إبحث عن موضوع

صاحب اليد السوداء الجزء الاول

مرة سمعت حكاية عن واحدة بتطلع من الترعة تنده عالناس وبعدها تقتلهم والي بيهرب منها بيتجنن سموها النداهة.. مكنتش مصدق ولا مقتنع بالفكرة من الأساس رغم أنها رعبتني، تخيل أن كائن يظهرلك بصورة جميلة وتنجذب ليه وبعدها تختفي ومحدش يلاقي جثتك إلا بعد أيام والناس تضرب كف على كف وتقول لا حول ولا قوة إلا بالله دا أتنده اللهم أحفظنا، لدرجة أن الناس تلزم بيوتها بليل وتحذر بعضها من الشىء الرهيب دا.. بس الصراحة الموضوع بقى كلاسيكي، ترعة ونداهة الموضوع بقى خرافة أكتر من أنه قابل للتصديق..
لما كبرت دخلت كلية طب وفي العادي أن في فترة لازم تنزل في مستشفى حكومي أو مركز طبي في قرية أو بلد وحظي أن رحت مركز طبي في قرية مش كبيرة لكن عدد سكانها كتير، معظم أراضي القرية أو البلد دي زراعية إلا من بعض المصانع الصغيرة المنتشرة، يعني القرية فيها حركة سكانية أو بشرية عمومًا دا شىء مطمئن لحد ما دا غير أن المركز بيزوره مرضى بشكل روتيني لحد ما برضو.. لكن الليل في القرية هنا بشع جدًا لأن القرية بليل معظمها بيبقى ضلمة لقلة أعمدة النور وكمان أقرب مكان أجيب منه أكل أو مسلتزمات شخصية بعيد عن المركز مسافة مش قليلة 2كم تقريبًا  ولازم اعدي على طريق مسمينه طريق الترب عشان في ترب أو "مقابر" على نفس الطريق دا.. السكن  بتاعي في ضهر المركز عبارة عن أوضة كبيرة لحد ما أشبه بالشقة مجهزة بكل حاجة وكان موجود معايا زميل دكتور برضو أسمه هشام لكننا مكناش متصاحبين ودي كانت حاجة مضيقاني في البداية لكني أتعودت هو في حاله وأنا في حالي لكننا في الشغل زملاء.. أول فترة ليا في القرية كانت فترة صعبة عشان اتأقلم على المعيشة هنا بس بعد كدا أتعودت على المعيشة هنا إلى حدٍ ما.. أهل القرية ناس طيبين وكلامهم كله طيب وخصلة الكرم عندهم بزيادة لدرجة أن منهم ناس كانوا بيجيبوا أكل لحد عندي أنا وهشام كنوع من الضيافة وبدأت أنسجم معاهم.. لحد ما في يوم كنت سهران بليل بتعشى باب الأوضة خبط، الخبط كان بسرعة هستيرية كأن الباب هيتخلع من الخبط.. الحقيقة أتفزعت لكن قومت فتحت الباب لقيت راجل في الأربعينات وعنده جرح قطعي في وشه وبينزف بغزارة وعمال بيصرخ من الألم وبيقول كلمة واحدة ألحقني يا دكتور، منظر الدم كان مرعب وكمية الدم الي نزفها مش قليلة، مسكت فوطة حطيتها على وشه وزميلي دخل المركز يجيب قطن وشاش ومطهر وخيط عشان نخيط وشه الراجل طهرت الجرح وخيطه.. وبعدها سألته أيه الي حصل بصلي برعب وقالي:
كنت راجع من ناحية طريق الترب وراكب تروسيكل، الدنيا ضلمة كحل رحت فاتح الكشاف عشان اشوف الطريق.. لمحت واحد واقف على الطريق فضلت أضربله صوت لكنه واقف ولا بيتحرك.. هديت السرعة لحد ما وقفت التروسيكل قبل الشخص دا بحوالي مترين فضلت أقوله واقف كدا ليه يا أخينا؟ محتاج توصيلة؟؟ يا أخينا؟؟ لكنه مردش قلقت وقولت في سري أنا همشي ليكون اللهم أحفظنا.. جيت أمشي لقيته بصلي ورفع أيده كانت سودا زي الكحل وماسك فيها سكينة كبيرة وقرب ناحيتي.. دورت التروسيكل وزودت بنزين على قد ما أقدر لكنه جاب وشي بالسكينة وزي ما أنت شايف يا دكتور كدا..
