي مش حاسس بيها، مكنتش قادر حتى اتحرك من مكاني.

فتحت عينيا ببطء، الرؤية كانت مشوشة، بالتدريج بدأت توضح اكتر، انا في غرفة وسعة جدا، جسمي مُمدد على سرير ومتوصل بأجهزة  كتير في جسمي، في اكتر من حد واقفين حوالي.
وجوه غريبة ماشفتهمش قبل كدا.
كانوا بيتكلموا مع بعض بلغه غريبة!.
اللغة دي عمري مسمعتها قبل كدا لكن الغريب في الموضوع والمرعب مش اللغة خالص.
الغريب هو اني قادر افهم هما بيقولوا ايه!

واحد منهم لاحظ اني فقت، حسيت انه فرح جدا برؤيتي اني استعدت الوعي، الشخص ده نبه اللي واقفين معاه وقال لهم:
- الحالة استعادة الوعي، مش قادر اصدق نفسي الحلم اتحقق!.

حلم اتحقق باستعادة واعيي!
انا مش فاهم ايه اللي بيحصل لي!

في لحظة لقيت الاوضة اللي انا فيها بقت زي خلية النحل, اكتر من شخص دخل الاوضة، منهم اللي كان بيتفحص كل جزئية في جسمي زي مايكون انا كائن فضائي نزل الارض فالكل حوليه بيدرس ماهية الشيء ده!
كمان في منهم اللي بيلتقط صور ليا!

صرخت فيهم! صرخت بعلوا صوتي عشان يسكتوا، عايز افهم ايه اللي بيحصل.
انا شخص دخل اوضة عمليات لجراحه  بسبب مرضي بسرطان الكبد، الطبيعي لما افوق الاقي حواليا اهلي بيستقبلوني مش الناس الغريبة دي!

فضلت اصرخ لحد ما غيبت عن الوعي

*****

فتحت عيني لقيت نفسي نايم على السرير وفي نفس الاوضة لكن الاجهزة مش متواصلة بجسمي، قدرت اقوم واقعد على السرير، جسمي المرة دي ف تحسن عن المرة الاولى قادر احرك عضلات جسمي كويس، عشان كدا قررت اقوم من مكاني واكتشف المكان اللي موجود في.

قربت ع باب الاوضة، كان في شاشة صغيرة مُثبته ع الباب شاشة الكترونية ومن الواضح ان الباب مش هيفتح غير من خلال الشاشة دي!
سمعت من برا صوت خطوات بتقرب ع الباب وبعدها وقفت، شوفت اربع نجوم بتتكتب ع الشاشة ( ****) ده يعني رقم سري لفتح الباب. وبعدها عبارة ظهرت ع الشاشة بتوضح ان الباب اتفتح.
جريت ع السرير وعملت اني نايم، بعد لحظة فتحت عينيا نص فتحه عشان اشوف مين اللي ف الاوضة.

شوفت اغرب حاجه عمري ما كنت مُتوقعها!
انسان الآلي!
ايوة اللي شوفته كان انسان الآلي ماسك صفحة عليها اكل حطها ع ترابيزة جنب السرير.

ايه الخيال العلمي اللي انا عايش في ده!
لازم افهم مش هفضل كدا لحد ما اتجنن
قمت من ع السرير، قربت ع الباب، كتبت الاربع ارقام اللي قدرت افك شفرت الاربع نجوم لما شوفتهم ع الشاشة. معرفش ده اصلا عرفته ازاي لكن قدرت اعرف ايه هو رقم السري.
كتبتهم وظهرت لي العبارة اللي بتوضح لي ان الباب اتفتح.
خرجت بشويش عشان محدش يكتشف اني بهرب من المكان.
لكن كنت غلطان مجرد بس خرجت من الاوضة لقيت الشيء اللي شوفته ف الاوضة من دقيقة! لكن مكنش واحد ده كان كتير!.

وقفت مكاني ماكنتش عارف اعمل ايه، اتصرف ازاي، اهرب منهم ازاي، ما انا لازم اخرج من هنا بس ازاي؟!
خدت خطوتين لورا، وقفت لما شوفتهم بيقعوا واحد ورا التاني! اتعطلوا لوحدهم ازاي معرفش!
مش لسه هقعد اسال هما اتعطلوا ازاي.
جريت بسرعة لحد ما وصلت للبوابة الرئيسية للمكان ده!
شوفت تاني ع الباب خمسة من الكائنات الالية دي.
ف بالي فكرة اني لو خرجت وظهرت نفسي ليهم مش هيقدروا يوقفوني، بالعكس هما اللي هيقفوا، وفعلا ظهرت نفسي ليهم قربوا ليا عشان يمنعوني من الخروج لكنهم مجرد ما بصوا عليا بعنيهم الغريبة وشكلهم الاغرب وقعوا زي اللي قبلهم! فخرجت انا من البوابة بعد كدا.

