إبحث عن موضوع

قصة قابيل و هابيل

قابيل وهابيل ..

النهاردة بقدملكم حكاية اول "جريمة" تصدر من بشري ضد بشري تاني، ايه سببها وايه اللي حصل، ولو مكنتش حصلت كان زمان مصير البشرية ايه دلوقتي .. طب ما تيجي نشوف مع بعض ..

من هما ؟

هما قابيل و هابيل أبناء آدم عليه السلام، بمعنى أنهم كانوا أوائل البشر مع آدم يعيشون على الأرض، بعد فترة قضاها آدم وزوجته حواء في الجنة، ويظهر مع بعض التفاسير أن قابيل وهابيل أيضًا كانوا متواجدين بالجنة مع آدم وحواء وهبطا مع والديهما سويًا جميعًا، ويظهر في بعض التفاسير الأخرى نكران لتلك المعلومة، وأنه لم يكن لآدم وحواء أي اولاد قبيل الهبوط للأرض، ولكن الأهم أنهم كانا يعيشان على الأرض سويًـا، قابيل وأخيه هابيل ..

المشكلة ..

كانت تكمن المشكلة في أن الله تعالى عز وجل طلب منهما تقديم الصدقة والقربان لله ووضع لها شروطًا، أن تُخرج الصدقة بإخلاص وصدق بل وأن يُخرج أفضل ما عنده وتُعد هذه الشروط البسيطة من أهم الأسباب التي تجعل الصدقة مقبولة عند الله تعالى، وهنا نجد أن قابيل وهابيل كانا يُقدمان القربان باستمرار وبشكل دوري ولكن كان هناك مشكلة، وهو أن قرابين "قابيل" يتم رفضها وذلك أن صدقته كانت تخرج بسوء نية وعدم تقوى ولذلك لم يتقبلها الله منه، أسباب ذلك غير واضحة وهناك روايات عدة في هذا الصدد ..

ويذهب القول أنه كان هناك نزاعًا بين الأخوين على الزواج ..

فقد كانت حواء تضع في كل بطن "ذكر وأثنى" فيتزوج أبناء البطن الأولى من الثانية، لذا كان القرار بتزويج قابيل من أخت هابيل وأن يتزوج هابيل من أخت قابيل، وهذا ما لم يرتضاه "قابيل" وكانت القرابين تُقدم للتبارك بالزواج ..

وأيضًا هناك قولاً بأنه لما كان آدم ملكًا على الأرض، فإن ورث المُلك كان مُعلقًا بين الاخوين، وكان شريطة الوراثة الصلاح، وأن قابيل كان يُقدم القرابين طمعًا في المُلك لا صلاحًا ..

وبهذا كان ناقمًا على الوضع يُخرج صدقته بشكل غير مقبول ..

بينما كانت قرابين هابيل مقبولة عند الله تعالى نظرًا لكونها تحمل الرضا والإخلاص والصدق، كما أيضًا كان يُخرج أفضل ما عنده، فكانت منه الصدقة مقبولة ..

اغتاظ قابيل بشدة وخالج صدره غضبُ عارم فتوجه الى والده وقال ..إنما تقبل منه لأنك دعوت له، ولم تدع لي!.

الصراع الأولي!.

قبل ذلك لم يكن البشر يعرفون أن بإمكان بشري أن يكره الآخر، ولم يكن بنو آدم يكنون لبعضهما سوى الخير، ولكن مع رفض قرابين قابيل وقبول قرابين هابيل مرة تلو الأخرى، إستشاط قابيل غضباً وبدلاً من أن يُصحح خطأه وأنه لابد له من أن يقدم لله أفضل شئ وبإخلاص، إلا أنه بيومٍ قام وذهب لبيت أخيه أو حيث يُقيم هابيل وهدده بالقتل (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) المائدة..

فكان الرد من هابيل أنه لن يتعرض لأخيه بسوء حتى وإن نفذ تهديده بالفعل وقتله قابيل لأنه يخاف من الله ولا يريد أن يحمل ذنب أخيه، ولكن بالحقيقة لم يكن الإثنين مدركان أنه يمكن قتل الإنسان لأخيه الإنسان فقد كانت تلك فعلة مماثلة لما يفعلون بالحيوانات، ولكن لم يخطر ببال أحد أن قابيل سيحقق وعبده وينفذ القتل بأخيه حقًا (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ ) المائدة..

القتل خطيئة!.

بالرغم أن هابيل نصح أخيه وكلمه بالحُسنى وحذرة من عاقبة القتل إلا أن قابيل لم يستجب لكلام أخيه، كانا بالعادة يتشاجران وكانا بالعادة تنتهي احتكاكتهما للاشيء ..

الأرض صافية قد استقبلت آدم وابناؤه حديثًا بعد خلائق اسالت الدماء فوقها، وهي الآن تنعم بالسلام والهدوء والسكينة ..