سألته أيه مواصفات الشخص دا قالي شخص طويل  وجتته زي ما يكون ملهوش وش خالص، ساعة ما بصلي شوفت وشه زي ما يكون ممسوح ولابس عباية مغربي وجسمه مش باين منه غير أيده الي لونها أسود من الكحل ووشه الغريب دا أعوذ بالله..
قولتله دا أكيد قاطع طريق كان عايز يسرقك.. رد وقالي لا يا دكتور دا استحالة يكون قاطع طريق دا حاجة اللهم أحفظنا.. اللهم أحفظنا منهم يارب.. حتى زميلي أكد على كلام الراجل وقال أن في ناس بتحكي عن شخص بيقف عالطريق بليل بطريقة غريبة والي بيمسكه بيقتله ومبيلاقوش ليه جثة بعدها!
ساعتها قولت عن الراجل دا مجنون.. كان أسمه حافظ وجالي أغيرله على الجرح كذا مرة كان الجرح مبيلمش!
بعدها بفترة قصيرة أنتشرت أخبار اكتر في البلد عن نفس الشخص.. يقال أن اتنين كانوا ماشيين بعربية نص نقل على طريق الترب وشافوا الشخص دا ووقفوله وكلموه لكنه متكلمش رجعوا للعربية  لكنهم لاقوه  بيهجم عليهم بسكينة ضخمة، خبطوه بعربيتهم وجريوا لكن لاقوه في صندوق العربية وضرب واحد فيهم بالسكينة في راسه مات والتاني جري وهو الي بلغ الشرطة وهو الي حكى الموضوع وقال نفس التفاصيل الي قالهالي حافظ.. وفي واحد تاني حكى أنه شافه ولما كلمه ومردش عليه وشاف وشه قرأ قرآن أختفى.. الموضوع بقى مرعب ومنتشر بين الناس لدرجة أنهم بدأو يحذروا بعض من المشي في الطريق دا بليل.. مكنتش متصاحب على حد في البلد إلا حافظ الي بقى يجي يقعد معايا وينقلي الأخبار ونتابع الجرح الي في وشه الي اخد فترة مش قليلة عشان يلم، شخص مثقف إلى حد ما وبيعجبني كلامه وحكاويه حتى أني كنت بكلمه عشان يجي معايا في أي مكان وبقيت أروح معاه الأفراح والجنائز وأتعرف على أهل البلد.. في يوم كان في حالة وفاة، أهل المتوفي أختلفوا على معاد الدفن منهم الي قال تاني يوم عشان الأخبار الي ماشية في البلد ومنهم الي قال بليل عشان أكرام الميت دفنه وأنهم مينفعش يمشوا ورا كلام الأشاعات دا أكيد قاطع طريق من قطاع طرق.. حافظ قالي يا دكتور تعالى نروح هوريك مكان الحادثة بالظبط.. أترددت في الأول لكني رحت معاه، المتوفاه ست كبيرة عشان كدا وصلنا المقابر لكن وقفت مع حافظ في مكان بين المقابر وبعدها بعدنا عن الجنازة ووراني مكان ما ظهرله صاحب اليد السوداء زي ما قررت أسميه وبعدها رجعنا للجنازة كانت الدفنة خلصت ومشينا مع الناس راجعين.. عدت أيام من غير أي أحداث جديدة ومن غير أي حكايات عن صاحب اليد السوداء الغامض دا.. لحد ما فيوم كلمت حافظ وقولتله أن عاوز أجيب حاجات من السوبر ماركت لكنه كان مشغول ومش هيعرف يجي معايا فا كلمت هشام زميلي وقولتله لو محتاج حاجة لكنه قال مش محتاج حاجة وشكرني.. كان الوقت بعد صلاة العشاء مش متأخر فا قررت أني هروح