انصدمت اكتر من العالم الغريب اللي شايفه قدامي!
انا ف اي زمن بظبط!
كنت متوقع اخرج اشوف اللي عيني معتاده عليه لكني مالقتش ده!
انا شايف قدامي شارع لكن اللي ماشي عليه مش كلهم بشر زيي ايوة هو في ناس ماشية لكن الاكثر هما الروبوتات.
كل واحد ماشي معاه روبوت او انسان الآلي. سيارات شكلها غريب مش زي اللي متعود اشوفها لانها بتطير فالجوا!
يعني ف شخص نزل بالعربية بتاعتوا دي ع الارض وبعدها ملقتهاش بعد كدا! يعني ايه، يعني ولا كأن ليها وجود اصلا بمجرد ما لمست الارض والشخص ده خرج منها!
اما الاغرب بقى فهي المنازل.
البيت عبارة عن كبسولة، كورة بس حجمها متوسط مش كبيرة اوي، بتتفتح ويدخل عيلة كاملة، بعد كدا تمتد زي المطاط وتسبح ف الفضاء متوقفش مكانها!
انا يا افهم انا فين يا ممكن افقد عقلي من اللي شايفه!.

كملت ماشي لاني لازم افهم ايه اللي بيحصل حوليه.
طول ما انا ماشي الناس بتبص لي وخوف وتتحرك من قدامي على طول! كان في حد واقف ع طرف الطريق قربت له عشان افهم منه واعرف انا ف اي زمن بظبط.
هو كمان كان خايف مني لكنه مجريش زي الباقي.
بدأت اتكلم وقلت:
- ممكن....
انا بس قلت الكلمة دي لقيتو قال جملة هي بلغة غريبة بس طبعا كنت قارد اترجم هو بيقول ايه.
الجملة اللي قالها كانت هي ( كائن مخيف من اي زمن أنت)!!

بدل ما يفهمني ده خلاني اترعب من اللي انا عايش فيه.

فضلت مكمل ماشي لحد ما وصلت لمبنه كبير مكتوب ع شاشة ضخمه محتله جزء كبير من المبنه ده
( مركز ابحاث كرايونيكس)
مافهمتش الجملة فقررت ادخل.
قبل ما اتحرك لقيت مجموعة كبيرة من الروبوتات ومعاهم المرة دي ناس لابسه لبس موحد مكتوب عليه نفس الجملة
وكانت مسبوقه بكلمة امن.
لقيت نفسي ف لاحظه تم اعتقالي منهم!
ركبت نفس الكبسولة اللي شوفتها قبل كدا. لما دخلت لقيت نفسي ف ممر كبير على الجهتين غرف.
 بدات اتحرك جوا الممر.
كل اوضة فيها لوح زجاجي كبير متثبت وقادر اشوف منه الاوضة من جوا.
اللي شوفته اسطوانات كتير وقفه طولية وطبعا مكنتش شايف ايه اللي داخل الاسطوانات دي.
فعشان كدا دخلت الاوضة.
المكان كان واسع جدا مكنتش متخيل انه بالوسع ده.
ماليان اسطوانات كبيرة. كل اسطوانة عليها لوح زجاجي.
بسيط للوح الزجاجي شوفت اللي جوا؟!
جثة طفلة متجمده!
مش مصدق اللي انا شايفه
يعني ايه جثة طفلة داخل اسطوانة وكل جسمها تلج! عينيها زي ما تكون عين زجاجية!
قريت درجة حرارة مكتوبة ع شاشة لوحية متثبته ع الاسطوانة ٢٠٠ درجة تحت الصفر!.
فضلت ابص ع اسطوانة اسطوانة. كل اسطوانة فيها حد ومتجمد وبنفس درجة الحرارة.
اسطوانة فيها شابه بنت. واسطوانة فيها عجوز. اسطوانة فيها حيوان! ايه المكان اللي انا في ده؟!.

سمعت صوت ف اللحظة دي...
صوت حد بيقول كلمة ترحيبية، بصيت حوالية لقيت
صورة منعكسة كأن في فيلم تسجيلي بيتعرض لكن مفيش شاشة هو بيتعرض ف العدم!