الشمس الحارة والرمال الحارقة، وفراغ فقط؛ فراغ لا ينتهي، رمال لا نهائية أمامك وصوت الرياح ينفث عن غضبه مُعلنًا عن يومًا غير عاديًا حينما انسل قابيل من خلف أخيه، وقدم إليه فقتله بدافع الحقد والحسد، فطوعت له نفسه بأن يقتل قابيل أخيه هابيل ..

يُقال أنه قتله بينما كان نائمًا فألقى فوق رأسه صخرة، وقيل إنه تسلل في الليل وطعنه بحديدةُ كان يذبح بها الشاة .

بعدما خر جسد هابيل ينزف على الأرض أمام أخيه، تلاشت كل المشاعر السلبية وحل محلها الندم عند قابيل فجلس بجانبه يبكي وينتحب عليه، فجأة أمسى قابيل وحيدًا على تلك الأرض، وفجأة صار قاتلاً بل ومثالاً لكل قاتل سيليه بالأرض، فجلس على صخرة بجانب أخيه كان محتارًا لا يعلم ماذا يفعل لجثمان أخيه، فلم يستطع مغادرة المكان دون أن يقوم بفعل شيء ما يريح قلبه ولو قليلاً تجاه أخيه ولا يزال يبكي ..

فجأة وجد أمامه غرابًا، وسط كل هذا الهدوء والصمت العظيم، لفت انتباه قابيل الذي ظل يراقبه فوجده وأنه يبحث في الأرض بقدميه وينثر التراب عن التربة، صانعًا مثل حفرة، فقال قابيل لذاته، أعجزت عن أن أكون مثل هذا الغراب فأواري جسد أخي تحت التراب وطفق يحفر بالأرض حفرةً عميقة ووضع بها جثمان أخيه ووارى جسده بالتراب ودفنه تحتها ..

ما بعد الخطيئة ..

هرب قابيل وعاش مُنفردًا مع أسرته، وذلك بعد هالة الحزن التي انتهكت قلب آدم وحواء عليهما السلام، فعاش وحيدًا في مكان بعيد ..

يقول ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية"

(والذي رأيته في الكتاب الذي بأيدي أهل الكتاب الذين يزعمون أنه التوراة، أن الله عز وجل أجله وأنظره، وأنه سكن في أرض نود في شرقي عدن، وهم يسمونه قنين، وأنه ولد له خنوخ، ولخنوخ عندر، ولعندر محوايل، ولمحوايل متوشيل، ولمتوشيل لأمك، وتزوج هذا امرأتين عدا وصلا، فولدت عدا ولدًا اسمه إبل، وهو أول من سكن القباب، واقتنى المال.)

أي أن ابن كثير يروي ما رأى في كتب اليهود والذين يدعون أنه التوراة أن "قابيل" قد منحه الله علامة مُعينة ولعنه وأجل موته ليوم بعيد وأنه سكن أرض تُدعى "نود" شرق "عدن" ..

آدم !.

احترق قلب حواء وآدم على موت ابنهما "هابيل" وجريمة ابنهما "قابيل" وتَمزقتّ كل وسائل النسيان في عيونهما، صارت الأرض مُنفرة، بعد أن كانت حافلة، الاولاد زينة الحياة الدنيا قد فقدوا وصارت الوحدة طريقُ ودربُ اجباري ..

ولكن الله رزق آدم بشيث عليه السلام والذي كان يعني اسمه ( هبة الله أو البديل ) ..

المهم بقى .. قصة قابيل و هابيل فيها فلسفة عظيمة..

الشر والخير ..

في شغلك أو الجامعة أو في المدرسة هتلاقي ناس حواليك انت شايفهم اشرار ومينفعش يتعاشروا وضد كل مبادئ الإنسانية وده لانهم بس لهم أهداف غير اهدافك، أو لأنهم مش زيك، وممكن يكونوا فعلاً بيعاملوك وحش، مفكرتش قبل كده أنهم نفس الكيان، انسان زيك، بيحسوا وبيشعروا وممكن تكون عندهم مشاكل وفي لحظة يرجعوا ينظموا على المعاملة دي او طريقتهم دي، لأن في الأول والأخير كلنا واحد .. كلنا أبناء نفس الشخص .. عارف يعني ايه سلام ؟

فكرة أن كلنا من نفس النسل ومختلفين اوي كده، حتى اول اخين كانوا بالشكل ده من الاختلاف مش تدعو للتأمل ؟؟

يعني نقدر نفهم أن أحيانًا فعلاً الإنسان ما يكون عدو نفسه، وأحيانًا ما يكون أقوى من الشيطان الرجيم في الشر إن ما دخل الحقد والحسد قلبه ..

أسيبكم بقى واروح انا .. سلام

المصادر ..

تفسير القران الكريم - الطبري
البداية والنهاية - ابن كثير
تفسير الشعراوي ..

مصطفى_محمود

ليست هناك تعليقات