لوحدي.. أتمشيت عالطريق ووصلت لحد السوبر ماركت جبت حاجتي وقررت أسرع خطوتي شوية عشان أوصل لأني كنت خايف الصراحة، الطريق وأنا راجع كان ضلمة أكتر مليون مرة من لما كنت رايح، لحد ما لقيت صوت صريخ جاي من وسط الضلمة مكنتش شايف غير تحت رجلي عشان منور كشاف تليفوني، وجهت الكشاف قدامي لقيت واحد جاي بيجري من بعدي وفي كيان ضخم من وراه.. في لمح البصر طفيت الكشاف وجريت عكس الطريق كأني برجع السوبر ماركت لغاية ما لاقيت شجرة كبيرة عالطريق اتسخبيت وراها.. الصوت كان عالي لحد ما فضل يقل لحد ما اختفى كأن الضلمة بلعته، مكنتش عارف اتصرف ازاي.. كلمت حافظ وحكيتله الي شوفته اتفزع وقالي:
-خلاص خلاص يا دكتور انا جايلك بسرعة متقلقش
=لو جيت متجيش لوحدك يا حافظ، أنا هبلغ مركز الشرطة هنا وهحاول اتقدم لحد ما اقرب للبلد لحد ما انت تيجي
-لا لا يا دكتور علاء خليك عندك وحاول لو الشىء دا شافك تستخبى منه
=تمام يا حافظ انا مستنيك
بعدها كلمت مركز الشرطة وقالولي هنبعتلك حد.. فضلت مستني في مكاني لحد ما فزعني صوت حد بيصرخ وبيجري من جنبي وكان نفس الصوت والكائن دا ماشي وراه بمنتهى الهدوء!
عدت ثواني ولقيت الكائن دا راجع وساحب وراه الراجل الي كان بيصرخ لكنه كان مات وملهوش صوت.. المنظر فزعني وحاولت مطلعش صوت عشان ميسمعنيش.. واضح أنه مكنش شايفني أو هو أعمى.. فجأة لقيت أيد مستكني من رقبتي ورفعتني من على الأرض، فضلت أصرخ وأشد نفسي لحد ما وقعت على الأرض مكنتش شايف حاجة غير كيان ضخم قدامي طلعت تليفوني ونورته شوفت كيان بشع، شىء ضخم لكن وشه مطموس ومش موجود اساسا، ماسك فأيده سكينة كبيرة أشبه للسنجة وكان بيحاول يلاقيني لقيته رفع السكينة وكان بيحاول يضربني بيها لكن اتحركت فا نزلت على الأرض.. قومت من الأرض وجريت كان بيجري ورايا بسرعة رهيبة ومسكني تاني لكن من رقبتي ورفعني بأيده كنت بتخنق.. كل آيات القرآن الي حافظها كانت على لساني في اللحظة دي وبدأت أحاول اقرأ وبالفعل قرأت وضربت الكائن بأيدي على وشه في المكان الي مفروض يبقى فيه عنيه.. كملت قراية قرآن كان الكائن دا حاطط أيده على وشه ورامي السكينة في الأرض  وعمال يتلوى ويصرخ بصوت فظيع أجش.. جريت على السكينة حاولت أمسكها وجيت أهاجمه بيها لكنه تفادي الضربة بأيده ومسكة السكينة وأختفى كأنه مكنش موجود من الأساس.. جريت بما تبقى من قوتي كان حافظ لسة مقابلني على أول الطريق واخدني للمركز.. رحت المركز ولميت هدومي ولما طلع الصبح كنت ماشي من البلد خالص لكن كنت سايب ريكورد لحافظ على رقم الواتس آب ورسالة خطية بحكي فيها كل الي حصلي.. لسة لحد دلوقتي محدش يعرف حقيقة صاحب اليد السوداء لكن حكايته لسة منتهتش معايا زي النداهة..
يتبع

ليست هناك تعليقات