مرحبا بكم في مركز ابحاث كرايونيكس.
بدأ فيلم تسجيلي بيوضح وكان معروض تاريخ ف التمانينات
اسم عالم ظهر  وبعدها اتكتب ان الشخص ده بفضلة العالم عرف ( فكرة تجميد البشر وحفظ اجسدهم)
 بعدها ظهرت الجملة دي"
ليه نخلي المريض يعاني من مرضه واحنا ممكن نجمده بعد موته مباشرة وقبل موت مركز المعلومات فيه وهو المخ!
وده هو علم الكرايونيكس حفظ الجثث بالتجميد!
اللي عرفته بعد كدا ان بيتم التجميد لحفظ الجثة على آمل اعادة انعاشها ف المستقبل.
يعني شخص مريض مرض خطير مالوش علاج، اهل المريض بيكتبه وصيه ان بعد موته جثمانه مُتبرع بيه لصالح الابحاث وعملية التجميد!

اختفت الشاشة المجهولة دي وانتهى بعدها الفيلم التسجيلي.
طبعا مش فاهم اي حاجه؟!

" اكيد عايز تفهم ايه اللي بيحصل حوليك وانت فين "

الجملة دي سمعتها فجأة بصيت حوليا شوفت حد واقف وباصص لي. بصيت له، انا اعرف الشخص ده، فضلت افتكر شوفته فين، ايوة هو، ده اللي شوفته ف الاوضة اللي كنت فيها لما فوقت اول مرة فيها وشوفت ناس غريبة ملمومة حوليا!
رديت عليه وقلت له:
- ياريت تفهمني كل حاجه ارجوك انا هفقد عقلي!

كان في حاجه ماسكها في ايده، لوح زجاجي صغير جدا وشفاف، حركوا لفوق وسابوا. موقعش على الارض! اللوح الزجاجي لقيته بيمتد وعمل شاشة عرض كانت شفافة جدا متحسش انها شاشة خالص!

بدأ افتتاحية فيلم تسجيلي اخر.
اتكتب تاريخ 2019
بعدها ظهرت صورتي انا!!
و اسمي جنبها بكل معلوماتي!
صوت بدا يتكلم وقال
دخولوا سنة 2019 لمشفى لاجراء عملية جراحية بسبب سرطان الكبد، الحالة كان ميؤس منها، اهل المريض كتبه وصية للتبرع بجسده لصالح مشروعنا!!!
انا صرخت ف الشخص اللي واقف جنبي يقفل اللي بيتعرض ده لان مش مصدق نفسي!!
قفل فعلا واتكلم بعدها وقال:
- مش عايزك تنصدم ايوة انت ف المستقبل دلوقتي تعرف فات قد ايه على زمنك انت ١٠٠ سنه!.
 اهلك خلاص مش موجودين ولا اي حد فيهم، كل حاجه انت كنت عايشها زمان مش موجودة، طبعا انت هربت واتعرفت على العالم برا عامل ازاي، التكنولوجيا اتطورت صح؟!

يعني ايه انا واحد كان ميت وبسبب تجميدي حصل عملية انعاش ليا وانا ف المستقبل دلوقت!!
فضلت اصرخ، مش هقدر اتعايش مع الوضع ده، الذكريات اللي عقلي محتفظ بيها هي اللي هتقتلني!
لان مش هلاقي اي شيء من الذكريات دي ف العالم ده.
ابسطها مكان قبور اهلي و اصحابي!!

قال لي هو وحاول يهديني:
- تعايش مع الوضع انت عندك هنا مميزات كتير ملقتهاش ف زمنك، انت بالشريحة اللي داخل عقلك هتقدر تتواصل مع العالم اللي حوليك وتتفاعل معاهم.
ماسألتش نفسك انت قادر تفهم اللغة الغريبة اللي بنتكلم بيها ازاي؟! بتفهمنا عن طريق الشريحة!..

تعايش مع الوضع واحنا هنلاقي طريقة ونحذف كل الذكريات القديمة اللي محتفظ بيها عقلك!

مش هقدر اتعايش مع الوضع!!.
معقول انا هعيش في زمن معرفش في اي حد، هعيش من غير اهلي و اصحابي، ابويا وامي و اختي وحشوني جدا، كل حياتي القديمة بكل تفاصيلها مش هقدر اعيشها من تاني خلاص!!.

تمت
.
.
.

محمد مهني

ليست هناك تعليقات